ضع إعلانك هنا



النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: حكم حلق الرأس كاملًا في غير النُّسك

  1. #1
    عضو فوق المتميز
    تاريخ التسجيل
    7 - 6 - 2006
    المشاركات
    1,534
    معدل تقييم المستوى
    658

    افتراضي حكم حلق الرأس كاملًا في غير النُّسك

    حكم حلق الرأس كاملًا في غير النُّسك

    السؤال:
    حلق الرأس بالكلية لغير النّسك هل هو من سُنُن الخوارج؟




    تحميل المادة

    الجواب:
    لا بأس إذا حلقه ورأى المصلحة، والخوارج يُوجبون على أصحابهم التحليق، فهو من سيماهم، أما هو في نفس الأمر فجائزٌ في الشرع؛ فالنبي حلق في حجة الوداع عليه الصلاة والسلام، وقصَّر في العمرة، وفي غير الحج والعمرة يجوز هذا، وهذا مثلما قال ï·؛: احلقه كله، أو دعه كله.

    https://binbaz.org.sa/fatwas/21939/%...86%D8%B3%D9%83

  2. #2
    عضو فوق المتميز
    تاريخ التسجيل
    7 - 6 - 2006
    المشاركات
    1,534
    معدل تقييم المستوى
    658

    افتراضي رد: حكم حلق الرأس كاملًا في غير النُّسك

    المسألة الأولى: حَلقُ الرَّأسِ للرَّجُلِ
    يجوزُ للرَّجُلِ حَلقُ جَميعِ الرَّأسِ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وقولٌ للمالِكيَّة
    الأدِلَّةُ مِن السُّنَّةِ:
    1- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رأى صَبيًّا قد حلَقَ بَعضَ شَعرِه وتَرَك بَعضَه، فنهاهم عن ذلك وقال: احلِقُوه كُلَّه، أو اترُكوه كُلَّه ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((احلِقُوه كُلَّه، أو اترُكوه كُلَّه)) دليلٌ ظاهِرٌ على إباحةِ الفِعلينِ
    2- عن نافعٍ عن ابنِ عُمَرَ رضِي الله عنهما: ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن القَزَع)) قال: قلتُ لنافعٍ: وما القَزَعُ؟ قال: يُحلَقُ بعضُ رأسِ الصبيِّ، ويُتركُ بعضٌ
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه لَمَّا نهى عن القَزَعِ: وهو حَلقُ البَعضِ، دَلَّ ذلك على جوازِ حَلقِ الجَميعِ
    3- عن عبدِ اللهِ بنِ جَعفرٍ رضي الله عنه، قال: ((أمهَلَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم آلَ جعفرٍ ثلاثةً أن يأتيَهم، ثمَّ أتاهم فقال: لا تَبكُوا على أخي بعدَ اليَوم. ثمَّ قال: ادعُوا إليَّ بَني أخي، فجيءَ بنا كأنَّا أفرُخٌ، فقال: ادعُوا إليَّ الحَلَّاقَ، فأمَرَ بحَلقِ رُؤوسِنا ))
    المسألة الثانية: حَلقُ الرَّأسِ للمَرأةِ
    يَحرُمُ على المرأةِ حَلقُ رأسِها، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، ووجهٌ عند الحَنابِلةِ، وهو قَولُ الحسَنِ البَصريِّ، وابنِ حَزمٍ، واختيارُ ابنِ حَجَر، والشِّنْقيطي، وابنِ باز، وبه أفتَت اللَّجنةُ الدَّائِمةُ
    الأدِلَّة:
    أولًا: مِن السُّنَّةِ
    1- عنِ ابنِ عَبَّاسٍ، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ليسَ على النِّساءِ حَلقٌ، إنَّما على النِّساءِ التَّقصيرُ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه إذا لم يُبِحِ الشَّارِعُ لها حَلْقَه في حالِ النُّسُكِ، فغَيرُه من الأحوالِ أولى
    2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((لعَن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المُتَشَبِّهينَ مِن الرِّجالِ بالنِّساءِ، والمُتَشَبِّهاتِ مِن النِّساءِ بالرِّجالِ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ الحالِقةَ رأسَها مُتشَبِّهةٌ بالرِّجالِ؛ لأنَّ الحَلقَ مِن صِفاتِهم الخاصَّةِ بهم دونَ الإناثِ عادةً
    ثانيًا: لأنَّ الحَلقَ مُثلةٌ بالمرأةِ، فمُنِعَت منه


    https://dorar.net/feqhia/3244/%D8%A7...83%D9%84%D9%87

  3. #3
    عضو فوق المتميز
    تاريخ التسجيل
    7 - 6 - 2006
    المشاركات
    1,534
    معدل تقييم المستوى
    658

