ضع إعلانك هنا



النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: إهداء للأخ بشير العصباني وجميع أعضاء المنتدى

  1. #1
    عضو مشارك الصورة الرمزية الطارش
    تاريخ التسجيل
    24 - 7 - 2008
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    143
    معدل تقييم المستوى
    576

    منقول إهداء للأخ بشير العصباني وجميع أعضاء المنتدى

    عندما شاهدت توقيع زميلنا الفاضل بشير العصباني (صورة الشيخ علي الطناوي ) أحببت أن أهدي هذه القصة له ولجميع الأعضاء الأفاضل ورحم الله الطنطاوي وجميع أموات المسلمين





    ممّا وقع لي في بغداد تلك السنة (1939) أنني دخلت في فرقة الملاكمة فتعلّمت من هذا المدرّب الألماني وقفة الاستعداد وأنواع اللكمات: المستقيمة الأمامية والمنحنية الجانبية والقصيرة الصاعدة. والقاعدة عندهم أن يستعمل المبتدئ في بداية التدريب يده اليسرى وحدها، حتّى إن من المدربين من يربط اليمنى حتّى لا يستعملها.
    تدرّبت أولاً على الكيس الثقيل، ثم شرعت أنازل بعض الطلاّب، أضربهم ويضربونني، فإذا دخلت الفصل عدت مدرّساً وعادوا طلاّباً. وأشهد أن طلاّب العراق يعرفون الانضباط تماماً. ولبثت على ذلك شهوراً، حتّى كان يوم أصابَتني فيه ضربة من طالب تورّمَت منها عيني وظهر أثرها عليها، فقلت للمدرب: إلى هنا وبَسْ (وكلمة "بس" بمعنى "فقط" فصيحة معرَّبة من القديم).
    ولكن سرعان ما طبّقت ما تعلمتُه من دروس الملاكمة؛ ذلك أنني زجرت يوماً طالباً مسيئاً يبدو أنه من أسرة غنيّة وجيهة، فحقد عليّ أهله. وكنت في صباح يوم مطير من أيام الشتاء أمرّ أمام وزارة الخارجية ذاهباً إلى المدرسة، فاعترضني رجل طويل ممّن يُدعَون في بغداد "أبو جاسم لِرْ" أي من صنف الفتوّات كما يُقال في مصر أو القَبَضايات كما يُقال في الشام. وكلمة "لر" تركية هي علامة الجمع عندهم. ففتح معي باباً للشرّ وقال: لماذا شتمت فلاناً (يعني من الطلاّب؟) أما عرفت من هو؟ وهل بلغ من قدرك أن تتطاول على ابن فلان؟
    فقلت له: حافظ على أدبك، وإن كان لك كلام فراجع مدير المدرسة.
    فقال قولاً بذيئاً وهدّدني وأمسك بصدر ردائي حتّى كاد يشقّه، ثم لوّث ثوبي بحذائه المحمّل بالوحل والطين فترك عليه أثراً ظاهراً. وكان يمشي إلى يساري، فقبضت يدي وتناولته بلكمة جانبية جاءت تحت صدغه لم يكُن يتوقّعها.
    وتجمّع الناس وحالوا بيني وبينه، ولم أعد أستطيع المشي إلى المدرسة بهذا الثوب الملطّخ بالوحل فأخذت عربة (عَرَبانة كما يقولون) وذهبت فبدّلت ثيابي، ومررت بالأخ الكبير الذي كان مَفْزَعنا في كلّ مُلِمّة تُلِمّ بنا، الأستاذ بهجة الأثري، فخبّرته. فقال: لا تدير بال (أي لا تُدِرْ لها بالاً).
    ووصلت المدرسة متأخراً فوجدت شيئاً عجيباً؛ الطلاّب جميعاً يستقبلونني يحفّون بي، يقولون: "خاطر الله شنو هذا" ماذا عملت؟ كيف ضربته؟ وأسئلة كثيرة من أمثال هذه كرّت عليّ باكراً. قلت: ويحكم، خبّروني أولاً ما القصّة؟
    فإذا القصّة أن هذا الذي ضربتُه معدود في حيّه من أبطال الرجال لا يقدر عليه أحد، أو هو يوهم مَن حوله بأنه لا يقدر عليه أحد. فلما يئس من أن ينتقم مني بيده ذهب إلى المخفر وشكاني، وكانت اللكمة قد أصابت أصول أسنانه فنزل منها الدم، فهوّل الأمر على الضابط وكبّره حتّى أحالوه إلى الطبيب الشرعي. ويظهر أنه استمال الطبيب فربط وجهه بالرباط الأبيض ورجعه إلى الضابط، فبعثه الضابط مع شرطي إلى المدرسة يفتّش عن المجرم الذي اعتدى على هذا البطل... وكنت أنا ذلك المجرم.
    فكانت دعاية لي بأنني قهرت مَن هو أقوى الرجال وأنني صرت بذلك من الأبطال، وذهبوا فحدّثوا بالقصّة إخوانهم وأهليهم، وزادوا في سردها على عادة الناس في المبالغات، وملّحوها وفَلْفَلوها ووضعوا لها الحواشي والذيول، فكانت النتيجة أنني صرت بطلاً. والحقيقة كما قال المثل: "مُكرَه أخوك لا بطل"!

