2949 - " لا شيء في الهام ، و العين حق ، و أصدق الطير الفأل " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1088 :

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 914 ) و " التاريخ " ( 2 / 1 / 107 - 108
) و الترمذي ( 2 / 6 ) و أحمد ( 4 / 67 و 5 / 70 و 379 ) و ابن سعد ( 7 / 66 )
و أبو يعلى في " مسنده " ( 582 ) و في " المفاريد " ( 2 / 13 / 2 ) و الطبراني
( 1 / 175 / 2 ) من طرق عن يحيى بن أبي كثير : حدثني حية بن حابس التميمي :
حدثني أبي مرفوعا . و قال الترمذي : " حديث غريب . و روى شيبان عن يحيى بن أبي
كثير عن حية بن حابس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . و علي
بن المبارك و حرب بن شداد لا يذكران فيه : عن أبي هريرة " . قلت : و إنما
استغربه الترمذي لأن حية بن حابس غير مشهور بالعدالة ، بل لم يرو عنه غير يحيى
بن أبي كثير كما في " الميزان " . و في " التقريب " : " مقبول " . يعني عند
المتابعة ، و إلا فلين الحديث . ثم قال : " و وهم من زعم أن له صحبة " . لكن
لغالب الحديث شاهد ، يرويه أبو معشر عن محمد بن قيس عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :
" أصدق الطيرة الفأل ، و العين حق " . أخرجه أحمد ( 2 / 289 ) . و إسناده حسن
في الشواهد ، أبو معشر اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي ، و هو ضعيف من قبل حفظه
. و الشطر الأول منه رواه عبد الرزاق ( 10 / 406 ) عن الأعمش مرفوعا . و رجاله
ثقات إلا أنه معضل . و جملة " العين حق " متفق عليها من حديث أبي هريرة ، و قد
سبق تخريجها ( 1248 ) و صحت من حديث ابن عباس أيضا ، و قد مضى ( 1250 و 1251 )
. ثم وقفت على شاهد للجملة الأولى ، و لكنه مما لا يفرح به ، لأنه يرويه عفير
بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة مرفوعا بلفظ حديث الترجمة . أخرجه
الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 192 / 7686 ) . قلت : و رجاله ثقات غير
عفير بن معدان ، فهو متروك ، و قد تقدمت له عدة أحاديث موضوعة تدل على حاله ،
فراجع فهارس المجلدات الأربعة المطبوعة . ثم استدركت فقلت : إن قوله : " لا شيء
في الهام " . هو في المعنى مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " لا هامة " ، و هذا
قد ثبت في جملة من الأحاديث الصحيحة عند الشيخين و غيرهما من حديث أبي هريرة و
غيره ، و قد سبق تخريجها بالأرقام التالية ( 780 و 782 و 783 و 785 و 789 ) و
في بعضها بلفظ : " .. و لا هام " . و إذا كان الأمر كذلك ، فقد قررت إيراد
الحديث في هذه السلسلة الصحيحة لمجموع هذه الشواهد بعد أن كنت أوردته في " ضعيف
الجامع الصغير " ( 6309 - الطبعة الأولى الشرعية ) . و لذلك حولته إلى " صحيح
الجامع " ، كما أوردته في كتابي الجديد من مشروع تقريب السنة بين يدي الأمة : "
صحيح الأدب المفرد " تحت ( 355 - باب الفأل - 411 ) ، و أنا على وشك الانتهاء
منه إن شاء الله تعالى . ثم انتهيت منه ، و صدر هو و قسيمه " ضعيف الأدب المفرد
" . و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . و اعلم أن ( هام ) هو جمع ( هامة )
، قال ابن الأثير في " النهاية " : " الهامة : الرأس ، و اسم طائر ، و هو
المراد في الحديث . و ذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها ، و هي من طير الليل . و قيل
: هي البومة . و قيل : كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير
هامة ، فتقول : اسقوني ، فإذا أدرك بثأره طارت .. " . و بهذه المناسبة لابد لي
من التنبيه على خطأين فاحشين وقعا في هذه اللفظة ( هام ) من بعض الناس أحدهم من
أهل العلم ، و هو الشيخ فضل الله الجيلاني في شرحه لكتاب " الأدب المفرد "
للإمام البخاري ، فقد تحرفت في متنه إلى ( الهوام ) ! و هو في ذلك تبع لنسخة
الطبعة الهندية سنة ( 1306 هـ ) ( ص 131 ) ، ثم اشتط الشيخ الجيلاني في الخطأ
حين فسره بقوله ( 2 / 367 ) : " ( الهوام ) جمع هام اسم طير من طير الليل .. "
!! و الصواب : أن ( هام ) هو الجمع ، مفرده ( هامة ) كما في " القاموس " و غيره
. و أما ( الهوام ) فهو جمع ( الهامة ) و هي الدابة ، و كل ذي سم يقتل سمه كما
في كتب اللغة . و أما الخطأ الآخر ، فهو ما صدر من زهير الشاويش صاحب المكتب
الإسلامي ، فإنه أعاد طبع كتابي المذكور آنفا " ضعيف الجامع الصغير " طبعة
ثانية دون إذني و علمي ، فوقعت له فيه أمور عجيبة ، و تصرفات غريبة ، و تعليقات
و حواش تنبئ عن اعتداء صارخ على مؤلفه و ادعاء للعلم مهلك ، و حسبي الآن مثال
واحد ، و هو ما أنا في صدده ، فقد وقع الحديث في طبعته هذه المتوجة بإشرافه
كعادته : " لا شيء في البهائم " ! نعم هكذا تحرف عليه لفظ ( الهام ) في الحديث
إلى ( البهائم ) ! و ليس هذا خطأ مطبعيا حتى يغتفر كما زعم بعض الجهلة ، لأن
الطابع أعاده على عجره و بجره في تعليق له على طبعته الجديدة أيضا - و دون إذني
أيضا - لكتابي " صحيح الجامع " ( 2 / 1248 ) على هذا الحديث قال : " أوله : لا
شيء في البهائم " .. " ! فهذا إن دل على شيء فهو يدل - كما يقال اليوم - على أن
الرجل يهرف بما لا يعرف ، و ينقل الخطأ الذي وقع فيه أولا ، ينقله بأمانة ثانيا
! و الله المستعان .