تحولات المجالس العربية : من يُصدّر في صدر المجلس؟

0 تعليقات 27 مشاهدات
A+A-
إعادة ضبط
الصفحة الرئيسية مقالات تحولات المجالس العربية : من يُصدّر في صدر المجلس؟

تحولات المجالس العربية : من يُصدّر في صدر المجلس؟

0 تعليقات 27 مشاهدات
A+A-
إعادة ضبط

قراءة في تغيّر العادات وطباع التقدير الاجتماعي في بعض المجالس

لم تكن المجالس مجرد جلوس على فرش الأرض. كانت ساحة للهيبة، ومعيار للصيت. “صدر المجلس” كان اختبارًا للعرف، ومختبرًا للقيمة الاجتماعية.

لكن شيئًا ما تغيّر!.

المجالس كما كانت: مرآة المروءة

في الأمس، كان الرجال يُوزَّعون على أطراف المجلس. الشيخ في صدره، الكبير في السن على يمينه، الشاعر أو الفارس على يساره. ابن المضيف في الزاوية الأقرب للباب.

موضع الجلوس كان يُفصح عن الرجل أكثر مما تقوله سيرته. لم تكن هناك حاجة لأن تُعرّف بنفسك، المقعد الذي جلست فيه كان يُفصح عنك.

الناس كانوا يعرفون بعضهم جيدًا. يزنون الرجال بأفعالهم، لا بوجوههم أو ما يملكون. لم يكن هناك تنافس على الواجهة، بل على ما وراء الواجهة: الكرم، الشجاعة، الحكمة، الحلم، الوقار.

التحوّل: حين تغيّرت المقاعد وتغيّر معنى الصدر

تسارعت الأيام، وامتد الإسفلت مكان الرمل. تبدّلت خيام الشعر إلى جدران من الحجر والرخام. تغيّرت الموازين الاجتماعية، بتأثير المال، والتحصيل الأكاديمي، والتحولات السياسية والإعلامية.

المجلس لا يعتبر أكثر من مجرد مكان للقاء. الضيف الأرفع منصبًا أو الأكثر شهرة يأخذ مكانة خاصة. الآن، الهوية الرقمية التي يحملها في هاتفه أصبحت أكثر أهمية من “المعنى في الرجال”.

في بعض المجالس، الشاب البالغ من العمر ثلاثين عامًا قد يتصدر الجلسة. هذا بسبب شهرته أو فورة ماله أو مال والده أو حتى وظيفته ووظيفة والده. بينما يبقى ابن السبعين في الزاوية، يبتسم بصبر.

بين القبيلة والمنصب: توازنات جديدة

فيما بين ثقل الدم القبلي ونفوذ المناصب المدنية، نشأت خريطة جديدة. بعض القبائل ما زالت تتبع التراتيب التقليدية. الشيوخ في الصدر، والضيوف في المكان اللائق، والأصغر سنًا في آخر الصف.

لكن في مدن كبرى مثل الرياض وجدة، أصبحت المجالس مزيجًا من العرف القديم والبروتوكول الجديد. البعض يرى هذا التحول كتحول حضاري طبيعي. والبعض الآخر يرى تفككًا في المعايير و”خلطًا بين الوقار والتألق المؤقت”.

صدر المجلس أصبح بلا معنى ثابت. يتغير بتغيّر المزاج، والمكان، والمضيف، والضيف.

القهوة ما زالت تُصب، لكن من يصبّ الهيبة؟

الحياة تتغير، وكل زمن له مقاييسه. السؤال الحقيقي ليس عن “من في صدر المجلس؟”. بل عن:
هل بقي صدر المجلس يعني ما كان يعنيه؟
هل المجالس ما زالت تصنع الرجال كما كانت، أم أصبحت فقط مكانًا للظهور والحديث المكرر؟

في القديم، كانت المجالس تملك حساً عميقاً بالعدل. لكن، في المجالس الحديثة، قد تكون هناك سطحية في الاختيار، والتسرع في رفع الكرسي لمن لا يستحقه.

همسة في أذنك: ليس المكان من يرفع الرجال، بل الرجال هم من يرفعون المكان

المجلس ليس مجرد أريكة فخمة. بل هو وزنٌ اجتماعي لا يمكن شراؤه أو نقلته. يُظهر من هو الأجدر بالاستماع إليه.

من يصدُر في صدر المجلس؟
الزمن يجيب:
في الأمس، من يُهاب قدره .
وفي اليوم، من يُتابع حسابه أو تضخم حسابه أو يرجى منه مصلحة دنيوية.
وغدًا؟… هذا ما سنراه، حين تعود المجالس لتختبر من يستحق صدرها، لا من يطلبه.

تنبيه مهم!!

في حال وجود أي ملاحظة على الموضوع الرجاء كتابة تعليق في الأسفل للإطلاع عليه

اترك تعليقًا

* باستخدام هذا النموذج فإنك توافق على تخزين بياناتك ومعالجتها بواسطة هذا الموقع.

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الكاتب

موقع قبيلة بلي الرسمي، تأسس عام 2000، يُعد أول منصة إلكترونية تهتم بتوثيق تاريخ وحاضر قبيلة بلي. أسسه عبدالمنعم البلوي ليكون مرجعًا موثوقًا للباحثين والمهتمين بتاريخ القبيلة. يضم الموقع أرشيفًا غنيًا بالوثائق، والمقالات، والصور النادرة.

اختيارات المحررين

أحدث المقالات

جميع الحقوق محفوظة © لموقع قبيلة بلي الرسمي – تأسس عام 2000 

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
هل أنت متأكد من رغبتك في إلغاء الاشتراك؟

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. نفترض أنك موافق على ذلك، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا رغبت في ذلك. موافق اقرأ المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00