ضع إعلانك هنا



صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 6 من 29

الموضوع: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    861

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    الباب الأول :
    دور قبيلة بلي في نصرة الإسلام



    الفصل الأول :
    موقف قبيلة بلي من الإسلام

    لقد وقفت قبيلة بلي (الام ) في شمالي الجزيرة العربية ضد دعوة المصطفى e شأنها شأن القبائل العربية الأخرى في الجزيرة العربية التي رأت في قيام دولة إسلامية قضاءً على سلطانها ونفوذها وتقييداً لحركتها وحريتها التي كانت تسرح وتمرح في ظل أعراف وتقاليد لاتتلاءم في معظمها مع تعاليم الدين الجديد ولكن موقف قبيلة بلي المعارض لدعوة الإسلام كان يذكيه فضلاً عن الإعتبارات السابقة ولاؤها للإمبراطوريةالبيزنطية ، التي جعلت من أفراد هذه القبيلة والقبائل القضاعية الأخرى حراساً لحدودها مع الجزيرة العربية.
    لقد كان أول احتكاك مباشر من الناحية العسكرية مابين قبيلة بلي والدولة الإسلامية في السنة الثامنة للهجرة عندما حشدت الإمبراطورية البيزنطية مائة ألف من متنصرة العرب في مؤتة لقيادة رجل من بلي يقال له مالك بن رافلة ،الذي قتل في هذة الموقعة كما تقدم .
    والمتأمل لهذا الخبر مرة أخرى يلحظ بان الزعامة في شمالي الجزيرة العربية كانت لقبيلة بلي ، بدليل ان القبائل العربية المتحالفة في مؤتة والمكونة من بهراء ،ووائل،وبكر ، ولخم ،وجذام ، لم يعترضوا على إمارة مالك ابن رافلة ،دلالة على تسليمهم وانقيادهم واعترافهم بتميز هذة القبيلة وزعيمها . لا بل ان اختيار مالك من قبل بيزنطة يدل دلالة لاتقبل النقاش على مكانة هذة القبيلة في هذة الفترة من الناحية العسكريه والسياسيه ، فالأختيار لم يكن عشوائياً ، بل كان يراعي حسابات قبليه دقيقة .
    ويبدوا ان قبيلة بلي لم تقبل بنتيجة موقعة مؤتة ، فاخذت بدعم من الإمبراطورية البيزنطية تحرض القبائل في شمالي الجزيرة العربية على الدولة الإسلامية ، وتحشد الحشود من أجل غزو المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية الناشئة ، وفور تلقي المصطفى e لهذة الأنباء المزعجة ، سارع بتوجية حملة عسكرية اختير قائدها بعناية فائقة .. فقد وقع الأختيار على الصحابي عمرو بن العاص ( رضي الله عنه ) الذي تعتبر قبيلة بلي خؤولتة وذلك من أجل استئلاف قلوبها ، ولتقدر خطورة جموع قبيلة بلي ان المصطفى e أرسل خيرة اصحابة في هذة الحملة امثال : الصديق ، الفاروق ، ابو عبيدة (رضي الله عنهم ) ، وذلك بعد ان طلب عمرو بن العاص ( رضي الله عنه ) النجده ، فبلغ عدد جيش عمرو بن العاص (رضي الله عنه ) خمسمائة مقاتل فاسروا في الليل والنهار ، حتى وطىء الجيش بلاد بلي ودوخها حتى انتهى إلى أقصى بلاد بلي ، وعذرة ، وبلقين ،في الغزوة المعروفة بذات السلاسل .
    لقد كانت هذة آخر محاولة لقبيلة بلي لمقاومة الدعوة الإسلامية داخل حدود الجزيرة العربية ، وبدأت هذة القبيلة تلاحظ انفضاضالقبائل العربية من حولها وانضمامها لدولة المصطفى e ، فأخذت تراقب الأوضاع ، وتصيخ أذانها لاخبار هذا الدين الجديد .
    لقد بدا شعاع هذا الدين يتسرب إلى أبناء قبيلة بلي (الأم) من خلال الإحتكاك المباشر مع دعاة المصطفى e نفسة ، ورؤيتة للمعجزات بأم أعينهم ، فيروي لنا المقزيزي ، أن الذي فرج عن الجيش الاسلامي عندما اشتد به العطش في تبوك ،امرأة من بلي ، فقال :عطش العسكر في تبوك فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فأرسل أسيد بن حضير في يوم صائفوهو متلثم ،فقال :عسى أن نجد لنل ماء –فخرج أسيد –وهو فيما بين الحجر وتبوك –فجعل –يضرب في كل وجه ،فوجد رايوة من ماء مع امرأةمن قبيلة بلي ،فكلمها وأخبرها خبر الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت :هذا الماء ,فانطلق به ,فدعا فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالبركه
    ثم قال هلموا اسقيكم فلم يبق معهم سقاء إلا ملأوه ثم دعا بركابهم وخيولهم فسقوها حتى نهلت وفي روايه ولما قدمت على أهلها قالوا لها :لقد احتبست علينا قالت :حبسني أني رأيت عجباً من العجب ارأيتم مزادتي هاتين ؟فوالله لقد شرب منها قريب من سبعين بعيراً ،واخذوا من القرب والمزاد والمطاهر مالا احصي ثم هما الان اوفر منهما يومئذ، فلبثت شهراً عند أهلها ثم أقبلت في ثلاثين راكباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت واسلموا .
    وفد قبيلة بلي على رسول الله e :
    في شهر ربيع الأول من السنة التاسعة للهجرة نور الله قبيلة بلي (الأم) للإسلام ،وجاء وفدهم الى المديبه المنوره ،ليعلن إسلامهم أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيادة شيخهم أبو الضبيب ،فنزلوا على الصحابي الجليل رويفع بن ثابت البلوي (رضي الله عنه )، وأنزلهم في منزله ،ثم قدم بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:هؤلاء قومي ،فقال له رسول الله e ( مرحباً بك وبقومك ) ،فأسلموا، وقال لهم رسول اللهe (الحمد لله الذي هداكم للإسلام ،فمن مات منكم على غير الإسلام فهو في النار ) .
    وفي روايه أكثر تفصيلاً عن رويفع بن ثابت البلوي (رضي الله عنه ) قال :قدم وفد قومي ،فأنزلتهم علي ،ثم خرجت بهم حتى انتهينا الى رسول اللهe وهو جالس في اصحابه ،فسلمنا عليه فقال صلى الله عليه وسلم رويفع ؟فقلت: لبيك ،قال : من هؤلاء القوم ؟ قلت : قومي يا رسول الله ، قال : مرحباًبك وبقومك . قلت : يارسول الله قدموا وافدين عليك ، مقرين بالإسلام ،وهم على من ورائهم من قومهم ،فقال رسول اللهe : " من يرد الله به خيراً يهديه للإسلام " فتقدم شيخ الوفد أبوالضبيب فجلس بين يدي رسول اللهe ، فقال :يارسول الله أنا وفدنا إليك لنصدقك ،ونشهد أنك نبي حق ونخلع ما كنا نعبد وكان يعبد آباؤنا ، فقال r ( الحمد لله الذي هداكم للإسلام فكل من مات على غير الإسلام فهو في النار )
    وقال أبو الضبيب : يا رسول الله إن لي رغبة في الضيافة ، فهل لي في ذلك أجر ؟ قال r : نعم وكل معروف صنعته إلى غني او فقير فهو صدقة ) فقال : يا رسول الله وما وقت الضيافة؟ قال r ( ثلاثة أيام فما بعد ذلك صدقة ، ولا يحل للضيف أن يقيم عندك فيحوجك ( أي يضيق عليك ) وفي لفظ : فيؤثمك ، أي يعرضك للإثم ،أي تتكلم بسيء القول ، قال : يا رسول الله ، أرأيت الضالة من الغنم أجدها في الفلاة من الأرض قال r : هي لك أو لأخيك أو للذئب ، قال : فالبعير ؟ قال : مالك وله ؟ دعه حتى يجده صاحبه .
    قال رويفع رضي الله عنه : ثم قاموا فرجعوا إلى منزلي ، فإذا رسول الله r يأتي منزلي يحمل تمراً، فقال : استعن بهذا التمر ، فكانوا يأكلون منه ومن غيره ، فأقاموا ثلاثة أيام ، ثم ودعوا رسول الله r وأجازهم ورجعوا إلى بلادهم .

