3227- (اللهم علّم معاوية الكتاب والحساب ، وقِهِ العذاب ).
قال الالباني في السلسلة ةالصحيحية :

روي من حديث العرباض بن سارية، وعبدالله بن عباس، وعبدالرحمن ابن أبي عمِيرةالمزني،ومسلمة بن مُخلَّد،ومرسل شُريح بن عُبيد،ومرسل حَرِيز بن عثمان. ا- أما حديث العرباض؛ فيرويه يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عنُ
أبي رُهمٍ السمعي عن العرباض بن سارية السلمي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:... فذ كره.
أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه " (938 1)، وابن حبان (278 2)، وأحمد
(4/127)، وفي "فضائل الصحابة " (1748)، والبزار (2723)، والفسوي في "التاريخ "(2/345)، والحسن بن عرفة في "جزئه " (61/122)، والطبراني في " المعجم الكبير" (18/ 251/628)، وابن عدي في "الكامل " (6/406)، ومن المخطوطات: أبو القاسم الكتَّاني في "جزء من حديثه " (ق 4/2)، وفي مجلس البطاقة"أيضاً(ق 188/ 1)، وا بن بِشران في "الأمالي "(ق 14/ 1)،وابن حمصة في "جزء البطاقة" (ق70/2)، وأبو طاهر الأنباري في "مشيخته " (ق 149/1)، وابن عساكرفي"تاريخ دمشق "(16/682 و 683)،وأبو موسى المديني في "جزء من الأمالي " (ق 1/2) كلهم عن يونس به.
قلت: وهذا إسناد حسن في الشواهد، رجاله ثقات, غير الحارث بن زياد؛
فإنه مجهول لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يذكر له راوياً غير يونس هذا، وعليه؛ فقول الحافظ فيه:
"لين الحديث "!
ليس على الجادة.
ثم إنه ليس يخفى أن إخراج ابن خزيمة لحديثه في "الصحيح " يعني أنه ثقة عنده، إلا أنه قد عرف بالتساهل في التصحيح والتوثيق- كتلميذه ابن حبان-، فلا أقل من أن يصلح للاستشهاد به، وهذا هو الذي مال إليه من قوى هذا الحديث
كما يأتي.
ومع هذا؛ فقد خفي توثيق ابن حبان المذكور على الهيثمي، فقال في "مجمع
ا لزوا ئد " (9/ 356):
"رواه البزار وأحمد- في حديث طويل- والطبراني، وفيه الحارث بن زياد؛
ولم أجد من وثقه، ولم يرو عنه غير يونس بن سيف، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف ".
2- وأما حديث ابن عباس؛ فيرويه عثمان بن عبدالرحمن الجُمحِي عن
عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعأ به.
أخرجه أبو جعفر الرزاز في "حديثه " (4/99/ 1)، وابن عدي (5/162)،
وا بن عساكر (16/683- 684)، وقال:
"وهو ضعيف ".
قلت: وعلته الجمحي هذا؛ فإنه مختلف فيه، وهو كما قال الذهبي في
" الميزان ":
"صويلح ".
وقال الحافظ في "التقريب ":
"ليس بالقوي ".
قلت: فمثله يستشهد به أيضاً، فكأنه لذلك سكت عنه الحافظ ابن كثيرفي
"البداية " (8/ 121) ولم يضعفه.
3- وأما حديث عبدالرحمن بن أبي عميرة المزني؛ فيرويه سعيد بن
عبدالعزيز عن ربيعة بن يزيد عنه به.
أخرجه البخاري في "التاريخ " (4/ 1/327)، وابن عساكر (16 /684- 686)، والذهبي في "السير" (8/38).
قلت: وهذا إسناد جيد عندي، وشاهد قوي، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير
ابن أبي عميرة؛ وهو صحابي كما جاء مصرحاً به في بعض الطرق، وبلفظ: "اللهم! اجعله هادياً مهديّاً، واهده، واهد به ".
وقد تقدم تخريجه برقم (1969)، وحسنه الترمذي كما ذكرت ثمة؛ وكذلك
حسنه الجوزقاني في كتابه "الأباطيل " (1/193).
