ضع إعلانك هنا



صفحة 2 من 5 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 7 إلى 12 من 29

الموضوع: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية

  1. #7
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    شهداء بلي في بعث الرجيع (صفر 4هـ /625م ):

    لقد كان لغزوة احد وقع كبير في الجزيره العربيه ، خصوصاً ان قريش بواسطة وسائل إعلامها (الشعراء ) صحافة ذلك العصر صوروا بأنهم حققوا نصراً مؤزراً على المسلمين وانهم ثأروا لقتلاهم في بدر ،وبدا للقبائل العربيه بأن قريش مازالت هي سيدة قلب الجزيره العربيه ، فأخذت بعض القبائل تحاول النيل من المسلمين ارضاء لقريش من جانب ، ومن اجل الكسب المادي من الجانب الأخر ، لأن قريش أعلنت جوائز موجزيه لكل من يمكنها من المسلمين الذين قتلوا سادتهم في بدر .
    ومن هذه المنطلقات قدم على رسول الله r رهط من عضل والقاره فقالوا :يارسول الله أن فينا إسلاماً فابعث معنا نفراً من اصحابك ، يفقهوننا في الدين ، ويقرئوننا القرآن ، ويعلموننا شرائع الإسلام .
    فختار رسول اللهr سته من خيرة اصحابه لهذه المهمه الساميه ،وهذا الاختيار هو شهادة لهؤلاء النفر بانهم من افقه واعلم الصحابه وإلا لما انتدبهم لمهمة الوعظ والتدريس ، فاختار مرثد بن أبي مرثد الغنوي أميراً للقوم، وهم :عبدالله بن طارق البلوي ، وخالد بن البكير الليثي ، وعاصم بن ثابت بن أبي الأملح ،وزيد بن الدثنة وخبيب بن عدي ( رضي الله عنهم جميعاً ) .
    لقد كانت عضل القاره تبطلان من خلاال هذه السفاره الغدر والخيانة بصحابة المصطفى r ولم يكونوا مؤمنين حقاً ولا راغبين في الأسلام ،إذ انهم ما ان وصلوا الى الرجيع ،وهو ما لهذيل بناحية الحجاز غدروا بهم فاستصرخوا عليهم هذيلاً ، فأحاطوا بهم ، فستعد الصحابه للقتال والدفاع عن انفسهم ، فقالوا لهم : إنا والله ما نريد قتلكم ولكنا نريد ان نصيب بكم شيئاً من أهل مكه ، ولكم عهد الله وميثاقه ان لا نقتلكم .
    فانقسم الصحابه في آرائهم الى قسمين قسم يرى بأنه ليس لمشرك عهد ولا عقد ومثل هذا القسم مرثد ، وخالد بن الكبير ، وعاصم ابن ثابت ، فقاتلوا حتى استشهدوا .
    وأما القسم الثاني فوثق بعهد المشركين فاستأسروا وهم : خبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنه ، وعبدالله بن طارق البلوي ، ولكن عبدالله بن طارق البلوي راجع نفسه خلال الطريق وانبه ضميره على قبوله للأسر ،فتسامت نفسه وتاقت روحه الى الجنه ، إلى الشهادة التي تسموا بصاحبها الى الدرجات العلى ، فعندما وصل ألى مر الظهران تمكن من فك قيده ثم أخذ سيفه وأستأخر عنه القوم فرموه بالحجاره حتى قتلوه فقبره بالظهران ، واما خبيب وزيد بن الدثمه فقدموا بهما مكه فباعوهما من قريش باسيرين من هذيل كانا بمكه ،وقد قامت قريش بإعدام خبيب بالقصه المشهوره .
    وقد ذكر حسان شاعر المصطفى r عبدالله بن طارق البلوي في شعره الذي يمدح فيه اصحاب الرجيع فقال :

    صلى الإله على الذين تتابعوا
    يوم الرجيع فأكرموا وأثيبوا
    رأس السرية مرثد وأميرهم
    وأبن البكير إمامهم وخبيب
    وابن لطارق وابن دثنة منهم
    وافاه ثم حمامه المكتوب
    والعاصم المقتول عند رجيعهم
    كسب المعالي إنه لكسوب
    منع المقادة أن ينالوا ظهره
    حتى يجالد إنه لنجيب

    وتذكر لنا المصادر التي تجعل أصحاب الرجيع عشرة أن بلوياً آخر قد سقط شهيداً في هذه الواقعة ، وهو الصحابي معتب بن عبيد البلوي ، الذي لم يثق بوعد المشركين وقاتل مع القسم الأول الذي مثله كما تقدم عاصم بن ثابت ، ومرثد ، وخالد ، حتى رزق الشهاده مع صحبه .
    وقد ذكره أبن عبد البر باسم مغيث بن عبيد بن إياس البلوي ، حليف الأنصار قتل يوم الرجيع شهيداً ، وهو أخو الصحابي عبد الله بن طارق البلوي لأمه .
    وتتوالى قوافل الشهداء من قبيلة بلي من أجل إعلاء كلمة التوحيد لا بل أن المشاركة في الغزوات والحرص على طلب الشهادة لم تقتصر على الرجال بل شاركت فيها نساء من هذه القبيلة ، ففي غزوة خيبر (محرم 7 هـ / 628م ) آخر معقل من معاقل اليهود ، ذلك الوكر الذي كانت تحاك فيه المؤامرات ضد دولة الإسلام في المدينه المنوره ، خر الصحابي عدي بن مره بن سراقه بن خباب بن عدي بن الجد بن عجلان البلوي شهيداً فائزاً بمرضاة الله ، إذ طعن بين ثدييه بحربة أودت بحياته ويذكر أبن حجر أن أسمه جدي وأنه أستشهد هو وأبوه .
    وشهد غزوة خيبر مجموعه من نساء قبيلة بلي خرجن ليساعدن الجيش الإسلامي من ضمن عشرين إمرأة فقد شهدت هذه الغزوه أم منيع بنت عمرو بن عدي بن سنان أم الصحابي شباث ، التي كانت قد شهدت بيعة الغقبة وولدت شباث في نفس الليله كما تقدم ، وهي زوجة الصحابي خديج ابن سلامه البلوي ، وشهدتها إمرأة عاصم بن عدي البلوي ، وولدت بخيبر سهله بنت عاصم وجاء في الإستيعاب سهله بنت عاصم بن عدي العجلاني البلوي ، زوجة عبد الرحمن بن عوف تروي عن النبي e ، وأنه أسهم لها يوم خيبر ، ويبدو أنه تزوجها فيما بعد .

    الحديبية وبيعة الرضوان:
    وفي الحديبية نجد أبناء قبيلة بلي يتسابقون لمبايعة الرسول e بيعة الرضوان تحت الشجرة, يبايعونه على الموت عندما تسربت بعض الأخبار بأن المشركين قتلوا عثمان بن عفان( رضي الله عنه), فمن بين المبايعين الصحابي الجليل كعب بن عجرة البلوي الذي نزلت فيه آية الفدية كما جاء في الصحيحين عندما أصابه في رأسه أذى وهو محرم, فأمره الرسول e بأن يحلق رأسه, وأن يذبح شاة, أو يصوم ثلاثة أيام, أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين مدين, فنزل قوله تعالى (( فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك)).
    فكان كعب يقول كانت لي خاصة وهي لكم عامة, ويقال أن كعب بن عجرة البلوي أهدى بقرة قلدها وأشعرها.
    لقد كان هذا الصحابي شديد الحب لرسول الله وكان كثير التأمل لوجهه الكريم, فإذا رأى بأنه بحاجة إلى طعام كان يبادر إلى جلبه إليه لأنه يعرف فاقة المصطفى e إذ كانت تمضي الأيام والأيام دون أن توقد في دار آل محمد نار, فقد أخرج الطبراني في الأوسط عن كعب بن عجرة: قال أتيت النبي e يوماً فرأيته متغيراً- أي من الجوع - فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلاً له فسقيت له على كل دلو بتمرة, فجمعت تمراً فأتيت النبي e الحديث.
    وقد أخرج ابن سعد بسند جيد عن ثابت بن عبيدان يد كعب بن عجرة البلوي قطعت في بعض المغازي, ثم سكن الكوفة وروى عنه ابن عمر, وجابر, وابن عباس, وروى عنه أيضاً أولاده, اسحق, ومحمد, وعبد الملك, والربيع.
    ومن أبناء قبيلة بلي الذين بايعوا تحت الشجرة الصحابي مسعود ابن الأسود البلوي, ويقال فيه مسعود بن المسور, وعلقمه بن رمثه ( بكسر اوله وسكون الميم ) البلوي وعنبس بن ثعلبه بن هلال البلوي وشبث بن سعد بن مالك البلوي وعبدالرحمن بن عايش البلوي وعلسه بن عدي البلوي وابو زمعه البلوي ( جعفر او عيد ) الذي قال حين حضرته الوفاة وهو في افريقيه مجاهداً : اذا دفنتموني فسووا قبري وعبدالله بن اسلم بن زيد بن فحان البلوي عبدالرحمن بن عديس ابن عمرو البلوي ، وهو فارس شاعر شجاع واسعد بن عطيه بن عبيد بن بجاله بن عوف بن ودم بن ذبيان البلوي .

