الحمد لله الذي بعث رسوله المصطفى ليتمم مكارم الأخلاقأرأيتم 00إخوانيأحمد سبحانه وهو الواحد الرزاق
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له0 وأشهد أن محمداً عبده ورسوله0 شفيع الموحدين يوم التلاق0 اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً00 أما بعد00
إلى العلل في الأجساد كيف تتدهور بها الصحة وتخل بها القوى؟
أرأيتم إلى البناء إذا أقيم وفي أساسه خلل وضعف كيف يتهاوى إذا حلت به ريح أو هزة خفيفة؟ فالجسد والبناء لا بد من الاهتمام بهما00 وإذا ظهرت علة فيهما أو في أحدهما فلا بد من المسارعة في إزالة العلل والمهلكات00
كذلك00أخي المسلم00 نعيش في هذا العصر أزمة أخلاق تكاد تعصف بالأمة في الهاوية00 ولابد من المسارعة في تشخيصها والمبادرة في علاجها قبل فوات الأوان00 فمن صور تلك الأزمة الخلقية السائدة في هذا الزمان صورة وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم00 بأقبح وصف00 وحكى واقع فاعلها بما ينفر عنهويوحي بالاحتراز منه0
نعملقد وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم00 بذي الوجهين
وأخبر أنه من شرار الخلق00 لعظم جرمه وفساد طويته وخبث محاولاته وبشاعة مواقفه وفساد صنيعه0
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم00 (تجدون من شرار الناس ذا الوجهين يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)
إنهيا عباد الله
نفاق واضح00 لا لبس فيه وحسب المرء ضعةً وهواناً أن يكون في عِداد المنافقين00 يتخلق بأخلاقهم00 ويسير في ركابهم00 ويضر المؤمنين في مجتمعهم00 ويضرم نار العداوة بينهم0
إن ذا الوجهين يجمع بمحاولاته بين مجموعة من المحرمات يرتكبها عمداً ومع سبق الإصرار تدفعه إلى ذلك نفسيته المريضة فتحمله على الكذب
0(وإن الكذب يهدي إلى الفجور00 وإن الفجور يهدي إلى النار)00 كما صح بذلك الحديث00 وتحمله تلك النفس الخبيثة على النميمة00 واليمين الفاجرة واللعن والغيبة وكل ذلك جالب سخط الله عليه ووسائل هلكةٍ00 تعرضه للوعيد الشديد00 قال سبحانه00(وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ00هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ00مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ)
وهناك ألوان من الناس هم عبء ثقيل على المجتمع لما يعانيه منهم إذ هبطوا عن درجة الكمال في الإيمان00 فمنهم00
الثرثارون الذين هم قوم يتجرون بالكلام00 وديدنهم رواية الأخبار00 ونقل الغث والصحيح00 والصدق والكذب0 ينتقل أحدهم من ندوة إلى أخرى ممتطياً مطية الكذب00 قالوا كذا وزعموا كذا00 دون تثبت في النقل أو وزن لما يحدث به00 وذلك من أوضح البراهين على اعتلال خلقه وضعف نفسيته0 يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم0 (بئس مطية الرجل زعموا00ويقول رب العزة والجلال موجهاً عباده للتثبت من سماع الأخبار وعدم الأخذ بكل ما يقال(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين)
وممن هم عبء على المجتمع ويمثلون أزمة الأخلاق القائمة في الأمة المشتدقون الذي يتكلمون بملء أشداقهم00 سواءً كان ذلك اعتداداً بفصاحتهمأو توسعاً في الكلام دون احتراز لما يحل منه وما يحرم وما يجمل التحدث به وما يقبح00 وقد جاء في الحديث
(إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها سبعين خريفاً في النار)وماأكثر المتشدقين في أعقاب الزمن الذين يتشدقون بدعاوى لا يصدقها واقع00 محاولين توجيه الأنظار إليهم ولو بالكذب والباطل00
