الرحالة الإنجليزي تشارلز دوتي زار الجزيرة العربية بين عامي 1876 م - 1877 م متنقلا بين مدائن صالح والعلا وتيماء وحائل وخيبر وبريدة وعنيزة والطائف وجدة . وكان قد عاش مع قبيلة بلي حوالي أربعة أشهر وألف كتاب (( ترحال في جزيرة العرب )) الذي كتب مقدمته لورانس العرب والكتاب مترجم للعربية من قبل المجلس الأعلى للثقافة المشروع القومي للترجمة وترجمته ليست بالجيدة نظرا لصعوبة ترجمة الإيحاءات البلاغية المرادفة للمعنى الظاهر ولجهل المترجم بأسماء الأماكن والقبائل التي تم ذكرها بالكتاب ومن خلال الترجمة تم حذف بعض العبارات التي تمس الدين الإسلامي أو الألفاظ البذيئة . وعلى الرغم من ذلك فإن الكتاب ممتع بدرجة تفوق الوصف بل إنه ينقلك إلى ذلك العصر وكأنك تشاهد الأشياء بعينك والكتاب مرجعا عالميا عن جزيرة العرب وحياة البادية وأشاد به لورانس العرب بل جعله أفضل كتاب لمستشرق زار جزيرة العرب .

ودوتي من اسرة ارستقراطية هجر حياة الرفاهية وأتجه لجزيرة العرب ليعاني الجوع ويعيش حياة البادية الممعنة في القساوة , وهو عالم جيلوجيا وشاعر أيضا كاد أن يقتله البدو في مرات عديدة بسبب نصرانيته التي لم يخفها .

وعلى الرغم من أن دوتي لم يترك أحدا في جزيرة العرب دونما إنتقاد حاد ومقذع في بعض الأحيان , إلا أنه خص قبيلة بلي بكلام جميل لم يقله بأي قبيلة أخرى سأنقله لكم بكل تجرد وأمانة حيث قال:

(( بدو بلي ألطف أنواع البدو في الجزيرة العربية كلها . نظرا لأنهم كانوا أحرارا وأصحاب قلوب مستطيرة , فإن السواد الأعظم منهم كانوا رجالا لهم واسع الحيلة , ولكنهم سرعان ماتكون شفقتهم أكثر من كرمهم , كان هؤلاء الناس يربون إبلهم بأعداد كبيرة , وقد شاهدت عند غروب الشمس قطيعا صغيرا من تلك الأبل يقف أمام كل بيت شعر : وتلك إشارة أو علامة مريحة أو مناسبة من العلامات التي توحي برغد العيش في الصحراء , هؤلاء البدو كما قيل مؤخرا لا يعتمدون الصرّة , التي ليس فيها بركة, ولكنهم من البدو البواسل , الذين لا يعلقون آمالهم على أحد سوى أنفسهم .))

هذا الكلام جاء من مستشرق غربي لم تعرف عنه المجاملة والمحاباة وكان صارما في وصفه ولم يسلم من نقده أحد حتى محمد بن رشيد أمير حائل في ذلك الوقت .