باب تأويل ما جاء مثنى في مستعمل الكلام
يقال : " ذهب منه الأطيبان " يراد به الأكل والنكاح
و" أهلك الرجال الأحمران " الخمر واللحم
و " أهلك النساء الأصفران " الذهب والزعفران
و" اجتمع للمرأة الأبيضان " الشحم والشباب
و " أتى عليه العصران " الغداة والعشي
والملوان ( الليل والنهار ) وهما ( الجديدان )
و( الأسودان ) التمر والماء قالت عائشة رضي الله عنها لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلى الأسودان التمر والماء وقال حجازي لرجل استضافه ما عندنا إلى الأسودان فقال له خير كثير قال لعلك تظنهما التمر والماء والله ما هما إلا الليل والحرة
والأصغران ( القلب واللسان )
و( الأصرمان ) الذئب والغراب لأنهما انصرما من الناس
و( الخافقان ) المشرق والمغرب لأن الليل والنهار يخفقان فيهما
وقولهم ( لا يدرى أي طرفيه أطول ) يراد نسب أمه أو نسب أبيه لا يدري أيهما أكرم
وأنشد أبو زيد
وكيف بأطرافي إذا ما شتمتني = وما بعد شتم الوالدين صلوح
يريد أجداده من قبل أبيه وأمه يقال ( فلان كريم الطرفين ) يراد به الأبوان .
باب تأويل المستعمل من مزدوج الكلام
( له الطم والرم ) الطم البحر والرم الثرى
( له الضح والريح ) الضح الشمس أي ما طلعت عليه الشمس وما جرت عليه الريح
( له الويل والأليل ) الأليل الأنين قال ابن ميادة
وقولا لها ما ما تامرين بوامق
له بعد نومات العيون أليل
( وهو أكذب من دب ودرج ) أي أكذب الأحياء والأموات يقال للقوم إذا انقرضوا قد درجوا .
( لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ) الصرف التوبة والعدل الفدية قال الله تعالى : " وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها " اي وإن تفد كل فداء وقال يونس الصرف الحيلة ومنه قيل إنه يتصرف في كذا وكذا قال الله تعالى : " فما تستطيعون صرفا ولا نصرا "
ويقولون ( لا يعرف هرا من بر ) قال ابن الأعرابي الهر دعاء الغنم والبر سوقها وقال غيره هر من هررته أي كرهته يقال ( هر فلان الكأس ) إذا كرهها يريد ما يعرف من يكرهه ممن يبره .
( القوم في هياط ومياط ) الهياط الصياح والمياط الدفاع والميط الدفع ومنه ( إماطة الأذى عن الطريق
وقولهم ( كيف السامة والعامة ) السامة الخاصة
ويقولون ( حياك الله وبياك ) حياك الله ملكك الله والتحية الملك ومنه ( التحيات لله ) يراد الملك لله ويقال بياك الله أي اعتمدك الله بالملك والخير قال الشاعر
باتت تبيا حوضها عكوفا = مثل الصفوف لاقت الصفوفا
أي نعتمد حوضها وأنشد ابن الأعرابي
منا يزيد وأبوا محياه
وعسعس نعم الفتى تبياه
أي تعتمده وفسره ابن الأعرابي بياك جاء بك وروى في ( بياك ) أضحكك وجاء هذا في حديث يروى في قصة آدم النبي عليه السلام .
وقولهم ( هو لك حل وبل ) قال الأصمعي بل مباح بلغتة حمير قال وأخبرني بذلك المعتمر بن سليمان
( ما به حبض ولا نبض ) النبض التحرك ولم يعرف الأصمعي الحبض
( ما عنده خير ولا مير ) المير مصدر مارهم يميرهم ميرا من الميرة
( ماله سبد ولا لبد ) السبد الشعر والوبر يعني الإبل والمعز واللبد الصوف يعني الغنم
( ما يعرف قبيلا من دبير ) القبيل ما أقبلت به المرأة من غزلها حين تفتله والدبير ما أدبرت به وقال الأصمعي أصله من الإقبالة والإدبارة وهو شق في الأذن ثم يفتل ذلك فإذا أقبل به فهو الإقبالة وإذا أدبر به فهو الإدبارة والجلدة المعلقة في الأذن هي الإقبالة والإدبارة
( هم بين حاذف وقاذف ) الحاذف بالعصا والقاذف بالحجر
( هو جائع نائع ) قال بعضهم نائع إتباع وقال بعضهم نائع عطشان وأنشد
لعمر بني شهاب ما أقاموا = صدور الخيل والأسل النياعا
يعني الرماح العطاش

( وما ذقت عنده عبكة ولا لبكة ) العبكة الحبة من السويق واللبكة القطعة من الثريد
ومنه ( ماله ثاغية ولا راغية ) الثاغية الشاة والراغية الناقة
ويقولون ( لا يدالس ولا يؤالس ) يدالس من الدلس وهو الظلمة أي لا يخادعك ولا يخفي عنك الشيء فكأنه يأتيك به في الظلام ومنه يقال ( دلس على كذا ) ويؤالس من الألس وهو الخيانة
وقولهم ( فلان يداجي فلانا ) مأخوذ من الدجية وهي الظلمة أي يساتره بالعداوة ويخفيها عنه باب ما يستعمل من الدعاء في الكلام
يقال ( أرغم الله أنفه ) أي الزقه بالمرغام وهو التراب ثم يقال ( على رغمه ) و (على رغم أنفه ) ( وإن رغم أنفه )
ويقولون ( قمقم الله عصبه ) أي جمعه وقبضه ومنه قيل للبحر ( قمقام ) لأنه مجتمع الماء
ويقال ( استأصل الله شأفته ) الشأفة قرحة تخرج في القدم فتكوى فتذهب يقال منه شئفت رجله تشأف شأفا يقول أذهبك الله كما أذهب ذاك
من كتاب أدب الكاتب لابن قتيبه