    وتذكر لنا المصادر بأن بطون بلي الأخرى المنتشرة في مختلف أنحاء الحجاز بدأت تتوافد على رسول الله r ، وقد أوردت لنا تلك المصادر نص كتاب كتبه المصطفى لأحد هذه الوفود وهو وفد بني جعيل من قبيلة بلي وجاء نص الكتاب على النحو التالي : إنهم رهط من قريش ، ثم من بني عبد مناف ، لهم مثل الذي لهم وعليهم مثل الذي عليهم .وإنهم لا يحشرون ولا يعشرون ، وإن لهم ما أسلموا عليه من أموالهم . وإن لهم سعاية نصر وسعد بن بكر وثمالة وهيل .
    وبايع رسول الله r على لك : عاصم بن أبي صيفي ، وعمرو بن أبي صيفي ، والأعجم بن أبي سفيان ، وعلي بن سعد ، وشهد على لك العباس بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب ، وعثمان بن عفان ، وأبو سفيان بن حرب "
    ونص هذا الكتاب يؤيد الرواية التي جاءت في الإصابة بأن قسماً من بلي قد حالف على ما يبدو عبد مناف فنسبوا إليهم ، فقد روى البغوي من طريق عبد العزيز بن عمران عن جهم بن مطيع عن علي بن جهم البلوي عن أبيه قال : وافانا رسول الله r فسألنا من نحن فقلنا نحن بنو عبد مناف ..."
    وبرجوع وفد بلي إلى مضاربة تبدأ صفحة الجهاد والتضحية من أجل التمكين لدين الله في الأرض باللسان والسنان ، وهذا ما سنعيش معه في الصفحات التالية إن شاء الله .

    أنصر نبيك
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .



  2. #2
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    861

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    موقف قبيلة بلي من الإسلام في مكة المكرمة:
    إن المتأمل لتاريخ هذه القبيلة العريقة يلاحظ بشكل عام أن موقفها من دعوة الإسلام ينقسم إلى قسمين : موقف القبيلة الأم في شمالي الجزيرة العربية ومشارف الشام ، الذي لاحظنا بأنة يتصف بالعداء والمقاومة للدعوة الإسلامية وصلت إلى حد قيادة الجموع العربية في غزوة مؤتةلكسر شوكة الدولة الإسلامية الناضة، أو من خلال الحشود التي تلت موقعة مؤتة ، وأعني بذلك الحشود التي كانت سبباًفي موقعة ذات السلاسل .
    أما القسم الثاني لموقف هذة القبيلة ، فكان متمثلاً بتلك الجماعات التي انفصلت عن القبيلة الأم ، واستقرت في المدينة المنوره ، وتحالف بعضها مع الأوس وبعضها الآخر مع الخزرج ، فهؤلاء موقفهم يختلف تماماً عن موقف القبيله الأم ، فكانوا أنصاراً للإسلام منذ فترة مبكرة ، وناصروا الرسول r باللسان والسنان ، ولم يتخلفوا عنه في موقعة من مواقعة مع الأعداء ، لا بل أن أفراداً من هذة القبيلة أسلموا على يد رسول الله r منذ فترة مبكرة من حياة الدعوة الإسلامية في مكة المكرمة .
    فتحدث كتب السيرة والتاريخ والتراجم أنة كان أحد الستة الذين لقوا رسول الله r قبل بيعة العقبة الأولى أحد أفراد هذة القبيلة وهو الصحابي مالك بن التيهان بن مالك أبو الهيثم البلوي ، حليف بني عبد الأشهل ، وشارك كذلك ببيعتي العقبة الأولى والثانية ، وهو أول من بايع رسول الله r ليلة العقبة فيما زعم بنو عبد الأشهل .
    لقد استيقظت الفطرة عند أبي الهيثم منذ فترة مبكرة من حياتة ، فكان من الموحدين في جزيرة العرب هو وأسعد بن زرارة ، وكان يكرة الأصنام في الجاهلية ، ويؤكد ابن سعد انه أول من أسلم من الأنصار في بمكة ، ويجعلة في الثمانية نفر الذين آمنوا برسول الله r بمكة من الأنصار ، فأسلموا قبل قومهم ، وفي الستة نفر الذين لقوا رسول الله r من الانصار بمكة فأسلموا قبل قومهم وقدموا المدينة وأفشوا بها الإسلام .
    ويذكر ابن سعد ايضاً ان أبا الهيثم شهد العقبة مع السبعين من الأنصار وهو أحد النقباء الاثني عشر ، وآخى الرسول r بينه وبين عثمان بن مظعون .
    وكان رسول الله r يبعثة إلى خيبر خارصاً فخرص عليهم التمر ، وذلك بعد استشهاد عبد الله بن رواحة ، فلما توفي النبي r طلب منة الصديق ( رضي الله عنه ) أن يخرص فأبى ، فقال له : قد خرصت لرسول الله r فقال : إني كنت إذا خرصت لرسول الله r فرجعت دعا لي ، قال : فتركة .
    ولم يكن أبو الهيثم البلوي الوحيد الذي سجل لنا التاريخ اسمه في صحيفة السابقين للإسلام ، فهناك غيرة الكثير من أبناء هذة القبيلة ، فمنهم أيضاً على سبيل المثال لا الحصر يزيد بن ثعلبة بن خزمة البلوي الذي شهد بيعتي العقبة الولى والثانية ، وكذلك شهد العقبتين الصحابي معن بن عدي البلوي الأنصاري حليف الأوس الذي بايع المصطفى r على السمع والطاعة في الشدة والرخاء ، فلم يحنث ببيعته فكان مثالاً للجندي المجاهد المتفاني في خدمة دينه وطاعة قائده المصطفى r ، فلم يتخلف عن غزوة غزاها النبي r .
    وكان الرسول r قد آخى بينه وبين زيد بن الخطاب ، أخو الفاروق ( رضي الله عنه ) ، فاستشهدا في موقعة اليمامة .
    ومن مواقفة الإيمانيه الصادقة مارواه مالك عن ابن شهاب عن سالم عن ابيه قال : بكى الناس على رسول الله عليه وسلم حين انتقل إلى الرفيق الأعلى وقالوا : والله وددنا أنا متنا قبله ، ونخشى أن نفتتن بعده ، فقال معن بن عدي البلوي : لكني والله مأحب أن اموت قبله ، لأصدقه ميتاً كما صدقته حياً .
    لقد بر بوعده وأخلص لرسوله القائد في حياته وبعد مماته ، وخر شهيداً مع صديقه الأثير زيد بن الخطاب في موقعة اليمامة كما سيأتي .
    ومن الصحابة الآخرين من هذه القبيله الذين شهدوا بيعة العقبه من السبعين من الأنصار ، الصحابي أبو بردة بن نيار البلوي خال الصحابي البراء بن عازب ، الذي شهد مع النبي r كل المشاهد ، والذي تجرد لرفع راية الإسلام منذ أول يوم لدخوله في هذا الدين فتذكر لنا المصادر انه بعد اسلامه كان يكسر اصنام بني حارثة .
    ومن الصحابة ايضاً الذين شهدوا بيعة العقبة الكبرى من بلي عبيد بن التيهان البلوي الذي آخى الرسول صلى الله علية وسلم بينه وبين الصحابه مسعود بن الربيع القاري ، وقد شهد عبيد بدراً وأحداً وقتل يوم احد شهيداً
    ومنهم خديج بن سلامه بن اوس بن عمرو بن كعب البلوي حليف الانصار ، وقال ابن سعد : شهد خديج وزوجه ام منيع بنت عمرو بن عدي بن سنان العقبه وولدت شباث ليلة العقبه ( وشباث بضم أولة وتخفيف ثانيه )
    ومنهم النعمان بن عمرو بن عبيد بن وائلة البلوي الذي شهد بيعه العقبة وشهد بدراً



    أنصر نبيك
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .



  3. #3
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    861

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    الفصل الثاني :
    جهاد أبناء قبيلة بلي مع المصطفى صلى الله علية وسلم :

    غزوة بدر الكبرى ( 17 رمضان 2 هـ / 623 م )
    بعد أن سجل ابناء هذه القبيلة السبق الى الاسلام منذ أن كان مضطهداً في مكة المكرمة نجدهم يبرهنون على صدق ايمانهم في الدفاع عن الدولة الاسلامية الناشئه في المدينه المنوره ، واضاف الى سجل امجادهم صفحات مضيئة من خلال تسابقهم في طلب الشهادة من أجل إعلاء كلمه لا اله الا الله وان محمد رسول الله ، وهذا يتضح من خلال المواقف البطولية التي سجلها أبناء هذه القبيله منذ غزوة بدر الكبرى ، التي اعطت لمن شارك فيه

    ا فضيلة لا تبارى لأنها اللقاء الأول الفاصل ما بين الكفر والايمان،وسنعيش خلال الصفحات التالية مع صور من البطولة والتضحية لأبناء هذه القبيلة من أجل العقيدة ونصرة الإسلام .
    وتطالعنا الصورة الاولى لمواقف ابناء هذه القبيلة عندما يتبارون في التسابق للانضمام الى جيش الرسول r المتوجه الى بدر ،فهاهو الصحابي أبو أمامة ،إياس بن ثعلبة البلوي يختلف مع خاله الصحابي أبو بردة بن نيار البلوي ، حول الخروج الى بدر ، وكانت أم أبو أمامه مريضة وتحتاج إلى رعاية ، فقال الخال لابن أخته أبو أمامه بأن يقيم مع أمه ولا يخرج مع المصطفى r، إلى بدر ، فرد إبن الأخت المتشوق إلى لقاء الأعداء بل أنت ياخال تبقى مع أختك ، وعندما إشتد الجدل بين الرجلين رفع الأمر إلى رسول الله r الذي أمر أبا أمامة بالمقام مع أمه،وخرج أبو بردة ، وعندما رجع المصطفىr وجد أم أبو أمامة قد توفية فصلى عليها.
    اجل انها صورة رائعه ان يتسابق الاقارب في الخير وطلب الدرجات العلى عند رب العالمين وفي ذلك فليتسابق المتسابقون .
    اما سواد بن غزية البلوي الانصاري فيقدم لنا صورة مفعمة بالحب لقائده المصطفى r وتفصيل الامر ان النبي r قبيل الاشتباك مع كفار قريش في بدر أخذ يعدل الصفوف وفي يده قدح أو عود فمر بسواد بن غزيه البلوي فطعنة في بطنه ، فقال : اوجعتني فاقدني ، فكشف المصطفى r عن بطنه فاعتنقه سواد وقبل بطنه ، فدعا له r بخير .
    ويقدم لنا ابن سعد روايه أكثر تفصيلاً من الروايه السابقه حيث يقول : وشهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع النبي r وهو الذي طعنه النبي r بعود أو سواك في بطنه فماد في بطنه فأثر في بطنه فقال :القصاص يا رسول الله ، قال رسول الله : القصاص ،وكشف له عن بطنه، فقالت الانصار: ياسواد رسول الله ،فقال : ما لبشر احد على بشري من فضل ، قال : وكشف له عن بطنه فقبله وقال اتركها لتشفع لي بها يوم القيامه .
    لقد ابلى سواد بلاءً حسناً في بدر وهو الذي أسر خالد أبن هشام المخزومي يوم بدر ، وقد أستعمله رسول الله r على خيبر كما جاء في رواية ابي سعيد وابي هريره .
    وكان للصحابي الجليل المجذر بن عمروبن أخزم البلوي موقف بطولي في غزوة بدر ، فقد تمكن المجذر الإحاطه بأبي البختري بن هشام ، وكان الرسول r قد نهى عن قتله لمواقفه المشرفه من النبي r في مكة المكرمة قبل الهجرة ، ولكنه قتل على يد المجذر ، فقد لقيه المجذر في المعركة وأصبح تحت رحمة سيفة ، وقال له : يا أبا البختري ،أن رسول الله r قد نها نا عن قتلك ،فاستأسر وكان مع أبي البختري زميل له يقاتلان سوياً ،فقال : وزميلي :فأبلغه المجذر ألامر صادر بشأنه فقط ، أما زميله فلا يمكن تركه بتاتاً فرفض أبو البختري الحياه ،وقال :إذن لأموتن أنا وهو جميعاً ثم اندفع يقاتل وهو يقول :
    لن يسلم ابن حرة زميله حتىيموت او يرى سبيله
    فاضطر المجذر إلى مقاتلته فلا يزال يحاول حتى قتله .
    ومن الجدير بالملاحظة أن أخو المجذر عبد الله ، وابن عمهما عبادة بن الخشاش بن عمرو بن زمزمة البلوي قد شهدوا جميعاًبدر .
    ومن الصحابة من قبيلة بلي الذين شهدوا غزوة بدر الكبرى عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة ،أبو عقيل البلوي ،الذي كان اسمه في الجاهليه عبد العزي فسماه الرسول r عبد الرحمن عدو الاوثان.
    ومنهم عبدالله بن سلمة بن مالك بن الحارث بن عدي بن الجد البلوي الأنصاري ،الذي كان بطل من الأبطال المشهود لهم بالشجاعه وفي الوقت نفسه كان يعتز بقبيلته وبشجاعته في أشعاره ،فكان يقول :
    أنا الذي يقال أصلي من بلي أطعن بالصعدة حتى تنثني
    ومنهم ثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن الجد البلوي وابن عمه زيد بن أسلم بن ثعلبة البلوي وعبد الله بن طارق بن عمرو بن مالك البلوي وكعب بن عجزة بن أمية بن عدي البلوي والنعمان ابن عصرالبلوي وعبدالله بن عامر البلوي وعامر بن سلمة بن عامر بن عبدالله البلوي والنعمان بن عمرو بن عبيد بن وائلة البلوي وعبدة بن متعب بن الجد بن عجلان البلوي ومتعب بن عبيد ويقال عبدة بن إياس البلوي حليف بني ظفر من الأنصار وعبيد بن أبي عبيد البلوي ومرة بن الحباب بن عدي بن الجد بن العجلان البلوي ورافع بن عنجدة البلوي وبحاث بن ثعلبة البلوي, وأخوه عبد الله وربعي بن رافع بن الحارث بن زيد بن حارثة بن الجد بن العجلان البلوي ومعن بن عدي البلوي ومالك بن التيهان أبو الهيثم البلوي.
    أما الصحابي عاصم بن عدي البلوي فقد خرج مع رسول الله e فكسر فرده النبي e من الروحاء واستخلفه على أهل العالية وأهل قباء لشيء بلغه عنهم, وضرب له بسسهمه وأجره, فاتفقواعلى ذكره في البدريين وأنيف بن جشم ابن عوذ الله بن تاج البلوي.
    إن هذا العدد الضخم من أبناء قبيلة بلي المشاركين في غزوة بدر الذي يقارب الثلاثين من جيش تعداده 313 جندي – أي يقارب 10% - يدل على ثقل حجم هذه القبيلة في المدينة المنورة, ومكانة أفرادها في دولة المصطفى e وهو رقم يحتاج لمزيد من التأمل والتحليل لتسليط الضوء على التركيبة الاجتماعية لسكان المدينة المنورة, ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو ماهي الأسباب التي حدت بهذا العدد الضخم من قبيلة بلي ترك القبيلة الأم والاستقرار في المدينة المنورة ؟ إن المصادر لا تسعفنا للإجابة عن هذا السؤال, ولكن الذي يفهم من المصادر هو أن عوامل تتعلق بنزاعات قبيلة فضلاً عن عوامل سياسية واقتصادية دفعت قسماً من أبناء هذه القبيلة للاستقرار في المدينة المنورة.
    غزوة أحد (15 شوال 3هـ/ 624م):
    إن مشاركة أبناء قبيلة بلي في غزوة بدر كانت كبيرة من الناحية العددية فضلاًعن بطولاتهم وتضحياتهم المباركة فإنه لم يسقط منهم شهداء,ولم تقل مشاركتهم في غزوة أحد عن مشاركتهم في بدر الكبرى إلا أن الذي يميز أحداًأن هذا الجبل المبارك قد درجت على صخوره دماء أبناء هه القبيلة فكان لك شهادة صادقة على إخلاصها وتفانيها في خدمة دينها, كما أننا نسجل بكل تقدير وإعجاب ثبات أبناء هذه القبيلة على الإيمان إذ لم يسجل التاريخ حالة نفاق واحدة من أبناء هذه القبيلة فضلاًعن أنها لم ترتد عندما ارتدت معظم القبائل.
