الائتمان المحلي يرتفع إلى 609.4 مليار ريال بنهاية يوليو 2006
استمرار رفع الفائدة يستقر بالسيولة عند 597 مليار ريال


- "الاقتصادية" من الرياض - 07/08/1427هـ
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

أظهرت أحدث الإحصاءات الصادرة عن مؤسسة النقد السعودي تراجعاً في النمو الشهري للسيولة النقدية المحلية بلغ بنهاية تموز (يوليو) 2006 نحو0.3 في المائة، مقارنةً بنموها الشهري السابق في حزيران (يونيو) 1.7 في المائة، لتستقر بذلك عند 597.4 مليار ريال. في حين حققت نمواً خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري بلغ 7.9 في المائة مقارنةً بمستواها في بداية العام، كما حققت معدل نمو سنوي مقارنةً بنهاية الشهر من العام الماضي بلغ 12.8 في المائة.
ويعود التراجع في حجم السيولة إلى استمرار رفع الفائدة على الريال لتصبح 5.13 في المائة, وهذا بدوره أدى إلى رفع تكلفة التمويل الرأسمالي.
وأفاد تقرير مؤسسة النقد أن صافي الموجودات الأجنبية في السعودية بلغ 782.9 مليار ريال, 715 مليار ريال لدى الحكومة ممثل في مؤسسة النقد، و67 مليار ريال لدى البنوك التجارية. كما ارتفع الائتمان المحلي إلى 609.4 مليار ريال بنهاية تموز (يوليو) الماضي, يتوزع بين مطلوبات المصارف من القطاع الخاص، ومطلوبات المصارف من الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات عامة غير مالية.

وفي مايلي مزيداً من التفاصيل...

أظهرت أحدث الإحصاءات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي تراجعاً في النمو الشهري للسيولة النقدية المحلية بلغ بنهاية تموز (يوليو) 2006 نحو -0.3 في المائة، مقارنةً بنموها الشهري السابق في حزيران (يونيو) 1.7 في المائة، لتستقر بذلك عند 597.4 مليار ريال. في حين حققت نمواً خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري بلغ 7.9 في المائة مقارنةً بمستواها في بداية العام، كما حققت معدل نمو سنوي مقارنةً بنهاية الشهر من العام الماضي بلغ 12.8 في المائة. وتعتمد مؤسسة النقد كأغلب البنوك المركزية في دول العالم على نتائج المسح النقدي كما هو موضح في الجدول الثاني المرفق بالتحليل؛ كونه يمثل الأداة الأكثر ملاءمة للتحليل النقدي، ويتكون من عرض مختصر للميزانية الختامية الموحدة للنظام المصرفي "مؤسسة النقد العربي السعودي والمصارف التجارية"، ويعمل على ترتيب أصول ومطلوبات النظام المصرفي بطريقةٍ يمكن من خلالها تفسير أسباب التغير في بنود المطلوبات المختارة، والمتمثلة في عرض النقود بتعريفه الواسع "النقد خارج المصارف والودائع المصرفية" خلال فترة زمنية من خلال التغيرات التي تطرأ في صافي مطلوبات النظام المصرفي "المطلوبات معدلة وفق الخصوم غير النقدية" من القطاعات الرئيسة للاقتصاد وهي: القطاع الحكومي، القطاع الخاص، والقطاع الأجنبي.
وتعتمد مؤسسة النقد العربي السعودي على نتائج المسح النقدي أعلاه لتحليل التطورات النقدية بعد إجراء تعديلات ضرورية عليه، نظراً لأن العملية النقدية في اقتصاد يعتمد على النفط تختلف عن العملية النقدية في الاقتصادات غير النفطية. ففي حالة الاقتصاد السعودي وعلى الرغم مما تحدثه متحصلات إيرادات النفط من ارتفاع مباشر في ودائع الحكومة، إلا أنه ليس لها أثر فوري في السيولة المحلية؛ نظراً لأن السيولة المحلية حسب تعريفها موجودة لدى القطاع الخاص فقط. وعندما تضخ الحكومة هذه الإيرادات إلى قناة الدخل المحلي عن طريق الإنفاق المحلي؛ يتحول تدفق النقد الأجنبي إلى سيولة محلية. وللسبب نفسه ليس للمعاملات المالية الحكومية الخارجية أثر في السيولة المحلية، في حين أن معاملات القطاع الخاص مع بقية الدول في الخارج هي التي تؤثر في السيولة المحلية. ونظراً لكون قاعدة الإنتاج المحلي محدودة مع وجود اقتصاد مفتوح، فإن مدفوعات القطاع الخاص مقابل الواردات والعمليات الخارجية الأخرى تتجاوز بكثير متحصلاته من الخارج، ولذلك يصبح من الضروري معرفة صافي الإنفاق المحلي الفعلي للحكومة وعجز ميزان مدفوعات القطاع الخاص للوصول إلى فكرة واقعية حول أثر هذين القطاعين في السيولة المحلية. وتوفر معرفة هذين البندين معاً والتغير في البنود الأخرى للمسح النقدي الأساس لتكوين عوامل السببية للتغير في عرض النقود بتعريفه الواسع ن3، والمتمثلة في صافي إنفاق الحكومة، والتغير في مطلوبات المصارف من القطاع الخاص، والتغير في مطلوبات المصارف من مؤسسات القطاع العام، والعجز في ميزان مدفوعات القطاع الخاص، وصافي البنود الأخرى، والتي لا تضمن بعضها في النشرات الإحصائية التي تصدرها مؤسسة النقد العربي السعودي شهرياً.

