قبيلة بلي في فلسطين نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
عدداً من قبيلة بلي نزحوا خارج شبه الجزيرة العربية، في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وقد تعدت الاسباب لهذا النزوح منها أسباب سياسية، وظروف مرت بها المنطقة بعيد الحرب العالمية الأولى، والتي ترافقت مع توحيد كثير من أقاليم الجزيرة العربية، وبعد معركة مويلح بالقرب من ضبة، التي شارك فيها عدد من أبناء قبيلة بلي، الأمر الذي أدى الي تشتت شمل فريق كبير من بلي، فمنهم من لجأ إلي مصر أو الأردن أو بئر السبع في فلسطين، وهناك أسباب أخرى للنزوح تتعلق بطلب الرزق، وكان جزءً من النازحين قد نزلوا في فلسطين، خاصة منطقة بئر السبع، وفي الوقت الراهن يتواجد عدد من بلي في منطقة السبع، وفي الضفة الغربية، وفي قطاع غزة، ونرى أنه من المناسب أن نتحدث هنا عن كل منطقة على حده، ذلك لتبيان مدى تأثير ظروف التشتت والفصل على تواصل أبناء القبيلة في فلسطين.

جدير بالذكر هنا أنه كانت في منطقة فلسطين والشام دولة لقضاعة في القرن الأول الميلادي، حيث نزلت جماعة من قضاعة الشام، وفي عهد الإمبراطور طيطس ( 79 -81 م) نودي على (ضجعم) أحد زعماء قضاعة ملكا عليها، فكان المؤسس للدولة التي حملت اسم ( الضجاعمة)، وفي عهد هذه الدولة انتشرت قضاعة في المناطق الواقعة بين جبل الشيخ وجبال فلسطين والبلقاء والغور، ثم ما لبثت أن امتلكت ما بين الشام والعراق والحجاز والعقبة وجبال الكرك، وبقي الملك في قضاعة إلى أن غلبهم الغساسنة وحكموا محلهم، ومن بطون قضاعة التي سكنت فلسطين : كلب وبلي وجهينة وجرم وقدامة وبنو بهراء وبنو عذرة ومسكة.
كما يذكر محمد شراب في كتابه ( معجم العشائر الفلسطينية)، أن منازل بلي كانت في الجاهلية على حدود الشام في بلاد ثمود بين موطن جهينة وجذام، ثم إلى جبال الشراة ثم إلى معان وأيلة من فلسطين .
وحسب المؤلف فان من سلالات بلي في فلسطين البلاونة، وجماعة أبو سليس وعشيرة الظُلام وعرب الفقرا في جوار الخضيرة على شواطيء نهر المنجر، ومنهم أيضا العرادات والقرينات والهروف وزبالة، كما يذكر أنه بعد نكبة فلسطين عام 1948م استقر بعض بلاونة بئر السبع في جوار قرية الظاهرية التابعة لمنطقة الخليل.
ويذكر الدكتور جمال جودة أستاذ التاريخ في جامعة النجاح الوطنية، أن موطن بلي يشمل أيضا جنوب فلسطين، حيث يمتد موطنهم شمال الجزيرة العربية ( الحجاز) وجنوب فلسطين، ويرجع الدكتور جمال سبب قلة أبناء القبيلة في فلسطين إلى أن فلسطين لم تكن موطنا رئيسيا لقبيلة بلي، كما هو حال بعض قبائل فلسطين مثل التياها والترابين والعزازمة، الذين تعتبر فلسطين من ضمن مواطنهم، خاصة بعدما جاءت هذه القبائل من شرق الأردن في القرن السابع عشر. كما أنه، وبعد القضاء على الدولة الضجاعية في الشام على يد الغساسنة- التي سبق الإشارة إليها- تفرق أبناء قضاعة فمنهم من عاد نحو الجزيرة أو مصر، ومنهم من تبقى في منطقة الشام، نجم عن ذلك قلة في عدد أبناء القبيلة الموجودين في فلسطين .
بلي في بير السبع
الفريق النازل من بلي في بئر السبع قليل، وقد قدر عارف العارف في كتابه تاريخ بئر السبع وقبائلها عددهم بنحو 300، وهم يقيمون في خربة تدعى أم دبكل، وينقسمون إلي أربعة فرق هي: العرادات والقرينات والهروف والزبالة، وأول من شيخوه عليهم الشيخ مريزيق الكنيشي، ثم مسعد الهرفي، فسالم أبو لمونه، فهليل الصهابين، وتطلق عليهم قبائل بئر السبع ( بلي الحجازية) لحداثة عهدهم في التواجد هناك، وربما لتمييزهم عن الظُلام، وهم أقدم عهدا من باقي عشائر بلي في السبع، يُذكر هنا ان بئر السبع تعتبر موطنا لقبائل كبيرة لعل اهمها: الترابين والعزازمة والتياها والحناجرة والجبارات والسعيديين، وهذه القبائل تعتبر من كبرى قبائل فلسطين ولها تواجد في مختلف مناطق فلسطين خاصة الجنوبية.
تعتبر عشيرة الظُلام أكبر عشيرة من بلي تسكن بير السبع، وهؤلاء كلهم أبناء رجل واحد، وهو ينتمي إلي قبيلة بلي ، والسبب في تسميتهم الظُلام هو أن فريقين من بلي اقتتلا، فقتل واحد منهم ابن الآخر، ولما اجتمعا وتفاوضا من أجل الدية، حُكم على القاتل بأن يدفع لوالد المقتول أربعين بعيراً دية لولده، فجاء القاتل وسلم أبا المقتول تسعة وثلاثين بعيرا، وامتنع عن إعطائه الأربعين، فأبي والد المقتول إلا أن تكون الدية كاملة، ولما لم يستطع هذا أن يأتي بالجمل الناقص، صوب إليه والد المقتول بندقيته وقتله ثم فر، فتألم الحاضرون مما جرى واستخطأوا القاتل فعدوا عمله ظلما ولقبوه بظالم.
وبعد أن هرب (ظالم) من عربه لاقاه رجل غني من عشيرته يدعى ( اللهيب)، فاستخدمه راعياً لأغنامه، ثم غادر الجميع أوطانهم ونزلوا في (الحفير)، وهناك اقترن ظالم بفتاة من قوم اللهيب، فكثرت ذريته ولما مات خلف ثلاثة أولاد هم :
1- مهنا: هو جد المهاينة ( جماعة أبو صبيح وأبو قرينات)
2- جنبوب: جد الجنابيب
3- راعي الهميسة: جد الهميسات ( ظُلام أبي ربيعة).
ظل الجنابيب في الحفير، وغادرها اللهايبة والمهاينة والهميسات، فنزلوا في (اللقية) و ( خويلفة) و( العراقيب)، وهناك اجتمعوا بالتياها وحالفوهم، وربما هذا ما جعل البعض يعتقد ان الظُلام من التياها، وهو اعتقاد غير صحيح، فالظُلام من بلي لكنهم حالفوا التياها وشاركوهم بعض حروبهم، خاصة حرب التياها والترابين، ويشير الباحث محمد شراب إلى أن الكثير من فروع القبائل الكبيرة في بئر السبع لا يمت بالنسب الأصلي للقبيلة، فقد يكونون من حلفائهم أو مستجيرين، أو أعوانا لهم، وقد غلبتهم التسمية وتقادم الزمن عليهم فأصبحوا منهم، وفي قبائل بئر السبع بوجه خاص فإن الحكومات المتوالية كانت تجمعهم تحت اسم واحد ليسهل قيادتهم، فجمعتهم الحكومات للإدارة لا للنسب ، لذا نجد بعض المصادر تشير إلى الظُلام على أنهم من التياها، والصحيح أن الظُلام من بلي وليسوا من التياها، وإنما هم حلفاء التياها، وعلى مدار الزمن انضموا إلى حلفائهم التياها في الحروب التي وقعت بينهم وبين قبيلة الترابين، وقاتلوا معهم حتى تمكنوا من صد الترابين وارجاعهم حتى منطقة الشلال، لكن بعد نجدة الترابين من قبل حليفهم ( أبي سرحان)، انهزم التياها والظُلام معهم، واندحروا حتى وصلوا إلي درب الكنان، حيث خسر الظلام ثمانين فارسا من أحسن فرسانهم.
وفيما يخص منازل الظُلام هي: الملح وكسيفة وعرعرة ومشايخهم هم:
الشيخ سليمان بن خليل بن ربيعة شيخ الهميسات
الشيخ محيسن بن حميد ابو جويعد شيخ اللهايبه
الشيخ سلام بن صبيح بن علي شيخ المهاينة.
ومن رجالهم المشهورين الشيخ سالم أبو ربيعة، فقد عُرف بين قومه بالكرم والفروسية وسعة الصدر والاطلاع على العوائد وحل المشاكل، وقد كان ذا أراض واسعة، ومنحه الأتراك أوسمة كثيرة.
ومن عشائر فخذ الظلام:
1- أبي ربيعة: ربيعات ، المحمدين، القرعان، غرباء
2- أبو جويعد: رحاحله، بدور، معايدة، حرابنة وغرباء
3- أبي قرينات: غولة، أبو قرينات، عيال سليمان، غرباء، غنامين.
وما دمنا نتحدث عن الظُلام، ولأنهم العشيرة الأكبر من بلي في بير السبع، نجد أنه من المناسب التطرق لحادثة شهيرة حصلت معهم وهي حربهم مع يطَة ( او اليطاطوه وهم سكان منطقة يطُا بالخليل ).
