على ضجيج الأصوات .. صحى ( قيس ) .. ونطق شعراً كعادته .. سمعه زهير بن أبي سـُـلمى … وقال له : نم …. نم …. يابن أخي … فما هذه الأصوات سوى هدير آلــيـات البلديات .. والتي يبدو أن الأرض قد ضاقت عليهم بما رحبت .. وأن التوسع العمراني الإسمنتي قد غشانا..
ولكن ( قيس ) قال لشيخ الشعراء ( زهير ) … والله يا عماه .. إن بي لوعه وصبابه لـ ( ليلى ) إبنة عمي … وأجدها فرصه ، لكي أحظى بلحظها ..
فقال له ( زهير ) :
على رسلك يا قيس … فإن المتنبي والبحتري وأبي تمام .. والفرزدق… مستائون مما يجري .. سوق عكاظ لم يعد قائماً والإبداع الشعري يكاد أن يكون مفقوداً … ولا يوجد على الساحه سوى أن الأكثريه ، هم من المستشعرين ، والحداثين ..!!
وبما أن الصبُ تفضحه عيونه .. خرج ( قيس ) وهو بحالته .. أشعث .. أغبر.. كث اللحيه..
وإذا براعي "عراوي" يقترب منه .. وفرّ قيس منه هارباً .. معتبراً أن العراوي جني من (الجنانوه) .. وبعد أخذ ورد من راعي العراوي .. وبالقرب من أحد مراكز الشرطه .. قال له .. هنا تستطيع أن تعرف أين هي مضارب قومك …
وأُستـُقـبِل ( قيس) من قبل " الشرطه " كما هي العاده في دول العالم ( العاشر) .. في مثل هذه الحالات…
وضجر ( قيس ) من هذا الإعتقال ( القسري ) .. وهددهم بقومه … معرفاً على نفسه .. وأنه شخصيه مهمه .. مما حدا بمسئول ( العسس ) أن يتصل بمن هو أعلى منه .. وحضر المسئول .. ليرى ما يجري ، وطلب من مرؤوسيه إحضار هذه الشخصيه ، لمعرفة ما ورائها ..
وحضر ( قيس ) بين يدي المسئول ، والذي كان مشتاطاً غضِـباً قائلاً له : من أنت .. لكي تبرق وترعد وتهدد بقومك .. من أنت .. يا هذا ..؟
هل أنت ( هلالي ) ؟؟
أجاب قيس :
أنا لست من بني هلال ، أنا قيس بن الملوح ، من قوم ( صعصعه) الذي يضرب به الأمثال بجوده , وكرمه وشجاعته ، أما بني هلال .. فنعم القوم … ومنهم الفرسان والشجعان .. وهل منا من لا يعرف الفارس المقدام أبو زيد الهلالي سلامه ..! قال له المسئول :
مستهزئاً … ونعم الثقافه ..!!
إذاً… أنت تعرف عبادي وأحلام وفيفي عبده ؟؟ وهنا إنفلت ( قيس ) ليثبت بأنه على قدرٍ من الثقافه للمسئول.. قائلاً : وهل يخفى القمر .. أليس ( عبادي ) هو من تولى ( حقيبة ) وزارة الثقافه .. لأكثر من عشر سنوات ..
وله مؤلفات كثيره .. منها كتاب ( العــِبره .. و .. الــعـَبـره ) .. وموسوعة …
( حالات نصب الفاعل .. وكسر المفعول به ) ..
وأما " أحلام " .. فهي التي بنى بها ( تزوجها ) جميل بن معمر عندما رفض عم جميل أن يزوجه ( بثينه )..
وطيبة الذكر " فيفي عبده " فأذكر أنها كانت تعمل (مرضعه ) في مضارب قومي..
و رد قيس قائلاً .. وهل هذا السؤال يــُسأل به ( قيس ) …؟؟
وهل أنا .. إلا قتيل " سهام " ليلى … يا أبا جهل …
وعندما تيقن المسئول أنه ليس من المشاهير أمرهم .. بإخراج " قيس" بعد أن ( يبصموه ) على تعهد بعدم العوده لإزعاج السلطه .. !!
وفي أحد أحياء المدينه وفي قصر عمه …. رأته " ليلى " … وثارت بها الشجون .. وقالت: من هنا.. ؟
قيس .. إبن عمي … يا مرحبا .. يا مرحبا …..
والتفت قيس إلى مصدر الصوت … ورأى ليلى .. وقال : إني أرى ملامح " ليلى " .. بربك هل أنت ليلى ..؟
قالت :
نعم أنا ليلى ..
قيس :
ولكنك متغيره .. ما هذا اللباس الذي تلبسين .. وماهذه الأصباغ التي تضعين ..؟؟ هل تستعملين ( الديرم ) أم تخضبين شفتاك بالأقحوان ؟ …
ليلى :
بكل دلال .. قيس يابن عمي :
اللباس الذي أرتديه ، فإنه بنطال الجينز، الإختراع الأمريكي ، وأما الأصباغ .. فهي أل ( ميك أب ) .. وهي من لزوميات المرأه .. في هذا الزمان .. وليس لها علاقه بـ ( لزوميات ) أبي العلاء المعري ..!
