بعدما أتممت ابنتك دراستها الثانوية، والتحقت بالمرحلة الجامعية، ومضت بها سنة، سنتان.. وهي لا زالت تتصدى للصعاب والبساط، تموج بين التفوق وتذبذب بالمستوى.. أما أنت فلم تكترث للغاية لشأنها، ومارية ذلك أنك ربما لا تعلم ما هو تخصصها الحالي!
استطيع القول أن أمرها لا يهمك كثيرا، أو لكي لا أُبالغ فهو يهمك من جانب معين فقط، وجانب مظلم لم يرى العناية إطلاقا.
“اللامبالاة”
التي بدرت منك تعني لابنتك المزيد من الحرية على صعيد المبالغة في التزين، والإسراف في الهيئة الخارجية من قصات شعر، وعباءات مخصرة، وملابس ضيقة، وتفاصيل أخرى أترفع عن ذكرها.
المرحلة الجامعية برؤية “الطالبة الجامعية” مرونة في مواعيد المحاضرات، ومزيدا من الاستقلالية في اتخاذ القرارات، وهذه الخيارات المتعددة مع مرور الأيام تصقل شخصيتها بحيث توفر توازن في حياتها وتصبح هي صاحبة القرار، وهذا رائع، مما يوجد في نفسها ثقة لم تطرأ عليها في المرحلة الثانوية.
“الثقة” !!
وهنا تقع المعضلة التي يستسيغها عددًا بالغًا من أولياء الأمور، وأخص الأبوين الذين من شأنهم رعاية أسرتهم والسير بهم إلى بر الأمان، لأنه لا يمكن ترك القارب أن يسير لوحده يصارع الأمواج العاتية في لج البحر الذي لا يزخر سوى بالظلام المقفر،
لا يمكن في هذه الحالة أن نأمن للظروف المحيطة، وإن من قلة الإدراك هو عدم التنبؤ بسوء الطقس المتقلب، فلربما على حين غرة تهطل فالأمطار، وتهب الريح، فيُسحق القارب وتندثر الأحلام في بحر الظلمات..
عزيزي ولي الأمر:
الشأن يهمك أنت، الوضع على المحك، في حال لم تتحرك وتتقصى عن كافة التفاصيل المتعلقة بأبنائك وأخص بذلك الفتيات، لأن الثقة التي كونتها بينك وبين أبناءك لابد أن تكون بوتيرة معينة وبقدر كافي وليس بقالب مفرط يخول للطرف الثاني ممارسة كافة الممنوعات بالخفاء تحت ستار الثقة التي أحدثتها.
“الطالبة ”
تغادر من منزلها متى تشاء وتعود إليه متى تشاء بداعي عشوائية المحاضرات.. أو تغيب الكادر الاكاديمي، أقدر هذا الرأي وأحترمه، بيّد أنَّ تكرار المشاهد التي نراها على وسائل الإعلام من عزوف شريحة من “طالبات الجامعة” والتوجه في أوقات الدوام الرسمي إلى المقاهي العائلية، أو الاستراحات المغلقة والتي غالبا تكون مختلطة بالجنسين، والتي تعج بدخان “النارجيلة” وصوت الموسيقى الصاخبة، مما يتيح لهم ممارسة الممنوعات بحيث تكون تلك البقعة مرتع للمخالفات الشرعية، وربما تكون بيئة خصبة -لا قدر اللَّه- لإنشاء العلاقات المحرمة والوقوع بالمحذور .
لا أرغب بأن يكون هذا “النص” الذي تقرأه الآن باعثا في ولوج الحيرة والقلق إزاء أبناءك، أو يولِّد عدم الثقة بينك وبين أسرتك، بقدر أني أسعى أن تتوخى الحذر وتُشعر أبناءك بأنك على قدر كافي من الإدراك والإلمام على مسارهم التعليمي والخلقي، بحيث تكون كيس وفطن ذو علم مسبق “بجدولهم” الدراسي، وعلى دراية بموعد مغادرتهم من المنزل، وموعد عودتهم، هذا لا يمنع أن تطلع على الرقم “الأكاديمي” وتكون على كثب من مستوى أبناءك الدراسي، ومعرفة ما مقدار تقدمهم من تعثرهم، فكلما كنت بقربهم كلما شعروا باهتمامك فتولد هذه الرعاية الردع والمنع عن ارتكاب الكثير من المخالفات المتطرفة والسلوكيات المنهي عنه.
للكاتب خالد ساعد ابو ذراع