سيرة المجذر بن زياد البلوي: رحلة من الشجاعة إلى الإيمان
-
نشأةٌ عريقة و بيئةٌ كريمة:
ولد المجذر بن زياد بن عمرو بن زمزمة بن عمرو بن عَمّارة البلوى في بيئةٍ عريقةٍ و نشأةٍ كريمة، فكان من أشراف قبيلة بلي العريقة، و اشتهر بشجاعته و قوته و مكانته المرموقة بين قومه. نشأ المجذر في الجاهلية، و عاش حياةً مليئةً بالأحداث و المواقف التي شكّلت شخصيته و ساهمت في صقل مهاراته القتالية و القيادية.
-
صفات المجذر بن زياد الجسدية:
طوله:
كان المجذر بن زياد طويل القامة، و قد ذُكر في بعض الروايات أنه كان أطول من النبي محمد صلى الله عليه وسلم. و كان طوله يُضفي عليه هيئةً مهيبةً و مظهرًا قويًا.
قوته:
تمتع المجذر بن زياد بقوةٍ جسمانيةٍ فائقة، و كان معروفًا بقدرته على حمل الأثقال الثقيلة و ركوب الخيل و القتال ببسالةٍ و شجاعة. و قد ساعدته قوته الجسدية على أن يصبح أحد أبرز فرسان قومه.
هيئته:
كان المجذر بن زياد جميلًا و حسن المظهر، و كان ذا لحيةٍ كثيفةٍ و عيونٍ واسعةٍ و أنفٍ مستقيم. و قد عكس مظهره الخارجي قوته الداخلية و شجاعته و إيمانه.
-
صفاته و خصاله:
تميز المجذر بن زياد بالعديد من الصفات الحميدة، من أهمها:
- الشجاعة و القوة: كان من أشجع فرسان قومه، و اشتهر ببسالةٍ و قوّةٍ فائقة. و قد ظهرت شجاعته في العديد من المواقف، من أهمها يوم بعاث و غزوة بدر.
- الكرم و السخاء: كان معروفًا بكرمه و سخائه، و كان يعطي الكثير من ماله للفقراء و المحتاجين. و قد كان كرمه أحد أسباب محبّة الناس له و احترامهم له.
- الإيمان و التقوى: كان مؤمنًا بالله تعالى و تقياً، و كان حريصًا على اتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. و قد تجلّى إيمانه في مواقفه المختلفة، من أهمها ندمه على ما فعله في يوم بعاث و سعيه للتكفير عن ذنبه.
مواقفه و قصصه:
-
قصة إسلامه:
روى أن المجذر بن زياد كان من أشراف قومه، و كان له مكانةٌ مرموقةٌ بينهم. وعندما سمع بدعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، سافر إلى المدينة المنورة للقاء به و التعرف على دعوته. و بعد أن سمع كلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم و تعرّف على الإسلام، آمن بالله تعالى و اتبع الرسول الكريم. أسلم المجذر و اتبع النبي محمد صلى الله عليه وسلم و آمن برسالته. روى الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، و شارك في العديد من الغزوات معه، من أهمها غزوة بدر، حيث قاتل ببسالةٍ و أظهر شجاعةً فائقة. و قد كان إسلامه نقطة تحولٍ مهمةٍ في حياته، حيث انتقل من حياةٍ مليئةٍ بالحروب و الثأر إلى حياةٍ إيمانيةٍ هادئةٍ قائمةٍ على التّسامح و العدل.
- موقفه في يوم بعاث:
قبل إسلامه، كان المجذر بن زياد أحد أبطال يوم بعاث، و قد قتل سويد بن الصامت، أحد زعماء الأوس، في المعركة. و قد كان هذا الحدث نقطةً مفصليةً في حياته، حيث عاش صراعًا داخليًا بين مشاعر الفخر بالنصر و مشاعر الندم على ما فعله. و بعد إسلامه، ندم المجذر على ما فعله في يوم بعاث، و سعى إلى التكفير عن ذنبه. و قد روى أنه عرض على أولاد سويد بن الصامت أن يقتله أيٌّ منهم ثأرًا لأبيهم، و لكنهم رفضوا و قالوا له: “لقد أسلمتَ و أصبحنا إخوانًا في الدين”.
- موقفه في غزوة بدر:
شارك المجذر بن زياد في غزوة بدر، و قاتل ببسالةٍ و شجاعةٍ فائقة. و قد واجه في هذه الغزوة أبا البختري بن هشام، أحد زعماء قريش، و أمره النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعدم قتله. و لكن أبا البختري طلب من المجذر أن يقتله لكي لا يقال عنه أنه هرب من المعركة. و رفض المجذر في البداية، و لكن أبا البختري أصرّ على طلبه. و أخيرًا، قاتل المجذر أبا البختري و قتله.
- مقتله في غزوة أحد:
استشهد المجذر بن زياد في غزوة أحد سنة 3 هـ، قتله الحارث بن سويد بن الصامت غدرًا ثأرًا لأبيه سويد بن الصامت الذي كان المجذر قد قتله في يوم بعاث. حزن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لمقتل المجذر، و اعتبره شهيدًا. و قد خلّف المجذر بن زياد وراءه إرثًا من الشجاعة و الإيمان و التّسامح، و أصبح رمزًا للرجولة و الكرامة.
- مكانته و ذكره في التاريخ:
احتلت شخصية المجذر بن زياد مكانةً مرموقةً في التاريخ الإسلامي، و حظي بتقديرٍ و احترامٍ كبيرين من قبل المسلمين. و قد روى عنه العديد من الصحابة، و ورد ذكره في كتب التاريخ و السيرة.
-
وفاته :
قُتل المُجَذَّر بن زياد غيلة وغدرًا في معركة أحد من أحد المنافقين واسمه الحارث بن سويد بن الصامت (الأوس) وذلك ثأرًا بأبيه والذي قتله المجَذَّر البلوي فيما قبل الإسلام، وقال ابن إسحاق: إن الحارث هرب إلى قريش بعد قتله للمُجَذَّر، وأوصى النبي – صلى الله عليه وسلم – عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بقتله إن هو ظفر به، ففاته ولحق بمكة، وقد بعث إلى أخيه الجلاس بن سويِّد يطلب التوبة ليرجع إلى قومه بالمدينة، فأنزل الله تعالى آية في ذلك كما قال ابن عباس – الآية في تلك، وفيها قال المولى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٨٦)} [آل عمران: ٨٦]، وقال ابن هشام رأيا آخر يخالف ابن إسحاق وهو أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان في نفر من أصحابه إذ خرج الحارث بن سويد من بعض حوائط المدينة وعليه ثوبان مُضرَجان بالحُمْرة كأنهما ثوبان مُلطْخان بالدم فأمر به الرسول عثمان بن عفان وبعض الأنصار فضرب عنقه.
المراجع
المراجع:
- الاستيعاب في معرفة الأصحاب
- **الإصابة في تمييز الصحابة
عبدالمنعم جابر البلوي (مؤسس مواقع بلي الرسمية والمشرف العام على جميع مواقع ومنتديات وحسابات قبائل بلي الرسمية)