  2. #8
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    دور قبيلة بلي في غزوتي مؤتة وتبوك:

    لقد كانت موقعة مؤتة( جمادي الأولى8هـ/آب 619م) أول صدام مسلح بين الدولة الإسلامية والإمبراطورية البيزنطية وذلك بسبب مخالفة تلك الامبراطورية للأعراف الدبلوماسية عندما قتل صاحب بصرى شرحبيل بن عمرو الغساني. رسول رسول الله e الحارث بن عمير الأزدي في مؤتة.
    لهذا السبب المباشر بالإضافة إلى أسباب أخرى جهز المصطفى e جيشاً تعداده ثلاثة آلاف مقاتل نصب عليهم ثلاثة قادة على التوالي: زيد بن حارثة, وجعفر بن ابي طالب, وعبدالله بن رواحة, فإذا استشهدوا جميعاً اصطلح الجيش على واحد منهم لتولي القيادة, وحدث ما توقع المصطفى e إذ فوجيء الجيش الإسلامي بجيش عرمرم ينوف على مائة الف, فكانت معركة في غاية الشراسة.
    وتساقط القادة الثلاثة شهداء الواحد تلو الآخر وكادت الراية الإسلامية أن تقع على الأرض عندها هب أحد أبناء قبيلة بلي وهو الصحابي ثابت بن أقرم فأخذ اللواء, وصاح: ياللأنصار, فأتاه الناس من كل وجه, وهم قليل, وهو يقول: إلى أيها الناس, فلما نظر إلى خالد بن الوليد قال: خذ اللواء يا أبا سليمان فقال: لا آخذه أنت أحق به, أنت رجل لك سن, وقد شهدت بدراً, قال ثابت: خذه أيها الرجل, فوالله ما أخذته إلا لك, فأخذه خالد وتمكن في نهاية المطاف من الانسحاب إلى المدينة بأقل عدد من الخسائر بخطة عسكرية عبقرية جعلته في مصاف أعظم قادة الفتح الإسلامي .
    وفي غزوة العسرة ( تبوك) ( رجب 9هـ/ تشرين الأول 630م) التي كانت ظروف غير مواتيه من الناحية المناخية والاقتصادية, حيث كانت في عام مجدب وصيف شديد الحرارة, فضلاً عن أن الهدف المنشود ليس سهلا مقابلة الامبراطورية أعظم قوة في العالم آنذاك ، فكانت غزوة تبوك محكاً جيداً لاختبار معادن المؤمنين وتمييزها عن معادن المنافقين الذين رسبوا في الاختبار عندما ندبهم رب العزة ، والرسول للالتحاق بهذه الغزوة وبذل المال والنفس من أجل الإسلام ، قال تعالى : (( انفروا خفاقاً وثقالاً وجاهدوا بأمولكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )).
    لقد لبى أبناء قبيلة بلي نداء الواجب مثلهم مثل بقية الصحابة الكرام فتسابقوا إالى البذل والعطاء كل على قدر استطاعته ،، فتصدق الصحابي عاصم بن عدي البلوي بتسعين وسقاً تمراً .
    وجاء الصحابي سهل بن رافع بن خديج بن مالك بن غنم البلوي الأنصاري بصاع من تمر .
    وجاء أبو عقيل البلوي عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة بصاع من تمر ، فقال مالي غير صاعين نقلت فيهما الماء على ظهري حبست احدهما لعيالي ، وجئت بالآخر ،وهذا تصرف ليس غريباً على صحابي سماه الرسول r عبدالرحمن عدو الأوثان ، بعد أن كان يسمى في الجاهلية عبد العزي ،وشهد المشاهد كلها مع المصطفى r ، ولكن هذا التصرف من قبل عاصم بن عدي البلوي ،وسهل البلوي وأبو عقيل البلوي ، أغاظ المنافقين ، فأخذوا يلمزون المتصدقين بألسنة حداد فقالوا عن صدقة عاصم : ماجاء بما جاء به إلا رياء وقالوا عن الصحابه الذين تصدقوا بصاع :إن الله غني عن هذا الصاع وهذا ما اكده ابن عباس ( رضي الله عنه ) في تفسير قوله عز وجل : ( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لايجدون إلاجهدهم فيسخرمن منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم )).
    وعندما نصر رسول الله r بالرعب على مسيرة شهر في تبوك ولم يلقى كيداً من الروم وقفل
    راجعاً ، أخبره الوحي بأن المنافقين قد بنوا أثناء غيابه في المدينه مسجد الضرار وأمر أن يهدمه ،
    فكان رسوله إلى هذه المهمه الصحابي عاصم بن عدي العجلاني البلوي ، ومالك بن الدخشم السالمي فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه ثم حرقاه ، فخرجا سريعين _ على اقدامهما _حتى أتيا مسجد بني سالم بن عوف ،وهم رهط بن مالك بن الدخشم ، فقال مالك لعاصم :انظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي ، فدخل إالى أهله ، فأخذ سعفاً من النخل وأشعل فيه ناراً ، ثم خرج يعدوان حتى انتهيا إليهم بين المغرب والعشاء وهم فيه ، وإمامهم مجمع بن جاريه فأحرقاه _ وثبت من بينهم زيد بن جاريه بن عامر حتى احترقت إليته – وهدماه حتى وضعاه بالأرض .
    فلما قدم r عرض على عاصم بن عدي البلوي المسجد يتخذه داراً فقال : ما كنت لأتخذ مسجداً قد نزل فيه ما نزل داراً، فأعطاه ثابت بن أرقم البلوي ومن أبناء بلي الذين شهدوا غزوة تبوك الصحابي أبو الشموس البلوي الذي روى عن الرسول r أحاديث تتعلق بهذه الغزوة وهكذا رأينا بأن ابناء قبيلة بلي لم يتخلفوا عن المشاركه بالنفس والمال في كل المعارك التي خاضتها دولة الإسلام في حياة المصطفى r ، وسنحاول في الصفحات التاليه أن نسلط الضوء على دور هذه القبيله في نصرة الإسلام بعد انتقال الرسولr الى الرفيق الأعلى ، من خلال الحديث عن دورهم في حروب الرده ، والفتوحات الإسلامية.

  3. #9
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    الفصل الثالث :
    دور قبيلة بلي في حروب الردة :