وقد أعل حديث الترجمة- من رواية ابن أبي عميرة- المعلق على "الإحسان " (16/193) بقوله:
"ورجاله ثقات إلا أن سعيد بن عبد العزيز قد اختلط "!
وقد غفل- كما هو شأن كل كاتب- أو تغافل عن كون الراوي لهذا الحديث
عن سعيد إنما هو أبو مُسهِرٍ- واسمه عبدالأعلى بن مسهر-، وأنه هو الذي رماه بالاختلاط، وأنه يستبعد منه- لفضله- أن يحدِّث عنه فيما سمعه منه في حال اختلاطه، كما كنت ذكرت ذلك فيما تقدم.
وأضيف الآن فأقول:
وإن مما يؤيد ذلك: أن الإمام مسلماً قد احتج في "صحيحه " برواية أبي مسهر
عن سعيد بن عبدالعزيز عن ربيعة بن يزيد، كما في "تهذيب المزي "، وما أجد لهذا وجهاً إلا ما تقدم، أو أن اختلاطه كان ضيِّقاً لا يضر، وهو الذي يكني عنه بعضهم بأنه: "تغير"؛ وهو ما وصفه به الحافظ حمزة الكناني، وهذا الوصف هو الذي يلتقي مع إطلاقاتِ أئمة الجرح الثناء عليه، كقول أحمد:
"ليس بالشام رجل أصح حديثاً منه ".
وقول ابن معين فيه:
"حجة". ونحوه كثير.
ولعل قول الحافظ الذهبي في "السير" (3/124) عقب حديث العرباض:
"وللحديث شاهد قوي ".
أقول: لعل هذا القول منه هو ما ذكرته. والله أعلم.
4- وأما حديث مسلمة بن مخلد؛ فيرويه أبو هلال محمد بن سُليم قال:
ثنا جبلة بن عطيَّة عن مسلمة بن مخلد أو عن رجل عن مسلمة بن مخلد.
أنه رأى معاوية يأكل، فقال لعمرو بن العاص: إن ابن عمك هذا لمِخضدٌ،
أما إني أقول هذا، وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:... فذكر الحديث ؛ لكنه لم يذكر: "الحساب "، وقال مكانه:
"ومكن له في البلاد".
أخرجه أحمد في "الفضائل " (1750)، وكذا ابن سعد كما في "البداية"
(8/ 121)- وليس في المجلدات المطبوعة، ولا في المجلد الذي طبع منه- حديثاً- كمتمم-، وابن الجوزي في "العلل " (1/272)، وابن عساكر (16 /684).
وأعله ابن الجوزي بأبي هلال، وهو صدوق فيه لين كما في "التقريب ".
وأعله الهيثمي بالانقطاع فقال (9/357):
"رواه الطبراني من طريق جبلة بن عطية عن مسلمة بن مخلد، وجبلة لم
يسمع من مسلمة؛ فهو مرسل، ورجاله وثقوا، وفيهم خلاف ".
قلت: والصواب إعلاله بالرجل الذي لم يُسَمَّ، فهو مجهول، ولم يقع له ذكر
في إسناد ابن الجوزي، وكذلك في طريق الطبراني فيما يظهر من كلام الهيثمي، والقسم الذي فيه مسلمة بن مخلد.
وجبلة هذا: الظاهر أنه ابن عطية الفلسطيني المترجم في "التهذيب " برواية جمع عنه، ومنهم الراسبي هذا، وبتوثيق ابن معين وابن حبان، ووثقه الذهبي أيضاً في "الكاشف ".
وصنيعه في "الميزان " يدل على أنه يفرِّق بين الفلسطيني الموثَّق، وبين جبلة
ابن عطية هذا؛ فإنه ذكره هكذا في "الميزان " غير منسوب، وقال:
"لا يعرف، والخبر منكر بمرة، وهو من طريق ثقتين عن أبي هلال محمد بن سليم: حدثنا جبلة عن رجل... " فذكر الحديث.
وتعقبه الحافظ في "اللسان "، فقال:
"ولعل الآفة في الحديث من الرجل المجهول، وأما جبلة؛ فنقل ابن أبي حاتم
توثيقه عن ابن معين... ".
