الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد0
إنّ جرأة بعض المسلمين على تركهم نسائهم يركبن مع رجال أجانب غير محارم لهن يعتبر منكرًا عظيمًا تقشعر منه جلود أهل الغيرة والدين، وهو مخالفة صريحة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم0(لا يخلون رجل بامرأة؛ فإنّ الشيطان ثالثهما) وقال عليه الصلاة والسلام
(إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار00 يارسول الله00 أفرأيت الحمو؟ قال00الحمو00 الموت)متفق عليه
فإذا كانت هذه الأحاديث موجهة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم خير النّاس بعد الأنبياء والذين أعظ الله بهم الإسلام، وإذا كان أخو الزوج له نصيب من النهي من الدخول إلى بيت أخيه أثناء غيابه إلا بوجود محرم، فلماذا يمكن بعض النّاس رجالا استقدموهم لا يعرفون دينهم ومعتقداتهم فقد يكون بعضهم كفارا والعياذ باللهلماذا يمكنونهم من الدخول على نسائهم والخلوة بهن في المنزل أول السيارة، ألم يعلموا أن ذلك حرام، حرام ونقص في الرجولة.
وإن من العجيب في هؤلاء الرجال أنّه لو طلبت زوجة أحدهم منه أن يقوم ابن الجيران في ايصالها في سيارات إلى مكان مالغضب أشد الغضب ولرفض ذلك وبقوة لكن السائق المستقدم يسمح له بالخلوة بها وإيصالها إلى أي مكان تريد،
فيا للعجب هل رفع القلم عن هذا السائق؟
هل شهوته معدومة؟ هل هو حيوان ليس من جنس البشر وليست له غريزة البشر؟ 00أم ماذا؟
إنّ بعض النّاس تجده يجوب بلدان العالم من الشرق إلى الغرب دون كلل أوملل ولكنه مع كل أسف يعجز أن يوصل زوجته أو ابنته إلى الأسواق أو المدارس أو غير ذلك
بل يقول بكل برود اذهبوا مع السائق.
وبعضهم يذهب بأمواله بنفسه ليودعها في البنوك ولو قيل له أعطها السائق ليودعها لرفض ولقال00 هل أنا مجنون أعطي السائق أموالي
بل أنا أذهب بها بنفسي00لكن زوجته وبناته لا يقول أنا مجنون أتركهن يذهبن مع السائق بل يقول اذهبوا مع السائق في أي وقت وإلى أي مكان
الأموال هو الذي يذهب بها بنفسه حرصا عليها وخوفا على ضياعها أمّا محارمه فهي أصبحت أهون عليه من أمواله00
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض بالمال ولم يكتف بعضهم بالسماح للمرأة أن تركب معه لوحدها بل وصل التساهل بهذا الأمر عند البعض إلى السماح للسائق بالدخول إلى قعر المنزل،وكأنّه أحد أفراد الأسرة وكأنّ النساء محارم له
ولا أحد يدري هل هذا غباء من الرجال أو عدم مبالاة أو أن نيران الغيرة قد ماتت تلك القلوب؟ وبعض النساء أيضا لم يقف الحد بهن والعياذ بالله عند الركوب مع السائق لوحدها بل تمادى ببعضهم الأمر إلى أن يركبن أحيانا في المقعد الأمامي مع السائق بلا حياء
0 ولاخجل وقد يكون كتفها قريبا من كتف السائق، منظر مرزي ودياثة ظاهرة، وحياء مفقود، 00وغيرة معدومة0 ومن جراء هذا التساهل في أمر السائق ذهب الحياء من كثير من النساء حتى أصبحن ينظرن إلى السائق نظرة تخالف الواقع
فالكثير من النساء لا يلتزمن الحشمة والتستر أمامه ولا يستحين من نظراته وكأنه ليس برجل.
ومن المناظر المؤذية التي انتشرت نتيجة ذهاب الحياء وضعف الإيمان نزول السائق مع المرأة والمشي بجانبها في الأسواق وكأنّه أخ أو زوج أو أب وقد يقرب جسده من جسدهاويقف بجانبها ويفتح لها الباب وقد يرى شيئا من جسمها عند ركوبها00 منظر محزن ومبكي في نفس الوقت
0 وإن المرء والله ليعجب أشد العجب كيف نزع الحياء من هؤلاء النساء بهذه السهولة حتى وصل بهن الحال إلى هذا المستوى من الانحدار والسقوط
0والأشد عجبا هو حال أولئك الرجال القوامين على هؤلاء النساء..
أين عقولهم؟
أين إيمانهم؟
أين غيرتهم؟
كيف يسمح للإنسان إيمانه وغيرته ورجولته أن يترك إحدى محارمه تذهب مع السائق إلى كل مكان ولا يدري ماذا يحصل لها في هذه الخلوةحتى ولو فرض أنّه لن يحصل لها شيء فكيف يطاوعه قلبه أن يرى رجلا مع امرأته أو بنته لوحدهما في السيارة في خلوة مريبة يجوب بها الطرقات
0 وكأنها قطعة أثاث لا قيمة لها.
فيا أيّها المستقدمون أين الغيرة على محارمكم؟
أين الشيمة العربية؟
أين الخوف من العار والفضيحة؟
لقد كان المشركون قبل الإسلام يئدون البنات خشية العار والفضيحة، فلماذا أنتم تجلبونها إلى بيوتكم بأيديكم.كان العرب في الجاهلية يعدون المرأة دلالة شرفهم00 وعنوان عرضهم، ولذلك فقد تفننوا في حمايتها والمحافظة عليها ثم الدفاع عنها زوجة وابنة، أمًا وأختًا، قريبة وجارة
0 حتى يظل شرفهم سليمًا من الدنس وعرضهم بعيدًًا من أن يمس.
والغيرة على الأعراض من الأخلاق الإنسانية التي فطر الله النّاس عليهاولقد كانت في السابق، تتولد مع القوم
فكأنهم أرضعوها فلاً مع لبان الأمهات، ولا يمتدح بالغيرة إلاّ كرام الرجال وكرائم النساء
وبصيانة العرض وكرامته يتجلى صفاء الدين وجمال الإنسانية، وبتدنسه وهوانه ينزل الإنساني إلى أرذل المقامات.
يقول ابن القيم رحمه الله(إذا رحلت الغيرة من القلب ترحل الدين كله00 ومن حرم الغيرة حرم طهر الحياة00 ومن حرم طهر الحياة فهو أحط من بهيمة الأنعام)
لابد وأن يحصل معه بعض الأضرار والمحظورات الشرعية شاء الإنسان ذلك أم أبى فمن ذلك
1- أنّها مجاهرة بالمعصية بين الملأ وقد قال صلى الله عليه وسلم0(كل أمتي معافى إلا المجاهرون)رواه البخاري ومسلم
2- خلوة المرأة به وهذا حرام ولا يجوز ويكون من استقدام السائق هو السبب في وقوعها في هذه المعصية.
3- أن يركب النساء معه للذهاب لأي مناسبة وهن متعطرات وهذا أيضا محرم لقوله صلى الله عليه وسلم0(أيما إمرأة استعطرت فمرت بالرجال فهي زانية) وهؤلاء النسوة لم يمررن بالرجال بل ركبن بجوار الرجال
وذلك أشد إثما وأعظم فتنة.
4- إن ذهاب النساء مع السائق يجرئ الفساق على مخاطبتهن ومعاكستهن داخل السيارة لأنّهم يرون بدون راعي وقائد، فيطمعون بهن ويطمئنون في معاكستهن وقد لوحظ هذا كثيرا جدا00
5- إن وجود السائق يسهل على النساء الخروج فيكثر بذلك خروجهنوكثرة خروج المرأة سبب لفسادها وذهاب حياءها الذي هو غالبا ما يمنع المرأة من الوقوع في شئ من الفواحش، إضافة أيضا إلى أن تكرار ركوب المرأة مع السائق لوحدها وانفرادها به أوقاتا طويلة في السيارة قد يذهب الكلفة بينهما ويجعل للشيطان طريقا سهلاً إليها خاصة
وأن المرأة ضعيفة عقل ودين، وقد تكون أيضا غالب وقتها أمام المغريات من أفلام ومسلسلات تثير الغرائز وتحرك الشهوات
وهذه الأمور إذا اجتمعت للمرأة فقد تهيأت أسباب الوقوع في المحظور00 إلا من عصمها الله0
فتنبه أخي المسلم لذلك ولا يغرنك من السائق قبح شكله أو طيبة قلبه وسذاجته وأنه رجل مسكين وضعيف ولن يحصل منه ما يكون سببا في إبعاده وقطع رزقهأو أن المرأة لا يمكن أن تفكر فيه، فإن الشيطان يزين القبيح ويهون الأمر مع كثرة المخالطة ورفع الكلفة وقد قيل
(كثرة المساس تميت الإحساس)
قيل لابنة الخس0 لماذا زنيت بمولاك ولم تزني برجل حر غيره وما أغراك به؟قالت
0 طول السواد وقرب الوساد، يعني كثرة رؤيته وقرب مكانه ومبيته. فهل نتنبه لذلك جيدا ونصحوا من غفلتنا، وكم حصل من المصائب التي تدمي القلوب من هؤلاء السائقين
ولكن المصيبة أن كثيرا من الناس لا يتعظن بمصائب غيرهم حتى يتورطون هم بشيء من هذه المصائب
وإذا سمع الإنسان شيئا من هذه المصائب فقد يهز رأسه استنكارا وتعجبا فقط ولا يغير من واقعه شيئا، ولا يتصور أن يحصل له مثلما حصل لغيره
وكأنه معصوم0
فيا عجبا والله من هؤلاء الرجال كيف وصلت بهم الغفلة إلى هذا الحد وكيف لا يتوقعون أن يحدث لهم مثلما حدث لغيرهم وهم قد هيأوا بأنفسهم كل الأسباب المعينة لحصول مثل هذه المصائب عندما أهملوا نساءهم وتركوهن يفعلن ما يردن0 ويذهبن مع السائقين لوحدهن في أي ساعة من ليل أو نهار دون حسيب أو رقيب0
وإذا كان كل إنسان لا يتوقع أن يحدث له شيئا من الفضائح التي نسمع عنها بين حين وآخر فمن أين جاءت إذا هؤلاء النسوة اللاتي حصلت ويحصل منهن مثل هذه الفضائح؟ هل نزلن من كوكب آخر أو خرجن من الأرض؟00 إنهن خرجن من بيوت المسلمينوهل ينتظر الرجل أن تخبره زوجته أو إبنته بأنها فعلت كذلك كذا مع السائق أو مع غيره حتى ينتبه ويفيق من غفلته.
فيا أيها الرجال00 يامن أهملتم نساءكم أفيقوا من سباتكم واتقوا الله00 في نساءكم فإن أعراضكم كأرواحكم وقد فرطتم فيها كثيرا فأهملتم الرعاية وضيعتم الأمانة وركبتم الخطر وإن تهلكوا إلا أنفسكم وما تشعرون.
أختي المسلمة00 إنّ الرجل لا يتحمل المسؤولية والإثم لوحده في ركوبك لوحدك مع السائق0 فأنت كذلك تتحملين المسؤولية والإثم بتساهلك بدينك وحيائك وركوبك لوحدك مع رجل غير محرم لك
وهذا لا يليق بك كامرأة مسلمة تعرف حكم ربها في هذا الأمر
فتبهي لذلك وتوبي إلى ربك من هذا العمل00 واقتدي بأسلافك من نساء السلف الصالح في شدة حيائهن وقوة تمسكهن بدينهن، واسمعي لأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ماذا تقول00 تقول رضي الله عنه
0انطلقت يوما إلى أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعمل بها
وفي يوم من الأيام حملت النوى على رأسي وقفلت راجعة إلى الدار وفي الطريق قابلت رسول الله ومعه نفر من الأنصار
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم حملي فناداني وأناخ بعيره ليحملني فاستحييت أن أركب معه وأن أسير مع الرجال فعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى وتركني00 ومضيت أنا حتى بلغت الدار ؟00
فانظري أختي المسلمة إلى عظم حياءهاانظري أين أنت منها؟
إنّها رضي الله عنها لم ترضى أن تركب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أفض الخلق وأطهرهم وأشرفهم وأنزههم على الإطلاق، ومعه أيضا الصحابة الذين هم أفضل الأمة بعده صلى الله عليه وسلم وكل ذلك حياءً وعفافًا
فكيف أنت لا تبالي بنفسك وتركبي لوحدك مع كل من هب ودب إما مع سائق العائلة أو مع سائق الأجرة
تركبين مع رجل لا تعرفين دينه ولا أمانته ولا أخلاقه فهل هانت عليك نفسك إلى هذا الحد
أين حيائك؟
أين عقلك؟
ألا يوجد فيه بقية فأفيقي أخية واحفظي نفسك ولا تتساهلي بدينك وحيائك من أجل دنيا فانية وإن كان هناك ضرورة للركوب مع السائق فليكن معك محرمًا لك أو امرأة أخرى0حتى لا تكون هناك خلوة مع السائق00
وأخيرًاإنّنا لسنا بكلامنا هذا نطالب كل الناس بالاستغناء عن السائقين
كلا فنحن نعلم أن هناك أناس مضطرين وكثرة أبنائهم ونحو ذلك
0ولكن هناك أناس ليسوا بحاجة ماسة إليهم وهؤلاء يمكنهم الاستغناء عنهم في أي لحظة لو أرادوا ذلك دون أن يترتب عليه خلل في أعمالهم وأوقاتهم
وما دعاهم أصلاً إلى استقدامهم إلاّ حب التقليد والمباهات أو التكاسل فقط عن القيام بشئون أبنائهم وتلبية رغبات أسرهم00وهؤلاء هم المطالبين بالاستغناء عن السائقين. وأما من كان مضطرًا لهم فالأولى له والأفضل أن يستقدم سائقا كبيرا في السن أو سائقا معه زوجته
وأن لا يسمح للمرأة أن تركب معه لوحدها بل لابد أن يكون معها محرم أو امرأة أخرى على الأقل
ولا يسمح له أيضا بالدخول على النساء
وأن يكون هنا انضباط0 في ذهاب النساء معه ويكون ذلك في أوقات مناسبة وبقدر الحاجة فقط، فإنّ ذلك أدعى للسلامة وأبعد عن الشبهة وعن الوقوع في المحذور المنهي عنه
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضي
هذا والله أعلمواقد0
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين0
المفضلات