    لقد بدأت القبائل العربية تتململ من سلطة الدولة الإسلامية منذ أواخر حياة المصطفى e , فهي لم تتعود الخضوع لسلطة مركزية واحدة, فضلاً عن ان الدين الجديد كبح من جماح شهواتها, وألغى الكثير من أعرافها التي تتناقض مع تعاليم الإسلام, فوجدت هذه القبائل فرصتها عندما انتقل المصطفى e إلى الرفيق الأعلى, لتعلن تمردها على سلطان الدولة الإسلامية, لا بل إنها تمادت والتفت حول مدعين النبوة من شيوخها وزعمائها, وعادت الأمور جذعة وأمست الجزيرة العربية كافرة, إلا من رحم ربي من بعض القبائل هنا وهناك, ولنا أن نتصور حجم التحدي أن المسلمين في المدينة أخذوا ينظمون الحراسات على مداخلها خوفاً من هجوم المرتدين عليها.
    لقد كانت قبيلة بلي من القبائل القليلة جداً التي لم ترتد وبقيت متشبثة بإسلامها, مستعصمة بتعاليم قائدها المصطفى e لذا ليس مستغرباً أن نرى العديد من البطولات والتضحيات لأبناء هذه القبيلة في تلك الحروب.
    ومن أبطال بلي الذين سجل لهم التاريخ بكل فخر واعتزاز بطولات في حروب الردة الصحابي الجليل عبد الرحمن ( عدو الأوثان ) أبو عقيل البلوي أحد السابقين للإسلام كما تقدم, الذي كان في مقدمة الصفوف يوم اليمامة( 12هـ/ 633م) تلك الموقعة التي حصدت العشرات من الصحابة حفظة كتاب الله, فكان أول من جرح في هذه الموقعة أبو عقيل, رمي بسهم فوقع بين منكبيه وفؤاده, فأخرج السهم ووهن له شقه الأيسر, وجر إلى الرحل فلما حمي وطيس المعركة, وانهزم المسلمون, وجاوزوا رحالهم وأبو عقيل البلوي واهن من جرحه سمع الصحابي معن بن عدي البلوي يصيح بالأنصار الله الله والكرة على عدوكم, فصاحت الأنصار أخلصونا أخلصونا, فأخلصوا رجلاً رجلاً يميزون أي أنهم أخذوا يتبايعون على الموت رجلاً رجلاً أمام معن بن عدي, ويبدو أن معن بن عدي, افتقد أبو عقيل فنادى عليه وهو لا يعلم انه جريح.
    قال عبد الله بن عمر( رضي الله عنهما) فنهض أبو عقيل يريد قومه فقلت: ما تريد يا أبا عقيل ما فيك قتال. قال: قد نوه المنادي باسمي قال ابن عمر: فقلت: إنما يقول ياللأنصار لا يعني الجرحى , قال أبو عقيل: أنا رجل من الأنصار وأنا أجيبه ولو حبواً, قال ابن عمر: فتحزم أبو عقيل وأخذ السيف بيده اليمنى مجرداً , ثم جعل ينادي ياللأنصار كرة كيوم حنين فاجتمعوا رحمهم الله جميعاً يتقدمون الصفوف حتى اقحموا عدوهم الحديقة, فاختلطوا واختلفت السيوف بيننا وبينهم, قال ابن عمر: فنظرت إلى أبي عقيل وقد قطعت يده المجروحة من المنكب فوقعت على الأرض وبه من الجراح أربعة عشر جرحاً كلها قد خلصت إلى مقتل, وقتل عدو الله مسيلمة الكذاب.
    قال ابن عمر: فوقعت على أبي العقيل وهو صريح بآخر رمق فقلت: أبا العقيل, فقال: لبيك بلسان ملتاث لمن الدبرة قال: قلت: أبشر ورفعت صوتي قد قتل عدو الله, فرفع أصبعه إلى السماء يحمد الله, وفاضت روحه إلى السماء.
    قال ابن عمر : فأخبرت عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) بعد أن قدمت خبره كله ، فقال : رحمه الله ما زال يسأل الشهادة ويطلبها ، وإن كان ما علمت من خيار أصحابي نبينا r وقديم إسلامه .
    إن ما قام به أبو عقيل البلوي صورة حية لسلوك المؤمن الصادق الذي اطمأن قلبه بالإيمان ، والذي يرى بأن الشهادة أعظم فوز يحصل عليه الإنسان ، فكان كما قال الفاروق ( رضي الله عنه ) دائم الدعاء إلى الله بأن يرزقه الشهاده ، فلم تمنعه جراحاته وبتر يده من مواصلة القتال ، فلفظ انفاسه الاخيره وبجسده أربعة عشر جرحاً تثغب بالدماء تشهد له امام الخلائق يوم القيامه .
    ومن شهداء قبيلة بلي في موقعة اليمامه ، الصحابي معن بن عدي البلوي ، الذي رأيناه يستنهض همم المسلمين والأنصار بشكل خاص لمواصلة القتال ، فأتت دعوته ثمارها عندما انتظم المسلمون من جديد وقاتلوا عدو الله مسيلمة الكذاب فقتلوه ، وبقتله كسرت شوكة المرتدين .
    لقد سقط معن بن عدي شهيداً مع صديقه الأثير الذي آخى المصطفى r بينه وبين معن بن عدي ألا وهو زيد بن الخطاب أخو الفاروق (رضي الله عنهما ) .
    ومن المناسب أن أذكر بمقولة معن بن عدي مرة آخرى عندما بكى الناس على رسول الله r حين توفاه الله وقالوا : والله لوددنا أن متنا قبله ، نخشى أن نفتتن بعده .
    فقال معن : "إني والله ما أحب أني مت قبله حتى اصدقه حياً وميتاً " لقد بر معن بعهده واخلص لإسلامه في حياة المصطفى r وبعد مماته ، وخر شهيداً في موقعة اليمامه وهو يقاتل من أرادو العودة بالجزيرة العربية إلى سابق عهدها من الظلام والجهل والكفر ، فانطبق عليه قوله تعالى : (( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً )).
    ويتقاطر الشهداء من قبيلة بلي في حروب الردة ، ضاربين أروع الأمثله في البطوله والفداء فها هو خالد بن الوليد ( رضي الله عنه ) يقع اختياره على الصحابي الجليل ثابت بن أقرم البلوي الذي شهد مع المصطفى كل مواقعه ، والذي رأيناه ينقذ راية الإسلام من السقوط في مؤته ويدفعها إلى خالد بن الوليد ، هاهو خالد يقدر كفاءة الرجل ويجعله طليعة له على المرتدين مع الصحابي الجليل عكاشه بن محصن ، ليجمع له أكبر قدر من المعلومات على المرتد طليحة بن خويلد وذلك عندما دنا خالد من بزاخة .
    فانطلق ثابت بن أقرم البلوي على فرس له يقال له المحبر ، وعكاشه على فرسه الذي يقال له الزرام ، وفي أثناء جمعهم للمعلومات ويبدو أنهما اقتربا كثيراً من معسكر الأعداء ، لقيهما طليحه وأخوه سلمة ، فتمكنا من قتل عكاشه وثابت .
    وأقبل خالد بن الوليد فراعه منظر ثابت بن أقرم قتيلاً تطؤه المطي ، فعظم ذلك على المسلمين ، فحفر له ولصاحبه عكاشه ودفنا بدمائهما وثيابهما ، وكان ذلك في سنة ( 12هـ /633م) .
    لقد كان لثابت بن أقرم البلوي وعكاشه بن محصن مكانه عظيمه في نفوس المسلمين ، وكان كبار الصحابه يتوجدون عليهم كلما ذكرت اسماؤهم ، فهذا هو الخليفه الراشدي عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) يقابل طليحه بعد أن تاب وأناب إلى الله ، يقول له : كيف أحبك وقد قتلت الصالحين عكاشه بن محصن ، وثابت بن أقرم .
    فيرد طليحه : أكرمها الله بيدي ، ولم يهني بأيديهما .
    وكان طليحه قد قال عند قتله هذين الصحابيين :

    عشية غادرت ابن أقرم ثوياً وعكاشة الغنمي تحت المجال

    وسقط كذلك شهيداً في معركة اليمامة الصحابي النعمان بن عصر بن عبيد بن وائله البلوي ، الذي شهد المشاهد كلها مع النبي r وذكر ابن حجر أن الذي قتله طليحه بن خويلد الأسدي . وكذلك سقط عبيد الله بن التيهان البلوي شهيداً في اليمام، وهو ابن الصحابي عبيد بن التيهان البلوي الذي استشهد يوم أحد وهو أيضاً أخي الصحابي مالك ابن التيهان أبو الهيثم البلوي وهو من أواءل من أسلم كما تقدم وأول من بايع يوم العقبه ، فشهد المشاهد كلها من المصطفى r لا بل أنه كان يقال لأبي الهيثم ذو السيفين ، من أجل أنه كان يتقلد في الحرب بسيفين .
    واستشد كذلك الصحابي زيد بن أسلم بن ثعلبه بن عدي بن العجلان البلوي حليف بني عجلان ، وهو ابن عم الصحابي ثابت بن أرقم ، وكان ممن شهد بدراً ، وذكر أن الذي قتله هو طليحه بن خويلد .
    هذا وكان رسول أبو بكر الصديق (رضي الله عنه ) إلى خالد وهو باليمامه الصحابي شريك بن سمحاء ( وهي أمه ) واسم أبيه عبده بن ابن معتب بن الجد بن العجلان البلوي حليف الأنصار ، وهو اخو البراء بن مالك من الرضاعه شهد مع أبيه احداً، فقد بعثه الصديق ( رضي الله عنه ) إلى خالد بن الوليد ( رضي الله عنه ) يطلب منه أن يسير من اليمامه إلى العراق ، وكان شريك أحد الأمراء بالشام في خلافة الصديق ، وبعثه الفاروق كذلك رسولاً إلى عمرو بن العاص حين أذن له أن يتوجه إلى فتح مصر .
    ومن المتعارف عليه أنه لايختار إلى السفارة ونقل الأوامر المهمه إلا الثقاة ، وتكليف شريك البلوي بتلك المهام دلاله على أنه كان من أهل الشورى في المدينه المنوره وإلا ما الذي يقعده في المدينه والجبهات ملتهبه ضد المرتدين ، ويتكرر الموقف أيضاً في عهد الفاروق ( رضي الله عنه )
    ليؤكد هذه الفرضية ، فضلاً على أن الأعراف في ذلك الزمان كانت تقضي بأن يحمل أوامر الخلفاء والحكام ، خيرة القوم ، عقلاً وشجاعة ومكانه إجتماعيه ، وكان ينظر لمن يكلف بذلك نظرة تقدير وأحترام .
    أجل لقد أثبتت الأحداث ولاء قبيلة بلي للدولة الإسلاميه وثباتها على عقيدتها ، وعدم بخلها بأبنائها
    من أجل رفع راية الإسلام ، فأبناؤها دوماً في مقدمة الصفوف يحرصون على الشهادة مذكرين إخوانهم بأن الله معهم ، وبأن الشهاده أسمى أمنية يتمناها الإنسان .
    أنصر نبيك
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .



  4. #10
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    الفصل الرابع :

    دور قبيلة بلي في الفتوحات الإسلاميه :


