نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
تطورت الإدارة المدرسية وتغير مفهومها و أهدافها و أصبح محور عملها واهتمامها
يدور حول التلميذ وحول توفير كل الإمكانات والظروف التي تساعد على توجيه نموه العقلي والبدني والنفسي وإعداده لتولي مسئولياته في الحياة على أكمل وجه ..
لكن المتأمل في واقع بعض مدارسنا يجد أن فكرة ( التصميت ) هي الفكرة المسيطرة على إدارة هذه المدارس وخاصة الابتدائية منها وأصبح عمل المدير ومعاونيه يتمحور حول عملية (تصميت) الطالب أثناء وجوده في المدرسة ، وهذا لا يتأتى دون تحول مدير المدرسة ومعاونيه إلى جلادين يمارسون الترهيب النفسي والجسدي لإسكات هذا الطالب الذي هو بأمس الحاجة لرعايتهم وعطفهم ، بل إن بعض هذه الإدارات لا تألو جهدا في إصدار بعض القرارات والتعاميم الداخلية لإجبار المعلمين على إسكات الطلاب وضمان عدم خروجهم للممرات أثناء الحصص ليكونوا تحت مسؤولية معلميهم داخل الفصول مما يتسبب ذلك في زيادة الأعباء على المعلم ، وبالتالي زيادة ضغوط العمل حدة عليه ، وأثر هذه الضغوط على نفسيته وأدائه داخل الفصل الأمر الذي ينعكس سلبا على الطالب والعملية التعليمية بشكل عام ؛ ومن أمثلة هذه القرارات التي شهدتها بنفسي والتي تخالف الفطرة الإنسانية قرار ينص على " منع خروج الطلاب إلى دورات المياه أثناء الحصص منعا باتا تحت أي ظرف كان" وعندما قرأت هذا التعميم على طلاب الصف الرابع ابتدائي والذين لا تتجاوز أعمارهم سن الحادية عشر تسائل معظمهم " ماذا أفعل لو اضطررت للذهاب إلى دورة المياه ؟!!! وهذا التساؤل لم يطرح عبثا إنما طرح نتيجة لوعيهم وإدراكهم لفداحة هذا الخطأ الذي ارتكبته إدارة المدرسة بحقهم وتنبؤهم بالنتيجة الحتمية لهذا القرار وهو ما لم يكن في حسابات إدارة المدرسة وفعلا في اليوم التالي تبول أحد طلاب الصف السادس في الفصل أمام زملائه !! ولكم أن تقيسوا الآثار السلبية التي تركتها هذه الحادثة على نفسية هذا الطالب نتيجة لقرار إداري غير سوي لم يراعي أبسط حاجات الطالب الأساسية ؛ و من المواقف التي شهدتها أيضا تهديد الإدارة للطلاب بأن لا يقتربوا من مكاتبهم لأي سبب كان وأي مشكلة تواجههم عليهم تباحثها مع معلميهم داخل الفصل دون الخروج من الفصل نهائيا ! ؛ والأمثلة على ذلك كثيرة لا يسع حصرها..
أما رؤيتي حول هذا الموضوع وهي رؤية شخصية لا تستند إلى دراسة علمية حتى أكون منصفا لكنها تستند إلى معايشة مباشرة وخبرة و ممارسة طيلة عشرون عاما قضيتها في التعليم أن مديري المدارس الذين يلجئون (للتصميت) ينطلقون من أسباب يأتي في مقدمتها الخوف من المشكلات أو الحوادث التي قد يتعرض لها الطالب خارج الفصول الدراسية والتي تقع مسئوليتها المباشرة على الإدارة والنتائج المترتبة على ذلك والتي قد تهدد مناصبهم الإدارية ، كذلك السعي لثناء المشرفين التربويين على المدارس الصامتة التي يزورونها وهو حكم خاطئ من خلال معيار خاطئ وهذا يتضح من خلال ارتباك الإدارة عند زيارة أحد المشرفين للمدرسة والتعميم الشفوي للمعلمين (بضبط) الطلاب والتزام الصمت التام وعدم إخراج أي طالب خارج الفصل ! ،وأيضاً من الأسباب التي لا يمكن تجاهلها ضمان الهدوء التام بالمدرسة وتفرغ إدارة المدرسة للأعمال الشخصية مثل المتاجرة بالعقار والأسهم وعدم انشغالهم عنها بمشاكل الطلاب .
والسؤال هنا هل هذا ينسحب على غالبية مدارسنا ؟!! إن كان كذلك فنحن نواجه مشكلة حقيقية تحتاج إلى دراسة علمية جادة لمعرفة الأسباب الحقيقية لها والعمل على حلها وعلاجها لإنقاذ مدارسنا من هذا ( التصميت ) وآثاره السلبية على مجتمعنا .
عبدالمنعم جابر البلوي
صحيفة الرياض
الخميس 26 رجب 1431 هـ - 8 يوليو 2010م - العدد 15354

http://www.alriyadh.com/2010/07/08/article541773.html