علاقة قبيلة بلي بالإمبراطورية البيزنطية والقبائل العربية

يحدثنا التاريخ عن قبيلة بلي قضاعه ،القبيلة الأم لقبيلة بلي ،بأن السيادة والسؤدد كان لها على مشارف الشام ،وذلك بفضل ما يتمتع به ابناؤها من شجاعة وجرأة في القتال ،جعلتهم محل تقدير واحترام من حولهم من القبائل ،وهذا دفع بدوره الدول للتسابق لكسبهم إلى جانبها، فيذكر ابن خلدون كما تقدم بأنهم كانوا حلفاء لمملكة تدمر في عهد ملكتها الزباء .
وقد تمكنت قبيلة قضاعة في نهاية المطاف من تأسيس مملكة لها في الشريط الضيق من الشام الممتدعلى حدود الجزيرة العربية، والتي تشمل منطقة مؤاب ،ومعان،ومؤتة.
وما حولها من مشارف الشام ،وذلك بعد الميلاد، لذلك أطلق المؤرخون الاسلاميون على مملكة قضاعة في الشام كلمة مشارف الشام ،وملوك قضاعة في الشام .
وكانت مملكة قضاعة تبعاً للروم طوال وجودها في الشام ،يجمعون لهم الضرائب ، ويجندون لهم الجنود من أبنائهم ليكونوا ضمن الجيوش الرومانية في حروبها ضد أعدائها.
وقد تمكن ملوك قضاعة من إخضاع الغساسنة تغلبوا عليهم في أواخر القرن الثالث للميلاد .
لقد كانت قبيلة بلي تمثل رأس الحرب لقضاعة ،ويبدوا أن الرياسة كانت فيهم عند بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم وليس أدل على ذلك من أن القوة الرئيسة العربية التي قاتلت المسلمين في معركة مؤته لحساب الروم كانت من قضاعه ،حيث كان قائد العرب المتنصره واكثرهم من قضاعه احد سادات قضاعة من قبيلة بلي واسمه مالك بن رافله البلوي ،والذي لقي مصرعه في هذه الموقعه،والذي كان يأتمر بأمره اكثر من مأئة ألف على حد قول بعض الروايات .
ومن المصادفات العجيبة أن نرى في المعسكر الاسلامي أن الذي انقذ الراية الاسلامية من السقوط بعد استشهاد قادة مؤتة الثلاثة رجل من قبيلة بلي .
أن الإمبراطورية البيزنطية ما كان لها أن تعين رجلاً من قبيلة بلي على هذا الجيش العظيم لو لم تكن لهذه القبيله مكانه خاصه في شمالي الجزيره العربية ،ولعل قبول القبائل العربية في شمالي الجزيره العربية بقيادة مالك البلوي هو بمثابة إقرار لسيادة هذه القبيلة في تلك المنطقة .
وكما تقدم رأينا أن الإمبراطوريه البيزنطيه تعتمد على ريجالات قبيلة بلي في مصر في نقل تجارتها من الهند وهذا أن دل على شي إنما يدل على مراعاة حرمة هذه القبيلة عند الإمبراطوريه البيزنطيه اينما حلت .
لقد كانت قبيلة بلي معروفه بين القبائل باالوفاء والكرم ،والشجاعه والامانه ونبل الاخلاق ، وليس أدل على ذلك من شهادة ابنة حاتم الطائي سفانة لها, التي وقعت في اسر المسلمين, ثم من عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأطلق سراحها , وقال لها: لا تعجلي حتى يجيء من قومك من يكون لك ثقة يبلغك بلادك.. فقالت: وأقمت حتى قدم ركب من قبيلة بلي, فجئت الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قد قدم رهط من قوم لي منهم ثقة وبلاغ, فكساني الرسول صلى الله عليه وسلم وحملني وأعطاني نفقة, فخرجت معهم حتى قدمت الشام, مما كان سبباً في اسلام أخيها عدي بن حاتم الذي غدا فيما بعد من كبار قادة الفتح الإسلامي, ومن هذا الخبر يتضح لنا بأن العلاقة ما بين طيء وبلي كانت على افضل مايكون والا لما وثقت بهم سفانة, والأمر الاخر بأن تجار قبيلة بلي كانوا دائمي التردد على المدينة المنورة قبل إسلامهم, خاصة اذا علمنا بأن بطوناً من بلي كانت قد استقرت في المدينة, وتحالفت مع الأوس والخزرج, وشاركت في يوم بعاث.
كما ان قبيلة بلي ربطتها مصاهرات عديدة مع القبائل العربية في الجزيرة العربية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ان بنو هذيل ابن مدركة بن إلياس كان له من الولد سعد ولحيان ، وعميرة ، وهرمة ، أمهم ليلى بنت فران بن بلي كما ان خؤولة الصحابي الجليل عمرو بن العاص (رضي الله عنه ) من قبيلة بلي ، فضلاً عن العديد من الصحابة الآخرين الذي سنسلط الضوء عليهم في هذه الدراسة .
لقد كانت قبيلة بلي بحكم مجاورتها للإمبراطورية البيزنطية واحتكاكها المباشر مع نصارى بلاد الشام شديدة التأثر بالنصرانية ، فاعتنق بعض افرادها هذة الديانة ، إلا ان القسم الاكبر بقي على الوثنية يشارك بقية القبائل الحج إلى بعض الاصنام ، والتي من اشهرها : ( الاقيصر )الذي كان في مشارف الشام وكانت تعظمة قضاعة ، ولخم ، وجذام ،وعاملة ، وغطفان ، كما كان هناك صنم آحر يبدو ان هذه البيلة كانت تعظمة يقال لة ( باجر ) فضلاً عن تعظيمها لاصنام العرب المشهورة .
ويجب التنبية ان الحديث هنا هو عن قبيلة بلي في شمالي الجزيرة العربية ، ولم يشمل الحدث عن بطون بلي في المدينة المنورة ، والتي سنلقي عليها الضوء من خلال الحديث عن موقف هذة القبيلة من الإسلام .