    إن المتأمل لحركة الفتح الإسلامي يلاحظ بأن مشاركة فبيلة بلي في الفتح اتجهت باتجاه مصر وشمالي إفريقيه والأندلس شأنها شأن القبائل التي أستوطنت بلاد الشام ، ويلاحظ ذلك من خلال كثافة استيطان أبناء هذة القبيله منذ فترة مبكرة لمصر وشمالي أفريقية والأندلس، فضلاً عن بروز العديد من القاده الذين شاركوا في فتح تلك البلاد .
    ولعل نظرة سريعة على أسماء الصحابة الذين شاركوا في فتح مصر توضح لنا حجم مشاركة هذه القبيلة في تلك الفتوح ، فمن هؤلا الصحابة أبو عمرو مبد الرحمن بن عديس البلوي الذي شارك في فتح مصر مع عمرو بن العاص ( رضي الله عنه ) واختط بها داراً ،. وكان أحد فرسان وشعراء بلي المعدودين بمصر .
    كما شارك في فتح مصر عبد الله بن عديس البلوي ، أخو عبد الرحمن بن عديس ، واختط له أيضاً منزلاًفيها وشهد فتحها كذلك الصحابي أبو درة البلوي ، قال علي بن قديد : رأيت على باب داره هذه دار أبي دره البلوي صاحب رسول الله r ومنهم أبو رمثة ( بكسر أوله وسكون الميم ) البلوي ،
    قال الترمذي له صحبه سكن مصر ، ومات بإفريقيه مجاهداً ، وقد كانت وصيته عند موته بأن يسووا قبره .
    كذلك شارك أبو مليكة البلوي في فتح مصر .
    أما مرثد بن عبعب بن عتيك البلوي ، فقد شارك في موقعة القادسية الحاسمه مع الفرس ، ثم شهد فتح مصر مع عمروا بن العاص ( رضي الله عنه ) وممن شارك في فتح مصر الصحابي أبو زمعه البلوي والذي أوصى أيضاًحين حضرته الوفاه بإفريقيه بأن لايشهروا قبره ويسووه بالأرض ، وشارك كذلك في فتح مصر حيان بن كرز البلوي ، وأبو الشموس البلوي ، وأبو الزعراء البلوي
    ( وقد ذكر تصحيفاً في بعض كتب التراجم أبو الزهراء ) وعلسة بن عدي البلوي ، وعلقمة بن رمثه البلوي ، وعبس بن ثعلبة بن هلال بن عنبس البلوي ، وياسر أبو الربداء البلوي ، مولى الربداء بنت عمرو بن عماره بن عطيه البلوية ، كان عبداً للربداء فزعم أن النبي r مر به وهو يرعى غنم مولاته ، وله فيها شاتان فاستسقاه النبي r فحلب له شاتيه ثم أراح وقد احفلتا فأخبر مولاته ، فأعتقته فاكتنى بأبي الربداء .
    أماالصحابي مسعود بن الأسود البلوي فقد شهد فتح مصر واستأذن عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) في المسير إلى افريقيه لإعلاء كلمة لا إله إلا الله ، فلم يأذن له الفاروق ( رضي الله عنه ) رأفة بالمسلمين وخوفاً عليهم فقال له : إفريقيه غادره ومغدور بها .
    وممن شهد فتح مصر الصحابي جبارة بن زرارة البلوي وكان الصحابي شريك بن عبدة بن مغيث البلوي ( شريك بن السمحاء )والذي كان أحد الأمراء في الشام في خلافة الصديق ( رضي الله عنه ) وهو رسول الفاروق ( رضي الله عنه ) إلى عمرو بن العاص ( رضي الله عنه ) حين أذن له أن يتوجه إلى فتح مصر .
    ويعتبر الصحابي رويفع بن ثابت البلوي الأنصاري من الصحابة الذين أسندت إليهم قيادة الفتح في إفريقيه في عهد معاوية بن أبي سفيان ( رضي الله عنه ) ، فكان ممن شارك في فتح مصر ، واختط بها داراً، فأمره معاويه على طرابلس سنة ( 47هـ/ 667م) فغزا منها إفريقية سنة 47هـ ودخلها وانصرف من عامه وذلك في المرحلة التي يطلق عليها المؤرخون مرحلة الغارات ( 21ـ49 هـ /641ـ م ) إذ كانت الفتوحات تنطلق من مصر وبرقة وطرابس باتجاه إفريقيه ثم تعود إلى مقرها .
    وقد اختلف في مكان موت هذا الصحابي فبعضهم قال باشام والبعض الآخر قال مات ببرقة وقبره بها.
    ويعتبر الصحابي زهير بن قيس البلوي أشهر أبناء هذه القبيلة الذين شاركوا في فتح شمالي افريقية فقد كان أبو شداد قد شارك في فتح مصر مع الصحابي عمرو بن العاص ، وكان ( رضي الله عنه ) من كبار مستشاري قادة فتح المغرب قبل أن يتولى القيادة العامة في تلك المناطق ، فقد كان خليفة لعقبة بن نافع على القيروان ، عندما سار مسيرته المشهورة (62/63هـ/683ـ 684م) حتى وصل إلى بحر الظلمات ( المحيط الأطلسي ) والذي أوصى خليفته على القيروان زهير بن قيس البلوي بوصية تتدفق إيماناً وحرصاً على المسلمين والتي جاء فيها: " إني قد بعت نفسي من الله عز وجل فلا أزال اجاهد من كفر بالله... يا بني أوصيكم بثلاث خصال فاحفظوها ولا تضيعوها, إياكم ان تملأوا صدوركم بالشعر وتتركوا القرآن, فإن القرآن دليل الله عز وجل, وخذوا من كلام العرب مايهتدي به اللبيب, ويدلكم على مكارم الأخلاق ثم انتهوا عما وراءه, وأوصيكم ألا تداينوا ولو لبستم العباء, فإن الدين ذل بالنهار وهم بالليل, فدعوه تسلم لكم اقداركم وأعراضكم وتبقى لكم الحرمة في الناس ما بقيتم, ولا تقبلوا العلم من المغرورين المرخصين فيجهلونكم دين الله, ويفرقوا بينكم وبين الله تعالى , ولا تأخذوا دينكم إلا من أهل الورع والاحتياط فهو أسلم لكم ومن احتاط سلم ونجا فيمن نجا" ثم قال: " عليكم سلام الله وأراكم الا ترونني بعد يومكم هذا ... اللهم تقبل نفسي في رضاك واجعل الجهاد رحمتي ودار كرامتي عندك".
    ثم أوصى زهير بإتمام الإصلاح الذي شرع فيه في القيروان من تعبيد الطرق وتأمين السبل وإقامة المساجد وتفقيه الدهماء, وتقليد الأعمال لذوي البصائر والاستقامة والاستعانة بخبرة المجربين منهم.
    بهذه الوصية الضافية ودع عقبة بن نافع الصحابي زهير بن قيس البلوي, ليبدأ دور ابو شداد في إدارة بلاد المغرب, لقد سقط عقبة بن نافع شهيداًعلى يد البربر بزعامة كسيلة بن ملزم الأوروبي في أواخر 63هـ / 684م وتوجه كسيلة بن ملزم إلى مدينة القيروان لانتزاعها من المسلمين والتي كانت فيها حامية بقيادة زهير تقدر بستة الآف مقاتل, وهنا انقسمت آراء المسلمين: قسم تزعمه زهير ويقضي بالمقاومة حتى آخر رجل لأن الشهادة مكسب وفوز للمؤمن ولهم في عقبة وصحبه اسوة حسنة فقد خطب زهير الناس فقال: يا معشر المسلمين إن اصحابكم قد دخلوا الجنة, وقد من الله عليهم بالشهادة فاسلكوا سبيلهم يفتح الله لكم دون ذلك.
    أما القسم الآخر والذي تزعمه التابعي حنش الصنعاني فكان يرى بأن العودة بهذه العصبة مكسباً فقال حنش الصنعاني: " لا والله, مانقبل قولك,ولا لك علينا ولاية, ولا عمل أفضل من النجاة بهذه العصابة من المسلمين إلى مشرقهم" ثم قال:" يا معشر المسلمين: من أراد منكم القفول إلى مشرفه فليتبعني" فاتبعه الناس. ولم يبق مع زهير إلا عدد قليل فاتجه إلى برقة وبقي فيها مرابطاً في سبيل الله حتى جاءه المدد من الدولة الأموية.
    وبعد انسحاب المسلمين من المغرب الأدنى وعاصمته مدينة القيروان دخل كسيلة بن ملزم مدينة القيروان لتبقى ترزح تحت الاحتلال حتى تمكن زهير بن قيس البلوي من تحريرها والثأر لعقبة بن نافع.
    لقد انشغلت الدولة الأموية في مشاكلها الداخلية التي حالت دون ارسال نجدة عاجلة لزهير لاستعادة القيروان وتأديب البربر والروم الذين قتلوا عقبة بن نافع, ولنا أن نتصور حجم المشاكل الداخلية في الدولة الأموية أنه في عام ( 68هـ/ 687م) حج أربعة ألوية ، لواء مع الخوارج بزعامة نجدة الحروري ، ولواء محمد بن الحنفية وداعيتة المختار ابن عبيد ، ولواء لعبد الله بن الزبير ، ولواء لعبد الملك بن مروان ، فضلاً انه ثار في هذا الوقت عمرو بن سعيد المعروف بالأشدق ، وثار الجراجمة في لبنان .
    وكان قبل هذه الحوادث أي في الوقت الذي سقطت فيه القيروان ( 64هـ /684م) قد مات يزيد بن معاوية ، ثم جاء مروان بن الحكم ، وتوفي بعد تسعة أشهر ، فجاء بعده عبد الملك ليواجة الثورات العاتية السابقة .
    ورغم كل هذه التحديات نجد عبد الملك يعطي للمغرب أولية خاصة فاستشار وزراءه ، فاجتمع رأيهم على تقديم زهير بن قيس البلوي ، باعتبار صاحب عقبة ، وأعلم الناس وأخبرهم بسيرته وتدبيره وأولاهم بطلب دمه ، فأرسل في عام ( 69هـ /688م ) رسولاً لزهير يخبره باختباره والياً على افريقية ، وان عليه استنفاذ القيروان وإعادة النظام للمغرب ، فسر زهير بهذا النبأ لأنه سيتيح له فرصة الجهاد في سبيل الله ، والثأر لقتلى المسلمين لإعادة الهيبة للمسلمين في تلك المنطقة .
    ولكن زهير القائد المجرب يعرف بأن المهمة صعبة ، وأن العدو لا يستهان به ، فأرسل للخليفة عبد الملك رسالة يوضح له كثرة الأعداء ، فأرسل عبد الملك إلى أشراف العرب ليحشوا إليه الناس إلى الجهاد ، واجتمع منهم خلق عظيم فأموهم أن يلحقوا بزهير .
    فبعد أن وصلت الإمدادات واستكملت الاستعدادات توجه جيش زهير على بركة الله في عام ( 69هـ/688م) إلى مدينة القيروان لاستنفاذها من الأعداء .
