تخريج حديث: « ما من فرس عربي إلا يؤذن له عند كل سحر بدعوتين: اللهم خولتني من خولتني من بني آدم وجعلتني له، فاجعلني أحب أهله وماله إليه أو من أحب ماله وأهله إليه».

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فهذا تخريج حديث: « ما من فرس عربي إلا يؤذن له عند كل سحر بدعوتين: اللهم خولتني من خولتني من بني آدم وجعلتني له، فاجعلني أحب أهله وماله إليه أو من أحب ماله وأهله إليه».

لفظه:

عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من فرس عربي إلا يؤذن له عند كل سحر بدعوتين: اللهم خولتني من خولتني من بني آدم وجعلتني له، فاجعلني أحب أهله وماله إليه أو من أحب ماله وأهله إليه».

تخريجه
ورد مرفوعا وموقوفا.

أما المرفوع: فرواه أحمد في المسند(35/ 392رقم21497)، وفي العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه عبد الله (3/ 403رقم5777)، والنسائي (6/ 223رقم3579)، وفي الكبرى (4/ 313رقم4390)، والبزار في مسنده(9/ 339رقم3893)، والمحاملي في أماليه(ص/236رقم36)، وأبو الشيخ في العظمة (5/ 1779رقم281)، وأبو نعيم في حلية الأولياء(8/ 387)، والحاكم في المستدرك(2/ 101رقم2457)، والبيهقي في السنن الكبرى(6/ 537رق2901) من طريق عبد الحميد بن جعفر، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن سويد بن قيس، عن معاوية بن حديج، عن أبي ذر رضي الله عنه به مرفوعا.
وهذا سند رجاله ثقات، ولكن قد اختلف فيه على يزيد بن أبي حبيب، فورد عنه موقوفا.
وعبدالحميد بن جعفر قد وصفه بعض العلماء بأنه ربما وهم أو ربما أخطأ.

وأما الموقوف فرواه أحمد في المسند(35/347رقم21442)، وسعيد بن منصور في سننه(2/ 204رقم2444)، وابن عبدالحكم في فتوح مصر والمغرب (ص/ 169)، والسرقسطي في الدلائل في غريب الحديث (2/ 848رقم456)، وأبو الشيخ في العظمة (5/ 1779)، من طريق يزيد بن أبي حبيب عن عبدالرحمن شماسة المهرى، عن معاوية بن حديج، أنه مرّ على رجل بالمضمار معه فرس ممسك برسنه على كثيب، فأرسل غلامه لينظر من الرجل، فإذا هو بأبى ذرّ، فأقبل ابن حديج إليه، فقال له: يا أبا ذرّ، إنى أرى هذه الفرس قد عنّاك وما أرى عنده شيئا. قال أبو ذرّ: هذا فرس قد استجيب له، قال ابن حديج: وما دعوة بهيمة من البهائم؟ فقال: أبو ذرّ: «إنه ليس من فرس إلا أنه يدعو الله كلّ سحريّة، اللهمّ أنت خولتنى عبدا من عبيدك وجعلت رزقى بيده، اللهم اجعلنى أحبّ إليه من ولده وأهله وماله».
ورواه عن يزيد بن أبي حبيب: عمرو بن الحارث، والليث بن سعد ، وسنده صحيح موقوفا.
ورواه سعيد بن منصور (2/ 204رقم2443) عن فرج بن فضالة، قال: نا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن علي بن رباح، عن معاوية بن حديج به. وسنده ضعيف لكنه متابع بما سبق.

ورجح الإمام أحمد والدارقطني الموقوف، ووافقه الشيخ مقبل الوادعي في أحاديث معلة ظاهرها الصحة، وهو في حكم المرفوع، فلا يقال هذا من قِبَل الرأي.

وقد صححه شيخنا الألباني مرفوعا، وكذلك صححه الحاكم ووافقه الذهبي.

فالحديث صحيح موقوفا وله حكم المرفوع، ومن قال بصحته مرفوعا له حظ من النظر.

وهذا الحديث من العجائب ..

ومعنى بدعوتين: أي أن الفرس العربي يدعو بدعوتين : الأولى بأن يكون صاحبه المخول به أحب من أهله أو من أحب أهله إليه، والثانية: بأن يكون صاحبه المخول به من أحب أو أحب ماله إليه.

ومعنى سَحريّة: أي وقت السحر وهو آخر الليل وقبيل الفجر.

وفي الحديث أن الفرس يدعو الله بهذا الدعاء، وهذا من الأدلة على قنوت المخلوقات واستغفارها ربها ولوكانت حيوانات أو جمادات، وأن كلامها ولغتها وتسبيحها بما يليق بها، وعلى وفق خلقتها.

وفي الحديث دلالة على فضل الخيل، وقد تكاثرت النصوص في ذلك منها في كتاب الله: { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 8]. وغيرها من الآيات.

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» متفق عليه.

وعن عروة البارقي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم» متفق عليه.

والله أعلم

كتبه:

د. أسامة بن عطايا العتيبي
​