أحسنت كلكم المرور
..
الأخ / يوسف بن عبد الله البلوي ,
للمرة الأولى أقرأ إحدى مقاماتك , وقد أجبرتني على قراءة المقامات الأخرى بإبداعك
واختيارك الأنيق للعبارات السلسة الخفيفة , وبانتظار المزيد من الإبداع .
وفي الأرض مَنْأىً ، للكــريم ، عن الأذى وفيها ، لمن خــــاف القِلى ، مُتعزَّلُ
لَعَمْـرُكَ ، ما بالأرض ضــيقٌ على أمرئٍ ســرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ
أحسنت كلكم المرور
..
وانطلق أبو الغريب يحدثني :
.
.
السفر والترحال !!
كأنني يا صديقي لم أخلق إلا لهما ..
فما إن يستقر بي المقام في مكان ..
حتى يحثني الرحيل لغيره ..
وفي جعبتي الكثير الكثير من أخبارهما ..
ولكني اليوم محدثك عن سفر لي .. قريب عهده ..
لا أزيد عليه ..
ولا أشرك معه غيره فيه ..
وهو سفر لم يمض عليه إلا بضع ليال ..
.
.
وإنما أنا كما عرفت ..
مازلت في هذه الحياة ..
أصارع نحو المرادات ..
حالي كحال عقلاء البشر ..
فلا قرار ولا مستقر ..
بل سفر .. ثم .. سفر ..
وكأن مذهبي :
خطّه لي ابن زريق البغدادي ..
في عينيته التي أبكت الدنيا :
.
.
لا تعذليه فإن :
العذل .. يولعه !!
قد قلت حقا ..
ولكن !!
ليس يسمعه ..
فاستعملي الرفق
في تأنيبه بدلا ..
من عنفه فهو
مضني القلب موجعه ..
يكفيه من :
روعة التفنيد أن لـه ..
من النوى كل
يوم ما يروعه ..
ما آب من ( سفر )
إلا وأزعجه !!
رأي إلى ( سفر )
بالعزم يجمعه !!
كأنما هو من :
حل ومرتحل .. !!
موكل
بفضاء الأرض
يذرعه ..!!
..
وكنت أحسب أنني بعدما اجتزت ما عرض لي من :
شائك وعائق ..
وأخدود وشاهق ..
وغارب وشارق ..
كنت أحسب أنني لا آبه بحائل دون مراد ..
يقوم بجيش لا يجاوز جنده :
حنين للوطن ..
وشوق إلى السكن ..
حتى إذا زرت بلدي في إجازتي الأخيرة :
ودقت بعد ذلك أجراس تؤذن :
بالرحيل .. بعد النزول ..
وبالمسير بعد المقيل ..
فوجدتني عندها
وكأنني لم أكبر على :
ترجيع الأنين !!
وذرْف عبرات الحنين ..!!
فبت أحدو ألما مع الشاعر :
أمرّحلَ العيس النوافح بالسرى
هل بعدما ازف الرحيل قفولُ
..
وهكذا زاد في اللأواء ..
وأوغل بي في أعماق العناء ..
أن كانت الأقدار تقضي بأن أُعدم الحجز
من المدينة النبوية .. إلى بلد العمل ..
فقضي علي أن أسير ما يربو
على ثلاثمائة وألف كيلا من الأمتار ..
أقطعها براً ..
وافقني معها لحظات الغروب الحزين ..
فلا تسل !!
إن كان العالم قد افتقد الكآبة لحظتها ..
فإنها قد جمعت كلها في قلب إنسان .. هناك ..
ففاض من قريحتي بيتان من معين الشعر
قلت فيهما :
رَقْرِقْ دموعك وانتحب .... والبس شحوب المكتئبْ
هأنت ترحل نائياً .... عمن ألفت ومن تحبْ
وحق للشعر أن يفيض حينها ..!!
..
وهكذا سرت الطريق الطويل ..
وحزن تغربي يسري بدواخلي ..
وطول الوقت يعينه فيزايد تألمه ..
وأضحى دأبي ..
تفكير يكاد العقل منه يحترق ..
وهياجُ مشاعرٍ تكاد أضلعي منها تفترق ..
وجلُ وقتي ... رحلة عقل ومشاعر .. مع ...
<< السفر >>..