    وفور تلقي كسيلة بن ملزم زعيم قبيلة أوربه البرنسية أنباء تقدم الجيش الإسلامي بقيادة زهير نحو القيروان ، اجتمع بأركان حربه ليعرض عليهم المضع علماً بأن الجيش البربر كان عظيماً فقال كسيلة لقادته " إني رأيت أن أرحل عن هذه المدينة ، فإن بها قوماً من المسلمين لهم علينا عهود ونحن إن أخذنا القتال معهم أن يكونو علينا ، ولكن ننزل على موضع ممش ( جنوبي شرق جبال الأوراس في الجزائر الحالية) وهي على الماء ، فإن عسكرنا خلق عظيم ، فإن هزمناهم إلى طرابلس قطعنا آثارهم فيكون لنا الغرب إلى آخر الدهر ، وإن هزمونا كان الجبل منا قريب فنتحصن به .
    ولما علم زهير بخطة كسيلة وأنه اختار موقعاً حصيناًوبه ماء كثير ، لذا لم يدخل القيروان وعسكر في ظاهرها ثلاثة أيام حتى استراح هو ومن معه من أفراد جيشه وذلك استعداداً للمعركة الحاسمة والتي يتوقف عليها مستقبل الإسلام في المغرب .
    ودارت رحى معركة ممس أو ممش مابين المسلمين بقيادة زهير بن قيس البلوي وبين البربر والروم بزعامة كسيلة بن ملزم ، واستحر القتل بين الجانبين ، ودارت الدائره في نهاية المطاف على البربر وحلفائهم الروم وسقط كسيلة قتيلاً في المعركة ، وطارد المسلمون فلول المنهزمين لتعود للإسلام هيبته في المغرب ، ويقضي على آمال الروم في العودة إلى المغرب تحت غطاء التحالف مع البربر ، كما أن كسر شوكة البربر البرانس بقيادة كسيلة خاتمة لمقاومة هذه القبائل للجيوش الإسلامية الفاتحة . وقد علق السلاوي على موقعة ممس بقوله:" وفي هذه الواقعة ذل البربر وفنيت فرسانهم ورجالهم ،... واضمحل امر الفرنجة ،... وخاف لبربر من زهير والعرب خوفاً شديداً ، فلجأوا إلى القلاع والحصون ، وكسرت شوكة أوربة من بينهم ، واستقر جمهورهم بديار المغرب الأقصى وملكو مدينة وليلى " .
    فكان لهذا النصر أثر كبير في حركة الفتح في الشمال الأفريقي ، إذ بعد هذه الموقعة التي انتصر فيها زهير بن قيس البلوي أخذت المنطقة تتهيأ بأن تصبح إقليماًاسلامياً عرباً بعد سنيات قليلة .
    وبعد هذه الموقعهة عاد زهير ظافراً إلى مدينة القيروان فأصلح من شأنها وشأن جامعها ، ثم أرسل حملة استولت على بلد هام شمال القيروان يعرف بالكاف أو الكف ويسميه العرب شقبنارية وهو تحريف لاسمه الرومي sicca.vane-rieً ولكن المصادر تؤكد لنا أنه أبي أن يقيم فيها ، وأنه قال : إني قدمت للجهاد ، وأخاف أن أميل إلى الدنيا فأهلك- ويعللون ذلك بقولهم بأن زهير كان من رؤساء العابدين وكبار الزاهدين ،لذا نجده يعود مسرعاً إلى برقة حيث استشهد هناك .
    إن المتأمل للرواية السابقة يلاحظ بأن تعليلها لعدم إقامة زهير بالقيروان ، هو الخوف من
    الفتنة ،ولأنه إنسان عابد زاهد تعليل غير مقبول ، فالقيروان ليست غريبة على زهير فقد كان خليفة عليها لعقبة بن نافع عندما خرج مجاهداً للبربر حتى وصل ا لمحيط الأطلسي ، ولم تحدثنا المصادر بأن زهير قد احتج على توليه على القيروان ، كما أن زهير كان مقيماً في مصر ذلك البلد العريق بمدنه منذ فترة مبكرة ولم تحدثنا المصادر بأنه كان متذمراً من الاقامة فيها ، ثم ما الفرق ما بين برقة والقيروان ؟ لابل أن القيروان مدينة محدثة (50-55هـ/670-674م ) بنيت على يد عقبة بن نافع وشارك في بنائها على ما يبدو زهير بن قيس فلا يوجد فيها إلامسلمون بينما برقة يوجد فيها أهل ذمة .
    إذن ترك زهير للقيروان خوفاً من الفتنة سبب غير مقنع ، أما القول بأنه زاهد ويريد أن يبتعد عن الحواضر فهذا سبب غير معقول لأن القيروان كانت ثغراً وكان الزهاد والراغبون في الشهادة يقيمون في الثغور ، فلا يوجد مكان مناسب لزهير أفضل من القيروان لينال الأجر ، وهو يحرس في سبيل الله ، فينجو من النار ، ( عينان لا تمسهما النار ، عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله ) .
    إذاً يبقى السؤال ما الذي جعل زهيرا لبلوي يعود مسرعاً إلى برقة بعد انتصاره في موقعة ممس؟
    إننا لانجد تفسيراً منطقياً لهذه العودة السريعة سوى أن معلومات خطيرة وصلت إليه تحتم عليه الإسراع بالعودة ، وهذا ما حدث بالفعل إذ وصلت إليه أنباء مؤكدة بأن الروم يقومون بعمليلت إنزال لقوتهم في برقة ليستعدوها ، ويقطعوا على القوات الإسلامية بهذا طريق العودة ، وقد تحصن الروم في درنه وأخذوا ينقلون إلى سفنهم الأسلاب التي حصلوا عليها في افريقية وكذلك الأسرى الذين أخذوا من المسلمين .
    لقد وصل زهير قرية درنة ، وكان قد أعطى أوامره لجيشه بأن يسيروا في وحدات صغيرة من أجل سرعة الحركة ، لقد كان زهير في طليعة الجيش الإسلامي المتجه إلى برقة مع سبعين من أصحابه ، فرأوا الروم يدخلون أسرى المسلمين في المراكب وسط صراخ النساء والأطفال ، فأراد زهير أن ينتظر حتى تتكامل قواته ، ولكن هول الموقف ورؤية حرائر المسلمين سبايا بأيدي الروم أثار حفيظة مع من زهير فدعوه للقتال ، فقال ننتظر حتى يتكامل الجيش لأن قوة العدو كبيرة ، فقال له أحد الجند : بل جبنت يا زهير ، فمست هذه الكلمة كبرياه الجهادية فرد عليه بل قتلتني وقتلت نفسك ، فدخل زهير مع الروم في معركة غير متكافئة كانت نتيجتها معروفة كما قال زهير للجندي ، فاستشهدوا عن بكرة أبيهم وكان ذلك في عام 71هـ /690م ، ودفن في درنة قريباً من الشاطىء الذي استشهد فيه وتسمى تلك المنطقة ( قبور الشهداء ).
    أجل إن التاريخ يذكر لزهير بن قيس البلوي سجله الجهادي الطويل الذي توج بإ ستعادة القيروان وتحريرها من يد كسيلة بن ملزم ، وأنه ثأر لعقبة بن نافع وصحبه من كسيلة الذي قتل هو وعدد ضخم من فرسانه على يد زهير بن قيس البلوي في موقعة ممس أو ممش (69هـ /688م ) كما أن انتصاره في تلك الموقعة أفزع البربر والروم وجعلهم يلوذون بحصونهم خوفاً من المسلمين بمعنويات منهزمة ساعدت المسلمين فيما بعد على استكمال فتح المغرب وتحويله إلى ولاية عربية اسلامية، وأخيراً فإن زهير ضحى بنفسه وهى أغلى ما يملك من أجل عقيدته ،ومن أجل الدفاع عن حياض الدولة الإسلامية .
    فرحم الله هذا البطل المجاهد الذي مات غريباً عن مسقط رأسه شاهداً على دور أبناء هذه القبيلة في نصرة الإسلام.
    لقد ترتب على استشهاد زهير عدة نتائج, لعل من أبرزها أنه كان لمقتله على يد الروم أثر عظيم في سير الفتوحات الإسلامية إذ نبه المسلمين إلى خطر الروم وعدم الاطمئنان إليهم والتركيز على مدن الساحل التي يأتيها العون من بيزنطة, وإن مصرع زهير قد أثار ثائرة العرب المسلمين وحفزهم على مواصلة الفتوح للأخذ بثأره, فكما كان مقتل عقبة دافعاً لمهمة زهير في القضاء على مقاومة البربرالبرانس ممثلة في قبيلة اوربة وزعيمها كسيلة فقدكان مقتل زهير دافعا لمهمة حسان بن النعمان في القضاء على الروم الذين قضواعلى زهير ,ولهذا فإن استشهاد زهير لا يقل روعة عن استشهاد عقبة لأن نهايته برقة في نفر قليل لا يتجاوز السبعين من اصحابه حيث قتل ، وقد فعل مثل ما فعل عقبة عندما أمر الجيش بالذهاب إلى القيروان وبقي في نفر قليل من اصحابه حيث قتل على يد كسيلة, حيث ذهب عقبة ضحية لهذا التدبير كما ذهب زهير ضحية تدبيره أيضاً.
    هكذا كانت نهاية زهير على يد الروم حيث ضحى بنفسه مجاهداً في سبيل الله بنية صادقة لا يرقى الشك إليها, ودليل حسن نيته وصدق سريرته مانسب إليه إذ يقول: إنما قدمت للجهاد ولم أقدم لحب الدنيا, لقد كانت مصيبة الخليفة في مقتل زهير كمصيبة المسلمين في مقتل عقبة.
    ولم يكن زهير بن قيس البلوي خاتمة القادة في المغرب الذين ساهموا في رفع راية الإسلام هناك بل هناك قادة آخرون برزوا في فترات تاريخية مختلفة, ولعل من القادة الكبار الذين جددوا ذكرى زهير في المغرب, القائد حي بن مالك البلوي الذي لمع نجمه في عهد دولة الأغالبة ( 184- 296هـ/ 800- 909م ) وبالتحديد في عهد الأمير الأغلبي أبو الغرانيق محمد بن أحمد( 250-261هـ/864- 857 م), والذي ساهم في فتح مناطق الزاب.
    أكتفي بهذه العجالة عن دور هذه القبيلة في الفتوحات الإسلامية, علماً بأن الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث للمحاولة على الإجابة على بعض التساؤلات حول بعض القضايا وهي هل فعلاً لم تشارك قبيلة بلي في فتح الأجزاء الشرقية من الدولة الإسلامية, رغم وجود الإرشادات إلى استيطان بعض أبناء بلي الكوفة أمثال الصحابي كعب بن عجرة البلوي ومشاركة بعضهم في القادسية واليرموك. علماً أن هذه الدراسة ما هي إلا مدخل لدراسة هذه القبيلة وليس دراسة استقصائية والتي تحتاج إلى مزيد من الجهد والتأمل والتحليل لرسم صورة واضحة لدور هذه القبيلة العريقة في الحضارة العربية والإسلامية, ولعل هذه المحاولة تستنهض الهمم لمزيد من البحث.

