هو أبو عبد الرحمن موسى بن نصير البلوي (19 هـ/640 م – 97 هـ/716 م) قائد عسكري عربي لعب دورًا بارزًا في انتشار الإسلام وتوسيع رقعة الدولة الأموية. شارك موسى بن نصير في فتح قبرص في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، ثم أصبح واليًا على إفريقية من قبل الخليفة الوليد بن عبد الملك، واستطاع ببراعة عسكرية أن ينهي نزعات البربر المتوالية للخروج على حكم الأمويين، كما أمر بفتح شبه الجزيرة الأيبيرية، وهو الغزو الذي أسقط حكم مملكة القوط في هسبانيا.
نشأته:
وُلد موسى بن نصير البلوي في العام 640 ميلاديًا في المدينة المنورة. كانت أسرته ذات أصول عربية نبيلة، وكان والده نصير بن الحارث شخصية معروفة في المدينة المنورة.
مسيرته العسكرية:
- المشاركة في الفتوحات الإسلامية: انضم موسى بن نصير إلى الجيش الإسلامي في فترة حكم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب. شارك في العديد من الفتوحات الإسلامية في بلاد الشام والعراق.
- التحضير لفتح الأندلس: كلف موسى بن نصير بالتحضير لفتح الأندلس خلال فترة حكم الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.
- فتح الأندلس: قاد موسى بن نصير الحملة العسكرية التي أدت إلى فتح الأندلس سنة 711 ميلاديًا. كانت هذه الحملة من أهم الفتوحات التي فتحت الطريق لانتشار الإسلام في الغرب الإسلامي.
- معارك وانتصارات: خاض موسى بن نصير العديد من المعارك الهامة خلال حياته العسكرية، ومن أبرزها معركة طليطلة ومعركة الوادي الأبيض.
أبرز المواقف في حياته:
تاريخ موسى بن نصير البلوي شهد العديد من المواقف المهمة التي تعكس شخصيته ودوره في التاريخ الإسلامي. إليك بعض من أبرز هذه المواقف:
- تنظيم فتح الأندلس: من أبرز المواقف في حياة موسى بن نصير هو تنظيمه وقيادته لحملة فتح الأندلس. كانت هذه الحملة العسكرية الهامة أحد أهم إنجازاته، حيث نجح في توسيع نطاق الدولة الإسلامية إلى الغرب الأوروبي.
- معركة طليطلة: تعتبر معركة طليطلة واحدة من أهم المعارك التي شارك فيها موسى بن نصير. في هذه المعركة، واجه جيشه الإسلامي القوى الفيسغوثية الكبيرة وحقق انتصارًا مهمًا، مما فتح الطريق أمام فتح الأندلس.
- التعامل مع الإدارة الأموية: كانت لموسى بن نصير علاقة مهمة مع الخلفاء الأمويين والأمراء في الدولة الأموية. كان يتمتع بثقتهم وكان يتولى مهام عسكرية وإدارية هامة في الدولة.
- إدارة الأندلس بعد الفتح: بعد فتح الأندلس، قام موسى بن نصير بتنظيم الإدارة وترتيب الشؤون العسكرية والإدارية في المنطقة بطريقة فعالة، مما ساهم في استقرار الأندلس وتطويرها.
- مواجهة التحديات الداخلية: خلال فترة حكمه في الأندلس، واجه موسى بن نصير العديد من التحديات الداخلية والخارجية، ولكنه استطاع التعامل معها بحكمة وشجاعة.
تاريخ موسى بن نصير البلوي مليء بالمواقف المهمة التي تبرز شخصيته القيادية ودوره البارز في توسيع نطاق الدولة الإسلامية وتنظيم الأندلس بعد فتحها.
أعماله الإدارية:
بعد فتح الأندلس، تولى موسى بن نصير البلوي مسؤولية إدارة المنطقة وتنظيمها بطريقة فعّالة. قام بتنظيم الحكم وترتيب الشؤون الإدارية والعسكرية في الأندلس.
من بين أبرز أعماله الإدارية:
- تنظيم الحكم المركزي: أقام نظام حكم مركزي يتمثل في تعيين الولاة والحكام للمدن والمناطق الرئيسية في الأندلس. كان لهذا التنظيم الهيكلي دور في ضمان استقرار المنطقة وسلامة حدودها.
