منذ بداية الاجازة خرجت الى الصحراء في سياحة برية حيث لا شيء يعدل متعة افتراش الأرض والتحاف السماء وحيث لا جدار يصطدم بناظريك أينما اتجهت بهما.
والكتابة في الاجازة مملة وتشكل عبئا على الكاتب غير أنها التزام لا فكاك منه تجاه الصحيفة وان كانت ليست كذلك تجاه القارئ الذي ربما كان يحتاج الى اجازة من مطالعة (خلقة) كاتبه كل يوم !!
اجازاتي الربيعية البرية في السابق كانت أكثر متعة بسبب العزلة التي تفرضها الصحراء على الانسان غير أن أبراج الاتصالات وصلت حتى الى (الصمان) وسرق رنين الجوالات سكون الصحراء العذب وان أهملت تشغيل جوالك فغيرك من رفقتك لن يفعل, أيضا خدمة (الواب) التي جعلت التعذر بالانقطاع في الصحراء للتوقف عن الكتابة للصحيفة عذرا بليدا !!
وفي السنوات الماضية كانت الرحلات الصحراوية ملاذ النفس للانفصال عن العالم والاسترخاء الحقيقي في حضن البرية حيث السكون والأرض المخضرة والسماء الصافية وألواح الحطب المشتعلة التي تبث الدفء في الأوصال وتعطر المكان برائحة (السمر) واسترجاع نمط حياة الأجداد, وكم أشعر بالقلق من المستقبل وما يحمله الينا من وسائل الالتصاق بالعالم فلا تعود الصحراء ملجأ الهاربين من المدنية وطنين أخبار العالم المزعجة!!
وقد مررت بمخيمات في الصحراء جهزها أصحابها بكل أدوات الرفاهية وحتى بأطباق الستلايت وصوالين الغرف الجاهزة المكيفة, ولا أدري مثل هؤلاء لماذا يكلفون أنفسهم عناء الخروج الى البرية اذا كانوا يريدون أن يصطحبوا معهم المدنية الى الصحراء?!
أجمل ما في الحياة في الصحراء أنها تمنحك الفرصة للاختلاء بالنفس.. نعم هذه النفس التي تعايشك طوال الوقت وتكتشف في الصحراء أنك كنت منشغلا عنها!!



المصدر : خالد حمد السليمان