يتوهم البعض أن خبراء المال والاقتصاد ينجحون في حياتهم المالية والعملية على النحو الذي توحي به نظرياتهم ونصائحهم، ولكن الواقع ان نسبة كبيرة منهم يقعون في الأخطاء نفسها التي يقع فيها المستثمر العادي حينما يتخذون قراراتهم الخاصة بتعاملاتهم المالية، وتؤثر فيهم الدعايات ودوافع الطمع بالربح السريع، ومدى ارتياحهم للمخاطرة أو نفورهم منها. بل هم أحياناً عرضة لأخطاء أكبر من المستثمر العادي نظراً إلى إصابة بعضهم بداء الثقة بالنفس الزائد عن حده. ولكن هؤلاء الخبراء، بسبب خبرتهم ومؤهلاتهم، قد يصعب عليهم الاعتراف بارتكاب أخطاء واضحة طالما حذروا الناس من ارتكابها، ولكن في حديث صريح مؤخراً شرح أحد هؤلاء الخبراء المشهورين (ديفيد رامزي) الذي يقدم برنامجه الخاص عن نصائح المال والاستثمار، وله كتب شعبية عنهما، تجربته الخاصة ووقوعه في مصايد الكسب السريع، حيث كان في منتهى الغباء على حد قوله، أو: “stupid with many zeros at the end”.
قال (رامزي) إنه كان يقترض من البنوك قروضاً قصيرة المدى ليشتري العقار، ويدور القروض حينما يحل أجلها، دون تسديد أي أقساط. ونظراً إلى أن قيمة العقار في ارتفاع وسمعته لدى البنوك جيدة فإنه لم يواجه أي صعوبات وحقق أرباحاً طائلة لفترة من الوقت. ولكن أحد البنوك التي يتعامل معها تم الاستحواذ عليه من قبل بنك آخر، وقرر البنك الجديد عدم تدوير العقد بل طلب السداد لأن البنك كان بحاجة إلى رفع مستوى السيولة. وعندما لم يستطع، وصل الخبر إلى البنوك الأخرى والتي طالبت بدورها بتسديد قروضها في الحال. واكتشف خلال هذه العملية أنه لم يكن لديه استثمارات، بل "بيت من الورق سرعان ما انهار". وخلال سنتين فقد كل مايملك هو وأسرته، وأعلن إفلاسه.
وكان الدرس الذي تعلمه (ديفيد رامزي) خلال فترة الإفلاس هو أهمية تطبيق ما ينصح به الناس بعدم الاقتراض لشراء العقار ما لم يكن لديه من الأصول التي يمكنه الاستغناء عنها ما يغطي ديونه وفقاً لأسوأ الاحتمالات، أي أن قيمة القروض يجب ألا تتعدى قيمة العقار مُقيّمة بأقل قيمة وفقاً لتلك الاحتمالات، ومنها انهيار سوق العقار مثلاً. ويجب ألا يشمل ذلك العقار الذي يسكنه هو وعائلته، إذ إن ذلك أصل لا يمكن في الحقيقة تسييله نظراً إلى الحاجة إلى المأوى في نهاية الأمر. وبالطبع هذه نصيحة بديهيه، ولكن الخبير يظن أحياناً أن هذه النصائح لا تنطبق عليه، وأنه يستطيع أن يقهر السوق والمسلمات الاقتصادية.