    افتراضي رد: حكم حلق الرأس كاملًا في غير النُّسك

    (1) ويجوزُ للرَّجُلِ إطالةُ شَعرِه، قال ابن العربي: (يجوزُ أن يَتَّخِذَ جُمَّةً- وهي ما أحاط بمَنابتِ الشَّعرِ- ووَفْرةً- وهو ما زاد على ذلك، حتى يبلُغَ شَحمةَ الأُذُنَينِ- ويجوزُ أن يكونَ أطوَلَ مِن ذلك). ((المسالك في شرح موطأ مالك)) (7/479). وقال ابنُ عُثيمين: (إطالةُ شَعرِ الرَّأسِ لا بأسَ به؛ فقد كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم له شَعرٌ يَقرُبُ أحيانًا إلى مَنكِبَيه، فهو على الأصلِ لا بأسَ به، ولكِنْ مع ذلك هو خاضِعٌ للعاداتِ والعُرفِ، فإذا جرى العُرفُ واستقَرَّت العادةُ بأنَّه لا يَستعمِلُ هذا الشَّيءَ إلَّا طائِفةٌ مُعَيَّنةٌ نازِلةٌ في عاداتِ النَّاسِ وأعرافِهم، فلا ينبغي لذوي المروءةِ أن يَستعمِلوا إطالةَ الشَّعرِ؛ حيثُ إنَّه لدى النَّاسِ وعاداتِهم وأعرافِهم لا يكونُ إلَّا مِن ذوي المَنزلةِ السَّافلةِ). ((فتاوى نور على الدرب)) (11/30). وللأسَف هذا حالُ بعض الشَّباب اليوم فهم يُطِيلون شعورهم تقلِيدا وتشبُّها بالكفَرة أو الفَسَقة مع أنَّه ليس من عاداتِهم وأعرافِهم، وهذا لا يجوز.
    (2) ((الفتاوى الهندية)) (5/357)، ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص: 342).
    (3) ((روضة الطالبين)) للنووي (3/234)، ((المجموع)) للنووي (1/295)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/297).
    (4) ((الإنصاف)) للمَرداوي (1/97)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (1/79).
    (5) ((شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني)) (1/114)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/444)، ويُنظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/265).
    (6) أخرجه أبو داود (4195) واللَّفظُ له، والنَّسائي (5048)، وأحمد (5615)، وابنُ حِبَّان في ((صحيحه)) (5508). صَحَّح إسنادَه على شرط الشيخين النووي في ((رياض الصالحين)) (528)، وصَحَّح إسنادَه ابن تَيميَّةَ في ((شرح العمدة- الطهارة)) (1/231)، ومحمد ابن عبدالهادي في ((المحرر)) (44) وقال: ورواته كلُّهم أئمَّةٌ ثِقاتٌ، وابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/32)، وذكر ابن حَجَر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (4/232) أنَّ إسناده أخرجه مُسْلِم، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4195).
    (7) ((المجموع)) للنووي (1/295).
    (8) رواه البُخاريُّ (5920)، ومُسْلِم (2120) واللَّفظُ له.
    (9) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (21/119).
    (10) أخرجه أبو داود (4192) باختلاف يسير، والنَّسائي (5227) واللَّفظُ له، وأحمد (1750) مطولًا. صَحَّحه النووي في ((المجموع)) (1/296)، والذهبي في ((تاريخ الإسلام)) (5/430)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (6/159): رجاله رجال الصحيح، وصَحَّح إسنادَه ابن حَجَر في ((الإصابة)) (3/44)، وأحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (3/192)، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن النَّسائي)) (5227)، والوادعي في ((صحيح دلائل النبوة)) (560) وقال: على شرط مُسْلِم.
    (11) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/39)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (4/273).
    (12) ((منح الجليل شرح مختصر خليل)) لعليش (1/507)، ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخَرَشي (2/335).
    (13) ((الفروع)) لابن مُفلِح (1/155)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (1/97).
    (14) قال ابن عَبدِ البَرِّ: (وقال الحسَنُ: حَلقُ رأسِها مُثْلةٌ). ((الاستذكار)) (4/317).
    (15) قال ابن حزم: (لا يحِلُّ للمرأةِ أن تحلِقَ رأسَها إلَّا من ضرورة). ((المحلى بالآثار)) (9/229).
    (16) قال ابن حَجَر: (يَحرُمُ عليها حَلقُ شَعرِ رأسِها بغير ضرورة). ((فتح الباري)) (10/375).
    (17) قال الشِّنْقيطي: ( فالحديثُ يشمَلُ عُمومُه الحَلقَ بالنسبة للمُحرِمةِ بلا شَكٍّ، وإذا لم يُبَحْ لها حَلْقُه في حالِ النُّسُكِ، فغيرُه من الأحوالِ أولى). ((أضواء البيان)) (5/189).
    (18) قال ابن باز: (المنهيُّ عنه الحَلقُ، فليس لكِ أن تحلقي شعرَ رأسِك). وقال: (أمَّا حَلقُه بالكليَّةِ فلا يجوزُ إلَّا مِن عِلَّةٍ ومَرَضٍ، وبالله التوفيق). ((فتاوى المرأة المُسْلِمة)) (2/515).
    (19) جاء في فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة: (لا يجوزُ للمرأةِ أن تحلِقَ إلَّا مِن ضرورةٍ). ((فتاوى اللَّجْنة الدَّائِمة – المجموعة الأولى)) (5/196).
    (20) أخرجه أبو داود (1985)، والدارمي (1905)، والطبراني (12/250) (13018). حَسَّن إسنادَه النووي في ((المجموع)) (8/197)، وابن حَجَر في ((التلخيص الحبير)) (3/894)، وصَحَّح إسنادَه ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/341)، وصحَّح الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (1985)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (700).
    (21) ((أضواء البيان)) للشِّنْقيطي (5/189).
    (22) أخرَجَه البُخاريُّ (5885).
    (23) ((أضواء البيان)) للشِّنْقيطي (5/189).

  4. #4
    عضو فوق المتميز
    تاريخ التسجيل
    7 - 6 - 2006
    المشاركات
    1,534
    معدل تقييم المستوى
    658

    افتراضي رد: حكم حلق الرأس كاملًا في غير النُّسك

    [فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في أنواع حلق الرأس وأحكامه]

    ننقل ههنا فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، كما جاء في مجموع الفتاوى الجزء (ظ¢ظ،) صفحة (ظ،ظ،ظ¥)، حيث سأله سائل عن بدعة من بدع الصوفية، وهي أنهم إذا أتاهم الرجل وتوّبوه فإنهم يأتون بحلاق -وهو حلاق مخصوص لمثل هذا- فيحلق له رأسه كشيء من مقدمات التوبة عندهم، وهذا من البدع التي ابتدعوها في التوبة.

    هذا السائل يسأل شيخ الإسلام عن هذا العمل، فيقول: ما تقول السادة العلماء رضي الله عنهم أجمعين، في أقوام يحلقون رءوسهم على أيدي الأشياخ وعند القبور التي يعظمونها، ويعدون ذلك قربة وعبادة، فهل هذا سنة أو بدعة؟ وهل حلق الرأس مطلقاً سنة أو بدعة؟ أفتونا مأجورين؟ فأجاب شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: الحمد لله رب العالمين.

    حلق الرأس على أربعة أنواع: أحدها: حلقه في الحج والعمرة، فهذا مما أمر به الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا مشروع ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ} [الفتح:ظ¢ظ§]، وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه حلق رأسه في حجّه وفي عُمَرِه، وكذلك أصحابه: منهم من حلق، ومنهم من قصر.

    والحلق أفضل من التقصير، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: يا رسول الله! والمقصرين؟ قال: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: يا رسول الله! والمقصرين؟ قال: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: يا رسول الله! والمقصرين؟ قال: والمقصرين).

    قلت: فهذا دليل على أفضلية الحلق لوجه الله عز وجل، وهو من أنواع العبودية والمناسك التي لا ينبغي أن تصرف إلا لله عز وجل، ومن صدق إيمانه ويقينه في ثواب الله عز وجل وفَعَل ذلك، فينبغي له ألا يبالي باستنكار الجَهَلة لحلاقة شعر رأسه.

    يقول شيخ الإسلام: وقد أمر الصحابة الذين لم يسوقوا الهدي في حجة الوداع أن يقصروا رءوسهم للعمرة إذا طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يحلقوا إذا قضوا الحج، فجمع لهم بين التقصير أولاً، وبين الحلق ثانياً.

    والنوع الثاني: حلق الرأس للحاجة، مثل أن يحلقه للتداوي، فهذا أيضاً جائز بالكتاب والسنة والإجماع، فإن الله عز وجل رخص للمحرم الذي لا يجوز له حلق رأسه أن يحلقه إذا كان به أذى، كما قال تعالى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:ظ،ظ©ظ¦].

    وقد ثبت باتفاق المسلمين حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه لما مرّ به النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية، والقمل ينهال من رأسه، فقال: (أيؤذيك هوامك؟ قال: نعم، فقال: احلق رأسك، وانسك شاة أو صُم ثلاثة أيام، أو أطعم فرقاً بين ستة مساكين)، وهذا الحديث متفق على صحته، متلقى بالقبول من جميع المسلمين.

    قلت: فمن كان في حالة النسك، وأصابه المرض، فقد أباح له الله سبحانه أن يحلق رأسه ويفتدي بما جاء في سورة البقرة (آية: ظ،ظ©ظ¦).

    فهذا هو النوع الثاني الذي ذكره شيخ الإسلام، وهو حلق الرأس للحاجة كالتداوي، فهذا يدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تداووا عباد الله)، وهذا من التداوي، فلا بأس به.