    لقد كانت غزوة أحد غزوة ثأرية عنيفة كانت قريش تسعى بكل طاقاتها استعادة هيبتها التي أهدرت في غزوة بدر الكبرى, وكانت الجاهلية بكل غطرستها قد حشدت كل ما تقدر عليها من أجل الثأر لقتلاها في بدر, وفي الوقت نفسه كان المسلمون يدافعون عن نبيهم وعن دينهم بكل ما أوتوا من قوة, لذا تعد غزوة أحد من أعنف المعارك التي خاضها الجيش الإسلامي في تاريخه المبكر.
    لقد تمكن القرشيون في مرحلة من مراحل القتال من استغلال مخالفة الرماة لأوامر القائد المصطفى e ونزلوا عن الجبل الذي يحمي ظهور الجيش الإسلامي, فالتف خالد ابن الوليد مع فرسانه على الجيش الإسلامي ليغير مجرى المعركة لصالح المشركين, وأصبح وضع المسلمين في غاية الحرج, بعدما استحر بهم القتل, فانفرط عقد الجيش الإسلامي ، خصوصاً عندما سرت شائعة بين الجيش الإسلامي بأن الرسول r قد قتل ،فتخاذل بعض المسلمين عن القتال جزعاً،وانهارت معنويات البعض الآخر .
    وفي هذا الوضع العسكري المنهار والروح المعنوية المدمرة هب الصحابي ثابت بن الدحداح بن نعيم بن غنم البلوي ،حليف الأنصار يصيح بأعلى صوته في قومه الأنصار يحرضهم على مواصلة القتال وعدم الاستسلام لليأس ،وكان يقول :"يامعشر الأنصار إلي إلي أنا ثابت بن الدحداحة،إن كان محمد قتل فإن الله حي لايموت ،فقاتلواعن دينكم ،فإن الله مظهركم وناصركم ".
    فأيقضت هذه الكلمات الواثقة من نصر الله المسلمين فنهض إليه نفر من الأنصار ، فحمل بهم على كتيبة فرسان المشركين التي فيها خيرة شبابهم فيها خالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، وعكرمة بن أبي جهل ، وضرار بن الخطاب ، ولكن القوة لم تكن متكافئه لا بل ليس هنا وجه مقارنه لا من حيث العدد ولا من حيث العده ، فكان جميع الصحابه مع ابن الدحداح البلوي مشاة ، وكان المشركون فرساناً ، فكانت النتيجه الحتميه استشهاد جميع أصحاب ابن الدحداحأما هو فهناك من يقول بأن خالد بن الوليد قتله برمح وهناك من يقول وعلى رأسهم الواقدي ، بأنه جرح ثم برأ من جراحاته تلك ، ومات على فراشه من جرح كان قد أصابه ثم انتقض به فرجع النبي r في الحديبه سنه 6ه /627م وقد تبع النبي r جنازته حتى فرغ من دفنه.
    لقد كان أبو الدحداح البلوي من الذين يسارعون إلى الخيرات ، وقد شهد له رسول الله r بالجنه ، ومن نماذج بذله في سبيل الله مارواه ابن شهاب من أن يتيماً خاصم أبا لبابه في نخله فقضى بها رسول الله r لابي لبابه ، فبكى الغلام ، فقال رسول الله r لأبي لبابه : أعطه نخلتك ، فقال : لا ، فقال : أعطه إياها ولك بها عذاق في الجنه ، فقال : لا .
    فسمع بذلك أبو الدحداح ، فقال لأبي لبابه : أتبيع عذقك ذلك بحديقتي هذة ؟ قال : نعم ، فجاء أبو الدحداح رسول الله r فقال : يارسول الله ، النخله التي سألت لليتيم إن أعطيته إياها ألي بها عذق في الجنه ؟ قال نعم . ثم قتل أبو الدحداح شهيداً من إثر جرح جرح به في أحد فقال r نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي رب عذق مذلل لأبي الحداحة في الجنة) .
    لقد عرف هذا الصحابي بالبذل والسخاء والإستجابه لأوامر ربه دون تلكؤ أو تباطؤ ، فلما نزلت الآيه القرآنيه الكريمه نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسنا )) كان أبو الدحداح نازل في حائط له هو واهله فجاء إلى امرأته ،فقال:اخرجي ياأم الدحداح فقد أقرضته الله عز وجل ،فتصدق بحائطه على الفقراء والمساكين .
    ولم يكن أبو الدحداح الوحيد الذي أبلى بلاء حسناًفي غزوة أحد ،فمن الذين سقطوا شهداء في هذه الغزوة الصحابي المحدر بن ذياد البلوي ، الذي قتل غيلة فأخبر الوحي رسول الله r بقاتله ، فقتله المصطفى r بالمجذر ، وتفصيل ذلك أن المجذر كان قد قتل سويد بن الصامت في الجاهلية ، فهيج قتله وقعة بعاث ، ثم أسلم المجذر ، وأسلم كذلك الحارث بن سويد بن الصامت ، وكان الحارث بن سويد يطلب غرة المجذر ليقتله بأبيه ، فشهدا جميعاً أحد ، فلما اضطرب معسكر المسلمين بعد نزول الرماة ، انتهز الحارث بن سويد وجاء المجذر من الخلف فضرب عنقه وقتله غيلة ، فأتى جبريل ( عليه السلام )رسول الله r فأخبره بأن الحارث بن سويد قتل المجذر غيلة ، وأمره أن يقتله به ، فقتل رسول الله r الحارث بن سويد بالمجذر بن زياد ، وكان الذي ضرب عنقه بأمر رسول الله r عويم بن سعادة على باب مسجد قباء .
    هذا وقد دفن المجذر بن ذياد البلوي ، والنعماء بن مالك ، وعبدة بن الخشخاش البلوي في
    قبر واحد .
    ومن شهاء بلي في غزوة حد الذين سقطوا وهم يذبون عن رسول الله r الصحابي عبدالله بن سلمه بن مالك بن الحارث بن عدي البلوي ، أبو محمد الذي آمن برسالة الإسلام منذ فترة مبكرة ، وتشرف بالمشاركة في غزوة بدر الكبرى ، وقد كان شجاعاً مقداماً ، سقط شهيدا مقبلاً غير مدبر .
    وعندما نقل الخبر لأمه أنيسه بنت عدي الأنصارية البلوية احتسبته عند الله ، ولكن عاطفة الأمومة قد دفعتها إلى الإستئذان من رسول الله r بنقل جثته من موقع المعركة في أحد إلى المدينة المنورة لتأنس به ، فأستجاب الرسول r لهذا الموقف العاطفي فأذن لها فنقلته إلى المدينة على ما رواه أصحاب السير ، فعدلته بالشهيد المجذر بن ذياد ، على ناضح ( بعير) في عباءة ، فمرت بهما فعجب لهما الناس ، وكان عبدالله ثقيلاً جسيماً ، وكان المجذر قليل اللحم ، فقال النبي r سوى ما بينهما عملهما .
    وقد ذكر ابن سعد أن الذي قتل عبد الله بن سلمه يوم أحد في شوال ، عبد الله بن الزبعري .
    ومن الذين درجوا بدمائهم سفوح أحد أيضاً الصحابي عبيد بن التيهان البلوي ، قتله عكرمه بن أبي جهل .
    وممن شهد أحد من أبناء قبيله بلي أيضاً .... الصحابي عبيد بن أبي عبيد البلوي ورافع بن عنجدة البلوي وبحاث بن ثعلبة البلوي وأخوه عبد الله ومالك بن التيهان أبو الهيثم البلوي ومرة بن الحباب بن عدي البلوي ومعن بن عدي البلوي وعبدة بن مغيث بن الجد البلوي وأبنه شريك بن عبدة وربعي بن رافع بن الحارث البلوي وأبو بردة بن نيار وكان فرسه أحد فرسين في أحد فرس لرسول الله r وأخرى لابي بردة وزيد بن أسلم وهو أبن عم الصحابي زيد أبن ثابت بن أقرم ونعمان بن عصر ومتعب بن عبيد البلوي وسواد بن غزية البلوي والصحابي معن بن عدي بن الجد بن العجلان البلوي وعبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة أبو عقيل البلوي وعبد الله بن طارق البلوي وغيرهم .
    وهكذا نرى مرة آخرى كثافة مشاركة أبناء هذه القبيلة في غزوة أحد قفد بلغ عدد المشاركين فيها ما يقارب الثلاثين ،سقط منهم سبعة شهداء أي 10% من اجمالي عدد شهداء احد وهي شهادة اخرى على بلاء هذه القبيلة في خدمة الإسلام ،وكأن الفرع الذي سكن المدينه المنورة أراد أن يكفر عن خطيئة القبيلة الأم في الشمال التي تأخر إسلامها الى السنه التاسعه من الهجره .