5- وأما مرسل شُريح بن عُبيد، فقال أحمد في "الفضائل " (1749): ثنا
أبو المغيرة قال: ثنا صفوان قال: حدثني شريح بن عبيد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا لمعاوية بن أبي سفيان: "اللهم... " الحديث بلفظ الترجمة.
قلت: وهذا إسناد شامي مرسل صحيح، رجاله ثقات، وشريح بن عبيد:
هو الحضرمي الحمصي تابعي ثقة، روى عن جمع من الصحابة، وأرسل عن آخرين.
وصفوان:هو ابن عمرو هو السَّكسكي الحمصي،وهو من رجال مسلم.
وأبو المغيرة: اسمه عبدالقدوس بن الحجَّاج الخولاني الحمصي، من رجال الشيخين.
6- وأما مرسل حريز بن عثمان؛ فقال الحسن بن عرفة في "جزئه " (66): حدثنا شبابة بن سوَّار عن حريز بن عثمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا... الحديث. ومن طريق الحسن: أخرجه ابن عساكر (16/684).
وهذا أيضاً إسناد شامي مرسل صحيح ؛ فإن الحسن بن عرفة ثقة من شيوخ الترمذي وابن ماجه.
وشبابة بن سوّار: ثقة حافظ من رجال الشيخين.
وحريز بن عثمان: هو الرَّحبي الحمصي، وهو ثقة من رجال البخاري؛ ولكنه
كان يبغض علياً أبغضه الله! ولذلك أورده ابن حبان في "الضعفاء" (1/268- 269)، وقال في "صحيحه "- بعد أن ساق حديث عقبة بن عامر في التشهد بعد الوضوء من طريقين عنه، أحدهما: عن أبي عثمان عن جبير بن نفيرعنه (3/325- 328/ 1050- المؤسسة)-:
"أبو عثمان هذا يشبه أن يكون حريز بن عثمان الرحبي، وإنما اعتمدنا على
هذا الإسناد الأخير؛ لأن حريز بن عثمان ليس بشيء في الحديث "!
وأرى أن في موقف ابن حبان هذا من حريز- مع تواتر أقوال الأئمة في توثيقه تواتراً عجيباً، نادراً ما نرى مثله في كثير من الثقات المعروفين مع وصف بعضهم إياه بالبغض المذكور آنفاً- مبالغةً ظاهرةً، وهو قائم على مذهبه الذي
أفصح عنه في مقدمة"ضعفائه "(ص 81): "أن منهم المبتدع إذا كان داعية إلى
بدعته ".
وهي مسألة طالما اختلفت فيها أقوال العلماء، كما هو مبسوط في "علم المصطلح "، والذي تحرر عندي فيها- ورأيت فحول العلماء عليها-:أن المبتدع إذا ثبتت عدالته وضبطه وثقته؛ فحديثه مقبول ما لم تكن بدعته مكفرة، ولم يكن حديثه مقوياً لبدعته، والى هذا مال الحافظ في "شرح النخبة" تبعاً للعلامة المحقق ابن دقيق العيد، وقد حكى كلامه في "مقدمة الفتح " (ص 385)، وهو جيد ومهم جداً، فراجعه.
واذا عرفت هذا؛ فحديث عقبة ليس فيه ما يؤيد البدعة، وكذلك حديثنا،
إنما هو في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاوية- رضي الله عنه-، وهذا يقال فيما لو تفرد به حريز، فكيف وقد توبع من جمع كما تقدم؟!!
فلا غرابة إذن أن ذهب إلى تقويته من سبق ذكرهم من الحفاظ، ويمكن أن نُلحق بهم الحافظ ابن عساكر؛ فإنه بعد أن ساق الأحاديث المتقدمة، وغيرها مما
لا مجال بوجه لتقويتها، وروى بسنده الصحيح عن إسحاق بن راهويه أنه قال:
"لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل معاوية بن أبي سفيان شيء" ؛ عقب عليه بقوله:
"وأصح ما روي في فضل معاوية حديثُ أبي حمزة عن ابن عباس أنه كان كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخرجه مسلم في "صحيحه "، وبعده حديث العرباض: "اللهم! علمه الكتاب... "،وبعده حديث ابن أبي عميرة:"اللهم! اجعله هادياً مهدياً... ".*