كثيرون هم الذين خدعوا ببريق الجماعة الإسلامية، وبريق الاخوان المسلمين، الناس بطبعها مياله الى التدين، وهي مفطورة عليه، وتتوسم الخير والمصداقية والصلاح، في كل متدين، أو متكلم أو داعية للدين، إلا ان البعض للأسف وفي السنوات الأخيرة عمل على استغلال الدين، وجعله وسيلة لتحقيق مآربه وأهدافه، ومصالحه ، فيلوي اعناق الدين عند كل مصلحة أو منفعة.
يروى – على لسان نائب المرشد العام للاخوان المسلمين في مصر ، خيرت الشاطر – انه وفي حديث داخلي، تناول كيفية الضغط على دول الخليج، وابتزازها لدعم الاخوان، وليس دعم مصر.
فكانت خطة الاخوان على عدة مستويات الأولى: رسمية، تعمل على تطمين دول الخليج من سلامة الموقف المصري ناحية أمنها القومي، والثانية العمل على اعادة بناء تنظيمات الاخوان المسلمين في دول الخليج، والثالثة: بناء ونسج علاقات تحالفية ومصلحية مع قوى مدنية غربية وأوروبية، واستغلال موضوع الحقوق، واثارته عند الحاجة، والرابع انشاء بنك اسلامي اخواني، ينضم اليه مجمل البنوك الإسلامية في المنطقة ودفع رجال الأعمال للتعامل معه، والخامس انشاء فضائية إسلامية عملاقة وبلغات عدة، وعندها يقول خيرت الشاطر لن نحتاج الذهاب الى أي دولة، بل هم سيأتون الينا، أو ان مكاتبنا هناك ستتولى الأمر ، وفي حالة عدم نجاح الأسلوب المدني، ليس أمامنا مفر من استخدام القوة، واستثارة الشارع.
السلطة هي هدف الاخوان المسلمين، وغوايتهم بالسلطة أعمتهم عن رؤية الحقيقة، لا بل وأعمتهم عن رؤية أخطائهم، وامكانية تجاوزها.
ويبدو ان الجماعة كانت تعيش قمة أحلامها وانتصاراتها، وكان حلم الخلافة ليس بعيدا، فكان مجرد حصولهم على ضوء أخضر امريكي، كافيا للانطلاق.
اعتقدوا أن امريكا ملتزمة بهم، لكن الامريكان أعانوهم في الوصول للسلطة، ولن يصبح الامريكان شركاء في الحكم، رغم ان السفيرة الامريكية في القاهرة ، آن باترسون، كانت في الأشهر الأولى بمثابة عضو في مكتب الارشاد، لكثرة اجتماعاتها مع الاخوان المسلمين.
ويؤكد هذه المعلومة الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون، بقوله لـ «بي بي سي»: إن السفيرة الأمريكية في القاهرة، لعبت دورا مهما ستكشفه الأيام المقبلة، وانها من أقنع الرئيس أوباما بأن الاخوان هم القوى الوحيدة المنظمة فى مصر، وأن الخارجية الامريكية صدمت بعدم وجود قيادات فى الإخوان، قادرة على إدارة الأمور فى مصر.
مؤكدا ايضا أن صناعة القرار فى أمريكا تخضع لعوامل ضغط، ومصادر عديدة منها الكونجرس والبنتاجون، وان الإخوان نجحوا فى الوصول لبعض مفاصل القرار هناك.
كل المعلومات تشير الى ان الاخوان تعاونوا مع الحرس الثوري الايراني، ومع حزب الله، ومع حركة حماس، وان تدريبات وأجهزة تجسس دخلت مصر عبر غزة هدفها تعزيز القبضة الأمنية الاخوانية على السلطة.
وعملوا على اتخاذ سيناء فزاعة لاسرائيل والغرب، وفزاعة للقوى المدنية، وللجيش المصري، وان هناك جهات اقليمية، قد رتبت تنسيقات خاصة مع تنظيم القاعدة، لصالح الاخوان.
وما شهدته مصر مؤخرا من عمليات تفجير ، وما نقل عن قياديين في الاخوان، بان خطتهم ضرب أمن واستقرار مصر ، والارتفاع في عدد عمليات التفجير ودفع مصر باتجاه الفوضى، ما هو سوى مخطط اخواني واقليمي لاضعاف مصر.
مخطط الفوضى في مصر، تقف خلفه دول رئيسة داعمة للاخوان المسلمين، اضافة الى ان الموساد الاسرائيلي يرغب في اضعاف مصر ، وإضعاف سوريا، وليس لديه اعتراض على حضور ايراني تركي في المنطقة.
لكن علينا الاعتراف بأن الاخوان قوة منظمة في مصر ، وان الخلاف معها لا يلغي حقها في المشاركة السياسية، اذا قبلت وانصاعت للقوانين، وإن ألغت تفكيرها الاستحواذي، وتطلعها غير المشروع للسلطة.
ونتيجة للعنف المسلح، واستخدام القوة، حكمت محكمة جنايات المنيا في مصر باعدام 529 في أحداث شغب ما بعد رابعة، وحولت أوراقهم إلى المفتي، ومهمة المفتي استشارية، وبرأت 16 آخرين اتهموا بارتكاب أعمال عنف وحرق مقار شرطية.
ولو نفذ حكم الاعدام بحق هؤلاء، ستكون مصر مقبلة على فاصل تاريخي لا يمكن توقعه، واذا صدرت أحكام الاعدام وتم إرجاء التنفيذ، فان رفع كلفة المواجهة مع الاخوان المسلمين ستكون عالية، وسببا في سعيهم ناحية التفاهم السياسي في وقت يظهر فيه حزب النور السلفي بعقلانية ووطنية في تعامله مع الأزمة المصرية.
وهذا بالطبع سيسهم في اضعاف الاخوان طالما ان البديل السلفي أقل ارهابا ولم يكتب عليه تعاونه وجهات خارجية، سوى اتهامات له من محسوبين على الاخوان المسلمين خشية تصاعد قوته العددية والتنظيمية وصحة بنائه العقيدي الإسلامي.
ولهذا ستكون الانتخابات الرئاسية المقبلة مفصلا مهما في تاريخ مصر ، حيث يبدي الجميع -عدا الاخوان- حرصا على أمن واستقرار ومستقبل مصر.