    يقول شيخ الإسلام: النوع الثالث: حلقه على وجه التعبد والتدين والزهد في غير حج ولا عمرة، مثلما يأمر بعضُ الناس التائب إذا تاب بحلق رأسه، ومثل أن يجعل حلق الرأس شعار أهل النسك والدين، أو من تمام الزهد والعبادة، أو أن يجعل من يحلق رأسه أفضل ممن لم يحلقه، أو أَدْينَ أو أَزْهدَ، أو أن يقصّر من شعر التائب، كما يفعل بعض المنتسبين إلى المشيخة إذا توب أحداً أن يقص بعض شعره، ويعين الشيخ صاحب مقص وسجادة، فيجعل صلاته على السجادة، وقصَّهِ رءوس الناس من تمام المشيخة التي يصلح بها أن يكون قدوة يتوب التائبين، فهذا بدعة لم يأمر الله بها ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وليست واجبة ولا مستحبة عند أحد من أئمة الدين، ولا فَعَلها أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا شيوخ المسلمين المشهورين بالزهد والعبادة لا من الصحابة ولا من التابعين ولا تابعيهم ومن بعدهم، مثل الفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم وأبي سليمان الداراني ومعروف الكرخي وأحمد بن أبي الحواري والسري السقطي والجنيد بن محمد وسهل بن عبد الله التستري، وأمثال هؤلاء، لم يكن هؤلاء يقصون شعر أحد إذا تاب، ولا يأمرون التائب أن يحلق رأسه.

    وقد أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم جميع أهل الأرض -حيث أن أعظم التوبة هي التوبة من الكفر والدخول في الإسلام- ولم يكن يأمرهم بحلق رءوسهم إذا أسلموا، ولا قص النبي صلى الله عليه وسلم رأس أحد، ولا كان يصلي على سجادة، بل كان يصلي إماماً بجميع المسلمين، يصلي على ما يصلون عليه، ويقعد على ما يقعدون عليه، لم يكن متميزاً عنهم بشيء يقعد عليه، لا سجادة ولا غيره، ولكن يسجد أحياناً على الخميرة، وهو شيء يصنع من الخوص الصغير، يسجد عليها أحياناً؛ لأن المسجد لم يكن مفروشاً، بل كانوا يصلون على الرمل والحصى.

    قلت: والآن يخصون الإمام بسجادة مليئة بأنواع الألوان والزخارف التي تشغل قلبه، هذه بدعة من البدع؛ لأنها مما لم يكن يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.

    يقول شيخ الإسلام: بل كانوا يُصلّون على الرمل والحصى، وكان أكثر الأوقات يسجد على الأرض، حتى يبين الطين في جبهته صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً.

    ومن اعتقد البدع التي ليست واجبة ولا مستحبة قربة وطاعة وطريقاً إلى الله، وجعلها من تمام الدين، ومما يؤمر به التائب والزاهد والعابد، فهو ضال خارج عن سبيل الرحمن، متّبع لخطوات الشيطان.

    قلت: فهذا فيما يتعلق بالنوع الثالث، وهو حلقه على وجه التعبد والتدين والزهد من غير حج ولا عمرة، فهذه بدعة وضلالة.

    يقول شيخ الإسلام: النوع الرابع: أن يحلق رأسه في غير النسك -يعني: لا في حج ولا عمرة- لغير حاجة ولا على وجه التقرب والتدين، فهذا فيه قولان للعلماء، هما روايتان عن أحمد: أحدهما: أنه مكروه، وهو مذهب مالك وغيره.

    قلت: بالنسبة للرواية الأولى عن الإمام أحمد -أي: أن هذا مكروه- فقد استدل لهذه الرواية بما روي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال في شأن الخوارج: (سيماهم التحليق)، فجعل التحليق علامة للخوارج، وكما في أثر عمر رضي الله عنه حينما قال لـ صبيغ بن عسل: (لو وجدتك محلوقاً لضربت الذي فيه عيناك بالسيف)؛ لأنه لو كان محلوق الرأس، فهذا يدل على أنه من الخوارج، وكانت هذه عادتهم.

    ومن أدلّة من قالوا بالكراهة: ما جاء في حديث: (ليس منا من حلق)، إلى آخر الحديث.

    وقد أجاب بعض العلماء على الاستدلال بهذا الحديث بقولهم: سياق الحديث جاء في النهي عن الحلق عند المصيبة، سواء من الرجال أو النساء؛ لأن فيه إظهار للجزع.

    والرواية الثانية عن الإمام أحمد: أنه يباح حلق شعر الرأس في غير النسك من غير حاجة ولا على وجه التقرب والتدين.

    وهذا -والله أعلم- أقرب وأصح؛ لقول حافظ المغرب الإمام أبي عمر بن عبد البر رحمه الله تعالى: أجمع العلماء على إباحة حلق الرأس في غير حاجة.

    وكفى بهذا حجة.

    يقول شيخ الإسلام: والثاني: أنه مباح.

    وهو المعروف عند أصحاب أبي حنيفة والشافعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى غلاماً قد حلق بعض رأسه، فقال: (احلقوه كله، أو دعوه كله).

    قلت: فقوله: (احلقوه كله)، يدل على إباحة هذا الحلق.

    وأُتي -أي: النبي صلى الله عليه وسلم- بأولاد صغار بعد ثلاث، فحلق رءوسهم.

    قلت: يشير شيخ الإسلام هنا إلى ما صح عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء نعي جعفر، أمهل آل جعفر ثلاثاً أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال: لا تبكوا على أخي بعد اليوم.

    ثم قال: ادعوا بني أخي.

    فجيء بنا، قال: ادعوا لي الحالق.

    فأمر بنا، فحلق رءوسنا).

    وهذا أيضاً من الأدلة على إباحة الحلق في مثل هذه الحالة.

    وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ولي شعر طويل، فلما رآني النبي صلى الله عليه وسلم قال: ذباب ذباب)، والذباب في مثل هذا السياق يراد به: الشؤم، يقال: رجل ذبابي.

    قال: (فرجعت فجزرته، ثم أتيته من الغد فقال: إني لم أعْنِك، وهذا أحسن)، أي: لم أكن أقصدك بقولي: ذباب ذباب.

    وقوله: (وهذا أحسن) أي: ما دام أنك قد حلقته فهذا أحسن مما كنت عليه.

    وهذا الحديث رواه أبو داود والإمام أحمد والبغوي في شرح السنة، وذكر محققه أن إسناده يقبل التحسين.

    وهناك فرق بين الحلق والقص، فإن الحلق يكون بالموس، وأما القصّ فيكون بالمقص أو بما دون ذلك مثل ماكنة الحلاقة المعروفة، والأفصح في لفظ المقص أن تقول: مقصّين؛ لأن المقص مكون من حدّين.

    يقول ابن قدامة: وأما استئصال الشعر بالمقراض فغير مكروه، رواية واحدة عن الإمام أحمد، قال أحمد: إنما كرهوا الحلق بالموس، وأما بالمقراض فليس به بأس؛ لأن أدلة الكراهة تختص بالحلق.

