دور قبيلة بلي في غزوتي مؤتة وتبوك

أ.د. سلامه محمد الهرفي البلوي

لقد كانت موقعة مؤتة( جمادي الأولى8هـ/آب 619م) أول صدام مسلح بين الدولة الإسلامية والإمبراطورية البيزنطية وذلك بسبب مخالفة تلك الامبراطورية للأعراف الدبلوماسية عندما قتل صاحب بصرى شرحبيل بن عمرو الغساني. رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن عمير الأزدي في مؤتة.
لهذا السبب المباشر بالإضافة إلى أسباب أخرى جهز المصطفى صلى الله عليه وسلم جيشاً تعداده ثلاثة آلاف مقاتل نصب عليهم ثلاثة قادة على التوالي:

زيد بن حارثة, وجعفر بن ابي طالب, وعبدالله بن رواحة, فإذا استشهدوا جميعاً اصطلح الجيش على واحد منهم لتولي القيادة, وحدث ما توقع المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ فوجيء الجيش الإسلامي بجيش عرمرم ينوف على مائة الف, فكانت معركة في غاية الشراسة.
وتساقط القادة الثلاثة شهداء الواحد تلو الآخر وكادت الراية الإسلامية أن تقع على الأرض عندها هب أحد أبناء قبيلة بلي وهو الصحابي ثابت بن أقرم فأخذ اللواء, وصاح: ياللأنصار, فأتاه الناس من كل وجه, وهم قليل, وهو يقول: إلى أيها الناس, فلما نظر إلى خالد بن الوليد قال: خذ اللواء يا أبا سليمان فقال: لا آخذه أنت أحق به, أنت رجل لك سن, وقد شهدت بدراً, قال ثابت: خذه أيها الرجل, فوالله ما أخذته إلا لك, فأخذه خالد وتمكن في نهاية المطاف من الانسحاب إلى المدينة بأقل عدد من الخسائر بخطة عسكرية عبقرية جعلته في مصاف أعظم قادة الفتح الإسلامي .
وفي غزوة العسرة ( تبوك) ( رجب 9هـ/ تشرين الأول 630م) التي كانت ظروف غير مواتيه من الناحية المناخية والاقتصادية, حيث كانت في عام مجدب وصيف شديد الحرارة, فضلاً عن أن الهدف المنشود ليس سهلا مقابلة الامبراطورية أعظم قوة في العالم آنذاك ، فكانت غزوة تبوك محكاً جيداً لاختبار معادن المؤمنين وتمييزها عن معادن

المنافقين الذين رسبوا في الاختبار عندما ندبهم رب العزة ، والرسول للالتحاق بهذه الغزوة وبذل المال والنفس من أجل الإسلام ، قال تعالى : (( انفروا خفاقاً وثقالاً وجاهدوا بأمولكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )).
لقد لبى أبناء قبيلة بلي نداء الواجب مثلهم مثل بقية الصحابة الكرام فتسابقوا إالى البذل والعطاء كل على قدر استطاعته ،، فتصدق الصحابي عاصم بن عدي البلوي بتسعين وسقاً تمراً .
وجاء الصحابي سهل بن رافع بن خديج بن مالك بن غنم البلوي الأنصاري بصاع من تمر .
وجاء أبو عقيل البلوي عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة بصاع من تمر ، فقال مالي غير صاعين نقلت فيهما الماء على ظهري حبست احدهما لعيالي ، وجئت بالآخر ،وهذا تصرف ليس غريباً على صحابي سماه الرسول صلى الله عليه وسلم عبدالرحمن عدو الأوثان ، بعد أن كان يسمى في الجاهلية عبد العزي ،وشهد المشاهد كلها مع المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ولكن هذا التصرف من قبل عاصم بن عدي البلوي ،وسهل البلوي وأبو عقيل البلوي ، أغاظ المنافقين ، فأخذوا يلمزون المتصدقين بألسنة حداد فقالوا عن صدقة عاصم : ماجاء بما جاء به إلا رياء وقالوا عن الصحابه الذين تصدقوا بصاع :إن الله غني عن هذا الصاع وهذا ما اكده ابن عباس ( رضي الله عنه ) في تفسير قوله عز وجل :(( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لايجدون إلاجهدهم فيسخرمن منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم )).
وعندما نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب على مسيرة شهر في تبوك ولم يلقى كيداً من الروم وقفل
راجعاً ، أخبره الوحي بأن المنافقين قد بنوا أثناء غيابه في المدينه مسجد الضرار وأمر أن يهدمه ،
فكان رسوله إلى هذه المهمه الصحابي عاصم بن عدي العجلاني البلوي ، ومالك بن الدخشم السالمي فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه ثم حرقاه ، فخرجا سريعين _ على اقدامهما _حتى أتيا مسجد بني سالم بن عوف ،وهم رهط بن مالك بن الدخشم ، فقال مالك لعاصم :انظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي ، فدخل إالى أهله ، فأخذ سعفاً من النخل وأشعل فيه ناراً ، ثم خرج يعدوان حتى انتهيا إليهم بين المغرب والعشاء وهم فيه ، وإمامهم مجمع بن جاريه فأحرقاه _ وثبت من بينهم زيد بن جاريه بن عامر حتى احترقت إليته – وهدماه حتى وضعاه بالأرض .
فلما قدم صلى الله عليه وسلم عرض على عاصم بن عدي البلوي المسجد يتخذه داراً فقال : ما كنت لأتخذ مسجداً قد نزل فيه ما نزل داراً، فأعطاه ثابت بن أرقم البلوي ومن أبناء بلي الذين شهدوا غزوة تبوك الصحابي أبو الشموس البلوي الذي روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث تتعلق بهذه الغزوة وهكذا رأينا بأن ابناء قبيلة بلي لم يتخلفوا عن المشاركه بالنفس والمال في كل المعارك التي خاضتها دولة الإسلام في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وسنحاول في الصفحات التاليه أن نسلط الضوء على دور هذه القبيله في نصرة الإسلام بعد انتقال الرسولصلى الله عليه وسلم الى الرفيق الأعلى ، من خلال الحديث عن دورهم في حروب الرده ، والفتوحات الإسلامية.
——————————————————————————–
كتبه و نقله على الشبكة العنكبويتة / موسى بن ربيع البلوي – www.bluwe.com لا ينقل إلى أي موقع آخر الإ بعد الإشارة إلى مصدره

شارك هذا الموضوع
أكاديمي وكاتب صحفي في عكاظ ،الشرق القطرية، الوسط البحرينية، الأنباء الكويتية، ولي اهتمامات بالقضايا الفكرية والسياسية والأدبية وعضو في الهيئة العالمية الإسلامية
اترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Exit mobile version