أسبر أعماقه .. وأدغاله ..
وأقلب أوراقه .. وأحواله ..
فسألت نفسي أسئلة الساذج الغرير ..
واستفسار الحائر المثير ..
لماذا السفر ؟!!
فإذا بابن خاتمة الأندلسي يجيب غاضباً دون إمهال :
سافِرْ تَنَلْ بالأسفارِ كُلَّ عُلا ...... وتَشْتَفِ النَّفسُ مِنْ مآرِبِها
لَوْ لَمْ تَكُنْ في الأسفارِ فائِدَةٌ ...... إِلّا امْتِثالَ امْشُوا في مَناكِبِها
..
وإذا خلفه ابن سارة الأندلسي أيضا يردف :
سافر فإن الفتى من بات مفتتحا ..... قفل النجاح بمفتاح من السفر
..
ثم انهل علي شعر كنت أحفظه ..
فكانت أبيات الشافعي الشاهدة الرائدة ..
سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ .... وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ
وأول قصيدته :
ما في المَقامِ لِذي عَقلٍ وَذي أَدَبِ ..... مِن راحَةٍ فَدَعِ الأَوطانَ وَاِغتَرِبِ
..
فعندها صمتُ ..
أتأمل جني الأسفار ما أسفر ...
وحصاد الترحال ما أظهر ..!!
وما أنا وقول القائل :
أَطاعَكَ فِيما تَرُومُ الْقَدَرْ ..... وَأَسْفَرَ عَمّا تُحِبُّ السَّفَرْ ؟؟
؟!
...
ثم انتبهت ...
فسألت سؤالا غير الأول :
وهل سبيل لراحة في سفر ؟؟!!
فامتثل لي ابن رشيق .. يبتسم :
وقال وهو يرمز :
أَنْسَيْتنِي أَهْلِي ومَرْتَعَ مَعْشَرِي ..... ومحطَّ رَاحِلِتي وموضِعَ مَوْلِدي
قَسَماً لقد أَسْلَى حُضورِي عندهُم..... سَفَرِي وأَنْسانِي مَغِيبي مَشْهَدي
ففهمت مقصده ..!!
ووعيت تلميحته ...
واستشهدت بعده بالصنعاني ..
وقلت صدق صدق إذ يقول :
وذكرتكم لما :
ارتحلت مطيتي !
ورحلت عن وطني
وجُدْت بأدمعي ..!!
وذكرتكم في :
كل أسفاري فما
من منزل إلا
وأنت به معي ..!!
..
فكان أن أحسست إحساس التشرد ..
إذ بالغت هذه الأبيات في معايشتي
حال الغربة والنوى ..
فلما ضاق بي التفكير في حال الأسفار ..
..
أدخلت شريطا في مسجل السيارة
علَّ الأنس يكون به ..
فينسيني ما اعتراني :
فإذا أنا على شعر
( سمير العمري )
وهو يقول :
لَكَمْ سافرت في الدنيا وحيداً
غريبا في الحياة بلا سميرِ
..
فأنِست والله أيّما إيناس ..
وطربت أيما إطراب ..
حتى تجلت لي كلمات - لي - نسيتها
فلم تخطر لي على بال لحظاتي تلك ..
فقمت أتمثلها :
..
راحل عزمي
لقصدي ثابت
والأماني عن
طريقي لن تحول !!
راحل خلفي
توارى ما مضى ..
وسبيل العمر
ما عنه سبيل ..!!
...
وهكذا كانت :
هذه رحلتي
وهذا سفري الذي عنيت ..
وكل مسافر كما قال شوقي :
وَكُلُّ مُسافِرٍ سَيَئوبُ يَوماً
إِذا رُزِقَ السَلامَةَ وَالإِيابا
....
انتهت
اخي يوسف عبدالله
الله يعطيك العافيه فعلا انت رمز الابداع
يوسف بن عبدالله
كلمات ولا أروع
تسلم على هذا الابداع وإلى الأمام
عادل العبيلي
مدح الفتى نفسه يجيب المناقيد = يسكت وتالي كل شئ يبيني
ماكل من يرمي الهدف قال باصيد = أولا كل رجال باللوازم يبيني
أحمد مصيليح
تسلم لي على هذي الشارة ..
من ذوقك الله يخليك
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات