من القصف إلى التجريف..
تسود أوساط المزارعين الفلسطينيين في قطاع غزة قناعة مفادها أن القذائف الإسرائيلية، لا سيما «الفسفور الأبيض»، وتلك القذائف الحارقة غير المعروفة هي السبب في الانخفاض الحاد وغير المسبوق في محصولي الزيتون والنخيل في الحقول التي نجت من التجريف الصهيوني في القطاع. وبدت مظاهر خيبة الأمل جلية على وجه المزارع الفلسطيني العجوز عزام النجار (74 عاما)، وهو يجني محصول حقل الزيتون الخاص به شرق خان يونس، مؤكدا أن «المحصول أقل من خمسة في المائة من الحصاد السنوي المعتاد». وقال النجار: «إلى جانب الخسارة الكبيرة التي لحقت بنا نتيجة تجريف حقول الزيتون، يكاد يكون الحصاد لما تبقى من أشجار معدوما بطريقة لم تحدث من قبل»، مشيرا إلى أن هذا البلاء لم يكن من نصيبه وحده، بل ينطبق على جميع الحقول الزراعية في المنطقة. ورغم أن النجار لا يعلم السبب الذي أدى إلى خفض الإنتاج بهذا الشكل فإنه يبدي قناعة بأن سبب ذلك هو تأثير الصواريخ والقنابل والفسفور الأبيض الذي ألقته قوات الاحتلال خلال هجومها على غزة أثناء عملية «الرصاص المصبوب» التي شنتها على القطاع في 27 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي واستمرت 22 يوما. ولم تكن مزرعة الحاجة الفلسطينية أم محمد السميري أحسن حالا من حقل النجار؛ فثلاثون شجرة زيتون كبيرة لم تنتج سوى 40 كيلوجراما، في حين أنها كانت تنتج نحو أربعة آلاف كيلوجرام.
بدورها قالت وزارة الزراعة في غزة إن الخسارة الأساسية في محصول الزيتون ناجمة في الأساس عن تجريف القوات الصهيونية 8784 دونما مزروعة بأشجار الزيتون خلال الحرب، لافتة إلى عدم توفر دراسات تثبت علاقة انخفاض المحصول في باقي الأراضي بالقذائف التي أطلقتها قوات الاحتلال.
ويرى مهندس بيئي وجود رابط كبير بين انخفاض المحصول وقذائف الفسفور وغيرها من القذائف التي أطلقتها الاحتلال خلال عدوانها، موضحا أنه «في حال تعرض منطقة ما بالتلوث بالفسفور الأبيض، فإن ذلك يؤثر في عناصر البيئة كافة من ماء وهواء وتراب وكائنات».
ولم يكن حال محصول النخيل أحسن حالا من الزيتون، ويؤكد المزارع نواف الفليت (55 عاما) من بلدة دير البلح وسط قطاع غزة أنه لم يشهد قلة الإنتاج التي انخفضت إلى أقل من 20 في المائة هذا الموسم منذ عشرة أعوام.
بدوره، اعتبر المهندس الزراعي الدكتور حيدر اللحام أن النخيل يتبع الإنسان، وما يجري على الإنسان يجري على النخيل من خوف وتشوهات في ثمار العذوق والسباطة.