سرقة الحجر الأسود ـ ضربة القرامطة





http://links.islammemo.cc/Historydb/...asp?IDNews=371

الزمان / 8 ذي الحجة ـ 317هـ .

المكان / بيت الله الحرام ـ مكة .

الموضوع / فرقة القرامطة الباطنية ترتكب مجزرة هائلة بالحرم وتسرق الحجر الأسود .

الأحداث /
مفكرة الإسلام : من هم القرامطة ؟
تعتبر القرامطة فرقة منحرفة ملحدة مد فرق الباطنية التي اتخذت التشيع شعارًا ومنارًا لتجميع الناس على دعوتهم وضلالهم وأبطنت الكفر والزندقة، ويرجع أصل القرامطة إلى رجل فكرة حاقد على مجمعه وعلى دينه بسبب قصر قامته ووضاعته نسبه وحقارة عمله، وهذا الرجل هو [حمدان بن الأشعث] المعروف بحمدان قرمط وقيل أن كلمة قرمط مشتقة من كلمة [قرمتيه] التي تعني الفلاح أو القروي في اللغة الآرامية، ولقد استغل أحد دعاة المذهب الشيعي الإسماعيلي الباطني الحقد والنقمة على المجتمع عند [حمدان قرمط] ودعاه للباطنية فاستجاب له وصار حمدان بعد ذلك داعية مخلصًا، وقد أبدى للناس الزهد والورع حتى يتجمع الناس حوله واستغل جهل الناس بالسواد الموجود بجوار الكوفة، ودعاهم لمذهبه وأفهمهم أنه مندوب الإمام وعلم بأمره أمير المنطقة واسمه [الهيصم] فقبض عليه وحبسه في بيته، ولكن حمدان استطاع الهرب بمساعدة بعض الجواري، وشاع بين الناس أنه صاحب معجزات وكرامات لا يقدر عليه أحد .

ومن الأسباب التي ساعدت على نمو حركة القرامطة ظهورها وتواكبها مع حركة الزنج الشريرة التي ظهرت سنة 256هـ فقد حاول حمدان قرمط أن يتصل بالخبيث صاحب الزنج، ويتحالف معه، ولكنهما اختلفا في وجهات النظر الإلحادية فلم يجتمعا .

نستطيع أن نقول أن القرامطة كانوا فريقًا من المذهب الإسماعيلي الذي انقسم إلى ثلاث شعب وفق مخطط مدروس سلفًا لإحداث فوضى أخلاقية واجتماعية ودينية عارمة بالبلاد المسلمة، وهذه الشعب الثلاث كانت كالآتي :

1 ـ بالكوفة وقام به الحسين الأهوازي مع حمدان قرمط .

2 ـ باليمن وقام به ابن حوشب وعلي بن الفضل .

3 ـ بالمغرب وقام به أبو عبد الله الشيعي الذي مهد لقيام الدولة الفاطمية هناك .

انقسمت القرامطة نفسها إلى ثلاثة أجزاء في أماكن مختلفة لإحكام السيطرة ونشر الفرقة وتكريس الإلحاد والزندقة بين المسلمين وهي :

أ ـ قرامطة الكوفة، وتم سحقهم على يد أحمد الطائي سنة 288هـ .

ب ـ قرامطة الشام، وظهرت على يد الخليفة العباسي بمعاونة الحمدانيين .

جـ قرامطة البحرين وهم أشد الفرق بأسًا وأقواهم شوكة وتزعما رجل اسمه أبو سعيد الجنابي وهو فارسي الأصل، ولكنه استطاع أن ينظم القبائل العربية والبدو في شرق الجزيرة، وجعل مدينة [هجر] مركزًا لدعوته، ونال المسلمون من هذه الفرقة الكثير جدًا من الأذى والإفساد، وظلت مسيطرة على منطقة البحيرة عشرات السنين، وهم الذين قاموا بالجريمة الشنعاء ومذبحة الحرم الشهيرة .

عقائد القرامطة :

معظم عقائد القرامطة تعود للمذهب الإسماعيلي الباطني الشيعي، ومن أهمها :

1 ـ يعتقدون في أن العقل قد فاض وظهر عنه النفس الكلية وبواسطة العقل والنفس وحدث جميع المخلوقات فإله قد يطلق على العقل أو النفس .

2 ـ ينكرون وجود الأنبياء وهذا ثابت من كلامهم ورسائلهم كما قال عبيد الله الفاطمي مؤسس الدولة الفاطمية في رسالة لأبي سعيد الجنابي [لا تكن كصاحب الأمة المنكوسة] أي أمة محمد صلى الله عليه وسلم حين سألوه عن الروح فقال [الروح من أمر ربي] لما لم يعلم ولم يحضره جواب المسألة ولا تكن كموسى التي لم يكن له عليها برهان سوى حسن الحيلة والشعبذة .

