النتائج 1 إلى 6 من 9

الموضوع: صلاح الدين الأيوبي في عيون معاصريه..؟؟؟

مشاهدة المواضيع

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    عضو جديد الصورة الرمزية نواف النجيدي
    تاريخ التسجيل
    18 - 10 - 2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    17,654
    مقالات المدونة
    1
    معدل تقييم المستوى
    737

    Post صلاح الدين الأيوبي في عيون معاصريه..؟؟؟

    ثلاثة يمكن أن نعتد برأيهم ، ونطمئن إلى حكمهم على صلاح الدين ؛ لأنهم عاشروه،
    ولازموه، وكانوا أعرف الناس به وبشمائله : هؤلاء الثلاثة هم: القاضي الفاضل ،
    والقاضي بهاء الدين بن شداد ، والكاتب الشاعر عماد الدين الأصفهاني . وإذا ذهبت
    تقرأ ما كتبه هؤلاء الثلاثة عن السلطان ، فستقف معهم مبهوتا مأخوذا بعظمته ، مؤمنا
    بأن الشرق في وقت من الأوقات لم يكن يصلح له إلا رجل له نفس كنفسه ، وعزيمة كعزيمته
    . فما هي بعض نواحي العظمة في هذا السلطان ؟ وأيها أولى من سواها بزيادة الإعجاب
    والإعظام ؟

    قد تقرأ كثيرا من نوابغ الحرب ، وقد تعجب كثيرا بما يظهرونه من الشجاعة والصبر ،
    ولكنك لم تسمع بعد إلا في فترات قليلة بالطبع أن جنديا جمع إلى نبوغه في ميدان
    القتال نبوغا في ميدان الأخلاق ، وبحسبك أن تعلم أن صلاح الدين كان هو الرجل الذي
    بنى حياته الحربية كلها على الوفاء ، وأنه كان أبعد الناس عن الطرق التي توصف
    بالغمــوض والالتواء .

    وقد تقرأ كثيرا عن مشهوري الملوك ، وتعجب أحيانا بما يظهرونه من التواضع والنبل
    وكرم السلوك أن ملكا مهما بلغت سماحته ، وحكم عليه تواضعه أن أخضع نفسه للقانون ،
    وسوى في ذلك بينه وبين خصمه ، وإن كان خصمه من أصغر أبناء الشعب .

    الحق لقد كان السلطان الناصر صلاح الدين ملكا تجتمع فيه كل هذه الخصال ، بل رجلا
    يمكن أن تكون سيرته مثلا عاليا لكل واحدة من هذه الخصال ، فلا تزنه فقط بواحد من
    عظماء التاريخ ، وإنما زنه بثلاثة أو أربعة منهم ، يختص كل عظيم منهم بناحية من
    نواحي العظمة لا يشركه فيها أحد سواه .

    ومن أمثلة تواضعه ما ذكره ابن شداد بقوله : - قيل إن رجلا من خدم السلطان رمى رجلا
    آخر مثله بحذاء كان في يده ، فاجتاز الحذاء الخادم إلى السلطان نفسه في خيمته . فما
    كان من السلطان إلا أن أدار وجهه ، وانتحى به ناحية أخرى كي لا يحرجهما. إلى أن
    ابتعدا عنه حياء وخجلا منه !

    هذا في زمن السلم : أما في أوقات الحرب فبحسبنا أن نعلم أن هذا السلطان كان ينقل
    الحجارة بيده ، ويحمل التراب على كتفه ، لا فرق في ذلك بينه وبين سائر الجند ، ولقد
    أورد الكتاب والأدباء أمثلة كثيرة على رأفته ورحمته على الفقراء والنساء والأطفال
    والعجزة في يوم حطين ما يكفي للدلالة على نبله إلى الحد الذي لايبلغه أحد سواه .

    وقد ينسى له أعداؤه كل شيء ، ولكنهم لا يستطيعون أن ينسوا له كرمه ومروءته ، واتساع
    إنسانيته ، وذلك حين سمع بمرض عدوه اللدود ريتشارد قلب الأسد ، فأبت رحمته وشفقته
    إلا أن يبعث إليه بطبيبه الخاص . ومعه كل ما يستطيع أن يحمله من الدواء والعقاقير .

    على أن الحياة نفسها لم تكن في نظر الرجل عدوا يؤسر ، وبلادا تقهر ، وحصونا تنهار،
    وحروبا تثار ، وإنما الحياة الصحيحة عنده هي كذلك علم ينشر ، وأدب يزهر ، وعقيدة
    تظهر وتتطهر ، ومن هنا جاء فضله على الحضارة الإسلامية والعقل الإسلامي في العصور
    الوسطى .

    لقد كان متمسكا بالسنة إلى أبعد حد ، فكان يكره الفاطميين ، ويبغض الفلاسفة من
    قلبه فقد قتل السهروردي حتى لا ينفذ سمه إلى العقيدة ، ويشكك في عقيدة أهل السنة .

    أما ميوله الأدبية فقد ظهرت في حبه الشعر ، وتشجيعه للشعراء ، واستحسانه لما يسمع
    منه ، وتأثره وانفعاله بهذا الذي يسمع . بل قيل إن ديوان الحماسة لأبي تمام كان من
    حفظه ، وكان كثيرا ما ينشد بعض قصائده .

    ومن الأبيات التي كانت تعجبه ، قول الشاعر في خضاب الشيب :

    وما خضب الناس البياض لقبحه

    فأقبح منه حين يظهر ناصله

    ولكنه مات الشباب فسودت

    على الرسم من حزن عليه منازله

    وكان إذا قال : ولكنه مات الشباب : أمسك كريمته بيده، ونظر إليها وهو يقول : أي
    والله مات الشباب !!

    وبتلك الأخلاق التي اشتهر بها الملك الناصر صلاح الدين، وبهذه السيرة التي عرفها
    المسلمون والصليبيون ، أصبحت شخصية جذابة استطاعت أن تؤثر في الخلقين الشرقي
    والأوربي . فأما الخلق الشرقي فقد شاع فيه الميل إلى التضحية وإنكار الذات ، وساده
    نوع من الزهد واستصغار شأن الدنيا . وأما الخلق الأوربي فقد تلخص عندهم في -نظام
    الفروسية - . وهو نظام أخذه الأوربيون باعترافهم عن المسلمين في أثناء الحروب
    الصليبية.

    وفي وفاة هذا السلطان العظيم يقول ابن شداد : -غاب ذهن السلطان في تلك الليلة وإلى
    جانبه الشيخ أبو جعفر يتلو القرآن ، فلما انتهى إلى قوله تعالى - هو الله الذي لا
    إله إلا هو عالم الغيب والشهادة- سمعه يقول : صحيح. صحيح . ثم لما أتى قوله تعالى :
    -لا إله إلا هو عليه توكلت- تهلل وجهه بالبشر وسلم روحه إلى بارئها ! وتجهز الناس
    لدفن السلطان ، فدفنوه بقلعة دمشق ، ووقفوا يبكونه بكاء مرّا .

    [BLINK]منـــــــــــــــــــــــــــقول من طريق الأيمــــان[/BLINK]
    التعديل الأخير تم بواسطة نواف النجيدي ; 04-01-2006 الساعة 02:18 PM سبب آخر: خطاء في العنوان



    الطَــــرِيق طـــــــــوَيل ... لكن حتَمـاً بأمر الله [سَأصل ]



    تبوك
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
هذا الموقع برعاية
شبكة الوتين
تابعونا