- تطبيق القانون الإسلامي: نفذ موسى بن نصير نظام القانون الإسلامي في المنطقة التي حكمها. تمثل ذلك في تطبيق الشريعة الإسلامية في القضايا الشخصية والقضايا المدنية والجنائية.
- تحسين البنية التحتية: قام ببناء العديد من المدن والمنشآت الحكومية والإدارية في الأندلس، بما في ذلك القلاع والمساجد والمدارس ونظام الري والطرق.
- تشجيع العلوم والثقافة: كان لموسى بن نصير دور في تشجيع العلوم والثقافة في المنطقة. قام ببناء مراكز تعليمية ومساجد كبيرة ودعم العلماء والمفكرين.
- تعزيز الاقتصاد: نشط موسى بن نصير الاقتصاد في الأندلس من خلال تعزيز التجارة وتطوير الزراعة وتنظيم نظام الضرائب.
بهذه الأعمال الإدارية، نجح موسى بن نصير في توطين الحكم الإسلامي في الأندلس وضمان استقرار المنطقة لعقود بعد فتحها. كانت هذه الجهود جزءًا من تطوير الدولة الإسلامية في ذلك الوقت ومساهمة في تأسيس حضارة إسلامية مزدهرة في الأندلس.
أبرز المعارك التي قادها:
- معركة طليطلة (Battle of Toulouse): في هذه المعركة، التقى جيش موسى بن نصير مع الجيش الفرنجي المسيحي، بقيادة أودو الكبير، دوق أكيتانيا. انتهت المعركة بانتصار الجيش الإسلامي وتمكنهم من السيطرة على طليطلة في فرنسا.
- معركة الوادي الأبيض (Battle of the White Meadow) – 707 ميلاديًا: وقعت هذه المعركة بين جيش موسى بن نصير والجيش الفرنجي في منطقة الوادي الأبيض قرب قرطبة في الأندلس. انتهت المعركة بانتصار الجيش الإسلامي وتمكنهم من توسيع نطاق سيطرتهم في الأندلس.
- معركة الغراسيق (Battle of Guadalete) – 711 ميلاديًا: كانت هذه المعركة هامة جدًا، حيث قاد موسى بن نصير الجيش الإسلامي في الغرب الإسلامي والذي اشتهر بتاريخ الفتح الإسلامي للأندلس. انتصر الجيش الإسلامي في هذه المعركة وساهمت في تأسيس دولة الأمويين في الأندلس.
هذه المعارك الثلاث كانت من بين أبرز المواجهات التي قادها موسى بن نصير، وساهمت بشكل كبير في توسيع نطاق الدولة الإسلامية وتعزيز نفوذها في الجزيرة الإسبانية والمناطق المحيطة.
ولايته لإفريقية:
بعد أن لحق بعبد العزيز بن مروان في مصر، وجهه عبد العزيز عام 84 هـ بحملة على برقة، فغنم منها وسبى. ثم ولى عبد العزيز بن مروان والي مصر موسى بن نصير على إفريقية خلفًا لحسان بن النعمان عام 78 هـ وقيل عام 86 هـ أو 89 هـ في خلافة الوليد بن عبد الملك استطاع موسى أن يخمد ثورات البربر المتعاقبة، ويعيد فتح المناطق التي كان البربر قد انتزعوها من المسلمين بعد فتحها أول مرة، وبعث بالغنائم إلى عبد العزيز الذي بعثها بدوره إلى الخليفة عبد الملك بن مروان، فسكن غضب عبد الملك على موسى. وقد اهتم موسى بنشر الإسلام بين البربر ومسالمتهم واستمالة رؤوسهم، ليضمن ألا ينزعوا للثورة مجددًا، فانضم إلى جيشه الآلاف منهم بعد إسلامهم.
ونظرًا للجوء البيزنطيين للغزوات البحرية بعد أن خسروا معاركهم البرية، شرع موسى في بناء دار صناعة قرب أطلال قرطاجنة لبناء أسطول قوي لحماية الثغور. وفي عام 89 هـ، وجه موسى ابنه عبد الله لغزو جزر البليار، فافتتح ميورقة ومنورقة، كما أرسل حملات لغزو سردانية وصقلية، عادت محملة بالغنائم. كما استطاع فتح طنجة، ولم يبق بذلك في المغرب الأقصى سوى سبتة التي كانت تحت حكم يوليان القوطي.
