تمكنت حركة التمرد الحوثي من السيطرة على مفاصل العاصمة اليمنية صنعاء، واستطاعت وتحت وقع السلاح فرض اتفاق شراكة غير مكتمل، وظلت قواتها في صنعاء لحين تنفيذ ما اتفق عليه، من تشكيل حكومة جديدة، ومستشارين للرئيس اليمني، والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل تعاون الجيش وبعض المؤسسات مع التمرد الحوثي للوصول الى صنعاء، وهل كان هدف الحوثيين السلطة، ام ان هناك اهدافا اخرى على الطريق جاءت بتفاهمات وقوى داخلية وخارجية.
لم يتحرك الحوثيون باتجاه صنعاء الا بعد توافر اسباب عديدة من بينها وجود خلافات بين الرئاسة ورئاسة الوزراء وقيادة الجيش، وخلافات بين القوى الرئيسة في اليمن ساهمت في جعل الحوثيين قوة مؤثرة وفاعلة بين هذه القوى، اضافة لانشغال دول المنطقة في محاربة إرهاب داعش، في ظل عدم مشاركة ايرانية في الجهد الدولي تخوفا من ان تكون له عواقب على اوراقها الرابحة في المنطقة، واستشعارها بان الحرب على داعش ستؤدي الى اضعاف النظام السوري، وتعزيز قوى المعارضة على الارض، ليصبح الجيش قوة يحتاجها الجميع، في حال عبرت عن استقلاليتها بعد سنوات من الانخراط في الصراع.
دخول الحوثيين كان وكما قال الرئيس عبد ربه منصور هادي، بأنه محاولة إيرانية للتعويض عن دمشق بصنعاء، فطهران تفهم لعبة الأوراق الفاعلة والمؤثرة، ودعم الحوثيين للوصول الى صنعاء هو اعتراف غير مباشر بانتهاء حقبة الأسد، كما أن إيران وحزب الله متورطان في اعمال تجسس على اليمن وهناك ادلة مادية، حيث اعتقلت المخابرات اليمنية اكثر من 10 رجال يتبعون للحرس الثوري وحزب الله، وقد أخطرت صنعاء دولة كبرى بهذه الادلة والاعترافات، وهذه الادلة كانت كافية لإدانة ايران، خاصة وان التحقيقات معهم كشفت عن وجود اتصالات ايرانية مع قاعدة اليمن، لاستهداف دول المنطقة، وتهديد الحج في هذا العام.
استعجال الايرانيين ودفعهم التمرد الحوثي للسيطرة على دوائر أمنية حساسة واطلاق سراح جواسيس ايران وحزب الله، ادى الى قلب الاوضاع والتوازنات في كل اليمن، وظهر التمرد الحوثي هذه المرة بانه مصدر تهديد للعاصمة وللسلطة والحكم في اليمن، وابرز ان الحوثيين استهدفوا قيادات الاصلاح، ولم يستهدفوا حزب الرئيس السابق علي صالح، واصبحت عودتهم صعبة وتراجعهم ليس ضمن مخططاتهم، ما اثار القوى الاخرى وبخاصة العشائر، وتنظيم القاعدة الذي بادر بمهاجمة صعدة وقتل واسر قيادات حوثية، فاصبح الحوثيون في صنعاء وعينهم على صعدة، مما اضطرهم الى اعادة جزء من قوتهم الى صعدة.
الصعود الكبير لقوة التمرد الحوثي، مقابل صعود تنظيم القاعدة بعد أشهر من الصمت غير بيان دعم فيه الدولة الاسلامية في العراق، واختلف فيه مع زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري، واحتمالات اعلان قاعدة اليمن انضمامها لدولة الخلافة الاسلامية، وهنا يطرح عددا من الاسئلة: الاول هل يحدث صدام عنيف ما بين داعش اليمن والتمرد الحوثي، والسؤال الثاني، هل الحرب على داعش ستشمل داعش اليمن، وهل سيطرح موضوع الفصائل المسلحة باعتبارها حركات إرهابية، تصبح محاربتها في اطار القانون الدولي.
اليمن وعبر أصدقاء يسعى لطرح موضوع السلاح على جدول تفاهماته والادارة الامريكية، وقد يطرح اولا عبر جامعة الدول العربية، تعتبر فيه السلاح غير شرعي وحصر شرعيته بالدولة اليمنية، وقد ينسحب ذلك على سلاح الاحزاب والفصائل الاخرى كحزب الله وغيرها من القوى.
تعزيز قدرات الدولة والجيش اليمني لن يكون دون صدور قرار على مستوى عربي ينال الدعم الدولي يؤكد على اي سلاح غير سلاح الدولة يعتبر غير شرعي، وأن الجماعات والاحزاب التي تمتلك هذا السلاح تعتبر حركات إرهابية تجب محاربتها، وتجب مساعدة هذه الدول للقيام بمهمة جعل السلاح بيد الدولة فقط، حتى لا يصبح اداة للتطاول وفرض الارادة كما جرى في صنعاء.
العرب اليوم مدعوون للاجتماع ولبحث استراتيجية عربية لمكافحة الارهاب تنص على اي سلاح غير سلاح الدولة يعتبر سلاحا غير شرعي تجب استعادته او محاربة هذه الجهات والتنظيمات، وذلك لتعزيز هيبة ومكانة الدولة العربية وعدم التطاول عليها.
فوضى السلاح، جزء من مخطط الفوضى والتدخل الاقليمي في الشأن والامن القومي العربي، كما ان المطلوب ايضا ان يعقد مؤتمر عربي للاحزاب والتنظيمات والقوى العربية، يؤكد على اهمية تعزيز مكانة الدولة العربية، ويؤكد على أن اية أحزب تتبع تبعية سياسية ودينية لأي دولة خارجية تعتبر احزابا وقوى وتنظيمات ذات اجندة خارجية كما حزب الله الذي يعتبر ولاية الفقيه مرجعية دينية وسياسية له، والا تتجاوز هذه الاحزاب والتنظيمات السياسية والدينية الوطن، فالوطن اكبر من الحزب، ولا يمكن ان يصبح الحزب او الطائفة وطنا مهما كانت الظروف.
الحرب على الإرهاب يجب ان تشمل حربا ثقافية من نوع آخر على القوى الطائفية التي تجعل من الطائفة وطنا، والتي ترتبط مع الخارج على أسس طائفية، وان تشمل الحرب الارهاب السياسي وارهاب القوة المنظمة وارهاب الاجندات والتمويل الاجنبي.
ان الحرب على الارهاب يجب ان تكون بوابة عربية لدعم وتعزيز الدولة والسيادة العربية، وان تشمل اي عمل او مخطط على اساس تفتيتي او يؤدي الى التجزئة والانفصال، وفي ذات الوقت يؤسس لمصالحات وطنية حقيقية، واصلاح من الداخل يتناسب وشروط التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لكل بلد عربي.
درس داعش وتمرد الحوثيين يجب الا يمر دون ثمن، ويجب ان تتداعى كافة القوى العربية والوطنية لدعم هيبة الدولة وشرعية السلاح، والايمان بأن الاصلاح عملية داخلية مستمرة وطويلة، ولن يكون بأوامر خارجية.
[divide]
علي البلوي
جريدة اليوم
http://www.alyaum.com/article/4018109