أما اللون الثالثفهم المتفيهقون الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ببعض صفاتهم حين سئل عنهم بأنهما المتكبرون00 إذ من أبرز صفات المتكبر التعاظم في كلامه00 والارتفاع على الناس في الحديث00 وإذا كان مثقفاً فإنه يحاول التحدث بالغريب من الكلام إظهاراً لفضله00 كما يحلو له00 وازدراءً لغيره00 تلك علة خلقية تشعر بضعف نفسية المتفيهق00 ولذلك يكون بعيداً في الدنيا عن قلوب الناس00 معزولاً عن خيارهم0 مقروناً في الآخرة بمن أبغضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال00(إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا00 وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون
قالوا00 يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون00 فما المتفيهقون؟ قال
المتكبرون)
وإن مما أصاب الأمة في صميم أخلاقها انتشار القنوات الفضائية00 وغزوها بيوت المسلمين00 واستخدام هذه القنوات من قبل بعض الناس استخداماً مُخلاً بالإيمان00 مخلاً بالشرف والمروءة والأخلاق وليته اقتصر في ذلك على نفسه بل جعل أولادهذكرهم وأنثاهم 00 في غياهب الظلمة00 وأفسد عليهم أخلاقهم ودينهم بترك الحبل على الغارب تعاوناً منه مع أعداء الإسلام في إفساد الأمة من حيث يشعر أو لا يشعر00فأعداء الملة المحمدية صدّروا هذه الشاشات إلى بلاد المسلمين لقصدٍ دنيء وخسيس هو إضاعة أخلاق الأمة00 وهؤلاء أهل الشهوات لم يفكروا أو يهتموا لهذه المؤامرة وهذا الخطر00 بل جعلوا وصولهم إلى ملذاتهم وشهواتهم هو الغاية والهدف الذي يسعون إليه فلم ينتبهوا لأنفسهم ولا لأولادهم ونسائهم 00ولا حول ولا قوة إلا بالله00 فصارت الأسرة بهذا الشكل تشاهد ما هب ودب في هذه القنوات إذ لم تشعر أن عليها رقيب فأثيرت الشهوات
وفسدت المروءات00 وانتشر التبرج والسفور0 والتشبه بالكفار والكافرات وبدأنا نرى صوراً غريبة في بعض بقاع العالم الإسلامي لمن هن من المسلمات0 متبرجات كاسيات عاريات00 ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن مثل هؤلاء00(العنوهن فإنهن ملعونات)00ولقد رأينا شباباً من المسلمين يتسكعون في الطرقات00 قد أثارتهم مثل هذه الصور الخليعات00 فآذوا عباد الله في بناتهم وأخواتهم المؤمنات00 كل ذلك هو من نتائج مشاهدة الأفلام والمسلسلات الخليعة التي انتشرت في بلاد المسلمين فتميعت أخلاق كثير من الشباب نسأل الله لنا ولهم الهداية00
إن الإسلامأيها الأخ المسلم00 ولا شك يحرم الزنا00 ويجعله من الفواحش والكبائر00 ومن أجل خطورة هذا الموقف فقد حرم الإسلام المقدمات التي تؤدي إلى ذلك ومنها تقحم البصر قال تعالى00(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ) وقال بعد هذا (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) وهنا دليل على أن عدم غض البصر يؤدي إلى الوقوع في الفاحشة00 وقد قال 00تعالى0 محذراً من البصر الخائن
(يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) وليس البصر وحده 00يا عباد الله00 مقدمة للحرام00 فهناك أيضاً السمع والقلب00 (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)0
جعلنا الله واياكم ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم (ان أقربكم مني منزلآ يوم القيامة أحاسنكم أخلاقآ)
0 نسأل الله أن يهدي الجميع إلى أحسن الأقوال والأفعال والأخلاق00 لا يهدي لأحسنها إلا هو00
اللهم انا نسألك العفو والعافيه 00اللهم حسن اخلاقنا وجمل افعالنا اللهم كما حسنت خلقنا فحسن بمنك أخلاقنا 0 ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمينهذا والله اعلم واقدر وصلى الله وسلم
المفضلات