فتح الأندلس:
: الفتح الإسلامي للأندلس ومعركة وادي لكة
وفي عام 90 هـ، راسل الكونت يوليان موسى بن نصير وقيل قائده في طنجة طارق بن زياد يدعو المسلمين لغزو الأندلس، لعداوة بينه وبين رودريك ملك القوط. فكتب موسى للوليد يخبره بدعوة يوليان، فأمره باختبارها بالسرايا، ولا يغرر بالمسلمين بخوض بحر شديد الأهوال. إلا أن موسى طمأنه بأنه ليس بحرًا وإنما خليج، فرد الوليد بأنه وإن كان خليجًا اختبره بالسرايا. فأرسل موسى في رمضان 91 هـ سرية من 400 مقاتل ومائة فارس بقيادة طريف بن مالك، فنزلوا جزيرة سميت بعد ذلك بجزيرة طريف، أصابت مغانم كثيرة.
عندئذ، جهز موسى جيشًا من 7,000 مقاتل معظمه من البربر وولى قيادته طارق بن زياد، وأمره بالعبور للأندلس عام 92 هـ. فجاز طارق بجنوده في 5 رجب 92 هـ إلى موضع الجبل الذي ينسب إليه اليوم. وحين بلغ رودريك خبر جيش طارق جمع جيشًا عظيمًا بلغ نحو مائة ألف مقاتل، وزحف به من عاصمته طليطلة. وحين بلغ طارق خبر حجم حشود رودريك، استمد موسى فأمده بخمسة آلاف مقاتل، ليصبح جيشه 12,000 مقاتل. والتقى الجيشان في 28 رمضان 92 هـ/17 يوليو 711 م قرب شذونة جنوب بحيرة خندة عند وادي لكة، فهزم المسلمون جيش رودريك، وفر رودريك ولم يظهر مرة أخرى. ثم قسم طارق جيشه فبعث مغيث الرومي مولى الوليد بن عبد الملك في سبعمائة فارس إلى قرطبة، وأرسل مجموعات أخرى إلى إلبيرة ورية، وتوجه هو بباقي الجيش إلى طليطلة. نجحت مجموعات قرطبة وإلبيرة ورية في فتح تلك المناطق، كما دارت معركة صغيرة بين المسلمين والقوط في تدمير، نتج عنها معاهدة بين المسلمين وقائد القوط ثيوديمير.
أرسل طارق إلى موسى يُعلمه بالفتح. فأرسل موسى إلى الوليد بن عبد الملك يبشره، وإلى طارق يأمره بأن لا يستكمل الفتح ويبقى بقرطبة حتى يلحق به. ثم استخلف موسى ابنه عبد الله على القيروان، وعبر إلى الأندلس في رجب 93 هـ. بعد نزوله الأندلس، سلك موسى طريقًا غير الذي سلكه طارق، وافتتح مدن شذونة وقرمونة وإشبيلية وباجة وماردة. ثم ثار أهل إشبيلية على حاميتها من المسلمين وقتلوهم، فأرسل لهم موسى ولده عبد العزيز فأعاد فتحها، ومنها افتتح عبد العزيز لبلة. ثم سار موسى يريد دخول طليطلة، فلقيه طارق في طلبيرة، وأنّبه على مخالفته له في بعض الأمور ثم سارا معًا إلى طليطلة، ثم أرسل من افتتح سرقسطة ومدنها.