3 ـ أنكروا الجنة والنار واعتقدوا في التناسخ وأنكروا يوم القيامة .

4 ـ أسقطوا الشرائع كلها فلا صلاة ولا صيام ولا حج ولا يعتبرونه من شعائر الجاهلية .

5 ـ يعتقدون ألوهية أئمتهم وأن روح الله تعالى الله عما يقولون تحل في أجسادهم وتنتقل من جسد لآخر من أئمتهم .

6 ـ فرض حمدان قرمط على كل من الرجال والنساء درهمًا أسماه [الفطرة] ثم فرض [الهجرة] وهي دينار على كل شخص بالغ ثم فر عليهم [البلغة] وهي سبعة دنانير فكان كل من أدى سبعة دنانير أطعمه شيئًا حلوًا لذيذًا في قدر البندقة .

7 ـ يدين القرامطة بإباحة المحرمات خاصة الفروج فقد فرض عليهم [حمدان قرمط] أمرين في غاية الشناعة هما :

الأول : وهو [الألفة] وهو اجتماع النساء والرجال في ليلة معينة ويطفئ السراج ويأمرهم بالجماع فيقع الرجل على أي امرأة أمامه حتى ولو أمه أو أخته، ويقول لهم هذا من صحة الو والإلف .

الثاني : وهو [التشريق] وهو أن المؤمن في عقيدتهم لا يكمل إيمانه إلا إذا رضي بالتشريق وهو أن يدخل الرجل إلى حليلة جاره فيطأها وزوجها حاضر ينظر إليه ثم يخرج فيبصق في وجهه ويصفح قفاه ويقول له [تصبر] فإذا صبر عُد كامل الإيمان وسمي من [الصابرة] وقد أباحوا اللواط أيضًا وأوجبوا قتل الغلام الذي يمتنع على من يريد الفجور به .

لقد أخذت القرامطة على عاتقها تنفيذ الأحلام التي كانت تحلم بها الإسماعيلية والباطنية والعبيدية وهي إيجاد مجتمع يعتبر الدين خرافة والثواب والعقاب والمعاد أمورًا لا تصدق ويرى في اللذة والإباحية والملجأ الوحيد له، ويرى القرامطة استباحة دماء وأموال كل المسلمين خاصة أهل السنة، ويرون حتمية إقامة دولة للباطنية عن طريق الكفاح المسلح لذلك نستطيع أن نقول أن القرامطة خاصة قرامطة البحرين يعتبرون الجناح العسكري للحركة الباطنية عمومًا والفاطمية خصوصًا إذا كانت كل تحركاتهم العسكرية بوحي من الفاطميين .

مذبحة الحرم وسرقة الحجر :

مر بنا أثناء سرد عقائد القرامطة أنهم كانوا يجحدون شعائر الإسلام كلها خصوصًا شعائر الحج والتي قالوا عنه أنها شعائر جاهلية وثنية لذلك فلقد عملوا دائمًا على قطع طريق حجاج العراق، وفتكوا عدة مرات بركب العجيج، وكانوا يخططون لهدف أعلى إلا وهو تحويل الناس من التوجه للكعبة بمكة إلى بيت بمدينة [هجر] بناه أبو سعيد الجنابي، ودعى الناس للحج إلهي بدلاً من الكعبة، ولما رأى أن الناس لا يستجيبون لكفره وضلاله احتار في أمره فجاءه إبليس لعنه الله وتمثل له في صورة ناصح أمين وقال له [إن الناس لن يأتوا إلى بيت هجر إلا إذا كان به [الحجر الأسود] الموجود بالكعبة، ولابد من سرقة هذا الهجر، فشرع أبو عبيد في خطت ولكنه اصطدم بقوة أوضاع الخليفة العباسي وقتها، وظل هكذا حتى مات وجاء من بعده ولده أبو طاهر، وكان صاحب شخصية شريرة حاقدة في قمة الشجاعة والجراءة .

حدث أن وقع انقلاب على الخليفة العباسي المقتدر بالله عن طريق قائد جيشه ووزيره وعزلوه من منصبه وعينوا أخاه القاهر مكانه وحدثت اضطرابات شديدة بالأمصار الإسلامية، واستغل أبو طاهر هذا الفساد الواقع بين المسلمين لتنفيذ خطته الشريرة في سرقة الحجر الأسود .

مذبحة ثم سرقة :

خرج ركب الحجاج من كل مكان فوصلوا إلى مكة سالمين واجتمعوا كلهم في يوم التروية وهم لا يدرون بما هو مقدور لهم، حيث كان القرمطي الكافر في انتظارهم فهجم عليهم في يوم 8 ذي الحجة سنة 317 هـ فانتهب أموالهم واستباح دماءهم وقتلوا في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الحرم والكعبة أكثر من ثلاثين ألفًا من المسلمين والمجرم الكافر أبو طاهر جالس على باب الكعبة والرقاب تتطاير من حوله في المسجد الحرام في الشهر الحرام في يوم من أشرف الأيام يوم التروية والكافر ينشد :

أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا
والناس يفرون ويتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئًا بل يقتلون وهم كذلك .

