أثير البلوي، كاتبة وشاعرة ودارسة في مجال الترجمة، تتنفس الشعر والكتابة، تؤمن بأنهما ملاذها الوحيد.. ترى أن يظل الكاتب والمثقف مرآة مجتمعه وصوت وطنه ولسان أمته.. للتعرف عليها أكثر أفردنا لها هذه المساحة، فأضاءت لنا كثيرًا من محطات حياتها..
*حدثينا عن بدايتك مع الكتابة.
-عشقي للكتابة فطريٌ، وُلد معي وكأنه توأمي، ومنذ أن تشكل لدي الوعي بما حولي بدأت في ممارستها، وحينها كانت مجرد خواطر وكتابات أدبية ومحاولات شعرية تحاكي براءة مخيلتي وبعض ما يجيش به خاطري، وكانت تنال إعجاب صديقاتي ممن كنت أشركهن الرأي فيما أكتب، مما كان له الأثر الطيب في نفسي.
القراءة توءمي والشعر رفيق دربي
وما لا شك فيه أن للبيئة الأسرية ومدى اهتمامها بالأدب والثقافة بصفة عامة أثرًا إيجابيًا في شحذ همم أبنائها وتشكيل ذائقتهم وتحديد اتجاهاتهم الأدبية، فضلًا عن أن الأخذ بيدهم يُعد دعمًا معنويًا وصقلًا للموهبة والإبداع.
والكتابة هي متنفسي وبدونها أشعر بالاختناق والدوار، وبداياتي مع الكتابة قد تكون من خلال الشعر، فالشعر رفيق دربي ومن خلاله نجحت في تطويع الحروف وتشكيلها في أبيات ومقاطع يتجلى من خلالها ما بداخلي، وهو باختصار: (متنفسي، لا أمل ولا أكل من قرضه وعشقه).
الكتابة ليست نزهة أو ملء فراغ
*خلال مشوارك مع الكتابة، هل واجهتكِ أيَّة صعوبات؟
-الكتابة ليست نزهة، والكاتب، أيًا كان، لا يكتب لمجرد ملء الفراغ أو تزجية الوقت وتمضيته، إنما لترجمة أحاسيس تموج وطاقات تتفجر في داخله، وكثير من الأمور الحياتية تعد عائقًا تحول دون الكتابة كونها تستنزف وقتك، وقد تجد مبررًا لتأخير بعضها، ولكن يتعذر عليك تأخير الكتابة؛ لأنها قد تدهمك في أي لحظة.
والكتابة أيًا كان نوعها هي موهبة، وشأن غيرها بالتأكيد هناك صعوبات تواجه الكاتب أو الشاعر سواء كانت عثرة البدايات أو إيجاد الوقت لها عندما يأتيك سلطانها، ولكن أيًا كانت تلك الصعوبات فبالإصرار والطموح يمكن للكاتب التغلب عليها وتقديم ما لديه من أفكار وإبداعات.
الترجمة محفز ثقافي وإدراك معرفي
*بعد صدور باكورة مؤلفاتك (نبضات الأثير) ، هل لديك اتجاه للتعمق أكثر في الكتابة والتأليف؟
-أنا جد سعيدة، وفخورة بنفسي؛ لأنني – وبفضل الله وتوفيقه – بدأت في اقتطاف ثمار جهدي وتحقيق أحلامي، والتأليف وإصدار كتاب في مرحلة مبكرة أحسبه تحديًا كبيرًا استطعت – ولله الحمد – كسر حاجزه والنجاح في الولوج عبر بوابته لعالم الكتابة من خلال إصدار حاز على رضا المتلقي وملامسة ذائقته، كما أسهم في توسيع مداركي والتوجه بشكل أفضل إلى تأصيل الكتابة وفهمها بشكل أجمل.
*ككاتبة وشاعرة وأيضًا دارسة في مجال الترجمة.. كيف توفِّقين بينها؟
-أحمد الله أن هذه المجالات الثلاثة جميعها قريبة إلى قلبي وأجدها مترابطة سواء من خلال التعبير أو الثقافة النوعية التي أتنفسها وتمارسها روحي وعقلي وقلبي، لذا كان الانسجام والاندماج.
*هل لدراستك في مجال الترجمة أي دور في حفزك على مزيد من الإبداع والاطلاع على ثقافات أخرى؟
الترجمة في مفهومها الأشمل تعني أكثر من مجرد تحويل الكلمات والنصوص إلى لغات، إذ تتعداه للاطلاع على ثقافات الآخرين من خلال ترجمة سيرتهم، وما لا شك فيه أن الاستزادة في قراءة ثقافات ومفاهيم أخرى يسهم في توسيع الإدراك والفهم والمعرفة، ولا شك في أن دراستي للترجمة حفزتني على مزيد من الإبداع والاطلاع على ثقافات الأمم الأخرى.
*الكتابة والشعر.. في أيهما تجد أثير نفسها أكثر؟
-كلاهما موهبة، وكلاهما عينان في رأس واحدة، وأجد نفسي في كليهما بوصفهما متنفسي، لا أستغني عنهما ولا أعيش بدونهما.
*في رأيك، ما أهم المعوِّقات التي تواجه مجال الكتابة اليوم؟ ولماذا؟
الحرية؛ إذ ينبغي للكاتب ممارسة الكتابة في بيئة ملائمة بحرية تامة دون قيود أو رقابة، فالكتابة التي تعبث بها يد الرقيب أو تؤطر كلماتها العادات والتقاليد تكون مشوهة، وهكذا بيئة لا تحفز على الإبداع، وأحسب أن الشاعر والكاتب لا يزال يدور في فلك العادات والتقاليد ولم يتجرأ على كسره والانطلاق نحو فضاءات أرحب.
- لمن تقرأين؟
لم أحبذ التقيد بمتابعة نتاج أحد خشية الاقتداء به وانطفاء جذوة الإبداع في داخلي، ولذلك تجدني أقرأ كل كلمة جميلة سواء كان شعرًا أو رواية أو مقالًا أو حتى لوحة فنية أقرأها بلغتي؛ وفوق ذلك هناك عديد من القراءات اليومية التي أستمد منها طاقتي ولياقتي للكتابة.
*كيف تصفين حال المشهد الثقافي في المملكة؟
المشهد الثقافي السعودي مبهر حد الدهشة بتنوعه وغزارته ومبدعيه من الجنسين، وما يميزه أكثر هو مشاركة المرأة في المنجز الثقافي؛ ومع رؤية 2030 وبفضل الرعاية والدعم اللامحدود من قبل القيادة ودعم وزارة الثقافة بقيادة الأمير الطموح بدر آل فرحان لمجال الثقافة بدأ المشهد الثقافي يستعيد عافيته ويشهد طفرة نوعية وتحولات كبيرة.
- كلمة أخيرة؟
ما أريد قوله: «أن يظل الكاتب أو المثقف مرآة مجتمعه وصوت وطنه ولسان أمته».