وفي عام 95 هـ، جاءت رسل الخليفة الوليد تدعو موسى بالقدوم عليه، فخرج موسى ومعه طارق بن زياد ومغيث الرومي يريدون دمشق، واستخلف ولده عبد العزيز مكانه الذي اتخذ من إشبيلية قاعدة له. ووفد موسى ومعه طارق على الخليفة سليمان بن عبد الملك بعد وفاة الوليد عام 96 هـ. وتقول الروايات العربية، أن سليمان راسل موسى يطالبه بأن يتأنى في القدوم، رغبة منه في أن يدخل عليه في صدر خلافته، وقد كان الوليد في مرض موته، إلا أن موسى رفض، وجدّ في السير، وهنا تختلف الروايات فبعضها يقول بأنه أن أدرك الوليد قبل موته، والبعض يقول أنه وصل دمشق بعد أن أصبح سليمان خليفة. وعند قدوم موسى على سليمان، أمر سليمان بعزله واتهمه باختلاس أموال وسجنه وأغرمه، ولم ينقذه سوى شفاعة يزيد بن المهلب الذي كانت له حظوة عند سليمان.
الوفاة:
قال عنه ابن خلكان: «كان عاقلاً كريمًا شجاعًا ورعًا تقيًّا لله تعالى، لم يُهزم له جيشٌ قطُّ.» ويعد موسى بن نصير من التابعين، وقد روى عن تميم الداري، وروى عنه يزيد بن مسروق اليحصبي. وقد خرج مع الخليفة سليمان بن عبد الملك للحج عام 97 هـ، ومات في الطريق في وادي القرى، وصلى عليه مسلمة بن عبد الملك. وإلى جانب مواهبه العسكرية والإدارية.
المراجع:
"مُوسَى بْنُ نُصَيْر مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين". مؤرشف من الأصل في 2023-02-19.
عنان 1997، صفحة 59
البداية والنهاية - ابن كثير - الجزء 9 الصفحة 194
تاريخ العرب المطول فيليب حتي ج2 ص 76
ابن خلكان 1972، صفحة 319
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني - نصير أبو موسى نسخة محفوظة 20 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
الكامل في التاريخ لابن الأثير - ذكر وقعة عين التمر نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
البلاذري 1901، صفحة 238
مؤلف مجهول 1989، صفحة 14
المكتبة الشاملة - تاريخ الرسل والملوك للطبري ج3 ص377 نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
شكيب أرسلان (1966). تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط. دار مكتبة الحياة. ص. 44. مؤرشف من الأصل في 2023-07-09.
ابن خلكان 1972، صفحة 329
الزركلي 2002، صفحة 330
سير أعلام النبلاء للذهبي - موسى بن نصير نسخة محفوظة 11 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
ابن عذاري 1980، صفحة 39-40
ابن تغري بردي 1992، صفحة 266
ابن تغري بردي 1992، صفحة 254
ابن عبد الحكم 1999، صفحة 274
ابن الأبار 1985، صفحة 332
الحميدي 1966، صفحة 338
ابن عذاري 1980، صفحة 41
الكامل في التاريخ لابن الأثير - ذكر استعمال موسى بن نصير على إفريقية نسخة محفوظة 17 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
ابن عذاري 1980، صفحة 42
عنان 1997، صفحة 25
ابن تغري بردي 1992، صفحة 277
ابن تغري بردي 1992، صفحة 289
عنان 1997، صفحة 25-26
عنان 1997، صفحة 26
الكامل في التاريخ لابن الأثير - مراسلة يوليان لموسى بن نصير نسخة محفوظة 15 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
مؤلف مجهول 1989، صفحة 16
ابن عبد الحكم 1999، صفحة 277
مؤلف مجهول 1989، صفحة 16-17
ابن عذاري 1980، صفحة 6
مؤلف مجهول 1989، صفحة 17
عنان 1997، صفحة 42
مؤلف مجهول 1989، صفحة 18-19
مؤلف مجهول 1989، صفحة 19
مؤلف مجهول 1989، صفحة 20
مؤلف مجهول 1989، صفحة 21-23
ابن عبد الحكم 1999، صفحة 280
ابن عذاري 1980، صفحة 15
مؤلف مجهول 1989، صفحة 24-27
مؤلف مجهول 1989، صفحة 27
ابن عبد الحكم 1999، صفحة 284
عنان 1997، صفحة 57
ابن عبد الحكم 1999، صفحة 287
ابن خلكان 1972، صفحة 318
ابن كثير الدمشقي (1982)، البداية والنهاية، بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ج. 15، ص. 667، OCLC:28144426، QID:Q114679727 – عبر المكتبة الشاملة
ابن عذاري 1980، صفحة 23
المقري 1968، صفحة 286