سعوديتان في برنامج «شاعر المليون»
تكسران قيود الأسماء المستعارة
مستورة الأحمدي في شاعر المليون
الركود الذي طال موهبة الشعر في بعض المجتمعات العربية، كسرته في الآونة الأخيرة مجموعة من البرامج التي وضعت الشعر هدفًا أساسيًّا لها، وكان برنامج «شاعر المليون» أحد أنجح هذه البرامج، وقد أتاح الفرصة أمام الشعراء، وكذلك الشاعرات، لإبراز مواهبهم، وفي جولته الثالثة، تميز برنامج شاعر المليون بمشاركة شاعرتين سعوديتين في الاختبارات الأساسية، كانتا قد ظهرتا في السنوات الماضية بالاسمين المستعارين:
«وله»، و«وحيدة السعودية»، وفي مناسبات خاصة وضيِّقة فقط، فكان البرنامج فرصة لهما لإلقاء الضوء
على موهبتيهما.
لقاء مع الشاعرة «وله» أو الشاعرة مستورة الأحمدي لتقول لنا عن شعرها وحياتها:
< ما الذي يمثله الشعر في حياتك؟
الشعر رئة في الجسد، ونبض في القلب، ونافذة على الضوء، والطبيعة في الحياة.
< متى اكتشفت ميولك تجاه الشعر؟
قبل سن الوعي للاكتشاف، اكتشفت أسرتي ذلك، وتنبأت والدتي- رحمها الله- بشاعريتي.
< ما أول قصيدة كتبتها، وما كان موضوعها، ومن أين استوحيتها؟
مزقت الكثير من القصائد، فكلما تقدمت خطوة، تعاليت على الخطوة السابقة، ولكنني أحفظ أبياتًا فصيحةً
من بداياتي، وكانت عن «الحرمان» واستوحيتها من ديوان «وحي الحرمان» للشاعر والأديب الأمير
عبد الله الفيصل آل سعود، وكنت دون الرابعة عشرة، ومنها:
مع المحروم محرومة
تعاني لوعة الحرمان
تنادي في الفضاء الرحب
يرجع صوتها الخذلان
وتشهر سيفها أملًا
فتغمد سيفها الأحزان
أهلي جمهور راقٍ
< حدِّثينا عن بداياتك، ومن دعمك في مشوارك هذا؟
البداية «جين» أورثني أبي إياه بإرادة وفضل من الله عليّ، فكنت أكتب لأمي وإخوتي، وهم جمهور
شعريٍ راقٍ جًدا، ما بين شاعرٍ وأديبٍ وناقدٍ، وكانت كتاباتي متواضعةً، وتمثل حاجات ومناسبات
خاصة فقط، وأسرتي دعمتني بوعيها وسعة أفق أفرادها وحبهم للشعر وفهمهم له، بل إن مساجلات
كثيرة تجري بيني وبين إخواني الذين شغلتهم حياتهم عن الشعر، وإلا كانوا له أعلامًا.
< دراستك..هل كانت مرتبطة بالشعر؟
لا، فدراستي خيارُ منْ لا خيار أفضل لديه، ولم أستفدْ شعريًا إلا من «د. شكري سماره»، إذْ كان يسمع
، ويشيد، ونشأت به ثقة إضافية في حرفي.
< هل لديك أي توجه آخر غير الشعر؟
الحرف مداري، وكل ما يتعلق به يهمني، فهو لبنة بناء العقل، وساحة فضاء الروح.
< كشاعرة، ما القواعد التي تحكم حياتك بمختلف جوانبها؟
القواعد الشرعية فقط ما تحكمني كمؤمنة، ثم شاعرة.
مشاركات وإنجازات
< ما الحيز الذي يأخذه الشعر من اهتمامك، ووقتك، وارتباطك بالأسرة، والمجتمع؟
للأسف، أنا كنت- ومازلت- أعطي كل الأمور حقها، بنوافلها، والزيادات المجانية إلا الشعر، ولعل خطوتي
هذه بداية إعادة نظر في موقفي من الشعر، الذي لم يكن له إلا يد بيضاء عليَّ.