    فهذا خلاصة الكلام فيما يتعلق بأدلة هذا القول.

    يقول شيخ الإسلام مضيفاً إلى هذه الأدلة: ولأنه نهى عن القزع، والقزع: حلق



    https://shamela.ws/book/36999/43#p1

  5. #5
    عضو فوق المتميز
    تاريخ التسجيل
    7 - 6 - 2006
    المشاركات
    1,534
    معدل تقييم المستوى
    658

    افتراضي رد: حكم حلق الرأس كاملًا في غير النُّسك

    حلق شعر الرأس
    الشيخ دبيان محمد الدبيان




    اختلف العلماء في حلق شعر الرأس:

    • فقيل: سنة، وهو مذهب الحنفية[1].



    • وقيل: يكره حلق شعر الرأس لغير نسك ولا حاجة، وهو مذهب المالكية[2]، ورواية عن أحمد[3].



    • وقيل: لا يكره حلقه، وتركه أفضل إلا إن شق تعهده فالحلق أفضل، وهو مذهب الشافعية[4].



    • وقيل: يباح حلقه، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة عند المتأخرين[5].



    دليل من قال: تركه أفضل إذا كان قادرًا على تعهده وتنظيفه:

    الدليل الأول:

    قال النووي: لم يصح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلقه إلا في الحج أو العمرة[6].



    قلت: والتأسي بتركه - صلى الله عليه وسلم - كالتأسي بفعله - صلى الله عليه وسلم.



    الدليل الثاني:

    كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء - عليهم السلام - لهم شعر كثير، وهذا دليل على أن تركه أفضل، وإليك النصوص في صفاتهم:

    ما ورد في صفة شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

    (639-203) روى البخاري في صحيحه، قال: حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب - رضي الله تعالى عنهما - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مربوعًا بعيد ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنيه، رأيته في حلة حمراء، لم أرَ شيئًا قط أحسن منه. قال يوسف بن أبي إسحاق، عن أبيه: إلى منكبيه، هذا لفظ البخاري، وقد رواه مسلم[7].



    وفي رواية لمسلم: "عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه"[8].



    والجمة، جاء في القاموس: الجَمُّ: الكثيرُ من كلِّ شيءٍ.



    وأما ما ورد في صفة شعر الأنبياء - عليهم السلام -:

    فقد جاء في الصحيحين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الإسراء، قال: ((ورأيت إبراهيم - صلوات الله عليه - وأنا أشبه ولده به))[9]، وقد سبق لنا صفة شعر الرسول - صلى الله عليه وسلم.



    وأما ما جاء في صفة شعر موسى - عليه الصلاة والسلام -:

    (640-204) فقد روى البخاري في صحيحه، قال: حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا إسرائيل، أخبرنا عثمان بن المغيرة، عن مجاهد، عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - رأيت عيسى وموسى وإبراهيم، فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر، وأما موسى فآدم، جسيم، سبط، كأنه من رجال الزط[10].



    فقوله: "سبط" قال الحافظ في الفتح: "السبط - بفتح المهملة، وكسر الموحدة -: أي ليس بجعد، وهذا نعت لشعر رأسه"[11].



    وأما ما جاء في صفة شعر عيسى - عليه الصلاة والسلام -:

    (641-205) فقد روى البخاري، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا أبو ضمرة، حدثنا موسى، عن نافع، قال عبدالله: ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا بين ظهري الناس المسيحَ الدجال، فقال: ((إن الله ليس بأعور، ألاَ إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، وأراني الليلة عند الكعبة في المنام، فإذا رجل آدم كأحسن ما يرى من آدم الرجال، تضرب لمته بين منكبيه، رجل الشعر، يقطر رأسه ماء واضعًا يديه على منكبي رجلين، وهو يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا المسيح ابن مريم، ثم رأيت رجلاً وراءه جعدًا، قططًا، أعور العين اليمنى، كأشبه من رأيت بابن قطن، واضعًا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت، فقلت: من هذا؟ قالوا: المسيح الدجال))[12].



    الشاهد منه:

    قوله - صلى الله عليه وسلم - عن عيسى: ((تضرب لمته بين منكبيه)).



    فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء - عليهم السلام - كان لهم شعر كثير، وهذا يدل على أن تركه أفضل من حلقه ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾[13].



    دليل من قال: حلق الرأس بدعة:

    الدليل الأول:

    كون الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله إلا في النسك، دليل على أنه لا يتعبد بحلقه.



    قال ابن القيم: "لم يحفظ عنه حلقه إلا في نسك"[14].



    الدليل الثاني:

    (642-206) ما رواه البخاري، قال: حدثنا أبو النعمان، حدثنا مهدي بن ميمون، سمعت محمد بن سيرين، يحدث عن معبد بن سيرين، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يخرج ناس من قبل المشرق، ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه))، قيل: ما سيماهم؟ قال: ((سيماهم التحليق - أو قال: - التسبيد))[15].



    وإذا كان الحلق سيما أهل البدع كالخوارج وغيرهم، كان تركه شعارًا لأهل السنة.



    الدليل الثالث:

    (643-207) ما رواه الطبراني في الأوسط، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق، حدثني أبي، ثنا محمد بن سليمان بن مسمول، حدثني عمر بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا توضع النواصي إلا في حج أو عمرة))[16].

    [إسناده ضعيف][17].



    الدليل الرابع:

    أن الشرع أمرنا بحلق العانة، ونتف الإبط، وجعل ذلك من الفطرة، كما سبق من حديث أبي هريرة في الصحيحين، وأما شعر الرأس، فلم نؤمر بحلقه، فتكون الفطرة في إبقائه.



    دليل من قال: يباح الحلق:

    الدليل الأول:

    (644-208) ما رواه عبدالرزاق في المصنف، قال: أخبرنا عبدالرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى غلامًا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه، فنهاهم عن ذلك، وقال: ((احلقوا كله، أو ذروا كله))[18].



    [تفرد بقوله: "احلقوه كله" معمر، عن أيوب، وقد رواه غيره عن أيوب بدون هذه الزيادة، كما رواه أيضًا غير أيوب عن نافع، وليس فيه هذه الزيادة][19].



    الدليل الثاني:

    (645-209) ما رواه أبو داود، قال: حدثنا عقبة بن مكرم وابن المثنى، قالا: ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي، قال: سمعت محمد بن أبي يعقوب يحدث عن الحسن بن سعد، عن عبدالله بن جعفر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمهل آل جعفر ثلاثًا أن يأتيهم، ثم أتاهم، فقال: ((لا تبكوا على أخي بعد اليوم))، ثم قال: ((ادعوا لي بني أخي))، فجيء بنا كأنا أفراخ، فقال: ((ادعوا لي الحلاق))، فأمره فحلق رؤوسنا[20].

    [إسناده صحيح][21].



    وقد أجيب عن هذا:

    بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما حلق رؤوسهم، مع أن إبقاء الشعر أفضل إلا في النسك؛ لما رأى من اشتغال أمهم أسماء بنت عميس عن ترجيل شعورهم بما أصابها من قتل زوجها في سبيل الله، فأشفق عليهم من الوسخ والقمل[22].



    وإذا كان هناك حاجة للحلق، فلا مانع منه، لكن إذا لم يكن هناك حاجة، فلا شك أن الأفضل ما كان عليه الأنبياء - عليهم الصلاة والتسليم - من إبقاء الشعر، وقد سئل الإمام أحمد عن الرجل يتخذ شعرًا؟ فقال: سنة حسنة، ثم قال أبو عبدالله: لو أمكنا اتخذناه.



    وفي لفظ آخر عنه: لو كنا نقوى عليه، له كلفة ومؤنة.



    • فيؤخذ من هذا أن من يستطيع أن يقوم بغسله وترجيله، فالأفضل في حقه أن يتخذه، والله أعلم.



    دليل من قال: السنة حلق الشعر:

    لا أعلم لهذا القول دليلاً من الأثر، ولا من النظر، ولقد قال ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: "لا نزاع بين علماء المسلمين وأئمة الدين أن ذلك لا يشرع، ولا يستحب، ولا هو من سبيل الله وطريقه، ولا من الزهد المشروع للمسلمين، ولا مما أثنى الله به على أحد من الفقراء، ومع هذا فقد اتخذه طوائف من النساك الفقراء والصوفية دينًا، حتى جعلوه شعارًا وعلامة على أهل الدين والنسك والخير والتوبة والسلوك إلى الله المشير إلى الفقر والصوفية، حتى إن من لم يفعل ذلك يكون منقوصًا عندهم، خارجًا عن الطريقة المفضلة المحمودة عندهم، ومن فعل ذلك دخل في هديهم وطريقتهم، وهذا ضلال عن طريق الله وسبيله باتفاق المسلمين، واتخاذ ذلك دينًا وشعارًا لأهل الدين من أسباب تبديل الدين، بل جعله علامة على المروق من الدين أقرب"[23].



    وما تكلم عليه ابن تيمية يقرب مما يراه بعض الزهاد والوعاظ وبعض الصالحين عندنا من اعتبار إطالة الشعر يدخل في الشهرة، ولا ينكر على من حلق رأسه دون أن يكون هناك حاجة من نسك وغيره، بل قد يرى حلق الرأس علامة على الصلاح.



    وممكن أن يستدل لمن يرى الحلق بالأدلة التالية:

    الدليل الأول:

    (646-210) حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا معاوية بن هشام وسفيان بن عقبة السوائي، هو أخو قبيصة، وحميد بن خوار، عن سفيان الثوري، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ولي شعر طويل، فلما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ذباب ذباب))، قال: فرجعت فجززته، ثم أتيته من الغد، فقال: ((إني لم أَعْنِك، وهذا أحسن))[24].

    [وإسناده حسن][25].



    قال الطحاوي:

    فكان في هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قد دلَّ على أن جز الشعر أحسن من تربيته، وما جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأحسن، كان لا شيء أحسن منه، ووجب لزوم ذلك الأحسن، وترك ما يخالفه، ومقبول منه - صلى الله عليه وسلم - إذا كان هذا عنه، وإذا كان أولى بالمحاسن كلها من جميع الناس سواه، أنه قد كان صار بعد هذا القول إلى هذا الأحسن، وترك ما كان عليه قبل ذلك مما يخالفه، والله نسأله التوفيق[26].



    وهذا الكلام مدخول من وجهين:

    الأول: القطع بأن هذه القصة متأخرة عن إعفاء الشعر وإكرامه، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صار إليه بعد أن كان له شعر كثير، وأن الرسول ترك إعفاء الشعر لأجل هذه القصة، لا شك أن هذا من الظن الذي لا يغني من الحق شيئًا، وقد عقدت فصلاً مستقلاًّ في إكرام الشعر وتسريحه ودهنه، مما يجعل الباحث يقطع أن السنة إعفاء شعر الرأس وإكرامه.



    الثاني: الاعتقاد بأن هذه القصة تعارض الأحاديث الكثيرة في إكرام الشعر غيرُ صحيح، والجواب عن هذا أن يقال:

    إن هذا الرجل كان شعره طويلاً كثيرًا إلى حد الشهرة، فكان الأحسن تخفيفه عن حد الشهرة، ولذا ليس في الحديث أنه حلقه؛ وإنما جزه، ولا يصلح دليلاً للحلق إلا لو جاء في الحديث أن الرجل حلق رأسه، وربما حسن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جز شعره وتخفيفه؛ نظرًا لأنه لم يقم بحقه من تعهده وتنظيفه، وقد سبق أن قلت: إن ترك الشعر سنة لمن كان قادرًا على القيام بمؤنته من تسريحه وتنظيفه، أما من لا يقدر على ذلك، فالأفضل في حقه تخفيف الشعر وجزه بدون حلق إلا في نسك، والحامل على هذا التأويل الأحاديث الكثيرة في صفة شعر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل والأنبياء قبله - عليهم الصلاة والسلام -والصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - والله أعلم.



    الدليل الثاني:

    (647-211) روى أحمد، قال: ثنا عبدالرزاق، ثنا معمر، عن أبي إسحاق، عن شمر، عن خريم رجل من بني أسد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لولا أن فيك اثنتين كنت أنت، قال: إن واحدة تكفيني. قال: تسبل إزارك، وتوفر شعرك. قال: لا جرم والله لا أفعل[27].

    [إسناده منقطع؛ شمر لم يدرك خريمًا، والحديث محتمل للتحسين بالمتابعات][28].



    والجواب عن هذا الدليل كالجواب عما سبق، إضافة إلى أن هذا الحديث صريح بأنه ليس فيه حلق، حيث ورد في بعض الروايات أن شعره إلى أذنيه.



    الراجح من الأقوال:

    الأصل أن ترك الشعر أفضل من حلقه إذا كان قادرًا على القيام بمؤنته وتعهده وتنظيفه، كما بيَّنا من فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل ومن فعل الأنبياء، وقد يختلف حكم حلق الرأس من حال إلى آخر:

    فأما حلقه في النسك، فإنه أفضل من التقصير، وهو مشروع في الكتاب والسنة، أما الكتاب، فقال - تعالى -: ﴿ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ﴾[29].





    • (648-212) وأما السنة، فقد روى البخاري، قال: حدثنا عبدالله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن نافع، عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((والمقصرين))، وقال الليث: حدثني نافع: ((رحم الله المحلقين)) مرة أو مرتين. قال: وقال عبيدالله: حدثني نافع، وقال في الرابعة: ((والمقصرين))[30].



    • (649-213) وأما حلقه للتداوي، فهذا أيضًا جائز؛ فقد روى البخاري قال: حدثنا عبدالله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن حميد بن قيس، عن مجاهد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لعلك آذاك هوامك؟))، قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك بشاة))[31].



    وأما حلقه على وجه التعبد، فقد قال ابن تيمية:

    وأما حلقه على وجه التعبد والتدين والزهد من غير حج ولا عمرة، مثل ما يأمر بعض الناس التائب إذا تاب يحلق رأسه، ومثل أن يجعل حلق الرأس شعار أهل النسك والدين، أو من تمام الزهد والعبادة، أو من يجعل من يحلق رأسه أفضل ممن لم يحلقه أو أدين أو أزهد، أو من يقصر من شعر التائب، كما يفعل بعض المنتسبين إلى المشيخة إذا توب أحدًا أن يقص بعض شعره، ويعين الشيخ صاحب مقص وسجادة، فيجعل صلاته على السجادة، وقصه رؤوس الناس من تمام المشيخة التي يصلح بها أن يكون قدوة يتوب التائبين، فهذا بدعة لم يأمر الله بها ولا رسوله، وليست واجبة، ولا مستحبة عند أحد من أئمة الدين، ولا فعلها أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا شيوخ المسلمين المشهورين بالزهد والعبادة، لا من الصحابة ولا من التابعين، ولا تابعيهم، ومن بعدهم مثل الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، وأحمد بن أبي الحواري، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وسهل بن عبدالله التستري، وأمثال هؤلاء لم يكن هؤلاء يقصون شعر أحد إذا تاب، ولا يأمرون التائب أن يحلق رأسه[32].



    وبقي أن يحلق رأسه لا على وجه التعبد، ولا من باب التداوي، وفي غير النسك، فإن كان قادرًا على القيام بمؤنته وتنظيفه، وتعهده بالترجل والدهن ونحوه، فإن الأفضل تركه، وإلا كان ممكنًا قصه برقم واحد، وهو قريب جدًّا من الحلق، ويخرج به عن الحلق، فإن أصر إلا الحلق، فأرجو أنه لا بأس به، والله أعلم.



    وقد نقل عن بعض الصحابة أن لهم شعرًا كثيرًا:

    • (650-214) فقد أخرج ابن أبي شيبة، قال: حدثنا، وكيع، عن هشام قال: رأيت ابن عمر وجابرًا ولكل واحد منهما جمة[33].



    • (651-215) وروى أيضًا، قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، قال: رأيت لابن عمر جمة مفروقة تضرب منكبيه[34].



    • (652-216) وروى ابن أبي شيبة أيضًا، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن هبيرة قال: كان لعبدالله شعر يصفه على أذنيه[35].



    • (653-217) وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا الفضل، عن عبدالواحد بن أيمن، قال: رأيت ابن الزبير وله جمة إلى العنق، وكان يفرق[36].



    • (654-218) وروى أيضًا قال: حدثنا وكيع، عن عبدالواحد بن أيمن قال: رأيت عبيد بن عمير وابن الحنفية لكل واحد منهما جمة[37].



    وقال أحمد بن حنبل:

    أحصيت على ثلاثة عشر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لهم شعر، فذكر أبا عبيدة بن الجراح، وعمار بن ياسر، والحسن والحسين.



    وقال أحمد أيضًا حين سئل عن تطويل الشعر: تدبرت مرة، فإذا هو عن بضعة عشر رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم[38].

    يتبع الهوامش:

  6. #6
    عضو فوق المتميز
    تاريخ التسجيل
    7 - 6 - 2006
    المشاركات
    1,534
    معدل تقييم المستوى
    658

    افتراضي رد: حكم حلق الرأس كاملًا في غير النُّسك


    [1] قال في حاشية ابن عابدين (6/407): "السنة في شعر الرأس إما الفرق أو الحلق، وذكر الطحاوي أن الحلق سنة، ونسب ذلك إلى العلماء الثلاثة" اهـ يعني: أبا حنيفة وصاحبيه. وذكر مثله في الفتاوى الهندية (5/357).

    [2] حاشية العدوي (2/444)، الفواكه الدواني (2/306) وقد نصا على أن حلق الرأس بدعة.

    [3] جاء في كتاب الترجل للخلال (ص: 120): "أخبرنا أبو بكر المروزي، قال: سألت أبا عبدالله عن حلق الرأس؟ فكرهه كراهية شديدة. قلت: تكرهه؟ قال: أشد الكراهة. وأراه ذهب إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سيماهم التحليق))، واحتج بحديث عمر بن الخطاب أنه قال لرجل: لو وجدناك محلوقًا - يعني لصبيغ - لَضُرِبَ الذي فيه عيناك. وغلظ به أبو عبدالله.

    وقال: ورأيت رجلاً من أصحابنا قد استأصل شعره، فظن أبو عبدالله أنه محلوق، وكان رآه بالليل، فقال لي: تعرفه؟

    قلت: نعم. قال: قد أردت أن أغلظ له في حلق رأسه. وانظر الفروع (1/132)، والآداب الشرعية (3/334).

    وأخرج ابن هانئ في مسائله (ص: 149، 150): قال: سمعت أبا عبدالله يقول: سمعت عبدالرزاق يقول: كان معمر يكره حلق الرأس، ويقول: هو التسبيت". اهـ

    ونقل نحوه أبو داود في مسائله (ص: 352) رقم 1692.

    وجاء أيضًا في كتاب الترجل للخلال (ص: 120): أخبرنا محمد بن علي السمسار، قال: حدثنا مهنا، قال: سألت أبا عبدالله عن الحلق: حلق الرأس بالموسى في غير الحج، قال: مكروه حلق النواصي إلا في حج أو عمرة، وقال: كان سفيان بن عيينة لا يحلق رأسه في غير الحج والعمرة إلا بالمقراض.

    [4] قاله الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى (4/359، 360)، وقال النووي في المجموع (1/347): "أما حلق جميع الرأس، فقال الغزالي: لا بأس به لمن أراد التنظيف، ولا بأس بتركه لمن أراد دهنه وترجيله، هذا كلام الغزالي، ثم قال: والمختار أن لا كراهة فيه، ولكن السنة تركه، فلم يصح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلقه إلا في الحج والعمرة، ولم يصح تصريح بالنهي عنه". وانظر أسنى المطالب (1/552).

    [5] الإنصاف (1/122)، كشاف القناع (1/79)، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (1/86)، وجاء في كتاب الترجل للخلال (ص: 119): "أخبرني عبيدالله بن حنبل، قال: حدثني أبي أنه قال لأبي عبدالله: الحلق في غير حج ولا عمرة؟ قال: لا بأس، وقال: كنت أنا وأبي نحلق في حياة أبي عبدالله فيرانا ونحن نحلق، فلا ينهانا عن ذلك، وكان هو يأخذ شعره بالجملين، ولا يحفيه، ويأخذه وسطًا". اهـ.

    ورواية الكراهة عنه أقوى وأشهر، وقد تكلمت في رواية حنبل، ومن قدح فيها من أصحاب أحمد ولا يعتبرون ما انفرد به رواية، فارجع إليه إن شئت.

    [6] المجموع (1/347).

    [7] صحيح البخاري ( 3358)، ومسلم (2337).

    [8] صحيح مسلم (2337).

    [9] صحيح البخاري (3254)، ومسلم (168).

    [10] صحيح البخاري (3255).

    [11] فتح الباري (6/485).

    [12] صحيح البخاري (3256)، مسلم (169).

    [13] الأحزاب: 21.

    [14] زاد المعاد (1/174).

    [15] صحيح البخاري (7123)، والحديث أخرجه أحمد (3/64) وأبو يعلى (1193) والبغوي في شرح السنة (2558) من طريق مهدي بن ميمون به.

    [16] الأوسط (9/180) رقم 9475.

