673 - " لا يدخل الجنة عاق و لا منان و لا مدمن خمر و لا ولد زنية " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 285 :
أخرجه الدارمي ( 2 / 112 ) و كذا النسائي ( 2 / 332 ) و البخاري في " التاريخ
الصغير " ( 124 ) و عبد الرزاق في " المصنف " ( 2 / 205 ) و ابن خزيمة في
" التوحيد " ( ص 236 ) و ابن حبان ( 1382 ، 1383 ) و الطحاوي في " المشكل "
( 1 / 395 ) و أحمد ( 2 / 201 ، 203 ) من طريق سالم بن أبي الجعد عن جابان عن
عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم به . و ليس للبخاري منه إلا
الزيادة و قال : " لا يعلم لجابان سماع من عبد الله ، و لا لسالم سماع من جابان
و يروى عن علي بن زيد عن عيسى بن حطان عن عبد الله بن عمرو رفعه في أولاد الزنا
و لا يصح " . و قال ابن خزيمة : " ليس هذا الخبر من شرطنا لأن جابان مجهول " .
و رواه محمد بن مخلد العطار في " المنتقى من حديثه " ( 2 / 15 / 1 ) من طريق
عبد الله بن مرة عن جابان عن عبد الله بن عمرو به .
قلت : و علة هذا الإسناد ، جابان هذا ، فإنه لا يدرى من هو كما قال الذهبي ،
و إن وثقه ابن حبان على قاعدته . و الزيادة التي في آخره منكرة لأنها بظاهرها
تخالف النصوص القاطعة بأن أحدا لا يحمل وزر أحد و أنه لا يجني أحد على أحد و في
ذلك غير الآية أحاديث كثيرة ، خرجتها في " الإرواء " ( 2362 ) و لذلك أنكرتها
السيدة عائشة رضي الله عنها فقد روى عبد الرزاق عنها أنها كانت تعيب ذلك و تقول
: " ما عليه من وزر أبويه ، قال الله تعالى *( و لا تزر وازرة وزر أخرى )* " .
و إسناده صحيح . و قد رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 183 - 184 ) عنها
مرفوعا . و في إسناده من لم أعرفه . و كذا قال الهيثمي ( 6 / 257 ) . و قال
البيهقي ( 10 / 58 ) عقب الموقوف : " رفعه بعض الضعفاء ، و الصحيح موقوف " .
و من هذا تعلم أن قول السخاوي فيما نقله ابن عراق عنه ( 2 / 228 ) : " أخرجه
الطبراني من حديث عائشة ، و سنده جيد " . فهو غير جيد .
و قد وجدت للحديث شواهد يتقوى بها ، فقال الطحاوي ( 1 / 395 ) : حدثنا أبو أمية
حدثنا محمد بن سابق حدثنا إسرائيل ( في الأصل : أبو إسرائيل ) عن منصور عن أبي
الحجاج عن مولى لأبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره بتمامه .
قلت : و هذا شاهد قوي رجاله كلهم ثقات غير مولى أبي قتادة ، فلم أعرفه لكنه إن
كان صحابيا ، فلا تضر الجهالة به لأن الصحابة كلهم عدول كما هو معلوم و من
المحتمل أن يكون منهم لأن الراوي عنه أبا الحجاج هو مجاهد بن جبر التابعي
المشهور . و قد ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 31 ) من طريق عبيد بن
إسحاق عن مسكين بن دينار التيمي عن مجاهد : حدثني زيد الجرشي قال : سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره و قال : " قال أبي : هذا حديث منكر " .
قلت : و علته عبيد هذا و هو العطار ضعفه الجمهور . و قد اختلف على مجاهد في
إسناده هذا الحديث اختلافا كبيرا ، استوعب أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 307 -
309 ) طرقه . و قد جاء الحديث في بعضها بتمامه منها طريق عبيد هذه و غيرها
و بعضها في " المسند " ( 3 / 28 ، 44 ) و لم يرد في بعضها الآخر إلا الزيادة
التي في آخره و قد أخرجها الطحاوي ( 1 / 393 - 394 ) . و قد رويت هذه الزيادة
من حديث أبي هريرة و لكنها غير محفوظة عنه كما بينته في الكتاب الآخر ( 1462 )
. و جملة القول أن الحديث بهذه الطرق و الشواهد لا ينزل عن درجة الحسن . و الله
أعلم . و قوله " لا يدخل الجنة ولد زنية " ، ليس على ظاهره بل المراد به من
تحقق بالزنا حتى صار غالبا عليه ، فاستحق بذلك أن يكون منسوبا إليه ، فيقال :
هو ابن له ، كما ينسب المتحققون بالدنيا إليها ، فيقال لهم : بنو الدنيا بعلمهم
و تحققهم بها ، و كما قيل للمسافر ابن السبيل ، فمثل ذلك ولد زنية و ابن زنية ،
قيل لمن تحقق بالزنا ، حتى صار تحققه منسوبا إليه ، و صار الزنا غالبا عليه ،
فهو المراد بقوله " لا يدخل الجنة " و لم يرد به المولود من الزنا و لم يكن هو
من ذوي الزنا ، لما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله . و هذا المعنى استفدته من
كلام أبي جعفر الطحاوي رحمه الله و شرحه لهذا الحديث . و الله أعلم .
ثم وجدت للحديث شاهدا آخر دون الزيادة ، و لفظه : " لا يلج حائط القدس : مدمن
خمر و لا العاق لوالديه و لا المنان عطاءه " . أخرجه أحمد ( 3 / 226 ) قال :
حدثنا هشيم حدثنا محمد بن عبد الله العمي عن علي بن زيد عن أنس بن مالك قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و علي بن زيد - و هو ابن جدعان - ضعيف . و محمد بن عبد الله العمي أورده
السمعاني في " الأنساب " من روايته عن ثابت البناني ، و رواية أبي النضر و غيره
عنه ، فهو مستور .
و بالجملة فهو شاهد لا بأس به . و يقويه ما أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد "
( ص 237 ) من طريقين عن خالد بن الحارث قال : حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن
نافع عن عروة بن مسعود عن عبد الله بن عمرو أنه قال : " لا يدخل حظيرة القدس
سكير و لا عاق و لا منان " . و إسناده صحيح ، و هو موقوف في حكم المرفوع ، فهو
شاهد قوي لحديث أنس هذا . و مما يشهد له الحديث الآتي :
" ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه و المرأة
المترجلة و الديوث ، و ثلاثة لا يدخلون الجنة : العاق لوالديه و المدمن الخمر
و المنان بما أعطى " .
المفضلات