مكونات السيولة المحلية
تُشير قراءة سلوك مكونات العرض الشامل من النقود في جانب "عرض النقود ن1" إلى تراجعه خلال شهر تموز (يوليو) من عام 2006 بنحو -3.8 في المائة بسبب تراجع كل من النقد خارج المصارف بنحو -4.1 في المائة، والودائع تحت الطلب التي تشكل نحو أربعة أخماسه بنحو -3.7 في المائة، مقارنةً بنمو هذا البند في حزيران (يونيو) السابق بنحو 1.3 في المائة. كما تراجع "عرض النقود ن2" خلال الشهر نفسه بنسبةٍ ضئيلة لم تتجاوز -0.2 في المائة، مقارنةً بارتفاعه الطفيف في الشهر السابق بنحو 0.5 في المائة، حيث لعبت الودائع الزمنية والإدخارية دوراً كبيراً في تقليص هذا التراجع الشهري بسبب ارتفاعها القياسي خلال تموز (يوليو) بنحو 5.4 في المائة، والتي تشكل مجتمعة مع التعريف الضيق للنقود ن1 إجمالي حساب التعريف المتوسط للنقود ن2. في حين حقق المكونان النقديان ن1 و ن2 معدلات نمو سنوية بلغت 2.5 في المائة و 13.2 في المائة على التوالي. وبالنظر إلى قراءة بعض الأبعاد الكامنة في تغيرات مكونات السيولة المحلية؛ نلاحظ ارتفاع حساب الودائع الزمنية والإدخارية بأكثر من 5.4 في المائة خلال شهر تموز (يوليو) من هذا العام أي ما يناهز الـ 10.4 مليار ريال، في الوقت الذي تشهد فيه سوق الأسهم المحلية تراجعت حادة من نهاية شباط (فبراير) الماضي ليعكس مؤشراً على اتجاهات السيولة الخارجة من السوق بعيداً عن خطر التذبذبات الحادة في السوق، والاستفادة في الأجل القصير من الارتفاعات المتواصلة لأسعار الفائدة المحلية على الريال السعودي التي وصلت بنهاية تموز (يوليو) الأخير إلى 5.13 في المائة مقارنةً بنحو 3.754 في المائة عن عام 2005 الماضي، وكونها تحقق معدلات دخل آمنة وإن كانت أقل من الفرص الاستثمارية في السوق، علماً بأن عودة الاستقرار إلى السوق المحلية للأسهم خلال الفترة القادمة كفيلٌ بعودة تلك السيولة الخارجة حتى وإن استمر الاتفاع المتوقع لأسعار الفائدة المحلية؛ ذلك أن الفرص المجدية في السوق مستقبلاً تحمل كثيراً من الإغراءات للمدخرات المحلية للعودة إلى السوق؛ لعل من أبرزها الاكتتابات القوية المتوقعة في السوق خلال الأعوام القليلة القادمة، إضافةً إلى استقرار الأوضاع في المنطقة ومحافظة أسعار النفط العالمية على مستوياتها المرتفعة الراهنة لفترة قد تطول كثيراً، وانعكاس ذلك إيجاباً على الاقتصاد السعودي والسوق المالية على حدٍّ سواء.