< كيف تلخصين لنا إنجازاتك؟
بدأت الإنجازات الشعرية بحصول قصيدة «صحوة مدمن» على المركز الأول في مسابقة شعرية
نظّمتها كلية التربية أيام دراستي، وانشغلت بعد ذلك عن الشعر لسنين، واقتصرت مشاركاتي على
حفلات رسمية خاصة بإدارة التعليم، كما كنت متواجدة من خلال اسمي المستعار «وله» على الشبكة
العنكبوتية، وفي كثير من منتديات الشعر الفصيح ثم الشعبي.
كانت أول أمسية رسمية أقمتها بمناسبة أول مهرجان تسوق في المدينة المنورة، أنا والشاعرة
«وحيدة السعودية»، والتي فوجئت بمشاركتها في برنامج «شاعر المليون»، بعد عرضه، وسررت
بذلك، وعاد التواصل بيننا، بعدها قدمت لوطني قليلًا مما يستحقه، وذلك بالمشاركة في ثلاث أمسيات،
أو أكثر، خاصة بمناسباته، ولي مشاركات، وأمسيات من خلال النادي الأدبي في المدينة، وتواجدت
في برنامج «نوافذ ثقافية» في القناة الأولى للتليفزيون السعودي، وفي إذاعة الرياض، وفي برنامج
«صباح الخير يا عرب» في قناة mbc، ونشرت بعض نصوصي في مطبوعات، وما نُشر بعلمي، وإرادتي
كان في مجلة «المختلف»، ومجلة «وضوح الشعرية».
< مشاركتك في شاعر المليون، هل تعتبرينها خطوة إيجابية في مسيرتك كشاعرة؟
بالتأكيد إيجابية لي، ولغيري، ولعلكِ تلاحظين أن شعراء كبارًا لهم تواجد إعلامي تقدموا للمشاركة في
البرنامج، لأن مساحة الضوء التي يُتيحها لا تتسنى لشاعر في وسيلة أخرى.
< ما الذي أضافته إلى شخصيتك، وموهبتك؟ وما الذي يعطي هذه التجربة أهميتها؟
الشجاعة، والجرأة في الحق، وحسن الظن بالآخرين، فكم ضيَّعت عليَّ مخاوفي وحذري فرصًا لن تتكرر،
لو استثمرتها لكنت الآن في صفوف المحكمين لبرامج، بدل أن أقف في صفوف المتسابقين.
لا صعوبات
< كونك أول سعودية تشاركين في البرنامج، هل واجهت صعوبات؟
في ظل أسرة واعية، لم أجد أي صعوبة، وكانت الصعوبة الوحيدة أخذ القرار فقط، والذي أعلم ماذا سيثير،
وانتهت المصاعب بملاحظتي أن الحواجز وهمية، وأن من لا يرفعك للأعلى لا يحق له إنزالك.
< كيف توصلت إلى قرارك بالمشاركة، وكيف جهَّزت نفسك لها؟
تعبت من التهميش، وضِقت ذرعًا بالاسم المستعار، واستهلكت شعري في مناسبات خاصة فقط،
وهو بشهادة كثير من الأدباء المطلعين يستحق أن يُرى، ويُلاحظ، ويُنصف، فكانت أكبر شرفة
ضوء أمامي «شاعر المليون».
أما التجهيز فلم أفعل شيئًا سوى العزم، والتقدم، وأخذت قصيدة عمرها فوق الـ 10 سنوات،
ونِلت بها الإجازة بالإجماع.
< كيف تقيِّمين المشاركين، والمشاركات في البرنامج، وكيف هي علاقتك بهم؟
البرنامج جماهيري، وناجح، والمشاركات متفاوتة، وترضي كافة أذواق الشعر، وليس من حق شاعر
أن يقدح فيمن يسير على غير دربه، ما دام الهدف واحدًا، وليس لي علاقة إلا بـ «وحيدة»، بعد ظهورها
تواصلنا، وهنأتها بالتأهل.
وبالمناسبة «وحيدة» شاعرة لها تاريخ شعري، وإنتاج، وإنجاز لم يأخذ حقه، ولعل شاعر المليون
يسلط الضوء على شاعرة عُقلت بالتاء المربوطة، وحُرمت الوصول لمنصات تتويج شعرها جدير بها.
برنامج جيد.. ولكن!
