لقد كان لغزوة احد وقع كبير في الجزيره العربيه ، خصوصاً ان قريش بواسطة وسائل إعلامها (الشعراء ) صحافة ذلك العصر صوروا بأنهم حققوا نصراً مؤزراً على المسلمين وانهم ثأروا لقتلاهم في بدر ،وبدا للقبائل العربيه بأن قريش مازالت هي سيدة قلب الجزيره العربيه ، فأخذت بعض القبائل تحاول النيل من المسلمين ارضاء لقريش من جانب ، ومن اجل الكسب المادي من الجانب الأخر ، لأن قريش أعلنت جوائز موجزيه لكل من يمكنها من المسلمين الذين قتلوا سادتهم في بدر .
ومن هذه المنطلقات قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رهط من عضل والقاره فقالوا :يارسول الله أن فينا إسلاماً فابعث معنا نفراً من اصحابك ، يفقهوننا في الدين ، ويقرئوننا القرآن ، ويعلموننا شرائع الإسلام .
فختار رسول اللهصلى الله عليه وسلم سته من خيرة اصحابه لهذه المهمه الساميه ،وهذا الاختيار هو شهادة لهؤلاء النفر بانهم من افقه واعلم الصحابه وإلا لما انتدبهم لمهمة الوعظ والتدريس ، فاختار مرثد بن أبي مرثد الغنوي أميراً للقوم، وهم :عبدالله بن طارق البلوي ، وخالد بن البكير الليثي ، وعاصم بن ثابت بن أبي الأملح ،وزيد بن الدثنة وخبيب بن عدي ( رضي الله عنهم جميعاً ) .
لقد كانت عضل القاره تبطلان من خلاال هذه السفاره الغدر والخيانة بصحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا مؤمنين حقاً ولا راغبين في الأسلام ،إذ انهم ما ان وصلوا الى الرجيع ،وهو ما لهذيل بناحية الحجاز غدروا بهم فاستصرخوا عليهم هذيلاً ، فأحاطوا بهم ، فستعد الصحابه للقتال والدفاع عن انفسهم ، فقالوا لهم : إنا والله ما نريد قتلكم ولكنا نريد ان نصيب بكم شيئاً من أهل مكه ، ولكم عهد الله وميثاقه ان لا نقتلكم .
فانقسم الصحابه في آرائهم الى قسمين قسم يرى بأنه ليس لمشرك عهد ولا عقد ومثل هذا القسم مرثد ، وخالد بن الكبير ، وعاصم ابن ثابت ، فقاتلوا حتى استشهدوا .
وأما القسم الثاني فوثق بعهد المشركين فاستأسروا وهم : خبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنه ، وعبدالله بن طارق البلوي ، ولكن عبدالله بن طارق البلوي راجع نفسه خلال الطريق وانبه ضميره على قبوله للأسر ،فتسامت نفسه وتاقت روحه الى الجنه ، إلى الشهادة التي تسموا بصاحبها الى الدرجات العلى ، فعندما وصل ألى مر الظهران تمكن من فك قيده ثم أخذ سيفه وأستأخر عنه القوم فرموه بالحجاره حتى قتلوه فقبره بالظهران ، واما خبيب وزيد بن الدثمه فقدموا بهما مكه فباعوهما من قريش باسيرين من هذيل كانا بمكه ،وقد قامت قريش بإعدام خبيب بالقصه المشهوره .
وقد ذكر حسان شاعر المصطفى صلى الله عليه وسلم عبدالله بن طارق البلوي في شعره الذي يمدح فيه اصحاب الرجيع فقال :
صلى الإله على الذين تتابعوا
يوم الرجيع فأكرموا وأثيبوا
رأس السرية مرثد وأميرهم
وأبن البكير إمامهم وخبيب
وابن لطارق وابن دثنة منهم
وافاه ثم حمامه المكتوب
والعاصم المقتول عند رجيعهم
كسب المعالي إنه لكسوب
منع المقادة أن ينالوا ظهره
حتى يجالد إنه لنجيب
وتذكر لنا المصادر التي تجعل أصحاب الرجيع عشرة أن بلوياً آخر قد سقط شهيداً في هذه الواقعة ، وهو الصحابي معتب بن عبيد البلوي ، الذي لم يثق بوعد المشركين وقاتل مع القسم الأول الذي مثله كما تقدم عاصم بن ثابت ، ومرثد ، وخالد ، حتى رزق الشهاده مع صحبه .
وقد ذكره أبن عبد البر باسم مغيث بن عبيد بن إياس البلوي ، حليف الأنصار قتل يوم الرجيع شهيداً ، وهو أخو الصحابي عبد الله بن طارق البلوي لأمه .
وتتوالى قوافل الشهداء من قبيلة بلي من أجل إعلاء كلمة التوحيد لا بل أن المشاركة في الغزوات والحرص على طلب الشهادة لم تقتصر على الرجال بل شاركت فيها نساء من هذه القبيلة ، ففي غزوة خيبر (محرم 7 هـ / 628م ) آخر معقل من معاقل اليهود ، ذلك الوكر الذي كانت تحاك فيه المؤامرات ضد دولة الإسلام في المدينه المنوره ، خر الصحابي عدي بن مره بن سراقه بن خباب بن عدي بن الجد بن عجلان البلوي شهيداً فائزاً بمرضاة الله ، إذ طعن بين ثدييه بحربة أودت بحياته ويذكر أبن حجر أن أسمه جدي وأنه أستشهد هو وأبوه .
وشهد غزوة خيبر مجموعه من نساء قبيلة بلي خرجن ليساعدن الجيش الإسلامي من ضمن عشرين إمرأة فقد شهدت هذه الغزوه أم منيع بنت عمرو بن عدي بن سنان أم الصحابي شباث ، التي كانت قد شهدت بيعة الغقبة وولدت شباث في نفس الليله كما تقدم ، وهي زوجة الصحابي خديج ابن سلامه البلوي ، وشهدتها إمرأة عاصم بن عدي البلوي ، وولدت بخيبر سهله بنت عاصم وجاء في الإستيعاب سهله بنت عاصم بن عدي العجلاني البلوي ، زوجة عبد الرحمن بن عوف تروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه أسهم لها يوم خيبر ، ويبدو أنه تزوجها فيما بعد .
——————————————————————————–
كتبه و نقله على الشبكة العنكبويتة / موسى بن ربيع البلوي – www.bluwe.com لا ينقل إلى أي موقع آخر الإ بعد الإشارة إلى مصدره