    أنصر نبيك
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .



  4. #4
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    861

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    شهداء بلي في بعث الرجيع (صفر 4هـ /625م ):

    لقد كان لغزوة احد وقع كبير في الجزيره العربيه ، خصوصاً ان قريش بواسطة وسائل إعلامها (الشعراء ) صحافة ذلك العصر صوروا بأنهم حققوا نصراً مؤزراً على المسلمين وانهم ثأروا لقتلاهم في بدر ،وبدا للقبائل العربيه بأن قريش مازالت هي سيدة قلب الجزيره العربيه ، فأخذت بعض القبائل تحاول النيل من المسلمين ارضاء لقريش من جانب ، ومن اجل الكسب المادي من الجانب الأخر ، لأن قريش أعلنت جوائز موجزيه لكل من يمكنها من المسلمين الذين قتلوا سادتهم في بدر .
    ومن هذه المنطلقات قدم على رسول الله r رهط من عضل والقاره فقالوا :يارسول الله أن فينا إسلاماً فابعث معنا نفراً من اصحابك ، يفقهوننا في الدين ، ويقرئوننا القرآن ، ويعلموننا شرائع الإسلام .
    فختار رسول اللهr سته من خيرة اصحابه لهذه المهمه الساميه ،وهذا الاختيار هو شهادة لهؤلاء النفر بانهم من افقه واعلم الصحابه وإلا لما انتدبهم لمهمة الوعظ والتدريس ، فاختار مرثد بن أبي مرثد الغنوي أميراً للقوم، وهم :عبدالله بن طارق البلوي ، وخالد بن البكير الليثي ، وعاصم بن ثابت بن أبي الأملح ،وزيد بن الدثنة وخبيب بن عدي ( رضي الله عنهم جميعاً ) .
    لقد كانت عضل القاره تبطلان من خلاال هذه السفاره الغدر والخيانة بصحابة المصطفى r ولم يكونوا مؤمنين حقاً ولا راغبين في الأسلام ،إذ انهم ما ان وصلوا الى الرجيع ،وهو ما لهذيل بناحية الحجاز غدروا بهم فاستصرخوا عليهم هذيلاً ، فأحاطوا بهم ، فستعد الصحابه للقتال والدفاع عن انفسهم ، فقالوا لهم : إنا والله ما نريد قتلكم ولكنا نريد ان نصيب بكم شيئاً من أهل مكه ، ولكم عهد الله وميثاقه ان لا نقتلكم .
    فانقسم الصحابه في آرائهم الى قسمين قسم يرى بأنه ليس لمشرك عهد ولا عقد ومثل هذا القسم مرثد ، وخالد بن الكبير ، وعاصم ابن ثابت ، فقاتلوا حتى استشهدوا .
    وأما القسم الثاني فوثق بعهد المشركين فاستأسروا وهم : خبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنه ، وعبدالله بن طارق البلوي ، ولكن عبدالله بن طارق البلوي راجع نفسه خلال الطريق وانبه ضميره على قبوله للأسر ،فتسامت نفسه وتاقت روحه الى الجنه ، إلى الشهادة التي تسموا بصاحبها الى الدرجات العلى ، فعندما وصل ألى مر الظهران تمكن من فك قيده ثم أخذ سيفه وأستأخر عنه القوم فرموه بالحجاره حتى قتلوه فقبره بالظهران ، واما خبيب وزيد بن الدثمه فقدموا بهما مكه فباعوهما من قريش باسيرين من هذيل كانا بمكه ،وقد قامت قريش بإعدام خبيب بالقصه المشهوره .
    وقد ذكر حسان شاعر المصطفى r عبدالله بن طارق البلوي في شعره الذي يمدح فيه اصحاب الرجيع فقال :

    صلى الإله على الذين تتابعوا
    يوم الرجيع فأكرموا وأثيبوا
    رأس السرية مرثد وأميرهم
    وأبن البكير إمامهم وخبيب
    وابن لطارق وابن دثنة منهم
    وافاه ثم حمامه المكتوب
    والعاصم المقتول عند رجيعهم
    كسب المعالي إنه لكسوب
    منع المقادة أن ينالوا ظهره
    حتى يجالد إنه لنجيب