< هل تعتبرين طريقة التحكيم في البرنامج عادلة؟
لم أكن لأتقدم للمشاركة لولا ذلك، ومن يجرؤ ألا يكون عادلاً، وهو يتابعه الشاعر، والناقد والمسؤول مباشرة، غير ملايين المتذوقين، ولكن رضا الناس غاية لا تُدرك، أما الأخطاء غير المتعمدة فلا يُلام المرء بعد اجتهاده.
< ما الجيد والسيئ في البرنامج؟
الجيد لم أره بعد، والسيئ فيه، وفي غيره من البرامج المشابهة تفوق، أو تُعادل حكم التصويت مقارنة بالنقد الموضوعي المختص، والتصويت يخضع لمعايير لا علاقة لها بالشعر.
< موقف مزعج تتذكرينه في البرنامج؟
تهكم واعتراض الشعراء على مشاركة المرأة، مع وجودها في نصوصهم، بشكل مخجل يخدش الحياء، الحق فعلاً ليس ما يفصلونه ويلزموننا بلبسه، وهو لا يناسب حجم همتنا ومعرفتنا.
< موقف مفرح تتذكرينه؟
شهامة، وإنسانية رجال لجنة التحكيم، وتوفيرهم فرص مشاركة للشاعرات بأقل حدود الاختلاط والاحتكاك بالرجال.
< أين «مستورة» اليوم، وما طموحاتك المستقبلية؟
مستورة اليوم تغسل وجهها بهالة الضوء التي أكسبتها إياها المشاركة، وتقول: «أصبحنا وأصبح الملك لله».
< هناك العديد من البرامج التي تهتم بالشعر، لماذا اخترت هذا البرنامج دون غيره؟
بلا مجاملة «شاعر المليون» الأقوى، والأكثر جماهيرية، وهو الخطوة الأولى على طريق الألف ميل.
< متى تبدأ الجولة الثالثة؟
انتهت مرحلة الاختبارات الأساسية لهذه الجولة، وبدأت المسابقة في 11/ 12 / 2008م.
وحيدة السعودية !!!!
«مستورة الأحمدي» لم تكن الشاعرة السعودية الوحيدة التي تقدمت لبرنامج شاعر المليون في جولته الثالثة، فهناك الشاعرة «عيدة العروي الجهني» التي تقدمت باسمها الحقيقي، وهي لطالما عرفت باسم «وحيدة السعودية»، وهو اللقب الذي لازمها واشتهرت به، حيثُ قالت:
بكت عيني ويا قشر الدموعي
على حر يرى نفسه رفيعه
ألا يقل بين الناس نوعي
قليل اللي زمانه ما يطيعه
فلا طعته ولا جاني بطوعي
وغدت حرب مصايبها سريعه
وحيدة وأكثر العالم ربوعي
نهيبة للهواجيس الفظيعة
زرعت وصرّم السافي زروعي
لفى صيفه قبل يلفي ربيعه
أنا يمكن غريبة في طبوعي
أو الدنيا لها هذي طبيعة
قنعت بكسرة تحتاج جوعي
وأنا مثلي مكانه في الطليعة
هموم المرأة السعودية، وقضايا أخرى، تناولتها الشاعرة عبر قصائد وطنية، واجتماعية مزجت فيها
بين الشعبي، والفصيح، وبين الوجدانيات، والاجتماعيات.
كتبت «وحيدة» الشعر في سن مبكرة، حيثُ نشرت أولى قصائدها في مجلة «اليقظة الكويتية» وهي
في الخامسة من عمرها، ولكنها ذات مواهب متعددة، فقد نظمت الشعر الفصيح واعتنت بالقصة القصيرة،
وأصَّلت كتاباتها في الصحف السعودية، والخليجية، وكانت لها زاوية «علوم النشامى» في جريدة عكاظ.
ومن المعروف أن الشاعرة «وحيدة السعودية» كانت قد حصلت على عدد من الجوائز الشعرية على
مستوى المملكة، والخليج، غنى لها مطربو الإمارات الشعبيون عدة قصائد، وشاركت في عدد من
الأمسيات الشعرية النسائية، صدر ديوانها الأول «راعبية غصون» عام 1419 هـ، وقد تضمن نحو
77 قصيدة، وجاء بطباعة راقية وغلاف جميل.
المفضلات