    [17] فيه محمد بن سليمان بن مسمول، وقيل: مشمول، ضعيف، وقد سبق نقل كلام أهل العلم فيه في باب: هل يستحب تقليم الأظفار في يوم معين؟

    وضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد (3/261).

    وقد خالف سفيان محمد بن سليمان، فرواه موقوفًا على ابن المنكدر، فقد رواه ابن الجعد في مسنده (1677) قال: حدثنا ابن عباد، أخبرنا سفيان، عن ابن المنكدر، عن أبيه، قال: لا توضع النواصي إلا لله - عز وجل - في حج أو عمرة، وهذا أرجح.

    [18] المصنف (19564).

    [19] الحديث أخرجه عبدالرزاق كما في حديث الباب، ومن طريق عبدالرزاق أخرجه أحمد (2/88)، وأبو داود (4195)، والنسائي في الكبرى (5/407)، والصغرى (5048)، وابن حبان في صحيحه (5508)، والبيهقي في شعب الإيمان (6480).

    وقد رواه حماد بن سلمة، عن أيوب به، ولم يذكر ما ذكره معمر من قوله: "احلقوا كله..." كما في مسند أحمد (2/101)، وقد يقال: إن معمر أحفظ من حماد بن سلمة، خاصة أن حماد قد تغير، لكن يقال:

    أولاً: الراوي عن حماد عفان، وهو من أثبت أصحابه.

    ثانيًا: الحديث في الصحيحين من رواية عمر بن نافع، عن نافع به، وليس فيه ما ذكره معمر، فيكون حماد قد توبع.

    ثالثًا: الحديث في صحيح مسلم من طريق عبدالرزاق، عن معمر، عن أيوب به، وأحال على لفظ سابق، وليس فيه: "احلقوا كله أو اتركوا كله"، وسبق الكلام على بقية طرق الحديث عند تخريج حديث ابن عمر في النهي عن القزع.

    [20] سنن أبي داود (4192).

    [21] رجاله كلهم ثقات، والحديث أخرجه أحمد (2/104) وابن سعد في الطبقات (4/36،37) والنسائي في الكبرى (8604) بأطول من هذا، وفيه قصة استشهاد زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبدالله بن رواحة، رووها من طريق وهب بن جرير به بهذا الإسناد.

    ورواه مختصرًا كرواية أبي داود ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (434)، والنسائي في الكبرى (8160،9295)، وفي الصغرى (5227) من طريق وهب بن جرير به.

    [22] المرقاة (8/242).

    [23] الاستقامة (1/256).

    [24] سنن أبي داود (4190).

    [25] الحديث مداره على سفيان، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، وعاصم وأبوه صدوقان.

    [تخريج الحديث]:

    الحديث رواه النسائي أيضًا (5052) أخبرنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا سفيان أخو قبيصة، ومعاوية بن هشام، قالا: حدثنا سفيان به.

    ورواه ابن ماجه (3636) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا معاوية بن هشام، وسفيان بن عقبة، عن سفيان به.

    وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (3367) والبيهقي في شعب الإيمان (6474) من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود، قال: حدثنا سفيان الثوري به.

    وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان أيضًا (6475) من طريق أبي عقبة الأزرق، عن سفيان به.

    [26] شرح مشكل الآثار (8/436، 437).

    [27] مسند أحمد (4/321).

    [28] في إسناده أبو إسحاق السبيعي، وقد تغير في آخرة، ولم أقف على معمر: هل روى عن أبي إسحاق بآخرة أم لا؟ ولكن يغلب على ظني أن معمرًا كان صغيرًا، فإذا كان سماعه من قتادة كان صغيرًا حين ذاك، فما بالك بأبي إسحاق؟ فالراجح عندي أن معمرًا ممن سمع من أبي إسحاق بآخرة، وإن كان لم ينص عليه في الرواة عن أبي إسحاق؛ ولذا تجنب البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي أحاديث أبي إسحاق من طريق معمر، ولم يرو له النسائي إلا حديثًا واحدًا حديث سعد: ((قتال المسلم كفر، وسبابه فسوق))، وقد توبع عليه.

    ومع ذلك فقد تابعه جماعة:

    الأول: أبو بكر بن عياش، كما عند أحمد (4/322) قال: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا أبو بكر، عن أبي إسحاق به.

    وأبو بكر بن عياش، قد صرح أبو حاتم كما في العلل لابنه (1/35): أن سماع أبي بكر بن عياش من أبي إسحاق ليس بالقوي.

    قلت: لكن لعله يتقوى بالمتابعة.

    الثاني: عمار بن زريق، كما في شعب الإيمان للبيهقي (5/228) رقم 6473 أخبرناه أبو الحسين بن بشران، أنا أبو عمرو بن السماك وأبو الحسن المقرئ، ثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام الرياحي ثنا أبو الجواب ثنا عمار بن زريق عن أبي إسحاق به.

    وأبو الحسين بن بشران، قال عنه الخطيب: "كتبنا عنه، وكان صدوقًا حسن الأخلاق، تام المروءة، ظاهر الديانة" تاريخ بغداد (12/98) السير (17/311)..

    • أبو عمر بن السماك: ثقة حافظ، انظر تاريخ بغداد (11/302)، والأنساب (7/127).

    • تابعه أبو الحسن المقرئ: وهو الإمام الحافظ الناقد، علي بن محمد بن علي السقاء الإسفراييني، من أولاد أئمة الحديث، سمع الكتب الكبار، وأملى وصنف، انظر سير أعلام النبلاء (17/305).

    • محمد بن أحمد بن أبي العوام الرياحي:

    قال الدارقطني: صدوق. تاريخ بغداد (1/372).

    وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: صدوق، ما علمت إلا خيرًا. المرجع السابق.

    وذكره ابن حبان في الثقات (3/134)، وانظر سير أعلام النبلاء (13/7).

    • أبو الجواب:

    قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو الجواب: الأحوص بن جواب ثقة، قال: وسئل يحيى مرة أخرى، فقال: ليس بذلك القوي. الجرح والتعديل (2/328).

    وقال يعقوب بن شيبة عن يحيى: ثقة. تهذيب الكمال (2/288).

    قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: أبو الجواب صدوق. المرجع السابق.

    وقال ابن حبان: كان متقنًا وربما وهم. الثقات (6/89).

    وفي التقريب: صدوق ربما وهم.

    عمار بن زريق:

    قال أبو حاتم: لا بأس به. الجرح والتعديل (6/392).

    وقال عثمان بن سعيد: سألت يحيى بن معين عن عمار بن زريق، فقال: ثقة. المرجع السابق.

    وقال أبو زرعة: ثقة. المرجع السابق.

    وقال النسائي: ليس به بأس. تهذيب التهذيب (7/350).

    وقال الإمام أحمد: كان من الأثبات. المرجع السابق.

    وقال ابن شاهين في الثقات: قال ابن المديني: ثقة. المرجع السابق.

    وقال أبو بكر البزار: ليس به بأس. المرجع السابق.

    وذكره ابن حبان في الثقات (7/286).

    وفي التقريب: لا بأس به.

    فالإسناد حسن إلى أبي إسحاق، لولا أن عمار بن رزيق روى عن أبي إسحاق بآخرة كما أفاده أبو حاتم الرازي في العلل لابنه (2/166).