    أنصر نبيك
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .



  5. #11
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    الفصل الخامس :

    دور قبيلة بلي في القيادة والإدارة :

    لقد حرصت الدولة الإسلامية على مر عصورها على الاستفادة من طاقات أبناء هذه القبيلة في الحقول العسكرية, والإدارية, والفضائية, والتعليمية, فأسندت للعديد منهم منذ تأسيس الدولة الإسلامية العديد من المناصب القيادية, إلا أن الغالب على هذه المناصب في البدايات الأولى هو الجانب العسكري, وهذا ليس مستغرباً لاشتهار أبناء هذه القبيلة بحب القتال فكانوا محل تقدير الامبراطورية البيزنطية, فكان كما تقدم زعيم العرب المتنصرة في مؤتة مالك بن رافلة البلوي, إلا انه بعد ان قامت الدولة الأموية في الأندلس نلاحظ بروز العديد من أبناء هذه القبيلة في العلوم المختلفة, فأسندت إليهم مناصب شرعية كالقضاء, والخطابة.. الخ.
    إن أول إشارة لدينا عن أول منصب منحه الرسول e لرجل من أبناء هذه القبيلة هو مرتبة نقيب وذلك في بيعة العقبة الكبرى, وكان هذا المنصب من نصيب الصحابي الجليل مالك بن التيهان أبو الهيثم البلوي ( ت 21هـ/ 641م).
    كما عينه المصطفى e بعد ان استشهد عبد الله بن رواحة, خارصاً لخيبر فاستمر حتى انتقل الرسول e إلى الرفيق الأعلى, فأراد أبو بكر الصديق( رضي الله عنه ) ان يستمر في عمله, ولكن ابو الهيثم رفض, فاحتج عليه الصديق بانه عمل لرسول الله e فقال ابو الهيثم البلوي: إني كنت إذا خرصت لرسول الله e فرجعت دعا لي, فتركه الصديق.
    ويذكر ابن عبد البر ان الصحابي سواد بن غزية البلوي كان عامل الرسول e على خيبر, فأتاه بتمر جنيب( نوع جيد من التمر) قد أخذ منه صاعاً بصاعين.
    أما أبو عقيل البلوي ، عبد الرحمن بن عبد الله صاحب الصاع فتذكر لنا المصادر انه كان كاتباً، ويبدو انه كان يكتب إلى رسول الله r فالاشارات لاتزيد على تذييل ترجمة بانه كان كاتباً ، والمرجع بأن جميع من كان يعرف القراءة والكتابة من الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقومون بأعمال كتابية للرسول r سواء كتابة القرآن ، أو الرسائل أو تعليم من لايعرف القراءة والكتابة في المدينة المنورة
    .كذلك أسند المصطفى r مهمة تعليم عضل والقارة الذين جاءوا مسلمين ، وطلبوا من يعلمهم تعاليم الإسلام ويفقههم بامور دينهم لمجموعه من الصحابة كان من بينهم اثنان من بلي هما الصحابيان عبد الله بن طارق البلوي ، ومغيث بن عبيد الله .
    وفي غزوة الفتح كان الصحابي الجليل أبو بردة بن نيار واسمه هاني قائداً لاحدى فرق الجيش الإسلامي الذاهب لفتح مكة فقد كانت معه راية بني حارثة .
    وكان الصحابي ثابت بن أرقم البلوي قائداً لاحدى السرايا التي بعثها المصطفى r لنجد لتأديب القبائل المعادية لدولة الإسلام فاصيب ببعض الجراح .
    كما أن هذا الصحابي كان على رأس وحدة الاستطلاع التي ارسلها خالد بن الوليد ( رضي الله عنه ) لجمع المعلومات عن طليحه ، ولكنة استشهد كما تقدم على يد ذلك المتنبىء .
    وولى رسول الله r الصحابي الجليل عاصم بن عدي البلوي ( رضي الله عنه ) (ت45هـ/665م) على أهل قباء والعاليه في السنه الثانيه للهجره اثناء مسيره لبدر لشيء بلغة عنهم ، وقد عده الرسول r في البدرين وكان عاصم مع الصحابي مالك بن الدخشم رسل رسول الله r لهدم مسجد الضرار الذي بناه المنافقون أثناء غياب المصطفى r في تبوك ، فقام بالمهمه مع صاحبه على أكمل وجه .
    أما الصحابي شريك بن سحماء البلوي فكان محل ثقة الصديق والفاروق ( رضي الله عنهما) من بعده فقد كان رسول الخليفه الراشدي الأول إلى خالد بن الوليد بأن يتوجه من اليمامه إلى العراق ، كما كان رسول الفاروق (رضي الله عنه ) بأن يتوجه من الشام إلى مصر ، علماً بأن هذا الصحابي الجليل كان أحد القاده الذين ساهموا في فتح بلاد الشام .
    ويبدوا أن الصحابي مسعود بن الاسود البلوي ، كان من القاده البارزين الذين استوطنوا مصر بعد فتحها ، وليس أدل على ذلك من أنه راسل عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) يستاذنه في غزوة إلى افريقيه ، فلم يأذن له . ولا يكون الإستئذان في العادة للقيام بعمل عسكري إلا من قائد وهذا الذي يرجح أن الصحابي مسعود البلوي كان يحتل منصباً عسكرياً ما في الجيش الإسلامي في مصر .
    وفي عهد الدوله الأموية تولى عدد من ابناء هذه القبيله قيادات عليا في الجيش الإسلامي ، فقد أمر معاوية ابن أبي سفيان ( رضي الله عنه) الصحابي رويفع بن ثابت البلوي على طرابلس سنة (46هـ /666م ) ، فغزا منها افريقيه سنة( 47هـ/667م ) كما تقدم .
    ويعتبر القائد زهير بن قيس البلوي من أشهر الصحابه من هذه القبيله الذين تولوا افريقيه وقاموا باعمال بطوليه هناك جعلته محل إعجاب المسلمين والمؤرخين .
    كما يعتبر القائد الكبير حيي بن مالك البلوي من القاده الذين تركوا بصمات واضحه على منطقه الزاب في عهد دولة الأغالبه .
    ويجب ألا ننسى إشارات المصادر المتكرره إلى دور قبيلة بلي في المحافظة على امن الحجاج وقد انفردت بعض بطون بلي بهذه المهمه أمثال : بنو شادي ، وبنو عجيب ، التي كانت فيهم الإمارة .
    ومن الشخصيات القيادية التي ظهرت في الاندلس في ظل الدولة الأموية عدي بن خزيمة البلوي، الذي أقطعه عبد الرحمن الداخل ( 138- 172هـ/ 755- 788 م) فحص البلوط ،وزهير بن مالك بن عدي بن خزيمة أبو كنانة ، أحد فقهاء الأندلس المشهورين على هذهب الإمام الأوزاعي ،وقد توفي قبل 250هـ/864 م
    أمـا ابن خلدون البلوي ، أبو علي حسن فكان من الشخصيات الهامة في المغرب في مطلع القرن الخامس الهجري ، وليس أدل على ذلك من انتشار الفوضى والاضطراب عندما اغتيل في عام
    407هـ/1016م فنهبت حوانيت صبرة والقيروان .
    وقد تولى عدد ليس بقليل من ابناء بلي منصب القضاء في الأندس فترات تاريخية متعددة ، فمن هؤلاء القاضي فرج بن زهير بن مالك البلوي ، من أهل قرطبة ، يكنى أبا سعيد ، الذي كان حافظاً للفقه على مذهب الإمام مالك وأصحابه ، وقد كان قبل أن يتولى القضاء عاقداً للشروط ، مشاوراً في الأحكام ، ثم استقصى على كورة رية ، ووادي الحجارة في الأندلس .
    ومنهم القاضي أبو البقاء خالد بن عيسى البلوي ، صاحب كتاب تاج المفرق تولى القضاء في فتورية في الأندلس من أعمال ولاية المرية حوالي عام (713هـ/1313م) ثم انتقل إلى القضاء ببرشانة، والده وجده قبله من كبار القضاه، إذ تولى والده قضاء فتورية وخطابتها وكافة أمورها أربعين سنة.
    ومن الجدير بالذكر ان منصب القضاء من أهم الوظائف بالأندلس لا يشغله إلا كبار العلماء .
    كما أهلت أبو البقاء مواهبه الأدبية ليكون كاتباً أيضاً فاستكتبهالسلطان أبو يحيى بن أبي زكريا الحفصي بتونس سنة 740هـ/1339م، كما احترف أبو البقاء البلوي التعليم فكان مدرساً بالاسكندرية مدة اقامته بمصر .
    وقد نبغ العديد من القضة والعلماء من أسرة أبو البقاء منهم أخوه أبو بكر محمد بن عيسى البلوي ،
    والقاضي أحمد ، وحفيده القاضي علي بن أحمد بن خالد ومنهم قاضي الجماعة بتونس محمد عبد الرحمن البلوي (ت729هـ/1380م) ، والقاضي الخطيب علي بن أحمد بن داود البلوي الغرناطي ، الذي ارتحل إلى تلمسان ثم إلى المشرق فراراً من سوء حالة الأندلس في تلك الحقبة .
    أما أبو جعفر أحمد بن داود البلوي الوادي آشي الذي كان معاصراًللعالم الشهير لسان الدين ابن الخطيب ، فكانت له حظوة عند الحكام ، وكان يأمر وينهى إلا انه كان في غاية التواضع وقد أثنى عليه ابن الخطيب في كتابه " أوصاف الناس في التواريخ والصلات " ( مخطوط صفحتي 96ب- 97أ) بقولة : " شيخ العمال المؤتمن على الجباية والمال ، المستوفي شروط الفضل على الكمال . تواضع ، رحمه الله ، مع العلو، ولبس شعار السكون والهدوء ، وبذل المجاملة للصديق والمسالمة للعدو، ولازم مجالس الملوك بحيث يضر وينفع ، ويحط ويرفع ، فما شاب الاساءة إحساناً ، ولا أعمل – في غير المشاركة – لساناً ، إلى غير ذلك من الأدب العطر النسيم ، السافر عن المحيا الوسيم ، واشتهر بالوفاء اشتهار ( دارين ) بطيبها ، و(إياد ) بخطيبها ، فكان حامل رايته ، ومحرز غايته ، ومضى لسبيله فقيداً أعم بفقد وخص ، وهاص أجنحة الحاجات وقص ، وله أدب يصيب شاكله الرمي بنباله ، ونظم تضحي المعاني قنائص حباله ) .
    وغيرهم ممن سنعرض لتراجمهم من خلال الحديث عن دور قبيلة بلي في الحياة العلمية .