حرب يطًة والظلام
هي حرب نشبت بين عرب الظُلام البلويين وبين يطًة ( وهي منطقة شمال غرب الخليل)، ودامت هذه الحرب سبع سنوات، وجرت قبيل الحرب العالمية الأولى، حينما كانت المنطقة تخضع لنفوذ الدولة العثمانية( وهو نفوذ متراخي جدا في ذلك الوقت).
سبب الحرب كان على قطعة أرض مساحتها عشرون الف دونم يقال لها( تل عراد)، تبعد عن السبع 35 كم من الجهة الشرقية الشمالية، زعم كلا الفريقين أنها له، وأنه أحق من غيره بالإستيلاء عليها، ولما لم يتفقا احتكما الي السيف والرمح.
وكلا الطرفين الظُلام واليطاطوه، يرمي تبعة الحرب على الأخر، وحسب عارف العارف مؤلف كتاب تاريخ بير السبع وقبائلها فقد ذكر نقلا عن الشيخ (محمد قبوله)، الذي حضر تلك الحرب من أولها إلى أخرها، أن اليطاطوة هم الذين تحرشوا بالظُلام، إذ أرادوا أن يستولوا على تل عراد عنوة، وأنهم هم الذين فتحوا باب العداء على مصراعيه، إذ انقضوا على الارض وسكانها، وأن الظُلام ما كانوا ليجنحوا إلى امتشاق الحسام لو أن الحكومة أنصفتهم.
كانت في هذه الحرب قوى الفريقين متعادلة، أربعماية رجل من اليطاطوه، وأربعماية وخمسون من الظُلام، مشكلين من فرسان وهجانة ومشاة، وكانوا مدججين بالسلاح، السيوف والرماح والبنادق( التي كانت تسمى عثمانلي).
استمرت الوقائع والمعارك بين الطرفين حوالي سبع سنوات، حاولت الحكومة التركية أن تقنع الطرفين بالكف عن القتال، والإلتجاء إلى الطرق الودية والوسائل السلمية لحل الخلاف، ولكنها لم تنجح، فاضطرت أن تتخذ تدابير شديدة في حقهم، فاستولت على تل عراد وجعلته من أملاك الدولة، ثم اعتقلت عدد كبير من مشايخ الفريقين، وسجنتهم وقضت على بعضهم بالسجن 15 عام، والبعض الأخر بالشنق، الأمر الذي أثار الظلام فأوفدوا فريقاً منهم إلى الآستانة لتقديم الشكوى، وقد نجح الوفد في مسعاه، بمساعدة شكري بيك الحسيني و نخبة من رجال العرب الأخرين، فأطلق سراح المسجونين، وانتهت الحرب وتم الصلح ين الفريقين
وإضافة إلى الظُلام، يوجد من قبيلة بلي في بئر السبع بعض العشائر الصغيرة، لعل أهمها العرادات، القرينات، هروف، لكنهم قلة وقد نزح بعضهم إلى الضفة الغربية وغزة، وإلى الأردن بعد نكبة فلسطين عام 1948 .
بلي في قطاع غزة
غزة بحكم صغرها وجغرافيتها وموقعها لم تكن بذلك المكان الجاذب لأبناء قبيلة بلي كما حال منطقة بئر السبع في فلسطين، والنازلون من بلي الى غزة هم قلة قليلة، منهم من قدم من مصر لظروف الحياة وطلباً للرزق، ومنهم من لجأ إليها من بئر السبع بعد قيام دولة اسرائيل عام 1948م، وهم من عشائر وبطون مختلفة من بلي، وموطنهم شمال غزة، وينتمون إلى عشائر المطارفة والمقابلة، السحيمي والعرادي وزبُاله والمعاقلة، وبرغم عدم توفر إحصائية خاصة لعدد أبناء القبيلة في غزة، إلا أنه قليل.
