مقال كتبه في جريدة المدينة الجمعة 9 ربيع الأول 1427 - الموافق - 7 ابريل 2006 - ( العدد 15689)
د. محمد علي الهرفي
علماء مسلمون من شتى بقاع الدنيا تجمعوا في البحرين لنصرة رسولنا الكريم من الاساءة المشينة التي الحقتها به صحافة الدنمارك، والتي وقفت معها حكومة الدنمارك - ولا زالت- بدعوى حرية الصحافة التي تنتهجها الدنمارك.
وفي ظني ان حكومة الدنمارك لو ارادت ان تجمع احب الناس اليها لانقاذها من ورطتها لما وجدت افضل ولا احسن من اولئك العلماء الافاضل الذين تجمعوا في البحرين لنصرة الدنمارك - استغفر الله- بل لنصرة الرسول الكريم - هكذا قالوا-..
ولست ادري هل اصبحت هذه القضية التي طالت كل مسلم على وجه الارض، والتي اجزم انها بداية لمسلسل طويل من الاساءات للإسلام والمسلمين مسألة يتنافس فيها بعض القوم لاعادة امجاد قديمة حققت أو لتحقيق مكاسب وجاهية واجتماعية على حساب جماهير المسلمين العريضة التي تحسن الظن باولئك المجتمعين وقادتهم؟ قلة من القوم ادعت انها اكثر ادراكاً من غيرها في التعاطي مع هذه المسألة، وانها اقرب إلى الغرب من سواها، فبادرت بالذهاب إلى البلد الذي تولى كبر هذه الاساءة بدون أي تخطيط يحقق أي مكسب مهما كان هزيلاً، وكان جل اهتمامهم كما اعتقد محصوراً في كيفية مزاحمة زملائهم الاخرين في تحقيق مكاسب ذاتية على حساب قضية الامة التي تخص كل فرد فيها. وعاد اولئك النفر لا اقول بخفي حنين ولكن بدون أي خف، تعثرت اقدامهم كما تعثرت اشياء أخرى فيهم، وشربوا المقلب كما يقال وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً. كان من الافضل لهؤلاء الوعاظ الطيبين ان يعرفوا مكانتهم وان يحتفظوا بهذه المكانة - مهما كانت- بدلاً من المسارعة هنا وهناك لتوسيع دائرة الوجاهة مهما كان الثمن.
وعندما ادرك القوم حجم الكارثة التي اصابتهم اسرعوا مهرولين صوب الجرف وقد مدوا ايديهم لمن وصفوهم بعدم الادراك وكأنهم اعتقدوا انهم طوق النجاة الجديد لهم، وما حسبوا انهم سيزدادون غرقاً، هم واولئك.
ولست ادري هل المجتمعون في البحرين وقادتهم كانوا يدركون اين تكمن المشكلة التي تنادوا من اجلها؟ أم انهم جاؤوا لعمل أي شيء، ليقال انهم عملوا؟.
لست ادري هل كانوا يدركون ان هناك اعيناً كانت تتابعهم بدقة وانه كان عليهم ان لا يعطوها فرصة للنيل منهم أم انهم تجاهلوا كل شيء في سبيل اشياء لا قيمة لها كما قال بعض من علق على نتائج مؤتمرهم؟.
افتى المجتمعون - أو قادتهم- بأن شركة آرلا اصبحت طاهرة نقية، وانها تستحق منهم الصفح والغفران بل والدعاء لها بالنصر والتوفيق وتعويض كل خسائرها السابقة بسبب جهل المسلمين المقاطعين لمنتوجاتها اللذيذة.. وبطبيعة الحال كان اعتذار الشركة - ربما بسبب ادراكها لعظمة الرسول- سبباً مباشراً لهذه الفتوى والتي جاءت في الوقت المناسب. الذي افهمه ان المسلمين في العالم لم يكن بينهم وبين هذه الشركة ولا أي شركة اخرى عداوة مباشرة ولا غير مباشرة ولم يقاطعوها رغبة في ايذائها أو ايذاء العاملين فيها فهذه الشركات لم تكن مقصودة لذاتها بل كانت الحكومة الدنماركية هي المقصودة لكي تعتذر عن اساءة صحفها للرسول الكريم واساءتها هي الاخرى في قبولها لتلك الاساءة وتبريرها.
الحكومة الدنماركية كما اعرف لا تزال على موقفها لم تتزحزح قيد انملة فما الذي تغير اذن حتى نسمع تلك الفتوى العجيبة؟
سأفترض ان الشركات الاخرى فعلت كما فعلت شركة (آرلا) ونشرت اعتذاراً عن اساءات صحفها وحكومتها هل سيسري مفعول تلك الفتوى مع تلك الشركات؟ بطبيعة الحال اجزم ان القياس سيكون ساري المفعول، وعندها ستنتهي المقاطعة بينما تستمر حكومة الدنمارك على موقفها وربما تزيد من حجم الاساءات هي وسواها لانه لا شيء اصابها من مقاطعة تنتهي باعتذار شركات لا علاقة لها بما حدث لا من قريب ولا من بعيد..
جميل ان تعتذر هذه الشركة عن اساءة حكومتها، وجميل كذلك ان يقدر لها هذا الاعتذار ولكن ليس بتلك الطريقة الساذجة التي خذلت المسلمين.
بعض اصحاب الشركات السعودية التي قاطعت المنتجات الدنماركية اعلنت انها ستعيد بضائع شركة (آرلا) إلى اماكنها السابقة وكأنهم كانوا ينتظرون هذه الفتوى بفارغ الصبر وها هي تتحقق لهم بفضل مؤتمر النصرة العجيب!!.
أما ما كتبه الأخ عبدالعزيز قاسم عن بلاغة الشيخ عايض القرني التى أبكت الحضور حينا وأضحكته حينا فهذا شئ أضحكني على عبدالعزيز والقرني وأبكاني في آن واحد.
كاتب واكاديمي سعودي
المفضلات