فلم قضى الكافر المجرم فعلته الشنيعة بالحجاج أمر بأن تدفن القتلى في بئر زمزم ودفن كثيرًا منهم في أماكنهم في المسجد الحرام، ويا حبذا تلك القتلة، وذلك المدفن والقبر، وهدم قبة زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها وشققها بين أصحابه، وأمر رجلاً أن يصعد على ميزاب الكعبة يقلعه فسقط على أم رأسه فمات في الحال، ثم أمر بعد ذلك بقلع الحجر الأسود فجاءه رجل فضربه بسلاحه، وهو يقول أين الطير الأبابيل أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود، وأخذوه إلى بلادهم وخرجوا وهم يقولون :

فلو كان هذا البيت لله ربنا لصب علينا النار من فوقنا صبًا

لأنا حججنا حجة جاهلية محللة لم تبق شرقًا ولا غربًا

وإنا تركنا بين زمزم والصفا جنائز لا تبغي سوى ربها ربًا

حاول أمير مكة هو وأهل بيته وجنده أن يمنع القرامطة من أخذ الحجر الأسود وعرض عليه جميع ماله ليرد الحجر فأبى القرمطي اللعين فقاتله أمير مكة فقتله القرمطي وقتل أكثر أهل بيته، ولم يستطع أحد أن يمنع تلك المجزرة البشعة ولا السرقة الشنيعة .

ظل الحجر الأسود موجودًا عند القرامطة بمدينة [هجر] طيلة اثني وعشرين سنة بعد أمر من الخليفة الفاطمي في مصر بذلك، وسبق أن عرضنا للعلاقة بين القرامطة والفاطميين وأن كلاهما باطني ملحد مجرم كافر، وكان الأمير التركي [بجكم] قد عرض عليهم خمسين ألف دينار ليردوا الحجر، ولكنهم رفضوا وقالوا [نحن أخذناه بأمر فلا نرده إلا بأمر من أخذناه بأمره [يقصد الخليفة الفاطمي] .

والسؤال الذي يثور الآن لماذا ترك الله عز وجل هؤلاء الكفرة المجرمين يلحدون في الحرم ولم ينتقم منهم كم فعل مع أصحاب الفيل الذي أرادوا هدم الكعبة ؟

هذا السؤال أجاب عليه الإمام ابن كثير في عليقه على الحادثة فقال [إن أصحاب الفيل إنما عوقبوا إظهارًا لشرف هذا البيت، ولما يراد به من التشريف العظيم بإرسال النبي الكريم من البلد الذي فيه البيت الحرام فلما أرادوا إهانة هذه البقعة التي يراد تشريفها وإرسال الرسول منها أهلكهم سريعًا عاجلاً، ولم يكن شرائع مقررة تدل على فضله فلو دخلوه وأخربوه لأنكرت القلوب فضله، أما هؤلاء القرامطة فإنما فعلوا ما فعلوا بعد تقرير الشرائع وتمهيد القواعد بشرف مدة والكعبة، وكل مؤمن يعلم أن هؤلاء قد ألحدوا في الحرم إلحادًا بالغًا عظيمًا وعلم أنهم من أعظم الملحدين الكافرين، فأخرم الرب تعالى ليوم تشخص فيه الأبصار والله سبحانه يمهل ويملي ويستدرج ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم [إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته] انتهى كلام ابن كثير .

ونحن نضيف على كلام الإمام ابن كثير أن الله عز وجل قد أنزل على رسوله الكتاب وأقيمت دولة الإسلام وشيدت أعمدة أمة الإسلام، واستخلف الله عز وجل المسلمين على قيادة سفينة المجتمع وشرع لهم الجهاد في سبيل الله لنشر الدين وتبليغ الرسالة وردع الظالمين، وكف أذى الكافرين ورد عارية المجرمين الملحدين، ويوم يتبع المسلمون أذناب البقر ويرضوا بالحياة الدنيا ويتركوا الجهاد في سبيل الله عز وجل فإن الله عز وجل يسلط عليهم من يجعلهم يفيقوا من غفلتهم ويسلط عليهم الذلة والأعداء حتى يعودوا لدينهم ورشدهم؛ لن نصر الله عز وجل لا ينزل إلا على من ينصر الله كما قال عز وجل [إن تنصروا الله ينصركم] فإذا ترك المسلمون الجهاد ترك الله عز وجل نصرتهم ولا كرامة !