يُذكر هنا أن بلي في غزة جاؤوا في معظمهم من مصر، ( منهم من قدم من السعودية إلى مصر، ومنهم من قدم مباشرة من السعودية)، واستقروا في غزة، وبئر السبع، وبسبب الظروف التي مرت بها فلسطين، خصوصا بعد نكبة العام 1948م، فإن قسم ممن استقروا في بئر السبع توجه إلى غزة، واستقر فيها مع من كان موجودا من قبل، ( وهناك من غادر بئر السبع باتجاه الأردن كما ذكرنا سابقاً)، وهناك قسم ممن وفدوا إلى غزة غادرها مع ظروف الاحتلال بين الأعوام 1948 -1967م إلى مصر أو الأردن، الأمر الذي أدى إلى تشتيت أبناء القبيلة الذين وفدوا إلى غزة، فانقسمت الأسرة الواحدة وتوزعت على أكثر من مكان في غزة وخارجها( تحديدا مصر والأردن) وبقيت القلة القليلة في غزة موجودة حتى اليوم، ومن تبقى ليسوا من عشيرة أو بطن واحد كما ذكرنا، وإنما ينتمون إلى عشائر وبطون مختلفة من بلي، حتى تكاد تكون كل أسرة تنتمي إلى عشيرة خاصة، فهناك أسرة تنتمي إلى المعاقلة- أسرة حماد البلوي- وأسرة تنتمي إلي العرادي – أسرة عطية البلوي- وأسرة تنتمي إلى فخذ زبُاله- أسرة أبو رشيد البلوي- ، وأسرة تنتمي إلى السحيمي- أسرة محمد أبو مظيعين البلوي-، وأسرة تنتمي إلى المقابلة – أسرة أبو مسعد البلوي- وهناك أربع أسر تنتمي إلى أبو دلاخ من القرينات، وهناك ثلاث أسر تنتمي إلى المطارفة.
وهناك مجموعة من الأسر تنتمي لعشيرة البحيصي من المطارفة، منازلهم الآن في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة، وأول ما قدموا فلسطين نزلوا في منطقة السوافير، وبعد نكبة فلسطين تركوها ونزلوا غزة، ومنهم من هاجر خارج فلسطين، وفي منطقة جنوب قطاع غزة هناك مجموعة من الأسر تنتمي إلى عشيرة العطار، من الأحامده، وقد نزلوا في بئر السبع لكنهم هاجروا منها نحو قطاع غزة بعد النكبة، ومنازلهم الآن بين رفح و خانيونس، في منطقة ميراج، يعتمدون بشكل أساسي على الزراعة.
جدير بالذكر هنا أن هذه الأسر ترتبط مباشرة بأقارب من الدرجة الأولى في مصر، أو الأردن، كإخوة أو أبناء عم مباشرين، ذلك بسبب ظروف التشتت الناجمة عن الإحلال كما ذكرنا، والتواصل بين هذه الأسر وامتداداتهم الأسرية في مصر والأردن مستمر ومتواصل ولم ينقطع، كما أفاد لنا السيد فايز البلوي، هذا فضلا عن التواصل بين هذه الأسر وبعضها في غزة، حيث تترابط هذه الأسر فيما بينها وترتبط بعلاقات حميمة، والتزاوج من بعضهم البعض، والزيارات بينهم مستمرة في المناسبات كافة، كما يسودهم التكاتف والالتحام والتعاون، والذي يظهر جليا في المناسبات المختلفة، وبعض المشاكل التي تواجه هذه الأسر ، وهذا الأمر قد لمسه الباحث بنفسه كونه من قطاع غزة وعلى صلة مباشرة بجميع الأسر هناك، كما يعتقد الباحث أن قلة العدد ساهمت بشكل كبير في تمتين عرى التواصل والتلاحم بين هذه الأسر، لمواجهة التحديات المختلفة بشكل جماعي، أما تواصلهم مع أبناء القبيلة في الضفة الغربية وبئر السبع فهو شبه معدوم نتيجة ظروف الحصار التي مرت بها غزة بعيد العام 1967م، إلا انه برغم تلك الظروف فقد تخللت الفترات الماضية بعض الزيارات المتبادلة لكبار رجال القبيلة من غزة إلى السبع أو الضفة الغربية. وقد تعرض أبناء القبيلة في غزة كما تعرض أهل القطاع للقمع الصهيوني، فمنهم المعتقل أو الجريح، أو من دمر منزله، أو من فقد مصدر دخله، خاصة في الانتفاضة الحالية، كما ان هناك بعضاً من شباب القبيلة في غزة التحقوا بالتعليم العالي، وتخرجوا من الجامعات، ويعملون في وظائف رسمية وخاصة، إلا أن أغلب العائلات كانت تعتمد على العمل اليدوي الذي شهد تراجعا قويا فترة الانتفاضة لحالية.


بلي في الضفة الغربية
يقصد بهم البلاونة، وهم يقيمون في قضاء نابلس في منطقة النصارية، وكذلك في منطقة طولكرم، وأصلهم من بلاونة بئر السبع وهم ينتسبون إلي قبيلة بلي كما ذكرنا
ويعتبر البلاونة في فلسطين امتداد لعشائر شرقي الأردن التي تقيم بمنطقة عجلون ومن أقسامها: الحناطلة والمخادلة والعلاونة ، وهم من قبيلة بلي، خرجوا من شمال الحجاز، ونزلوا بغور نمرين، ومنهم من لجأ إلى فلسطين فاستقروا في نابلس وطولكرم.يتبع