لقد وقفت قبيلة بلي (الام ) في شمالي الجزيرة العربية ضد دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم شأنها شأن القبائل العربية الأخرى في الجزيرة العربية التي رأت في قيام دولة إسلامية قضاءً على سلطانها ونفوذها وتقييداً لحركتها وحريتها التي كانت تسرح وتمرح في ظل أعراف وتقاليد لاتتلاءم في معظمها مع تعاليم الدين الجديد ولكن موقف قبيلة بلي المعارض لدعوة الإسلام كان يذكيه فضلاً عن الإعتبارات السابقة ولاؤها للإمبراطوريةالبيزنطية ، التي جعلت من أفراد هذه القبيلة والقبائل القضاعية الأخرى حراساً لحدودها مع الجزيرة العربية.
لقد كان أول احتكاك مباشر من الناحية العسكرية مابين قبيلة بلي والدولة الإسلامية في السنة الثامنة للهجرة عندما حشدت الإمبراطورية البيزنطية مائة ألف من متنصرة العرب في مؤتة لقيادة رجل من بلي يقال له مالك بن رافلة ،الذي قتل في هذة الموقعة كما تقدم .
والمتأمل لهذا الخبر مرة أخرى يلحظ بان الزعامة في شمالي الجزيرة العربية كانت لقبيلة بلي ، بدليل ان القبائل العربية المتحالفة في مؤتة والمكونة من بهراء ،ووائل،وبكر ، ولخم ،وجذام ، لم يعترضوا على إمارة مالك ابن رافلة ،دلالة على تسليمهم وانقيادهم واعترافهم بتميز هذة القبيلة وزعيمها . لا بل ان اختيار مالك من قبل بيزنطة يدل دلالة لاتقبل النقاش على مكانة هذة القبيلة في هذة الفترة من الناحية العسكريه والسياسيه ، فالأختيار لم يكن عشوائياً ، بل كان يراعي حسابات قبليه دقيقة .
ويبدوا ان قبيلة بلي لم تقبل بنتيجة موقعة مؤتة ، فاخذت بدعم من الإمبراطورية البيزنطية تحرض القبائل في شمالي الجزيرة العربية على الدولة الإسلامية ، وتحشد الحشود من أجل غزو المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية الناشئة ، وفور تلقي المصطفى صلى الله عليه وسلم لهذة الأنباء المزعجة ، سارع بتوجية حملة عسكرية اختير قائدها بعناية
فائقة .. فقد وقع الأختيار على الصحابي عمرو بن العاص ( رضي الله عنه ) الذي تعتبر قبيلة بلي خؤولتة وذلك من أجل استئلاف قلوبها ، ولتقدر خطورة جموع قبيلة بلي ان المصطفى صلى الله عليه وسلم أرسل خيرة اصحابة في هذة الحملة امثال : الصديق ، الفاروق ، ابو عبيدة (رضي الله عنهم ) ، وذلك بعد ان طلب عمرو بن العاص ( رضي الله عنه ) النجده ، فبلغ عدد جيش عمرو بن العاص (رضي الله عنه ) خمسمائة مقاتل فاسروا في الليل والنهار ، حتى وطىء الجيش بلاد بلي ودوخها حتى انتهى إلى أقصى بلاد بلي ، وعذرة ، وبلقين ،في الغزوة المعروفة بذات السلاسل .
لقد كانت هذة آخر محاولة لقبيلة بلي لمقاومة الدعوة الإسلامية داخل حدود الجزيرة العربية ، وبدأت هذة القبيلة تلاحظ انفضاضالقبائل العربية من حولها وانضمامها لدولة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فأخذت تراقب الأوضاع ، وتصيخ أذانها لاخبار هذا الدين الجديد .
لقد بدا شعاع هذا الدين يتسرب إلى أبناء قبيلة بلي (الأم) من خلال الإحتكاك المباشر مع دعاة المصطفى صلى الله عليه وسلم نفسة ، ورؤيتة للمعجزات بأم أعينهم ، فيروي لنا المقزيزي ، أن الذي فرج عن الجيش الاسلامي عندما اشتد به العطش في تبوك ،امرأة من بلي ، فقال :عطش العسكر في تبوك فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فأرسل أسيد بن حضير في يوم صائفوهو متلثم ،فقال :عسى أن نجد لنل ماء –فخرج أسيد –وهو فيما بين الحجر وتبوك –فجعل –يضرب في كل وجه ،فوجد رايوة من ماء مع امرأةمن قبيلة بلي ،فكلمها وأخبرها خبر الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت :هذا الماء ,فانطلق به ,فدعا فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالبركه
ثم قال هلموا اسقيكم فلم يبق معهم سقاء إلا ملأوه ثم دعا بركابهم وخيولهم فسقوها حتى نهلت وفي روايه ولما قدمت على أهلها قالوا لها :لقد احتبست علينا قالت :حبسني أني رأيت عجباً من العجب ارأيتم مزادتي هاتين ؟فوالله لقد شرب منها قريب من سبعين بعيراً ،واخذوا من القرب والمزاد والمطاهر مالا احصي ثم هما الان اوفر منهما يومئذ، فلبثت شهراً عند أهلها ثم أقبلت في ثلاثين راكباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت واسلموا .
——————————————————————————–
كتبه و نقله على الشبكة العنكبويتة / موسى بن ربيع البلوي – www.bluwe.com لا ينقل إلى أي موقع آخر الإ بعد الإشارة إلى مصدره