    أنصر نبيك
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .



  6. #12
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    الباب الثاني :

    دور قبيلة بلي في الحياة العلمية

    الفصل الأول :
    إسهامات قبيلة بلي في العلوم الشرعية

    علم الحديث :

    لقد نبغ العديد من أبناء هذه القبيله في مختلف فنون المعرفة وظهر منهم علماء رواد كانوا محل تقدير الأمة ، وسنحاول ان نتحدث عن أبرز هؤلاء العلماء مركزين على ماتميزوا به وما أثمرته بنيات افكارهم في حقل العلوم الشرعية ، والتاريخية والجغرافية والأدبية والطبية وغيرها .
    إن الجيل الأول من علماء قبيلة بلي تربى على عين المصطفى r ونهل من معين هدية ، فرووا عنه العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، وأثنى عليهم المصطفى r في أحاديث أخرى .
    فها هو المصطفى r يدعو إلى الصحابي الشاب طلحة بن البراء بن عمير بن وبرة بن ثعلبة البلوي حليف بني عمرو عوف من الأنصار، فقد كان شاباً صغيراً عندما أسلم فكان في أول لقاء مع الرسول r يدنو ويلتصق به ويقبل قدميه، فقال له : يا رسول الله مر بي بما أحببت لا أعصي لك أمراً. فعجب النبي r لذلك وهو غلام، فقال: أذهب وأقتل أباك، فذهب ليفعل فدعاه، فقال: أقبل فإنني لم أبعث قاطعاً للرحم، ولكن أحببت أن لا يكون في دينك ريبة .
    وعن أبي داود أن طلحة مرض فأتاه الرسول r يعوده فقال: إني لا أرى طلحة إلا وقد حدث به الموت فآدنوني به وعجلوا .
    وروي أنه توفي ليلاً فقال: أدفنوني وألحقوني بربي ولا تدعوا رسول الله r فإنني أخاف عليه اليهود، وإن يصاب بسيىء، وفي رواية لا ترسلوا إليه في هذه الساعة فتلسعه دابة أو يصيبه شيء، ولكن إذا اصبحتم فأقرأوه مني السلام وقولوا له فليستغفر لي .
    فأخبر النبي r حين أصبح فجأة حتى وقف على قبرة وصف الناس معه ثم رفع يديه وقال: ( اللهم الق طلحة وأنت تضحك وهو يضحك إليك ) .
    ويقول أن السبب المباشر لإسلام طلحة أنه كان من أبر الناس لأمه، وكان يعتقد أنه لو أسلم قد يمنع من برها، فقال له رسول الله r: يا طلحة أنه ليس في ديننا قطيعة رحم فأسلم وحسن إسلامه .
    لقد كان طلحة أصغر شاب من قبيلة بلي روى عن رسول الله r ونقل عنه كبار المحدثين أعجاباً بجرأته وبتعلقه بحب رسول الله r ومن الأحاديث التي رواها طلحة البلوي أنه سمع النبي r ويقول: ( لا ينبغي لجسد مسلم أن يترك بين ظهراني أهله ) .
    ومن الصحابة الذين رووا أحاديث عن المصطفى r من أبناء هذه القبيلة، الصحابي رويفع بن ثابت البلوي الذي نزل عليه وفد قبيلة بلي عندما جاءوا مسلمين، وكان ممن شارك ببدر والمشاهد كلها مع رسول الله r ، فقد روى الأمام أحمد عن رويفع أنه قال: قال رسول الله r ( يا رويفع لعل الحياة تطول بك، فاخبر الناس أن من عقد لحيته ، أو تقلد وتراً، أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً بريء منه )، رواه أيضاً أبو داود في ( الطهارة ) والنسائي في ( الزينة ).
    ومعنى الحديث بشكل عام أنه سيأتي زمان يتشبه به أناس من المسلمين بالكفار، فيلبسون القلائد أو يلبسونها دوابهم يستدفعون بها المحذور، أو يرتكبون ما نهى عنه نبيهم من الاستجمار بروث الدواب والعظام .
    وفي الحديث دليل من أدلة النبوة، فإن رويفعاً طالت حياته إلى سنة 53هـ /672م، حيث مات ببرقة، وقد روى عنه التابعي حنش الصنعاني وشيبان بن أبيه القتباني .
    أما الصحابي كعب بن عجزة البلوي أبو محمد الأنصاري ( ت 51 أو 52هـ / 671 أو 672م ) الذي نزلت فيه آية الفدية كما تقدم، فقد روى لنا حديثاً عن رسول الله r يحض على صلاة الجماعة والتكبير في الحضور إلى المسجد فعن كعب بن عجزة البلوي قال: خرج علينا رسول الله rونحن سبعة نفر أربعة من موالينا وثلاثة من غربنا مسندي ظهورنا إلى مسجده، فقال: ( ما أجلسكم؟) قلنا: جلسنا ننتظر الصلاة، قال: فأرم قليلاً ثم أقبل علينا فقال : ( أتدرون ما يقول ربكم؟) قلنا لا . قال : ( فإن ربكم يقول من صلى الصلاة لوقتها، وحافظ عليها ولم يضيعها استخفافاً بحقها فله علي عهد أن أدخله الجنة، ومن لم يصلها لوقتها، ولم يحافظ عليها وضيعها استخفافاً بحقها فلا عهد له علي، أن شئت عذبته ، وإن شئت غفرت له ) رواه الطبراني في الكبير والأوسط وأحمد بنحوه . وقد روى عن كعب بن عجزة بن عمر البلوي ابن عمر وجابر وابن عباس، روى عنه ايضاً أولاده اسحاق، ومحمد،وعبدالملك،الربيع .
    وحفظت لنا كتب الحديث أحاديث للنبي r رواها الصحابي أبو أمامة البلوي ( إياس بن ثعلبة البلوي ) والتي منها قوله r : ( من أقتطع حق مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار ) قالوا: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله. قال : ( وإن كان قضيباً من أراك ) قال ذلك ثلاث مرات، وله حديث في التقريب .
    ومن الصحابة المحدثين عبدالرحمن بن عديس بن عمر البلوي، أحد السابقين إلى الاسلام ممن بايع تحت الشجرة، وشارك في فتح مصر وأصبح من وجوه العرب هناك وكان من المنتقدين لسياسة عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) وكان قائداً لاحدى الفرق الأربعة التي جاءت إلى المدينة للاعتراض على سياسته وكان فارساً شجاعاً .
    ومن الأحاديث التي رواها أنه سمع من النبي r يقول ( يخرج ناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، يقتلون بجبل لبنان والخليل) .
    ويذكر أن ابن عديس قد سجن من قبل معاوية بن أبي سفيان ( رضي الله عنه ) في فلسطين، وقد فر من سجنه فلحقه صاحب فلسطين، فقال له ابن عديس عندما ادركه الطلب ويحك اتق الله في دمي فإني من أصحاب الشجرة، فقال: الشجر بالجبل كثير، فقتله عام (36هـ / 656م ) .
    وقد روى عن ابن عديس مجموعة من العلماء التابعين منهم: أبو ثور الفهمي، أبو الحصين الحجري وأسمه الهيثم ابن شفي، وسبيع الحجري، وكلهم شهد فتح مصر أي أن معظمهم من الصحابة .
    وروى عبدالله بن عديس البلوي، وهو أخو عبدالرحمن بن عديس وكان قد شهد أيضاً فتح مصر بعض الأحاديث عن النبي( r ) فقد ذكر محمد بن الربيع له حديثاً لا يختلف كثيراً عن الحديث الذي رواه أخوه فقد قال : سمعت رسول الله ( r) يقول : ( يخرج أناس من أمتي يمرقون من الدين – الحديث ).
    اما الصحابي مطعم بن عبيدة البلوي فقد روى عنه ربيعه بن لقيط ، واخرج ابن منده حديثه من طريق ابن لهيعة عن اسحاق بن ربيعة بن لقيط عن ابيه قال : خرجت إلى عبد الله بن عمر في الفتنة ، فلقيت على بابه مطعم بن عبيده البلوي ، فقال : عهد إلي رسول الله (r) ان اسمع واطيع وان كان علي اسود مجدع الأطراف ، قال ابن مدنة حديث غريب .