    وتذكر لنا المصادر التي تجعل أصحاب الرجيع عشرة أن بلوياً آخر قد سقط شهيداً في هذه الواقعة ، وهو الصحابي معتب بن عبيد البلوي ، الذي لم يثق بوعد المشركين وقاتل مع القسم الأول الذي مثله كما تقدم عاصم بن ثابت ، ومرثد ، وخالد ، حتى رزق الشهاده مع صحبه .
    وقد ذكره أبن عبد البر باسم مغيث بن عبيد بن إياس البلوي ، حليف الأنصار قتل يوم الرجيع شهيداً ، وهو أخو الصحابي عبد الله بن طارق البلوي لأمه .
    وتتوالى قوافل الشهداء من قبيلة بلي من أجل إعلاء كلمة التوحيد لا بل أن المشاركة في الغزوات والحرص على طلب الشهادة لم تقتصر على الرجال بل شاركت فيها نساء من هذه القبيلة ، ففي غزوة خيبر (محرم 7 هـ / 628م ) آخر معقل من معاقل اليهود ، ذلك الوكر الذي كانت تحاك فيه المؤامرات ضد دولة الإسلام في المدينه المنوره ، خر الصحابي عدي بن مره بن سراقه بن خباب بن عدي بن الجد بن عجلان البلوي شهيداً فائزاً بمرضاة الله ، إذ طعن بين ثدييه بحربة أودت بحياته ويذكر أبن حجر أن أسمه جدي وأنه أستشهد هو وأبوه .
    وشهد غزوة خيبر مجموعه من نساء قبيلة بلي خرجن ليساعدن الجيش الإسلامي من ضمن عشرين إمرأة فقد شهدت هذه الغزوه أم منيع بنت عمرو بن عدي بن سنان أم الصحابي شباث ، التي كانت قد شهدت بيعة الغقبة وولدت شباث في نفس الليله كما تقدم ، وهي زوجة الصحابي خديج ابن سلامه البلوي ، وشهدتها إمرأة عاصم بن عدي البلوي ، وولدت بخيبر سهله بنت عاصم وجاء في الإستيعاب سهله بنت عاصم بن عدي العجلاني البلوي ، زوجة عبد الرحمن بن عوف تروي عن النبي e ، وأنه أسهم لها يوم خيبر ، ويبدو أنه تزوجها فيما بعد .

    الحديبية وبيعة الرضوان:
    وفي الحديبية نجد أبناء قبيلة بلي يتسابقون لمبايعة الرسول e بيعة الرضوان تحت الشجرة, يبايعونه على الموت عندما تسربت بعض الأخبار بأن المشركين قتلوا عثمان بن عفان( رضي الله عنه), فمن بين المبايعين الصحابي الجليل كعب بن عجرة البلوي الذي نزلت فيه آية الفدية كما جاء في الصحيحين عندما أصابه في رأسه أذى وهو محرم, فأمره الرسول e بأن يحلق رأسه, وأن يذبح شاة, أو يصوم ثلاثة أيام, أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين مدين, فنزل قوله تعالى (( فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك)).
    فكان كعب يقول كانت لي خاصة وهي لكم عامة, ويقال أن كعب بن عجرة البلوي أهدى بقرة قلدها وأشعرها.
    لقد كان هذا الصحابي شديد الحب لرسول الله وكان كثير التأمل لوجهه الكريم, فإذا رأى بأنه بحاجة إلى طعام كان يبادر إلى جلبه إليه لأنه يعرف فاقة المصطفى e إذ كانت تمضي الأيام والأيام دون أن توقد في دار آل محمد نار, فقد أخرج الطبراني في الأوسط عن كعب بن عجرة: قال أتيت النبي e يوماً فرأيته متغيراً- أي من الجوع - فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلاً له فسقيت له على كل دلو بتمرة, فجمعت تمراً فأتيت النبي e الحديث.
    وقد أخرج ابن سعد بسند جيد عن ثابت بن عبيدان يد كعب بن عجرة البلوي قطعت في بعض المغازي, ثم سكن الكوفة وروى عنه ابن عمر, وجابر, وابن عباس, وروى عنه أيضاً أولاده, اسحق, ومحمد, وعبد الملك, والربيع.
    ومن أبناء قبيلة بلي الذين بايعوا تحت الشجرة الصحابي مسعود ابن الأسود البلوي, ويقال فيه مسعود بن المسور, وعلقمه بن رمثه ( بكسر اوله وسكون الميم ) البلوي وعنبس بن ثعلبه بن هلال البلوي وشبث بن سعد بن مالك البلوي وعبدالرحمن بن عايش البلوي وعلسه بن عدي البلوي وابو زمعه البلوي ( جعفر او عيد ) الذي قال حين حضرته الوفاة وهو في افريقيه مجاهداً : اذا دفنتموني فسووا قبري وعبدالله بن اسلم بن زيد بن فحان البلوي عبدالرحمن بن عديس ابن عمرو البلوي ، وهو فارس شاعر شجاع واسعد بن عطيه بن عبيد بن بجاله بن عوف بن ودم بن ذبيان البلوي .

  5. #5
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    861

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    دور قبيلة بلي في غزوتي مؤتة وتبوك:

