نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


المبشرون الجدد والإباحية
د.عبدالعزيز جارالله الجارالله
التاريخ: الاثنين 2004/05/03 م - جريدة الرياض


لم تكن مفاجئة لنا نحن العرب والمسلمين تلك الصور المشينة التي نشرتها صحيفة (دايلي ميرور) وما تناقلته وكالات الأنباء والمحطات الفضائية للصور المفزعة لجنود أمريكان وهم يأخذون صوراً تذكارية لسجناء عراقيين عراة وفي أوضاع جنسية مهينة وفاضحة!!. لم تكن تلك الصور الجنسية مفاجئة منذ أن وضع الجنود الأمريكان الأكياس البلاستيكية على وجوه العراقيين في بداية حربهم على العراق إذ تأكد لنا عرباً ومسلمين أن أمريكا وبريطانيا تسيران على خطى إسرائيل في التعامل مع الشعب العربي والإسلامي.. إسرائيل ومنذ بداية احتلالها لفلسطين 48م فإن أول ما استهدفته الكرامة العربية والشرف العربي: تعرية الأسرى والسجناء، الاغتصاب، التعرض الجنسي للمرأة الفلسطينية لانتزاع الاعترافات والمعلومات من السجناء الفلسطينيين من خلال تعرية زوجاتهم وبناتهم أمامهم.
هذه الصور المشينة ليست نادرة وتمارس في نطاق ضيق أو تخص فقط سجن أبوغريب بل جميع المواقع وتتم وفق منهجية وبموافقة أجهزة الاستخبارات العسكرية الأمريكية والبريطانية لانتزاع المعلومات من البعثيين ومن الحرس الجمهوري ومن الجيش العراقي ومن العرب المنخرطين في المقاومة .. وأمريكا وبريطانيا تعرفان جيداً أن أنجع أسلوب للتعذيب وانتزاع المعلومات مع الشعوب العربية والمسلمة هو الاعتداء الجنسي والتعرية الجماعية. وأما ردة الفعل التي أبداها الرئيسان بوش وبليرفلم تكن نتيجة الصور الفاضحة والتعذيب بل لافتضاح أمر تلك الصور ونشرها في الصحافة العالمية والمحطات الفضائية ومواقع شبكة الإنترنت، حيث فضحت ما يبشران به -كذباً وزوراً - من (الحرية والديمقراطية) للشعب العراقي وتأسيس أنموذج للديمقراطية والحرية في الوطن العربي..
الغرب في جميع مراحله وصراعه مع العرب يعمد بالدرجة الأولى إلى كسر الكرامة العربية وثني الإرادة وجرح مشاعرالعرب.. وإسرائيل هي رأس حربة الغرب في هذه الممارسة حين تستهدف الأطفال ما دون الثامنة عشرة وتحرص على إلقاء القبض عليهم وتعريضهم لإهانات جنسية وتعرية جماعية لكسر الكرامة العربية وتضرب الأب أمام أبنائه وأفراد عائلته وتعمل أشكالاً متعددة من الإيذاء الجنسي والنفسي للأسيرات الفلسطينيات لسحق الكرامة العربية...
وأمريكا لها تاريخ طويل في الاعتداء الوحشي على الشعوب: في فيتنام وكوريا واليابان، وأخيراً في العراق فلكل شعب من شعوب الأرض نوعا من العذاب المجزي.. والعرب ومن تجربة إسرائيلية فإن أكثر أنواع العذاب ألماً هي التحرشات الجنسية...
الأمر الأكثر ايذاء هي تلك الصورة التي يتبول فيها جندي بريطاني على سجين عراقي، واللقطة المقززة والمشينة هي اللقطة التي تظهر العراقيين في وضع جنسي وهم في حالة مذلة وعراة وأمامهم الجنود والمجندات الأمريكيات يلتقطون صوراً تذكارية وكأنهم امتداد للمواقع الإباحية على شبكة الإنترنت.. هذه هي الصورة الحقيقية للجندي الأمريكي والبريطاني وهذه هي شرف الجندية وأخلاقيات الجيش الأمريكي والبريطاني، وهؤلاء الجنود ليسوا من الشواذ أو المرضى النفسيين أو المتطرفين .. هؤلاء نتاج أيديولوجيا وفكر استعماري يمتهن كرامة الآخرين. فهل هناك أحد ما زال يتحدث عن حلم الحرية والديمقراطية؟. وهل نصدق ما يقوله المبشرون الجدد - بعد كل هذا -عن الحريات التي تحفظ كرامة الإنسان العربي؟.