خطب ابن الجوزي رحمه الله الناس أيام الغزو الصليبي لديار المسلمين في الجامع الأموي بدمشق فقال
" أيها الناس مالكم نسيتم دينكم وتركتم عزتكم وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم ، حسبتم أن العزة للمشرك وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ،

يا ويحكم أما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم يخطر على أرضكم التي سقاها بالدماء أباؤكم ، يذلكم ويستعبدكم وأنتم كنتم سادت الدنيا ، أما يهز قلوبكم وينمّي حماستكم مرأى إخواناً لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف ،

أفتأكلون وتشربون وتتنعمون بلذائذ الحياة وإخوانكم هناك يتسربلون اللهب ويخوضون النار وينامون على الجمر ؟

يا أيها الناس

إنها قد دارت رحى الحرب ونادى منادي الجهاد وتفتحت أبواب السماء ، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فافسحوا الطريق للنساء يدرن رحاها ، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل يا نساءً بعمائم ولحى.

أو لا ؟ .

فإلى الخيول وهاكم لجمها وقيودها .

يا ناس أتدرون مما صنعت هذه اللجم والقيود ؟ .

لقد صنعها النساء من شعورهن لأنهن لا يملكن شيئاً غيرها ، هذه والله ضفائر المخدرات لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظاً ، قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى ، وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة ، الحرب في سبيل الله ثم في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض .

فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها فخذوها فاجعلوها ذوائب لكم وظفائر إنها من شعور النساء ، ألم يبق في نفوسكم شعور ؟ .

وألقى اللجم من فوق المنبر على رؤوس الناس وصرخ :

ميدي يا عمد المسجد وانقضي يا رجوم وتحرقي يا قلوب ألماً وكمداً ،

لقد أضاع الرجال رجولتهم .



رحمك الله هذا قولك لمن بلغ ملكهم الأندلس وبلاط الشهداء

فماذا ستقول لنا ؟

وبما ستصفنا لو رأيت حالنا اليوم ؟



والصلاة والسلام على رسول الله

وعلى آله وصحبه أجمعين .