    وقد روى مسلم لأبي إسحاق السبيعي من رواية عمار بن زريق ثلاثة أحاديث:

    حديث عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل حتى يكون آخر صلاته الوتر.

    وحديث فاطمة بنت قيس في قصة طلاقها، وقد توبع عليه في نفس الصحيح.

    وحديث البراء: إن آخر سورة أنزلت تامة سورة التوبة. وقد توبع فيه داخل الصحيح.

    الثالث: إسرائيل، عن أبي إسحاق:

    رواه أحمد بن عمرو بن الضحاك كما في الآحاد والمثاني (1044) حدثني عبدالرحيم بن مطرف نا عمرو بن محمد العنقزي عن إسرائيل عن أبي إسحاق به.

    وهذا إسناد إلى إسرائيل إسناد صحيح، إلا أن سماع إسرائيل من أبي إسحاق بآخرة، انظر الكواكب النيرات (ص: 350).

    ورواه الطبراني كما في المعجم الكبير (4/207) رقم 4156 قال: حدثنا محمد بن العباس المؤدب، ثنا عبدالله بن صالح العجلي، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق به.

    فصار أربعة يروونه عن أبي إسحاق: معمر، وأبو بكر بن عياش، وعمار بن رزيق، وإسرائيل، فتبقى علة الحديث الانقطاع بين شمر بن عطية، وبين خريم، إلا أن الحديث ورد له متابع:

    منها ما رواه الطبراني في المعجم الكبير (4/208) رقم 4161. حدثنا حاجب بن أركين الفرغاني، ثنا أحمد بن عبدالرحمن بن مفضل الحراني، ثنا يونس بن بكير، عن المسعودي، عن عبدالملك بن عمير، عن أيمن بن خريم بن فاتك، عن أبيه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم الفتى خريم، لو قصر من شعره، ورفع من إزاره))، قال: فقال خريم: لا يجاوز شعري أذني، ولا إزاري عقبي. والله أعلم.

    في إسناده عبدالملك بن عمير، وقد روى له الجماعة.

    وعن أحمد: أنه ضعيف جدًّا، كما في رواية إسحاق بن منصور. الجرح والتعديل (5/360).

    وقال أيضًا: مضطرب الحديث جدًّا مع قلة روايته، ما أرى له خمسمائة حديث. تهذيب الكمال (18/370).

    وقال ابن معين: مخلط. كما في رواية إسحاق بن منصور عنه، يشير إلى أنه اختلط في آخر عمره، وإلا فقد قال: ثقة، إلا أنه أخطأ في حديث أو حديثين. كما في رواية ابن البرقي عنه. تهذيب التهذيب (6/364).

    وقال أبو حاتم: ليس بحافظ، وهو صالح الحديث، تغير حفظه قبل موته. الجرح والتعديل (5/360).

    وقال مرة: لم يوصف بالحفظ. المرجع السابق.

    وقال النسائي: ليس به بأس. تهذيب الكمال (18/370).

    وقال ابن نمير: كان ثقة ثبتًا. التهذيب (6/364).

    وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة. ثقات العجلي (2/104).

    وذكره ابن حبان في الثقات (5/116).

    وفي التقريب: ثقة فصيح، عالم تغير حفظه، وربما دلس.

    قلت: لعل مَن ضعَّفه إنما ضعفه بسبب تغيره؛ ولذلك قال الحافظ في هدي الساري (ص592): أخرج له الشيخان من رواية القدماء عنه في الاحتجاج، ومن رواية بعض المتأخرين عنه في المتابعات، وإنما عيب عليه أنه تغير حفظه لكبر سنه، لأنه عاش 103 سنين، ولم يذكره ابن عدي في الكامل، ولا ابن حبان. اهـ.

    قلت: لم أجعله ثقة، بل هو أدنى مرتبة؛ إعمالاً لجرح الإمام أحمد، وقول أبي حاتم: ليس بالحافظ". اهـ. لكنه ليس ضعيفًا، وقد احتجا به في الصحيح، فتوسطت وجعلته في مرتبة الحسن.

    كما أن في إسناده المسعودي، قد اختلط قبل موته، ولكن الراوي عنه يونس بن بكير كوفي، فلعله ممن سمع منه قبل اختلاطه، وقد قال الإمام أحمد: ذكر أنه اختلط ببغداد وأن سماع من سمع منه هناك ليس بشيء، قال: ومن سمع منه بالكوفة فسماعه جيد.

    وقال أحمد أيضًا: سماع وكيع من المسعودي بالكوفة قديم، وأبو نعيم أيضًا قال: إنه اختلط ببغداد، وعلى هذا تقبل رواية كل من سمع منه بالكوفة والبصرة قبل أن يقدم بغداد، والله أعلم. انظر الكواكب النيرات (ص: 286 وما بعدها)، وعلى كل حال، فإنه سند صالح في المتابعات، وهو يقوي طريق شمر، عن خريم.

    كما أن له شاهدًا آخر، رواه ابن عمرو في الآحاد والمثاني (1045) حدثنا يعقوب بن حميد، نا إسماعيل بن داود، عن هشام بن سعد، عن قيس بن بشر، عن أبيه أنه سمع ابن الحنظلية يقول: إنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((نعم الرجل خريم الأسدي، لولا طول جمته، وإسبال إزاره))، فبلغ ذلك خريمًا - رضي الله تعالى عنه - فأخذ شفرة وقطع بها شعره إلى أذنيه، وإزاره إلى أنصاف ساقيه. قال بشر: رأيت خريمًا عند معاوية - رضي الله تعالى عنهما - وشعره جمة إلى أذنيه.

    وفيه إسماعيل بن داود بن مخراق:

    قال البخاري: منكر الحديث. التاريخ الكبير (1/374).

    وذكره العقيلي في الضعفاء. الضعفاء الكبير (1/93).

    وقال أبو حاتم الرازي: هو ضعيف الحديث جدًّا. الجرح والتعديل (2/167).

    وقال الخليلي: ينفرد عن مالك بأحاديث، وقد روى عن الأكابر ولا يرضى حفظه. الإرشاد في معرفة علماء الحديث (1/234).

    وقال الدارقطني في غرائب مالك: ليس بالقوي. لسان الميزان (1/403).

    وقال الآجري عن أبي داود: لا يساوي شيئًا. المرجع السابق.

    [29] سورة الفتح آية (27).

    [30] صحيح البخاري (1727)، ورواه مسلم (1301).

    [31] صحيح البخاري (1814)، مسلم (1201).

    [32] الفتاوى (21/118).

    [33] مصنف ابن أبي شيبة (5/187) رقم 25067 وسنده صحيح.

    [34] المصنف (5/189) رقم 25086، وسنده صحيح.

    [35] المصنف (5/187) رقم 25068، وسنده لا بأس به.

    [36] المصنف (5/188)، وسنده لا بأس به.

    [37] المرجع السابق، ونفس الصفحة، وسنده حسن.

    [38] كتاب الوقوف والترجل من الجامع لمسائل الإمام أحمد - أبو بكر الخلال (ص:117، 118).

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
هذا الموقع برعاية
شبكة الوتين
تابعونا