    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك

  2. #2
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,593
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: إهداء للأخ بشير العصباني وجميع أعضاء المنتدى

    شكراً لك أخي الفاضل /
    قصة ماتعة و أسلوب أخاذ كما هي عادة الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله .
    أنصر نبيك
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .



  3. #3
    عضو فوق المتميز الصورة الرمزية بشير العصباني
    تاريخ التسجيل
    4 - 10 - 2007
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    1,463
    معدل تقييم المستوى
    609

    شكر رد: إهداء للأخ بشير العصباني وجميع أعضاء المنتدى

    الأخ الفاضل الطارش

    شكرا لك على هذا الإتحاف الرائع لإحدى قصص

    الشيخ على الطنطاوي رحمه الله فالشيخ جمع بين العلم وبين الكتابة والتبحر في القراءة

    قيل أنه رغم اشغاله كان يقرأ في اليوم سبعين صفحة أو يزيد في شتى العلوم

    لذلك كان برنامجه على مائدة الإفطار مليئا بالحكم والفوائد والدرر

    يجمل بين بساطة الإسلوب وسهولة الطرح والبعد عن التكلف

    وهذا ما يجعل العامي والمتعلم والصغير والكبير ينشد معه أثناء الحديث.

    شاكر ومقدر لك أخي على هذه اللفتة الرائعة.

  4. #4
    عضو مميز الصورة الرمزية محمد مطلق المعيقلي
    تاريخ التسجيل
    14 - 7 - 2008
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    915
    مقالات المدونة
    2
    معدل تقييم المستوى
    577

    افتراضي رد: إهداء للأخ بشير العصباني وجميع أعضاء المنتدى

    اختيار موفق

    حفظك ربي
    كم من مريد للخير لا يدركه
    اتبعوا ولا تبتدعوا
    القدوة المطلقة نبينا
    صلى الله عليه وسلم
    عليكم بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح

  5. #5
    ►█ قلمـ رصاصـ █◄ الصورة الرمزية يوسف صالح العرادي
    تاريخ التسجيل
    26 - 4 - 2007
    الدولة
    في قلــــبها
    المشاركات
    14,161
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    649

    افتراضي رد: إهداء للأخ بشير العصباني وجميع أعضاء المنتدى

    بارك الله فيك على اتحفنا بهذه القصه الرائعه و اختيار موفق

    رحم الله الشيخ
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    عضو مشارك الصورة الرمزية الطارش
    تاريخ التسجيل
    24 - 7 - 2008
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    143
    معدل تقييم المستوى
    576

    افتراضي رد: إهداء للأخ بشير العصباني وجميع أعضاء المنتدى

    الأخوة الأفاضل
    ( موسى بن ربيع البلوي )
    (بشير العصباني )
    (محمد مطلق المعيقلي)
    (يوسف صالح العرادي )
    أشكر لكم مروركم وتقبلوا تحياتي
    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
هذا الموقع برعاية
شبكة الوتين
تابعونا