    لقد كانت موقعة مؤتة( جمادي الأولى8هـ/آب 619م) أول صدام مسلح بين الدولة الإسلامية والإمبراطورية البيزنطية وذلك بسبب مخالفة تلك الامبراطورية للأعراف الدبلوماسية عندما قتل صاحب بصرى شرحبيل بن عمرو الغساني. رسول رسول الله e الحارث بن عمير الأزدي في مؤتة.
    لهذا السبب المباشر بالإضافة إلى أسباب أخرى جهز المصطفى e جيشاً تعداده ثلاثة آلاف مقاتل نصب عليهم ثلاثة قادة على التوالي: زيد بن حارثة, وجعفر بن ابي طالب, وعبدالله بن رواحة, فإذا استشهدوا جميعاً اصطلح الجيش على واحد منهم لتولي القيادة, وحدث ما توقع المصطفى e إذ فوجيء الجيش الإسلامي بجيش عرمرم ينوف على مائة الف, فكانت معركة في غاية الشراسة.
    وتساقط القادة الثلاثة شهداء الواحد تلو الآخر وكادت الراية الإسلامية أن تقع على الأرض عندها هب أحد أبناء قبيلة بلي وهو الصحابي ثابت بن أقرم فأخذ اللواء, وصاح: ياللأنصار, فأتاه الناس من كل وجه, وهم قليل, وهو يقول: إلى أيها الناس, فلما نظر إلى خالد بن الوليد قال: خذ اللواء يا أبا سليمان فقال: لا آخذه أنت أحق به, أنت رجل لك سن, وقد شهدت بدراً, قال ثابت: خذه أيها الرجل, فوالله ما أخذته إلا لك, فأخذه خالد وتمكن في نهاية المطاف من الانسحاب إلى المدينة بأقل عدد من الخسائر بخطة عسكرية عبقرية جعلته في مصاف أعظم قادة الفتح الإسلامي .
    وفي غزوة العسرة ( تبوك) ( رجب 9هـ/ تشرين الأول 630م) التي كانت ظروف غير مواتيه من الناحية المناخية والاقتصادية, حيث كانت في عام مجدب وصيف شديد الحرارة, فضلاً عن أن الهدف المنشود ليس سهلا مقابلة الامبراطورية أعظم قوة في العالم آنذاك ، فكانت غزوة تبوك محكاً جيداً لاختبار معادن المؤمنين وتمييزها عن معادن المنافقين الذين رسبوا في الاختبار عندما ندبهم رب العزة ، والرسول للالتحاق بهذه الغزوة وبذل المال والنفس من أجل الإسلام ، قال تعالى : (( انفروا خفاقاً وثقالاً وجاهدوا بأمولكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )).
    لقد لبى أبناء قبيلة بلي نداء الواجب مثلهم مثل بقية الصحابة الكرام فتسابقوا إالى البذل والعطاء كل على قدر استطاعته ،، فتصدق الصحابي عاصم بن عدي البلوي بتسعين وسقاً تمراً .
    وجاء الصحابي سهل بن رافع بن خديج بن مالك بن غنم البلوي الأنصاري بصاع من تمر .
    وجاء أبو عقيل البلوي عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة بصاع من تمر ، فقال مالي غير صاعين نقلت فيهما الماء على ظهري حبست احدهما لعيالي ، وجئت بالآخر ،وهذا تصرف ليس غريباً على صحابي سماه الرسول r عبدالرحمن عدو الأوثان ، بعد أن كان يسمى في الجاهلية عبد العزي ،وشهد المشاهد كلها مع المصطفى r ، ولكن هذا التصرف من قبل عاصم بن عدي البلوي ،وسهل البلوي وأبو عقيل البلوي ، أغاظ المنافقين ، فأخذوا يلمزون المتصدقين بألسنة حداد فقالوا عن صدقة عاصم : ماجاء بما جاء به إلا رياء وقالوا عن الصحابه الذين تصدقوا بصاع :إن الله غني عن هذا الصاع وهذا ما اكده ابن عباس ( رضي الله عنه ) في تفسير قوله عز وجل : ( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لايجدون إلاجهدهم فيسخرمن منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم )).
    وعندما نصر رسول الله r بالرعب على مسيرة شهر في تبوك ولم يلقى كيداً من الروم وقفل
    راجعاً ، أخبره الوحي بأن المنافقين قد بنوا أثناء غيابه في المدينه مسجد الضرار وأمر أن يهدمه ،
    فكان رسوله إلى هذه المهمه الصحابي عاصم بن عدي العجلاني البلوي ، ومالك بن الدخشم السالمي فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه ثم حرقاه ، فخرجا سريعين _ على اقدامهما _حتى أتيا مسجد بني سالم بن عوف ،وهم رهط بن مالك بن الدخشم ، فقال مالك لعاصم :انظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي ، فدخل إالى أهله ، فأخذ سعفاً من النخل وأشعل فيه ناراً ، ثم خرج يعدوان حتى انتهيا إليهم بين المغرب والعشاء وهم فيه ، وإمامهم مجمع بن جاريه فأحرقاه _ وثبت من بينهم زيد بن جاريه بن عامر حتى احترقت إليته – وهدماه حتى وضعاه بالأرض .
    فلما قدم r عرض على عاصم بن عدي البلوي المسجد يتخذه داراً فقال : ما كنت لأتخذ مسجداً قد نزل فيه ما نزل داراً، فأعطاه ثابت بن أرقم البلوي ومن أبناء بلي الذين شهدوا غزوة تبوك الصحابي أبو الشموس البلوي الذي روى عن الرسول r أحاديث تتعلق بهذه الغزوة وهكذا رأينا بأن ابناء قبيلة بلي لم يتخلفوا عن المشاركه بالنفس والمال في كل المعارك التي خاضتها دولة الإسلام في حياة المصطفى r ، وسنحاول في الصفحات التاليه أن نسلط الضوء على دور هذه القبيله في نصرة الإسلام بعد انتقال الرسولr الى الرفيق الأعلى ، من خلال الحديث عن دورهم في حروب الرده ، والفتوحات الإسلامية.

  6. #6
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    861

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    الفصل الثالث :
    دور قبيلة بلي في حروب الردة :