قيس :
تباً لك يا ليلى … كنت أراك نضره كنبتة الخزامى .. وانت ( تتقمزين ) العرفج .. عندما كنا نلتقي خلسه عند تلك " الخباري " .. هل تذكرين تلك الأيام ؟؟
وكم تسببت لك بمشاكل مع أهلك .. عندما تواعدنا ، وتأخرت قليلاً بالرجوع إلى الحي …!!
ليلى :
.. رعى الله تلك الأيام .. التي لا يمكن مقارنتها في هذا الزمان .. !!
ثم قال قيس :
ارغب في مغادرة المكان قبل قدوم عمي .. ولا أرغب في مشاكل أخرى معه على أمل اللقاء في مكان نتواعد فيه.. !!
قيس :
ما خرجت .. إلا ولدي رغبه بالزواج بك .. و طلب " يدك " من عمي ، عندما يعود مع القافله من بلاد الشام ..
ليلى :
إن والدي في رحلة ( صياعه ) سياحه للإستجمام ، من ( كان ) وما حولها .. إلى شواطئ الكورت دوزور ، لينشكح على تلك الشواطئ .. ومن ثم يعرّج على إحدى الكازينوهات ، ليلعب ببعض الدولارات .. هذه هي عادته الربع سنويه يابن عمي …!
قيس :
مالت عليِكِ وعلى أبوكِ …
وهل يلعب "عمي" الروليت والبلاك جاك ..؟
للأسف … نعم .. أجابته ليلى … وماذا يفعل .. المال واجد .. والخير كثير .. ولكن .. من أين له هذه الأموال ..؟؟ وكل ما أذكره .. بأنه لا يملك شيئاً ، وكان صعلوكاً من صعاليك الحي…
ليلى :
سبحان مغير الأحوال … ويرزق من يشاء بغير حساب .. !
والدي أصبح ثرياً ، لقربه من كبار القوم .. فهو مداحاً ، وبوقاً من الأبواق ، ومساح جوخ ، وكبار القوم ما يقصروا فهم يمنحونه بسخاء ..!!
وهنا دخلت الخادمه ، تحمل شراباً بارداً ، وقدمته لقيس ..
فنظر لها قيس قائلا :
لقد صدق " حدسي " و قلت إن العربان سيغزون الصين … أليست هذه " الفطساء " من ( سبايا ) بلاد الصين يا ليلى ؟؟
ولم تجبه ليلى .. لكي لا يخيب حدسه …
وماذا لو عرف عن عدد السبايا على حد قوله من خدم المنازل..!!
ثم قال قيس مخاطباً إبنة عمه ليلى : إن حياتكم معقده .. وبعض الكلمات لا أفهمها … ولا أريد أن أشغل نفسي في شئون وشجون حياتكم اليوميه .. وما أنا إلا عاشق متيم .. !
ولكني .. سأفقعك " قصيده " غزليه .. ( أطلق ) من بعض الخطابات السياسيه .. مهراً لك .. وقصيدة مدح في " عمي " لكي يوافق على زواجنا ..!! فقالت ليلى : أما القصيده الغزليه .. فأنا أقبلها , في هذا الوقت الذي ( جفــّت ) فيه المشاعر الإنسانيه والوجدانيه … بين الناس .! وأما قصيدة المدح لأبي .. فإنه مداحاً , ويرفض أن تشلخ عليه .. وسوف لايوافق على زواجنا .. إلا إذا كنت راعي ( وظيفه ) أي أن تعمل .. لأن والدي رجل عصامي……… ( شف الكذابه ..) ..!!
قال لها قيس : الأمر سهل إن شاء الله .. فما عليكم إلا أن تدلوني على أبواب " السلاطين " وكبار القوم .. وسأمدحهم بقصائدي لأنال عطاياهم … لأن منزلتي كشاعر .. أفضل مكانه من وزير الإعلام … وأفضل من ( الفضائحيات )..!!
قالت له ليلى : كف عن هذا يا قيس .. ( وخبرك قديم ) .. لابد من أن تجد عملاً ..؟؟
قيس : الأمر لله .. ولكني لا اجيد ( حرفه ) معينه ..
فأجابته قائله : وهل من الضروري ان تجيد ( حرفه ) ؟؟
المسأله بسيطه .. إشتغل ( مطرب ) .. في الفضائحيات .. وستنجح .. وعوامل النجاح .. سيوفروها لك .. في الفيديو ـ كلب .. بحيث ما عليك إلا أن تفتح فاك .. والباقي ستكمله ( الصايعات ) العاريات .. !!
وغضب ( قيس ) .. وإشتاط .. وقال :
أنا .. قيس بن الملوح .. أتحول من شاعر .. إلا ( حادي ) … وا ذلاه .. واذلاه …
لكن ( الشرهه ) ماهيب عليكِ ..
لم أتخيل أنك تغيرت لهذا الحد .. الذي أصبحت عواطفك نحوي تجاريه..
آه منكم ومن زمانكم .. وقال لليلى قبل أن يغادر المكان :