    ومن الصحابة من هذه القبيلة الذين ساهموا في نقل أحاديث المصطفى (r) للأمة ، الصحابي ابو زمعة البلوي الذي بلغه عن عبد الله بن عمرو بن العاص بعض التشديد ، الذي بلغه عن عبد الله بن عمرو بن العاص بعض التشديد ، فأتي الفسطاط فقام في الرحبة فقال : لا تشددوا على الناس فإني سمعت رسول الله ( r) يقول : قتل رجل من بني اسرائيل تسعة وتسعين نفساً...... الحديث بطوله . وروى الصحابي شبث بن سعد بن مالك البلوي ان النبي (r) قال : ( ان العبد ليخرج له يوم القيامة كتاب فيه حسنات .......) اخرجه ابو نعيم في الصحابة .
    ويعتبر الصحابي عتيبة البلوي حليف الأنصار من الصحابة الذين فتح الله عليهم وألهم كلاماًغدا سنة في كل صلاة يصليها المسلم ,فعن الحسن البصري عن ابي ثعلبة الحسيني ,ان اباه حدثه قال :صلينا مع رسول الله( r ) فقام رجل خلفه فقال : سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لااله الا أنت ... الحديث , وفيه فشخص بصر رسول (r) الى السماء ثم التفت فقال من صاحب الكلام فقال رجل من الأنصار من بلي يقال له عتيبة أنا يا رسول الله. فقال والذي نفس محمد بيده ما خرج اخرها من فيك حتى نظرت الى اثني عشر ملكاً يبتدرونها.
    أما زهير بن قيس البلوي ابو شداد فقد روى الحديث عن علقمة بن رمثة البلوي ,وروى عنه سويد بن قيس .
    ومن الأحاديث التي رواها زهير بن قيس البلوي عن الصحابي علقمة بن رمثة البلوي انه قال : بعث رسول الله (r)عمرو بن العاص الى البحرين ، ثم خرج رسول في سرية وخرجنا معه , فنعس رسول الله(r)ثم استيقظ فقال : رحم الله عمراً , قال فتذاكرنا قال كل انسان اسمه عمرو , ثم نعس ثالثة فاستيقظ فقال : رحم الله عمراً . فقلنا من عمرو يا رسول الله ؟ قالك عمرو بن العاص . قالوا : ماله ؟ قال: ذكرته اني كنت اذا ندبت الناس للصدقة جاء من الصدقة فأجزل فأقول : من اين لك هذا يا عمرو ؟فيقول : من عند الله , وصدق عمرو , ان لعمرو عند الله خيراً كثيراً, قال زهير : فلما كانت الفتنة قلت اتبع هذا الذي قال فيه رسول الله (r) ما قال فلم افارقه .
    ومن رواة الحديث ايضاّ سعيد بن عثمان البلوي وزياد بن عبدالله البلوي, يروي عن ابن سندر, وروى عنه سعيد بن ابي ايوب, وعبدالله بن الحكم البلوي يروى عن علي بن رباح اللخمي, وروى عنه فقيه مصر وعالمها, الليث بن سعد واما ابو مليكه البلوي فله صحبة وللمصريين عنه حديثان او ثلاثة وكان البداح بن عاصم بن عدي البلوي, حليف الأنصار( ت 117هـ/ 732م) وله 84 سنة, ثقة في الحديث, إلا انه لم يكن مكثراً فيه.
    وروى الصحابي ابو بردة بن نيار البلوي احاديث عن رسول الله e , وقد مات في خلافة معاوية بن ابي سفيان( رضي الله عنه), ومنهم ابو الشموس البلوي الذي شهد غزوة تبوك, وروى عن النبي
    ( e ) انه أمر الذين استقوا من بئر الحجر- حجر ثمود- ان يلقوا ما عجنوا وعملوا به.
    اما سويد بن النعمان بن مالك بن عامر بن مجدعة البلوي فقد كان من المشاركين في غزوة خيبر وروى بعض الاحاديث قال: كنا مع النبي ( e) بخيبر, فأتى بسويق, فأقيمت المغرب فقام إلى الصلاة. ومنهم مسعود بن الأسود البلوي, الذي روى عنه علي بن رباح وغيره من المصريين وحديثه عند ابن لهيعة.
    ولم تقتصر رواية الحديث على الرجال من قبيلة بلي بل شاركت بعض الصحابيات من هذه القبيلة في روايتها منهن زينب بنت كعب بن عجرة البلوية, وكانت عند ابي سعيد الخدري قال: اشتكى الناس علياً, فقام رسول الله e فينا خطيباً فسمعته يقول: ( ياأيها الناس لا تشكو علياً, فوالله انه لأخشى في ذات الله من ان يشتكى به) ذكره ابن اسحق. ومنهن انيسة بنت عدي الأنصارية البلوية كانت لها صحبة وهي والدة عبدالله بن سلمة العجلاني شهيد احد, فقد روى عنها سعيد بن عثمان البلوي وهي جدته. ومنهن ايضاً سهله بنت عاصم بن عدي العجلاني البلوي, زوجة عبدالرحمن بن عوف.
    ان هذه اللمحة السريعة عن بعض أبناء هذه القبيلة من الصحابة الكبار ممن روى احاديث عن رسول الله( e ) تعطي مؤشراً آخر على دور هذه القبيلة في حياة الدولة الإسلامية في أيامها الأولى.
    أما في الأندلس ذلك الجزء الأوروبي من العالم الاسلامي فقد كان لأبناء قبيلة بلي فيه شأن عظيم في الحياة العلمية وبشكل خاص العلوم الشرعية التي يأتي علم الحديث على رأسها, والذي نبغ فيه ابو بكر البلوي المعروف بابن الميراثي( 365-428/ 975- 1036) والذي يعد من كبار حفاظ الحديث, فقد أخذ الحديث عن كبار علماء عصره أمثال ابي عثمان سعيد بن نصر , وأحمد بن قاسم البزاز وغيرهما .
    وقد رحل في طلب العلم إلى المشرق ولقي ابا القاسم السقطي بمكة المكرمة وابا الحسن بن جهم , وابا يعقوب بن الدخيل ونظرائهم بمكة وهم كبار العلماء ولقي بمصر , ابا محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ , وابا الفتح بن سيبخت (ابراهيم بن علي بن ابراهيم بن الحسن ) , وابا مسلم الكاتب وابن الوشاء وغيرهم .
    ولما رأى عبد الغني حذقة واجتهاده , ونبله سماء غندراً تشبيها ً لمحمد بن جعفر غندر المحدث المشهور ,وانصرف إلى الاندلس وروى عنه الناس بها , فحدث عنه ابو عبد الله الخولاني , وابو العباس العذري ,وابو العباس المهدوي , وابو محمد بن خزرج الذي ذكره من ضمن شيوخه .
    وقد اثنى الذهبي على ابن الميراثي بقوله : (الحافظ الأوحد المجود ,أحد أئمة الحديث).
    ورحل عبد الرحمن بن ابي رجاء البلوي , والذي يعرف باللبشي ابو القاسم المقرىء الخطيب المحدث , والذي كان إلى جانب تضلعه بالحديث عالماً بالقراءات, فقد روى عنه القاضي ابو القاسم بن محمد القراءات السبعة وغيرها, وقرأ بمكة المكرمة علي ابن ابي العرجاء امام المقام بها.
    وعرف محمد بن عبدالله بن سعيد البلوي الغاسل( ت 370هـ/ 980م) ابو عبدالله, من أهل قرطبة, بأنه كثير الكتابة للحديث حافظاً لأخبار الشيوخ وكان عوام الناس والمحتسبة يجتمعون إليه ويسمعون منه.
    سمع من مجموعة من كبار العلماء من أبرزهم, قاسم بن أصبغ ومحمد بن عبدالله بن ابي أدليم, وأحمد بن مطرف, ووهب بن مسرة وخالد بن سعد وغيرهم.
    ونبغ محمد بن أصبغ البلوي المكنى بأبي عبدالله أحد علماء قرطبة الفضلاء في علم الحديث, ورحل إلى المشرق في طلب العلم مع ابي عبد الله بن عابد وسمع معه من ابي بكر بن اسماعيل وغيره.
    قال ابن عابد: ولما قدمنا معاً بمسند شعبة, تصنيف ابي بشر الدولابي الذي سمعناه بمصر من ابن اسماعيل, اخذه ابو محمد الاصيلي فاستغربه, وعظم قدر علو سنده, فقرأه عليه محمد بن أصبغ هذا, وكان تلميذه.
    ومن علماء هذه القبيلة ايضاً عثمان بن الخطاب بن عبدالله ابو عمرو البلوي المغربي الأشح ويعرف بأبي الدنيا( ت 327هـ/ 938م) قدم بغداد بعد الثلثمائة, روى احاديث عن علي بن ابي طالب, مات وهو راجع إلى بلده.
    اما ابو يزيد خالد بن عيسى بن أحمد البلوي( حوالي 713- ت قبل 780هـ/ 1370م) له تخريج. في حديث الرحمة. وكتاب عن أسانيد ثلاثيات البخاري.


    أنصر نبيك
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .



صفحة 2 من 5 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
هذا الموقع برعاية
شبكة الوتين
تابعونا