    لقد بدأت القبائل العربية تتململ من سلطة الدولة الإسلامية منذ أواخر حياة المصطفى e , فهي لم تتعود الخضوع لسلطة مركزية واحدة, فضلاً عن ان الدين الجديد كبح من جماح شهواتها, وألغى الكثير من أعرافها التي تتناقض مع تعاليم الإسلام, فوجدت هذه القبائل فرصتها عندما انتقل المصطفى e إلى الرفيق الأعلى, لتعلن تمردها على سلطان الدولة الإسلامية, لا بل إنها تمادت والتفت حول مدعين النبوة من شيوخها وزعمائها, وعادت الأمور جذعة وأمست الجزيرة العربية كافرة, إلا من رحم ربي من بعض القبائل هنا وهناك, ولنا أن نتصور حجم التحدي أن المسلمين في المدينة أخذوا ينظمون الحراسات على مداخلها خوفاً من هجوم المرتدين عليها.
    لقد كانت قبيلة بلي من القبائل القليلة جداً التي لم ترتد وبقيت متشبثة بإسلامها, مستعصمة بتعاليم قائدها المصطفى e لذا ليس مستغرباً أن نرى العديد من البطولات والتضحيات لأبناء هذه القبيلة في تلك الحروب.
    ومن أبطال بلي الذين سجل لهم التاريخ بكل فخر واعتزاز بطولات في حروب الردة الصحابي الجليل عبد الرحمن ( عدو الأوثان ) أبو عقيل البلوي أحد السابقين للإسلام كما تقدم, الذي كان في مقدمة الصفوف يوم اليمامة( 12هـ/ 633م) تلك الموقعة التي حصدت العشرات من الصحابة حفظة كتاب الله, فكان أول من جرح في هذه الموقعة أبو عقيل, رمي بسهم فوقع بين منكبيه وفؤاده, فأخرج السهم ووهن له شقه الأيسر, وجر إلى الرحل فلما حمي وطيس المعركة, وانهزم المسلمون, وجاوزوا رحالهم وأبو عقيل البلوي واهن من جرحه سمع الصحابي معن بن عدي البلوي يصيح بالأنصار الله الله والكرة على عدوكم, فصاحت الأنصار أخلصونا أخلصونا, فأخلصوا رجلاً رجلاً يميزون أي أنهم أخذوا يتبايعون على الموت رجلاً رجلاً أمام معن بن عدي, ويبدو أن معن بن عدي, افتقد أبو عقيل فنادى عليه وهو لا يعلم انه جريح.
    قال عبد الله بن عمر( رضي الله عنهما) فنهض أبو عقيل يريد قومه فقلت: ما تريد يا أبا عقيل ما فيك قتال. قال: قد نوه المنادي باسمي قال ابن عمر: فقلت: إنما يقول ياللأنصار لا يعني الجرحى , قال أبو عقيل: أنا رجل من الأنصار وأنا أجيبه ولو حبواً, قال ابن عمر: فتحزم أبو عقيل وأخذ السيف بيده اليمنى مجرداً , ثم جعل ينادي ياللأنصار كرة كيوم حنين فاجتمعوا رحمهم الله جميعاً يتقدمون الصفوف حتى اقحموا عدوهم الحديقة, فاختلطوا واختلفت السيوف بيننا وبينهم, قال ابن عمر: فنظرت إلى أبي عقيل وقد قطعت يده المجروحة من المنكب فوقعت على الأرض وبه من الجراح أربعة عشر جرحاً كلها قد خلصت إلى مقتل, وقتل عدو الله مسيلمة الكذاب.
    قال ابن عمر: فوقعت على أبي العقيل وهو صريح بآخر رمق فقلت: أبا العقيل, فقال: لبيك بلسان ملتاث لمن الدبرة قال: قلت: أبشر ورفعت صوتي قد قتل عدو الله, فرفع أصبعه إلى السماء يحمد الله, وفاضت روحه إلى السماء.
    قال ابن عمر : فأخبرت عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) بعد أن قدمت خبره كله ، فقال : رحمه الله ما زال يسأل الشهادة ويطلبها ، وإن كان ما علمت من خيار أصحابي نبينا r وقديم إسلامه .
    إن ما قام به أبو عقيل البلوي صورة حية لسلوك المؤمن الصادق الذي اطمأن قلبه بالإيمان ، والذي يرى بأن الشهادة أعظم فوز يحصل عليه الإنسان ، فكان كما قال الفاروق ( رضي الله عنه ) دائم الدعاء إلى الله بأن يرزقه الشهاده ، فلم تمنعه جراحاته وبتر يده من مواصلة القتال ، فلفظ انفاسه الاخيره وبجسده أربعة عشر جرحاً تثغب بالدماء تشهد له امام الخلائق يوم القيامه .
    ومن شهداء قبيلة بلي في موقعة اليمامه ، الصحابي معن بن عدي البلوي ، الذي رأيناه يستنهض همم المسلمين والأنصار بشكل خاص لمواصلة القتال ، فأتت دعوته ثمارها عندما انتظم المسلمون من جديد وقاتلوا عدو الله مسيلمة الكذاب فقتلوه ، وبقتله كسرت شوكة المرتدين .
    لقد سقط معن بن عدي شهيداً مع صديقه الأثير الذي آخى المصطفى r بينه وبين معن بن عدي ألا وهو زيد بن الخطاب أخو الفاروق (رضي الله عنهما ) .
    ومن المناسب أن أذكر بمقولة معن بن عدي مرة آخرى عندما بكى الناس على رسول الله r حين توفاه الله وقالوا : والله لوددنا أن متنا قبله ، نخشى أن نفتتن بعده .
    فقال معن : "إني والله ما أحب أني مت قبله حتى اصدقه حياً وميتاً " لقد بر معن بعهده واخلص لإسلامه في حياة المصطفى r وبعد مماته ، وخر شهيداً في موقعة اليمامه وهو يقاتل من أرادو العودة بالجزيرة العربية إلى سابق عهدها من الظلام والجهل والكفر ، فانطبق عليه قوله تعالى : (( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً )).
    ويتقاطر الشهداء من قبيلة بلي في حروب الردة ، ضاربين أروع الأمثله في البطوله والفداء فها هو خالد بن الوليد ( رضي الله عنه ) يقع اختياره على الصحابي الجليل ثابت بن أقرم البلوي الذي شهد مع المصطفى كل مواقعه ، والذي رأيناه ينقذ راية الإسلام من السقوط في مؤته ويدفعها إلى خالد بن الوليد ، هاهو خالد يقدر كفاءة الرجل ويجعله طليعة له على المرتدين مع الصحابي الجليل عكاشه بن محصن ، ليجمع له أكبر قدر من المعلومات على المرتد طليحة بن خويلد وذلك عندما دنا خالد من بزاخة .
    فانطلق ثابت بن أقرم البلوي على فرس له يقال له المحبر ، وعكاشه على فرسه الذي يقال له الزرام ، وفي أثناء جمعهم للمعلومات ويبدو أنهما اقتربا كثيراً من معسكر الأعداء ، لقيهما طليحه وأخوه سلمة ، فتمكنا من قتل عكاشه وثابت .
    وأقبل خالد بن الوليد فراعه منظر ثابت بن أقرم قتيلاً تطؤه المطي ، فعظم ذلك على المسلمين ، فحفر له ولصاحبه عكاشه ودفنا بدمائهما وثيابهما ، وكان ذلك في سنة ( 12هـ /633م) .
    لقد كان لثابت بن أقرم البلوي وعكاشه بن محصن مكانه عظيمه في نفوس المسلمين ، وكان كبار الصحابه يتوجدون عليهم كلما ذكرت اسماؤهم ، فهذا هو الخليفه الراشدي عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) يقابل طليحه بعد أن تاب وأناب إلى الله ، يقول له : كيف أحبك وقد قتلت الصالحين عكاشه بن محصن ، وثابت بن أقرم .
    فيرد طليحه : أكرمها الله بيدي ، ولم يهني بأيديهما .
    وكان طليحه قد قال عند قتله هذين الصحابيين :

    عشية غادرت ابن أقرم ثوياً وعكاشة الغنمي تحت المجال

    وسقط كذلك شهيداً في معركة اليمامة الصحابي النعمان بن عصر بن عبيد بن وائله البلوي ، الذي شهد المشاهد كلها مع النبي r وذكر ابن حجر أن الذي قتله طليحه بن خويلد الأسدي . وكذلك سقط عبيد الله بن التيهان البلوي شهيداً في اليمام، وهو ابن الصحابي عبيد بن التيهان البلوي الذي استشهد يوم أحد وهو أيضاً أخي الصحابي مالك ابن التيهان أبو الهيثم البلوي وهو من أواءل من أسلم كما تقدم وأول من بايع يوم العقبه ، فشهد المشاهد كلها من المصطفى r لا بل أنه كان يقال لأبي الهيثم ذو السيفين ، من أجل أنه كان يتقلد في الحرب بسيفين .
    واستشد كذلك الصحابي زيد بن أسلم بن ثعلبه بن عدي بن العجلان البلوي حليف بني عجلان ، وهو ابن عم الصحابي ثابت بن أرقم ، وكان ممن شهد بدراً ، وذكر أن الذي قتله هو طليحه بن خويلد .
    هذا وكان رسول أبو بكر الصديق (رضي الله عنه ) إلى خالد وهو باليمامه الصحابي شريك بن سمحاء ( وهي أمه ) واسم أبيه عبده بن ابن معتب بن الجد بن العجلان البلوي حليف الأنصار ، وهو اخو البراء بن مالك من الرضاعه شهد مع أبيه احداً، فقد بعثه الصديق ( رضي الله عنه ) إلى خالد بن الوليد ( رضي الله عنه ) يطلب منه أن يسير من اليمامه إلى العراق ، وكان شريك أحد الأمراء بالشام في خلافة الصديق ، وبعثه الفاروق كذلك رسولاً إلى عمرو بن العاص حين أذن له أن يتوجه إلى فتح مصر .
    ومن المتعارف عليه أنه لايختار إلى السفارة ونقل الأوامر المهمه إلا الثقاة ، وتكليف شريك البلوي بتلك المهام دلاله على أنه كان من أهل الشورى في المدينه المنوره وإلا ما الذي يقعده في المدينه والجبهات ملتهبه ضد المرتدين ، ويتكرر الموقف أيضاً في عهد الفاروق ( رضي الله عنه )
    ليؤكد هذه الفرضية ، فضلاً على أن الأعراف في ذلك الزمان كانت تقضي بأن يحمل أوامر الخلفاء والحكام ، خيرة القوم ، عقلاً وشجاعة ومكانه إجتماعيه ، وكان ينظر لمن يكلف بذلك نظرة تقدير وأحترام .
    أجل لقد أثبتت الأحداث ولاء قبيلة بلي للدولة الإسلاميه وثباتها على عقيدتها ، وعدم بخلها بأبنائها
    من أجل رفع راية الإسلام ، فأبناؤها دوماً في مقدمة الصفوف يحرصون على الشهادة مذكرين إخوانهم بأن الله معهم ، وبأن الشهاده أسمى أمنية يتمناها الإنسان .
    أنصر نبيك
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .



صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
هذا الموقع برعاية
شبكة الوتين
تابعونا