دور السياسة النقدية في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي
تعكس هذه التطورات التي تشهدها مستويات السيولة النقدية ممثلةً بالعرض النقدي وتحليلها، ومتابعة التغيرات في مكوناتها، سواءً من النقد المتداول أو ودائع أي من القطاعين الحكومة والخاص لدى المصارف التجارية المحلية، الدور الذي تلعبه هذه الإجماليات كمؤشرات مهمة عن تطورات مستويات السيولة المحلية بوجهٍ خاص، والأوضاع النقدية بوجهٍ عام في الاقتصاد المحلي. وتعكس هذه التطورات في مكونات الكتلة النقدية حقيقةً، دور السياسة النقدية في الحفاظ على الاستقرار النقدي في الاقتصاد، ومن ثم استقرار الأسعار، من خلال التحكم بمستويات السيولة المحلية بما ينسجم ومتطلبات النشاط الاقتصادي المحلي، ويتماشى مع أهداف السياسة الاقتصادية العامة.
وبالنظر إلى اتجاهات السيولة في الاقتصاد السعودي خلال الفترة القادمة، والدور بالغ الأهمية الذي تلعبه في دعم الاقتصاد وتنشيطه، من خلال تلبيتها متطلبات التوسّع في الاقتصاد وزيادة إنتاجية وحداته الرئيسة خاصةً في جانب القطاع الخاص، بهدف الاستمرار في تحقيق معدلات نموٍ حقيقية جيدة في المنظور المستقبلي للاقتصاد. تزداد أهمية التركيز على تحقيق أهداف السياسة النقدية في السعودية والتي تسعى إلى تحقيق مستوى عالٍ من التوظف، والمحافظة على استقرار المستوى العام للأسعار، واستقرار سعر الصرف للعملة المحلية، ورفع معدلات النمو الاقتصادي. ويمكن استغلال الظروف السانحة التي يمر بها الاقتصاد الآن ممثلةً في محافظة أسعار النفط العالمية على مستوياتها القياسية، والتي بلغ متوسط سعر نفط "غرب تكساس" خلال عام 2005 نحو 56.7 دولار أمريكي، وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير في نهاية آب (أغسطس) من عام 2006 وصل متوسط سعر نفط "غرب تكساس" إلى 68.2 دولار أمريكي، نشير إلى إمكانية استغلال تلك الفرص في توجيهها نحو الأهداف التنموية للاقتصاد السعودي خاصةً فيما يتعلق بزيادة خلق فرص العمل الكريمة والآمنة للمواطنين الباحثين عنها، إضافةً إلى تعزيز مجالات الرفاهية للمواطن والعمل بالدرجة الأولى على رفع الدخول؛ مع التركيز على الجوانب المتعلقة بالدخول الحقيقية للمواطنين والتي تأخذ بعين الاعتبار تغيرات الأسعار أو التضخم الذي تتآكل معه الدخول الأسمية التي يتقاضونها كأرقامٍ ظاهرة على شيكات الأجور. جميع ما سبق وغيرها من المجالات التنموية التي لا يتسع المجال لذكرها هنا تأتي أهمية التعامل معها بتوازن وفعالية من مصممي السياسات الاقتصادية في الجانبين المالي والنقدي، إضافةً إلى الجهات القائمة على تنفيذها، من وفرة حظوظ الاقتصاد السعودي الراهنة وضرورات المواطنين وحاجاتهم المتزايدة، وأهمية تطوير المزيد من قنوات استغلال وتوظيف هذا البحر الزاخر من السيولة المتدفقة؛ لئلا تتأثر سلباً بقية جنبات الاقتصاد التي يتطلب توسيعها مزيداً من الزمن لا يقارن بسرعة نمو السيولة القياسي، خاصةً في مجال رصدها الدقيق خلال السنوات الثلاث الأخيرة. ويمكن العمل على ذلك بما يمكن الارتقاء بمستويات المعيشة والوصول بها إلى ما تطمح إليه القيادة العليا للبلاد، والتي ستؤدي إلى ترسيخ دعائم الاقتصاد والمجتمع واستقرارهما في نهاية الأمر.